رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وائل لطفي يرد على أحمد عباس صالح: كفى افتراءً على إحسان عبدالقدوس

عبر السطور السابقة فاجأنا الدكتور فهمى عبدالسلام بواحد من اكتشافاته المهمة، حيث ينقب فى مذكرات المثقفين المصريين وأبطال الأحداث ويستخرج تفاصيل جديرة بالقراءة ومفيدة بكل تأكيد، لكننى هذه المرة أرى نفسى مضطرًا للرد، ليس على الدكتور فهمى نفسه، ولكن على صاحب المذكرات الراحل أحمد عباس صالح، وهو كاتب يسارى شهير، يدّعى فى مذكراته أن إحسان عبدالقدوس اضطهده ككاتب فى روزاليوسف بعد أن رفض الإشادة بأعماله كروائى.. والحقيقة أننى أعتقد أن ما قاله أحمد عباس صالح فى مذكراته هو كذبة مركبة من كذبتين.. الكذبة الأولى هى التى تقول إن إحسان أديب ردىء وإن أحمد عباس صالح كان سيخالف ضميره لو أشاد به، والحقيقة أن إحسان عبدالقدوس روائى كبير جدًا، قدم عددًا من النماذج الإنسانية الكبيرة التى عاشت فى ذاكرة المصريين، وقدم روايات تناقش قضايا ومشاعر كبرى مثل «شىء فى صدرى» و«أنا حرة» و«لا أنام» وإن تفاوتت قيمة أعماله مثل أى أديب غزير الإنتاج، والحقيقة أن ما دفع أحمد عباس صالح لعدم الكتابة عن إحسان هو نظرة قاصرة ترى أن الروايات التى تكتب للنشر الأسبوعى فى الصحف لا بد أن تكون روايات صحفية أو روايات ضعيفة وهذه كذبة أكد إحسان عبدالقدوس زيفها، أما ثانى دوافع عباس صالح لعدم الإشادة بأدب إحسان وتكريسه هو أن الرجل كان ببساطة عضوًا قياديًا فى شلة اليسار الثقافى، وهى شلة كبرى سيطرت على الحياة الثقافية فى مصر منذ الستينيات وكان من عيوبها أنها تشيد بالأدباء حسب مواقعهم التنظيمية فى أحزاب اليسار المصرى وليس حسب مواهبهم فى الكتابة، لدرجة أن الناقد الكبير محمود أمين العالم أطلق على القصاص المجهول «محمد صدقى» لقب «جوركى مصر» بسبب نشاطه السياسى المهم وقتها، وكما يتضح لنا جميعًا الآن فإن القصاص محمد صدقى لم يبق منه أى شىء بعد تغير الظرف السياسى وخفوت الحزب الذى كان ينتمى إليه، فى حين أن إحسان وأدبه ما زالا ملء السمع والبصر، أما ثالث دوافع أحمد عباس صالح لعدم الاعتراف بإحسان كأديب كبير أو تكريسه فهو أن إحسان كان كاتبًا عصاميًا لا تسانده السلطة رغم أنه حرص على الصدام مع الرئيس جمال عبدالناصر بعد تجربته عام ١٩٥٤.. لكنه لم يكن كاتبًا مدللًا من الرئيس، وكان عرضة للهجوم دائمًا من أعضاء مجلس الأمة، أو بعض الشيوخ، فضلًا عن انتقادات متعددة من الرئيس نفسه الذى كان محافظًا بشكل ما ولا يستسيغ جرأة إحسان الاجتماعية فى رواياته أو فى المجلات التى يشرف عليها الرئيس وربما كان هذا سببًا إضافيًا لعدم حماس أحمد عباس صالح للإشادة بإحسان رغم أنه كان رئيس تحرير المجلة التى يعمل بها، أما السبب الرابع فهو أن عباس صالح صحفى وإحسان أيضًا صحفى وكثيرًا ما استكثر الصحفيون على زميل لهم أن يتميز بإبداع ما أو بموهبة إضافية فى الكتابة، حيث يعمد الأغلبية لتجاهل إنتاج زميلهم أو التقليل من شأنه كتعبير عن طبيعة النفس البشرية العادية وميلها للمشاعر الصغيرة مثل الغيرة والحسد.. إلخ، لقد رأيت فيما كتبه الدكتور فهمى عبدالسلام مناسبة جيدة لرد الظلم عن كاتب كبير أحبه ويحبه كثيرون، ولإنهاء واحدة من أكبر الأكاذيب التى روجها نقاد اليسار لسبب أو لآخر وهى أن إحسان أديب ضعيف ومحمد صدقى هو «جوركى مصر»، محمد صدقى مين؟؟