رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ا يوجد

زهرة البلقان (5)..المناجم والحقول.. ما الذي ستجده في مدن بلغاريا الصغيرة؟

كوبريفشتيتسا
كوبريفشتيتسا

بعد الجولات في العاصمة والمناطق السياحية، واستكشاف الآثار والثقافة والفنون، وقضاء أوقات في المطاعم والحانات، والمشاركة في احتفالات ومهرجانات الشوارع، جولات التسوق، واستكشاف الطبيعة وبرودة بلغاريا الفريدة حتى ملامسة الثلوج من قمة جبل فيتوشا، ستكون بحاجة لشيء آخر.

ستحتاج أن تشعر أنك لست سائحاً حتى ولو لأيام قليل.. هناك جانب آخر من بلغاريا سيكون من المهم اكتشافه. وهنا ستبدأ مغامرة مثيرة، لايمكنها اعتبارها جولة في مناطق الجذب السياحي، ولكن رحلة إلى مدن وقرى صغيرة وبعيدة، وليست وجهات سياحية شهيرة.. ما الذي ستجده هناك؟

مدينة "كوبريفشتيتسا"

من السهل اختيار رحلة لمدينة كبيرة في بلغاريا مثل "بلوفديف، بورجاس، فارنا"، لكنك إذا قصدت مدينة صغيرة ومع حقيقة أنك لا تعرف اللغة البلغارية، ستكون المعلومات محدودة على جوجل، وستكون في حاجة إلى مساعدة "المحليين" لاكتشاف المدن والوصول إليها.. فالرحلة ذاتها كانت نصف المغامرة.

كوبريفشتيتسا

 

اقترح صديق علي زيارة مدينة، وصفها بأنها مختلفة، حتى الآن لا أعرف انطق اسمها بدون تلعثم "كوبريفشتيتسا" .. لا أعرف ما الذي دفعني إلى هناك في يوم كانت درجة الحرارة فيه قرابة( -٧ ).. والثلوج كانت تغطي الأرض .. ما عرفته عنها كان أن منها انطلقت الانتفاضة الأولى ضد العثمانيين 1876.. لدى سكانها مئات القصص يحكونها .

كانت وجهتي تلك المدينة التاريخية التي تقع على نهر Topolnitsa بين جبال Sredna Gora  في وسط بلغاريا، مدينة صغيرة.. بيوت تاريخية غير فخمة مبنية على الطراز السوفيتي، تسكن فوق الجبل، تقع على بعد 111 كم شرق صوفيا، بها العديد من المعالم التاريخية، الطريق إليها وعر، والتضاريس متقلبة، في الطريق تسلمنا رسالة للتحذير بأن هناك انهيار جبلي.. كانت هناك بعض الأحجار المتساقطة على الطريق، ورأيت عربات الحماية المدينة تهرع لإزالتها، أثناء عودتي لم يكن ولا صخرة واحدة على الطريق. 

المدينة الصغيرة يمكن اعتبارها مقر لرعاة الاغنام ويمكن اعتبارها مهد الحقول الخصبة، لكن الأهم أن هناك ستلمس الحقبة الشيوعية بكل وضوح ! .. لو كان لدي متسع من الوقت كنت استئجرت أحد الاكواخ وقضيت هناك الشتاء كاملاً. 

بعد جولة في المدينة، وجدت مجموعات من السياح!.. كان هناك من يفكر مثلي!، ما فهمته من المحليين، أن المدينة الهادئة الصغيرة التي تشتهر بهندستها المعمارية البلغارية الأصيلة والعديد من المعالم الأثرية ومهرجانات الموسيقى الشعبية، هي وجهة سياحية! .. ضللني جوجل!

طراز مدينة "كوبريفشتيتسا" يعيدك إلى أيام الوطنية البلغارية في القرن التاسع عشر، يوجد في المدينة عدد من المعالم المعمارية من تلك الفترة يبلغ عددها 383،  تم استعادة معظمها إلى شكلها الأصلي. كما تم الاحتفاظ بمجموعات من الكنوز الإثنوغرافية والأسلحة القديمة وأعمال الإحياء الوطنية للفنون والزخرفة والمنسوجات المنزلية والتطريز والأزياء الوطنية والمجوهرات البلغارية النموذجية. لقد كانت هذه اللقطة الأولى من انتفاضة أبريل ضد العثمانيين في عام 1876.

كوبريفشتيتسا

‎منذ عام 1965، يقام المهرجان الوطني للفولكلور البلغاري كل خمس سنوات تقريبًا في كوبريفشتيتسا، ويجمع الموسيقيين والفنانين والحرفيين من جميع أنحاء بلغاريا. يضم المهرجان الآلاف من الفنانين في بيئة رعوية في التلال فوق المدينة، وهو الحدث الموسيقي البلغاري الوحيد المهم الذي يركز على عروض الهواة،.. هذه المدينة تعلمك الكثير عن بلغاريا في يوم واحد.

مدينة “ساموكوف”

مدينة "كوبريفشتيتسا" تشجعك على المزيد من التوجه نحو المدن والبلدات الصغيرة، بعد بحث عثرت على وجهتي الجديدة وهي مدينة "ساموكوف"، بلدة صغيرة في جنوب غرب بلغاريا، تقع في حوض بين جبلي ريلا وفيتوشا ،على بعد 55 كيلومترًا من العاصمة صوفيا .

لم تظهر بسهولة على جوجل خرائط، ولاتوجد معلومات عنها باللغة العربية ومعلومات قليلة باللغة الإنجليزية، وقتها شعرت بالإثارة، الآن يمكنك اكتشاف شيئاً جديدأً آخراً عن بلغاريا!

الطريق إليها ضيق ووعر ومغطى بالثلوج، برودة شديدة، واللافتات على الطريق ترشدك إلى المدن الكبيرة حولها،  لاتوجد لافتة تشير إلى أن ساموكوف قريبة، وفجأة ظهرت لافتة على الطريق، فقط قبل المدينة بـ 2 كيلو.

سوماكوف

دخلت البلدة التي ترحب الزائرين من خلال لافتة صغيرةىعلى جانب الطريق، منذ الوهلة الأولى تشعر أنك ركبت آلة الزمن وعدت إلى الحرب العالمية الثانية، تماماً مثلما تظهر المدن الأوروبية الصغيرة في أفلام هوليوود، وبعد الاكتشاف ستجد أنها تنتمي لفترة ما بعد الحرب العالمية، هي تجسد بوضوح الحقبة الشيوعية، البيوت على الطراز السوفيتي.

يوجد ما ستكتشفه في ساموكوف، التي كانت تعتبر مركزاُ للحرف اليدوية والفن، فيما كانت المدينة مركزًا رئيسيًا لإنتاج الحديد خلال العصور الوسطى.

يُعتقد أن ساموكوف تأسست في القرن الرابع عشر كمستوطنة تعدين بمساعدة عمال المناجم السكسونيين . تم ذكرها لأول مرة في عام 1455 وفي السجلات العثمانية لعام 1477 باسم فلايشوف ساموكوف . 

سوماكوف

منها جاء أفضل الحرفيين وأساتذة نحت الخشب والبنائين وتم الاعتراف بهم لمهاراتهم في إنشاء منحوتات خشبية مفصلة ومثيرة للإعجاب ورسم أيقونات جميلة وبناء هندسة معمارية فريدة من نوعها.. يمكن رؤية أعمالهم في العديد من الكنائس والمباني الثقافية في جميع أنحاء شبه جزيرة البلقان . بين القرنين الرابع عشر والثامن عشر ، تم إنشاء ساموكوف كمركز إداري لتعدين خام الحديد من قبل الإمبراطورية العثمانية.

سوماكوف

في القرنين السادس عشر والسابع عشر، نمت لتصبح أكبر مركز لاستخراج الحديد في المنطقة كما أنتج فيها أيضًا المراسي ومواد أخرى لأحواض بناء السفن على ساحل البحر الأسود البلغاري، وكانت المفاجئة أنها بسبب توافر إمكانيات الرياضة الشتوية بها، تعد ساموكوف، جنبًا إلى جنب مع منتجع Borovets القريب، مركزًا سياحيًا رئيسيًا وتجذب السياح! .. ضللني جوجل مرة أخرى!

بعد أسبوعين في بلغاريا، ستتعلم أن العالم أوسع مما تراه عينيك.. هكذا كانت بلغاريا من وجهة نظري.