رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحلم بعالم ليس فيه فلوس

هل العُهر فقط فى الفراش؟
لأن الشرف فى مجتمعاتنا مفهوم ظالم ذكورى، فالعهر بالضرورة هو أيضًا مفهوم ظالم ذكورى، كلاهما من انتاج الذكور الذين يعانون من عقد النقص فى رجولتهم وانسانيتهم، كلاهما يقتصر على اختلاء الذكر بالمرأة فى الفراش بدون توثيق دينى، كلاهما يدين ويتهم ويجرم طرفًا واحدًا من العلاقة، "المرأة" مع أنها لم تفعل الفعل الذى يطلقون عليه العهر مع نفسها، ولكن مع ذكر غالبًا هو المحرض المعتدى بشهواته التى لا يسيطر عليها مع أنه كما يدعون الجنس الأقوى الأعقل.. فى هذا السياق أتساءل ما يلى:
لماذا إذا تم مهاجمة بيت للدعارة، يقولون تم ضبط عاهرة مع رجل فى بيت مشبوه؟ يشتمون المرأة أنها عاهرة لكن الرجل يبقى رجلًا عفيفًا شريفًا مع أنه هو الذى دفع الفلوس مقابل إشباع شهوته وهو الطرف الآخر بدونه لا يوجد فعل كل الذى يقولونه عنه، طالب المتعة من امرأة عاهرة تبيع جسمها وتتحمل قرفه مقابل شوية فلوس، لماذا لا يقولون تم ضبط امرأة عاهرة ورجل عاهر؟ لماذا يفرقون بين صاحب العرض وصاحب الطلب؟ إن الطلب هو الذى يخلق العرض ويتحكم فيه إذن صاحب الطلب هو المسئول الأول والأكبر والأخطر. 
لماذا إذن يقتصر مفهوم الشرف والعهر على استخدام جسد النساء دون أجساد الرجال؟
إذا اعتبر المجتمع أن بيع الجسد جرم وفضيحة وعار وانحلال وفسق وفجور، فلابد أن تكون هناك عدالة فى الإدانة بين بائع الجسد وشارى الجسد.
هذا إذا كانت المجتمع يريد العدالة الإخلاقية ويريد إيقاف هذا الفعل ويريد بناء أخلاق جديدة ليس فيها تناقضات بهذا الإنحدار والتدنى والظلم والاستغلال، خاصة أن المرأة التى تبيع جسدها بمقابل مادى هى صناعة مجتمعات دفعتها دفعًا إلى هذا الاتجاه، نتيجة تفشى الفقر والظلم والمفاهيم الثقافية والإجتماعية الفاسدة شكلًا ومضمونًا ونتيجة الزيجات الخاطئة من الأساس، واعطاء امتيازات جنسية للرجال لا عقاب أو محاسبة عليها ونتيجة الذكورية المنحطة فى نظرتها للمرأة.
الكاتب أو الصحفى أو المقاول أو الفنان أو ناشط سياسى أو العامل فى أى مجال نجارًا كان أو سباكًا أو مصلح أجهزة أو بقَال أو جزار أو محامى أو قاضى أو طبيب أو محاسب أو موظف فى المصالح الحكومية وغيره، الذى يبيع الضمير والذمة والصدق والأمانة من أجل الفلوس أو الشهرة أو المنصب أليس عاهرًا؟ أهو أقل عهرًا من المرأة التى تبيع جسدها من أجل الفلوس؟ أليست شهوة الجنس، مثل شهوة الفلوس والشهرة والمنصب؟
----------------------------------------------------------------------------------------
الحقد والحسد والغِل، السموم داخل النفوس الخاوية التافهة التى تفتقر إلى المواهب 
هناك نفوس تدرك مدى تفاهتها وضآلتها وخوائها، وهى من أجل التعويض وحتى تخفف الشعور المؤلم من ادراكها حقيقة وضعها مقارنة بآخرين لهم مكانة وأهمية ومواهب، تحقد وتحسد وتحمل داخلها الغِل الذى لا ينطفئ.
هؤلاء لا يتغيرون مهما امتلكوا الأشياء والأموال، فالخواء الداخلى والتفاهة وفقدان القدرات الخاصة والمواهب الاستثنائية، وضع لا يمكن أبدًا تغييره وعاجلًا أو أجلًا، ينكشفون وتظهر سمومهم التى تأكلهم من الداخل وهى الغِل والحقد والحسد.
وهؤلاء أشفق عليهم جدًا فعلا الشعور بعدم الأهمية والتفاهة والخواء والافتقار إلى المواهب، شئ صعب غير محتمل موجع، كثير من هؤلاء قابلتهم فى حياتى ومازلت أقابلهم لكننى دئمًا أتجاهلهم وأبتسم من داخلى لأننى أراهم بدون أقنعة وهم لا يعلمون وغنى عن الذكر أن الغِل والحسد والحقد حيل العاجز، والعاجز لا يستطيع مصادقة إلا منْ يشبهه فى العجز. 
--------------------------------------------------------------------------------------
أحلم بعالم ليس فيه فلوس 
الفلوس تأخذ بالطبع مكانة أكبر فى المجتمعات التى تشتغل من أجل الأثرياء، وحيث الاستغلال هو المبدأ، الحلم الكبير فى حياتى أن يوجد عالم بدون فلوس جميع الناس يحصلون على ما يريدون من حياة كريمة مرفهة بدون فلوس، وكوكب الأرض ممتلئ بالثروات والموارد التى تستطيع أن تجعل الناس جميعًا يعيشون دون فقر دون حاجة دون مرض دون عوز، يسعدون ويحققون كرامتهم وحرياتهم بالعمل وممارسة الفنون والرياضة، دون أن تكون الفلوس عائقًا.
الفقر نتيجة الاستغلال والظلم والجشع والطمع والأنانية والحماقة وسوء الخلق والقسوة، كم أتألم حينما أرى طوابير الفقراء يقفون على أبواب المستشفيات الحكومية، لا شئ يملكونه غير أمراضهم وقلة حيلتهم والدعاء بينما هناك منْ يتلقى أفضل المعاملة وأكرمها وأسرعها فى مستشفيات فاخرة متكاملة الخدمات، لأنه اتولد فى أسرة فاحشة الثراء أو معاه فلوس لا يهم كيف حصل عليها، هذا الوضع الطبقى المنحط هو ما يجعل الناس يتقاتلون ويرتكبون الجرائم ويتاجرون فى المخدرات ونقل الأعضاء والدعارة والأسلحة ويجعلهم يتلقون الرشاوى ويغشون فى السلع ويسرقون ويتحالفون مع أقذر أنواع البشر لأهداف سياسية، لكى يأمنوا شر المرض ويضمنوا لأنفسهم ولسرهم العلاج السريع الفخم المضمون مضرة مع أمراض مفاجئة أو مزمنة لا ترحم وتحتاج إلى ثروة ضخمة وعلى مدى طويل، ليتحقق الشفاء أو تقليل المعاناة وتخفيف الألم والآثار الجانبية المضرة.
نعيش فى عالم لا يعبد إلا الفلوس رغم كثرة وتعدد الديانات والآلهة، أريد أن يكفر الناس بالفلوس هذا هو التدين الحقيقى الذى يعلى من كرامة وقيمة وإنسانية الإنسان، الكفر بالفلوس هو الإيمان الذى يحتاجه العالم لكى يقضى على الرأسمالية التى تدوس بالحذاء على انسانيتنا وتوزنها بالدولار واليورو والليرة والدينار والريال.
الرأسمالية تعتبر أن رأسمال الشخص أهم من الشخص نفسه، الفلوس أهم من الإنسان، والإنسان ليس له أى قيمة ولا أى فائدة وجيوبه فارغة من دفتر الشيكات وليس له أرصدة فى البنوك تتضاعف كل يوم.
هذا هو أحط مبدأ عرفته البشرية، مبدأ لابد أن يؤدى إلى نتائج وأوضاع منحطة مثله، كل يوم تزيد قيمة الفلوس وتتدهور قيمة الإنسان بدون فلوس، أهذا عالم؟ أهذا مبدأ؟ حضارة عالمية "فلوسية" تدعى التحضر والرقى والتقدم وهى فى قاع الحضيض الإنسانى. 
-----------------------------------------------------------------------------------------
التشابه فى الزواج
المتزوجات يشبهن بعضهن البعض، المتزوجين يشبهون بعضهم البعض نفسيًا وجسديًا، فى النظرة إلى الحياة، إلى الإنجاب إلى الأديان، إلى الآلهة، إلى الموت، تقريبًا نسخة وحدة، هذا ما لاحظته على مدى سنوات طويلة، أما العزاب والعازبات هذا ما لاحظته أيضًا وعلى مدى وقت طويل كل واحد لا يشبه الآخر، وكل واحدة لا تشبه الأخرى.
أعتقد أن الزواج مثل "الختم" الحكومى الذى يطبع ويختم ويوثق الأوراق والمستندات، لتصبح جميعها معترف بها رسميًا ومجتمعيًا ودينيًا وثقافيًا وأخلاقيًا.
هذا "الختم" هو الذى يسبب التشابه
-----------------------------------------------------------------------------------------
منْ هو الإنسان الكريم
إنها لمتعة كبيرة أن يصنع الإنسان لنفسه وبنفسه، المفاهيم والمعانى بصرف النظر عن توافقها مع السائد الغالب.
الإنسان الكريم فى اعتقادى هو:
- منْ يلبى احتياج الآخر دون أن يطلب منه بل يحس بذلك دون كلام.
- منْ يشعر بالخجل وهو يعطى وليس عندما يأخذ.
- ألا يطالب بوثيقة تبرهن أنه أعطى وأن الطرف الآخر أخذ.
- أن يعطى بينما هو فى أمس الحاجة لابقاء العطاء لنفسه.
- أن يعطى ليس فقط من ماله أو من أشياء مادية، ولكن يعطى من اهتمامه وانصاته ووقته وتجاربه وخبرته وفرحته وحكمته وكل شئ فيه يتمتع بالحياة والحيوية، يعطى كل شئ حتى أحزانه وصمته ولحظات يأسه وضعفه.
- ألا يفخر بعطائه وألا يذكره وألا يستعرضه.
- لا يندم إذا كان الشخص الذى أخذ لا يستحق ولا يقدر ولا يفهم هذا العطاء.
- أن يشعر الإنسان الذى يأخذ منه أن هو الذى يعطى وأنه هو الكريم.
- ألا ينتظر أى مقابل من عطائه.
- أن يشكر الطرف الذى أخذ لأنه قدم له الفرصة لكى يمارس أنبل وأشرف ما فى قلبه وهو العطاء.
- الإنسان الكريم هو منْ يجد سعادة حقيقية غامرة وطمأنينة حلة المذاق وراحة استثنائية لا مثيل لها فى فعل العطاء وليس فى فعل الأخذ.
- الإنسان الكريم رغم أن الجميع يسيدون بسخائه النبيل لا يشعر حقًا أنه كريم.
----------------------------------------------------------------------------------------- 
الحب غير المشروط 
علاقات الحب بين النساء والرجال فاشلة على مستوى العالم، تذوقوا سحر القبلات والهمسات والعشاء الراقص على الأنغام وسافروا للتنزه والاستجمام فى أفخر الفنادق وأجمل الأماكن، تزوجوا وأنجبوا، ثم تبدأ رحلة تبدد الأحلام الأولى والخناقات العنيفة والملل والكأبة والندم والحسرة كل منهما يتأمل الآخر ويتمنى شخصًا مختلفًا، فتحدث خيانات وكذب وجرائم، طبعًا كل حالة لها طبيعتها وظروفها المختلفة.
لكننى بكل ثقة أقول أن القاسم المشترك رغم كل الاختلافات الذى يسبب الانهيار المفجع للعلاقات العاطفية هو غياب الحب غير المشروط بتوقعات وحسابات، إذا خابت التوقعات أو ارتبكت الحسابات يتغير الحب فورًا إلى كشف حساب ومعاتبة وغضب وزعيق وعنف.
كل طرف ينتظر من الآخر أن يلعب دورًا معينًا ويلبى احتياجات مادية ونفسية وجسدية معينة، فإذا توقف الطرفان عن تلبية هذه الاحتياجات وأشباعها ولم يتقن أداء الدور المرسوم والمتوقع منه، تظهر طبيعة الحب الذى جمعهما.
حب مشروط بتلبية احتياجات وغرائز وتطلعات وأحلام، حب انتهازى استغلالى يسخر الطرفين للاستعباد باسم الحب، الحب الذى يدوم ويثمر وله معنى نبيل وقيمة تفيض على الآخرين، هو الحب غير المشروط.
أنا كامرأة أحب هذا الرجل لذاته الداخلية الكامنة فيه وليس لأشياء خارجة عنه، أحبه بصرف النظر كان يسمع كلامى، يريحنى، يسعدنى أو لا.
أحبه من غير قيد، من غير شرط، من غير كشف حساب أرباح وخسائر، أحبه بمعنى أننى أريده سعيدًا متحققًا مرتاحًا حتى لو مع امرأة أخرى.
"الأم" هى منْ تحب من دون كل البشر حبًا غير مشروط، هى تحب ابنتها أو ابنها لأنه ابنها وليس لأنه يطيع أوامرها ومتفوق فى دروسه وعنده شغل ويساعدها فى تحمل مسئوليات البيت، استثناءات من البشر نساء ورجالًا منْ يحظون بحب الأم غير المشروط ومنْ يعرفون كيف يمنحونه.
-----------------------------------------------------------------------------------------
تعريفى الخاص لمعنى الأمية.. الست "مبروكة" فى قرية كفر طحلة، القليوبية جدة أمى "نوال" نموذجًا لتعريفى الخاص
الإنسان الجاهل ما يسمونه "الأمى" امرأة أو رجلًا ليس هو منْ لا يقرأ ويكتب وليس معه أعلى الشهادات الجامعية، وليس يعرف كيف يستخدم الكمبيوتر والأجهزة وليس منْ لا يتابع الكتب والروايات والأشعار والقصص والمسرحيات قديمًا وحديثًا وليس منْ ليس له علم بنشأة الأديان وقيام الحروب وتاريخ الاغتيالات والقمع والاستغلال والقهر والظلم فى العالم، وليس منْ لا يحضر الحفلات الغنائية والموسيقى والأفلام، وليس منْ لا يشاهد اللوحات ولا يسافر إلى المعالم السياحية، والشواطئ والمنتجعات، وليس منْ لا يجيد اللغات الأجنبية ولا يعرف أسماء الشوارع والحكام والفنانين والفنانات.
عشان كده فلاحة لم تدخل المدرسة ولم تحفظ الكتب الدينية إلى يحفظونها بالاكراه للأطفال، الإنسان الجاهل "الأمى" امرأة أو رجلًا هو منْ يقرأ المنطق الفطرى للعدالة الكاملة بين الناس، وعلى أساسها يقرر مفاهيم الأخلاق والشرف وتكوين الأسر، بالفطرة غير الملوثة بالتعليم وغير مشوهة بالثقافة وغير متفسخة بالإعلام لا وصاية عليها من رجال الأديان، يدرك الصواب من الخطأ، يحس الجمال من القبح، والحقيقة من التضليل.
الإنسان الأمى هو منْ لا يقرأ أوراق الشجر وينصت إلى قطرات المطر وفى مكانه يحصد كل فوائد مميزات السفر.
الإنسان الجاهل هو منْ لا يعرف الكتابة على جسد حبيبته، الإنسانة الجاهلة من لا تعرف الكتابة على جسد حبيبها.
الإنسان المتعلم المثقف هو منْ لديه حكمة دون أن يقرأ الفلسفة، وهو يعشق الصمت والسكون وهادئ الصوت والحركات.
هذه هى أساسيات فى تعريفى لإنسان متعلم أو انسانة مثقفة، وأهم وأول شئ هو الحس الفطرى تجاه عدم التفرقة بين الناس.
ولهذا فإن محو الأمية فى رأيى ليس إلا محو التلوث والتشوه والتفسخ، الذى أصاب فطرة العدالة بسبب ثقافات وتعليم وإعلام ووصاية دينية واجتماعية، ما فائدة ناس يقرأون السطور المكتوبة "يفكون الخط" ويكتبون بالأبجدية بأى لغة وعقولهم خالية من العدالة وقلوبهم صاخبة، يقيمون البشر حسب فلوسهم وممتلكاتهم ومناصبهم ونفوذهم وشهرتهم؟
ما فائدة أطباء ناجحون وهم باعوا فطرتهم السليمة للوصاية الدينية؟ ما فائدة أستاذات جامعات حاصلات على الدكتوراه فى مجالات مختلفة، وهن بعن حريتهن وكرامتهن ومصيرهن لطاعة الرجل والزوج؟ وما معنى أن البشر الذين ينالون الاحترام والتقدير والهيبة هم منْ يمتلكون الأشياء فى بذخ واسراف بينما فى العالم هناك ما يقرب من 700 مليون شخص فقير فقرًا مدقعًا؟
عشان كده فلاحة لم تدخل المدرسة ولم تحفظ الكتب الدينية التى يحفظونها بالإكراه للأطفال، ولا تشاهد التليفزيون ولا تعرف الكمبيوتر ولا تكتب حرفًا غالبًا ستكون أكثر حبًا لحريتها وكرامتها ورفضها للإهانة الذكورية فى كل أشكالها، بالفطرة وتأملها للحياة دون تدخل من مؤسسات المجتمع المختلفة، وهى فى رأيى فى منتهى التعليم والثقافة.
كانت أمى "نوال" تحكى لى وللعالم كله فى رواياتها وكتبها ومحاضراتها عن جدتها لأبيها "مبروكة" فى قرية كفر طحلة بالقليوبية، لم تتعلم ولم تكن تقرأ ولا تكتب، فقط تشتغل فى الغيط مع زوجها الذى توفى مبكرًا وتركها تربى وترعى الأولاد ومنهم جدى "السيد السعداوى".
كان العمدة فى القرية يريد استغلال جدة أمى "مبروكة" ويضحك عليها ويستولى على الفدان الوحيد الذى تملكه ومنه تعيش وتربى أولادها وبناتها وهم كثيرون، وكان يفتعل لها المشاكل ويضطهدها بصور مختلفة حتى تزهق وتترك له الأرض.
أمى نوال تقول أن العمدة كان يحضر إلى "مبروكة" جدتها فى الغيط وأمام الفلاحين يمسك بالقرآن، يلوح به فى يده قائلًا: أنت يا ولية يا جاهلة هتعرفى أكتر من ربنا فى كتابه العزيز، أنا هعرف إزاى أربيكى وأعلمك تسمعى كلامك وتبطلى تحرضى الفلاحين عليا".
وكانت جدة أمى "مبروكة" الجاهلة ترد عليه: بتخوفنى بكلام ربنا يا عمدة... أنا لا بقرأ ولا بكتب زى ما بتقول، بس أعرف ربنا أكتر منك، لأن ربنا يا عمدة هو العدل عرفوه بالعقل.
أليست جدة أمى "مبروكة" فى غاية التعليم وفى منتهى الثقافة؟ ألا تستحق كل التبجيل؟
-----------------------------------------------------------------------------------------
طول العمر لا أحبه
اسمع الناس يقولون لبعضهم البعض "ربنا يطول عمرك".. "ربنا يديلك طولة العمر" وفى أعياد الميلاد يهنئون قائلين: "عقبال مليون سنة".. "عقبال 100 سنة".
أولًا، نحن الذين بأفعالنا وحمايتنا لصحتنا بالأكل الصحى والرياضة والفلسفة، وتحديد هدف نسعى إليه بشغف وأن نعيش وفقًا لرادتنا لا إرادة الآخرين، هو ما يطول أو يقصر العمر.
ثانيًا: المعيار فى الحياة ليس الطول أو القصر بل النوعية هى رحلة لابد أن تكون ممتعة، والمتعة لا علاقة لها بالأرقام.
ثالثًا: إنها أمنية تدل على الطمع والجشع الذى هو امتداد للطمع والجشع بشكل عام، فالإنسان دائمًا يريد المزيد ويرغب فى الأكثر، وهذا أيضًا ما يفعله مع العمر يريد ويرغب فى أيام أكثر.
رابعًا: طول العمر بالضرورة نكد وأمراض ومآسى متتالية من فقدان الذين نحبهم، طول العمر شقاء ولا معنى له، مثل المسرح الذى خلا من كل الممثلين ولم يبق إلا واحد فقط ليواجه اسدال الستار العبثى بمفرده ولا يوجد جمهور ليصفق له فى النهاية على دوره. 
-----------------------------------------------------------------------------------------
ما أروع الأشياء التى تطرق الباب دون توقع
أن يأتينى خطاب رومانسى أو مكالمة رقيقة أو تهنئة دون أن أتوقعها أجمل ألف مرة من حدوثها وفقًا لتوقعاتى، عنصر المفاجأة فى الأحزان مأساة لكن المفاجأة فى الفرح قصة أخرى.
-----------------------------------------------------------------------------------------
مشهد فى منتهى النبل والرقى والتحضر والجمال
مشهد جميل أن أرى رجلًا يطبخ لنفسه وجبة العشاء يغنى ويرقص مع موسيقى هادئة، هو الذى رتب منزله ونظفه ويتمنى قضاء وقت مع نفسه، لكن المشهد الأجمل مليون مرة أن أرى رجلًا رتب منزله ونظفه ويطبخ لحبيبته وجبة العشاء، ينتظر حضورها فى قمة الاشتياق ويغنى ويرقص على أغنياتها المفضلة ويتخيل الوقت الرائع معها، وهم يتحاوران فى الفن والسياسة والفلسفة وضرورة التشبث بالتفرد الذاتى، كل منهما يشكو إلى الآخر متاعبه وأحلامه ومخاوفه وحماقاته، يرقصان على أنغام التانجو، يختلفان فى الرأى أو يتفقان ليس مهما المهم أنهما معًا دون تسلط من أحد كل منهما يشعر بالحرية والتحقق والتناغم فى علاقة سوية صحية، لم يكن ثالثهما الشيطان فى أى لحظة، ثالثهما منتهى الرقى والتحضر والتفاهم والصدق والنبل. 
-----------------------------------------------------------------------------------------
من بستان قصائدى 
لست ميسورة الحال
أنفق المال بلا حساب
ولست ثرية بالمعنى المألوف
لكننى أمتلك رصيدًا كبيرًا
فى بنك الاستغناء
و"تحويشة العمر"
كلمات وحروف