رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شيخ الطريقة الأكبرية: ملتقى التصوف العالمي خطوة للأمام.. ونعمل على نشر الإسلام الوسطى (حوار)

محرر الدستوروشيخ
محرر الدستوروشيخ الطريقة الأكبرية

أكد الدكتور أيمن حمدي الأكبري شيخ الطريقة الأكبرية ورئيس مؤسسة ابن العربي للبحوث والدراسات في مصر على الدور المهم الذي يقدمه التصوف من أجل حماية المجتمعات من التطرف والإرهاب. 

وأوضح "الأكبري" في حواره لـ"الدستور" خلال مشاركته في فعاليات الملتقى العالمي للتصوف في دورته الـ17 بالمغرب، والذى تنظمه الطريقة القادرية البودشيشية، على نجاح الملتقى العالمي للتصوف في توحيد جهود أهل التصوف والعمل على جمع كلمتهم لنشر الفكر الوسطي ومحاربة الأفكار المتطرفة التي تحاول تدمير وهدم المجتمعات الإسلامية. 

وأشار "الأكبري" إلى الدور الذي تقوم به الطريقة الأكبرية الحاتمية ومؤسسة ابن العربي في نشر الفكر الديني الوسطى داخل مصر وخارجها، وذلك من خلال الكتيبات والمؤلفات التي تخرجها المؤسسة بشكل دائم.

19_2022-638006277496104783-610

كيف تقيم فعاليات الملتقى العالمي للتصوف في دورته الـ17 الذي تنظمه الطريقة القادرية البودشيشية بشكل دائم؟ 

بداية.. أتوجه بالشكر للطريقة القادرية البودشيشية التي تنظم هذا الملتقى، وأشكر شيخها الدكتور جمال الدين القادري بودشيش، وكذلك الدكتور منير القادري، رئيس مؤسسة الملتقى، ومدير الملتقى العالمي للتصوف، وحقيقة أنه مجرد وجود مؤتمر أو ملتقى للتصوف، فإن ذلك خطوة إلى الأمام من أجل تعريف الناس بالتصوف ودوره في المجتمع، فإذا صاحب ذلك فعاليات دينية واجتماعية يكون مظهر جيد ولائق ونافع، والملتقى العالمي للتصوف حقق نجاح جيد على مستوى المشاهدة، خاصة أنه ينظم منذ 17 عامًا، والتنظيم جيد جداً وهذا أمر يحسب للطريقة البودشيشية ورجالتها في المملكة المغربية، وخصوصًا الدكتور منير القادري بودشيش هذا الشاب صاحب العقلية الفذة. 

عنوان الملتقى هذا العام "التصوف وسؤال العمل.. إصلاح الفرد إلى بناء المجتمع" كيف تقيم موضوع عنوان ملتقى هذا العام؟

في الواقع نحن في مجتمع يحتاج كثير من العمل وفي زمن أصبح فيه التنافس في كل شيء، والتصوف يحتاج إلى الكثير من العمل والاجتهاد لتعريف الناس به وجعله رسالة عالمية، ولا يكون هناك تقدم إلا بالعمل ولذلك فسؤال العمل يتطلب أمور كثيرة منها ما هو العمل المقصود وكذلك الفرق بين العمل الفردي والعمل الجماعي ومنها الأخلاق والتربية الصوفية لأن ذلك من صميم العمل الصوفي، فلذلك فإن موضوع سؤال العمل وإصلاح الفرد وبناء المجتمع سؤال جوهري بالنسبة للسلوك الصوفي، ولذلك فإن اختيار هذا الموضوع أمر موفق والتصوف يسعى دائمًا إلى إصلاح الفرد وبناء المجتمع. 

310627026_493340652449988_2577409665716722281_n

كيف ترى الدور الذي تقدمه الطريقة القادرية البودشيشية من خلال تقديم التصوف في ثوب جديد؟

بطبيعة الحال كما قولت من قبل، إنه بمجرد أن هذه هي الدورة السابعة عشر للملتقى العالمي للتصوف، فإن ذلك نجاح للطريقة القادرية البودشيشية، وكلما زاد عدد المشاركين كلما كانت علامة على الجهد المبذول، فلذلك فإن وجود هذا المؤتمر في حد ذاته قيمه ولا يحتاج إلى أن أقيمه لأن بمجرد وجوده لهذه المدة أو الفترة الزمنية يؤكد أن هناك عقول ناجحة ونابغة تخطط لنشر التصوف الإسلامي بطريقة حديثة عبر تنظيم هذه المتلقيات الدولية. 

ماذا عن التعاون بين الطريقة الأكبرية ومؤسسة ابن العربي للبحوث والدراسات والطرق والمؤسسات في المغرب؟ 

في حقيقة الأمر، المولى سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز "وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم" فالتعارف في حد ذاته قيمه لابد أن نقف عنده، كذلك لابد أن تكون مشاركة أى شخص صوفي في العالم لابد أن تكون إضافة إلى هذا الملتقى الصوفي الدولي، وبالنسبة للتعاون فنحن نتعاون في الكثير من الأمور والطريقة الأكبرية تتعاون مع كافة الطرق الصوفية حول العالم من أجل توحيد الكلمة وتوحيد الجهود وإيصال رسالة إلى العالم كله، للتأكيد على أن التصوف منهج إسلامي وسطي يدعوا للمحبة والسلام وينبذ التطرف والعنف، وكذلك فإن مؤسسة ابن العربي للبحوث والدراسات تتعاون في موضوع البحث والتأليف مع مؤسسات بحثية في دول  كثيرة ومنها المغرب. 

310773327_779634059984091_3137147803992596008_n

هل تنظيم الطرق الصوفية لمتلقيات صوفية وعلمية..أمر ضروري ومهم أم لا؟ 

لا شك أن تنظيم الملتقيات أمر صحيح مائة في المائة وناجح بكل المقاييس وذلك لأن لهذا الأمر بعدين، هما بعد تعليمي وبعد إعلامي والبعد التعليمي يتمثل في المحاور والأسئلة المطروحة، والبعد الإعلامي بيتمثل في إبراز الحدث ولذلك فإبراز الحدث هو من أكبر أسباب جذب الناس إليه، كما أن الملتقيات فرصة لتلاقى الشيوخ والعلماء والباحثين من أهل التصوف وذلك لمناقشة كافة الأمور المهمة التي تخص هذا المنهج الإسلامي الفريد، فمن موقعي هذا أدعوا كافة الطرق الصوفية حول العالم لتنظيم ملتقيات صوفية وعلمية. 

لكن ما السر في انضمام الشباب خلال الفترة الأخيرة للطرق الصوفية وخاصة الشباب الأوروبي؟ 

في حقيقة الأمر أن طغيان المادة في العصر الحالي، أدت إلى ميل الأفراد والشباب للبحث عن غذاء الروح، لأن هذه الروح أصبحت متعطشة، فضلًا عن حالة التطرف والتشدد التي أصبحت منتشرة في المجتمعات، فهذا الأمر يجعل الأسوياء يبحثون عن اتجاه متوسط يشبع المادة ويشبع الروح، والتصوف هو الذي يشبع المادة ويشبع الروح لأنه عمل قائم على علم وحب بعيداً عن الفكر المتطرف، والشباب الأوروبي يعشق ويحب الحالة الصوفية هذه الحالة التي تجعل الروح متعطشة للقرب من المولى سبحانه وتعالى والبعد عن ملذات هذه الدنيا. 

313073992_515223547124373_2263602959003895858_n

كيف استطاعت الطريقة الأكبرية ومؤسسة ابن العربي نشر أفكار وعلوم القطب الأكبر سيدي محيي الدين بن العربي حول العالم؟ 

في الواقع، أنا أرى أن الشيخ محيي الدين بن العربي ظُلم كثيراً، وحُكم عليه دون أن يطلع الناس على تراثه الفكري والعلمي، فهناك بعض الإحصائيات تقول أن له 800 مؤلف، وربما لا يزيد المتواجد بين يدي الناس عن 60 أو 70 عنوان، فكيف أحكم على شخص تجاوز الـ300 مؤلف من خلال عنوان أو عنوانين تم الاطلاع عليهم ضمن 60 عنوان، فلذلك كان لزاماً علينا أن نسعى لتحقيق تراث الشيخ الأكبر ونشره، وتعريف الناس به، حتى أن من يحكم يحكم على بينه فهذا الجهد الذى نحاول أن نستوفيه في تحقيق تراث الشيخ الأكبر بصفة خاصة وتراث الصوفية بصفة عامة، هو خطوة من ضمن الخطوات لابد أن تتخذها مؤسسات صوفية كثيرة لأن التصوف هو ضلع من أضلاع بناء المجتمع الإسلامي، فلابد أن هذا الضلع يقوي، ولا يخلوا تاريخ الأمة الإسلامية من أدوار واضحة لصوفية أكابر في العلم، وفي الجهاد وفي غير ذلك وإذا كان اتفق الناس حوالي 800 عام على تسمية محيي الدين بن العربي بالشيخ الأكبر أي شيخ الشيوخ فكيف نتجاهل مثل هذه الشخصية ولا نستنير بمؤلفاتها فكان لابد أن نعمل في هذا الاتجاه. 

هل تري أن التجربة الصوفية المغربية في تنظيم الملتقيات والفعاليات جديرة بالنقل إلى مصر؟ 

في حقيقة الأمر، أن كل دولة لها تجربتها الخاصة، فنحن في مصر ننظم العديد من الملتقيات والفعاليات التي يشارك فيها باحثين وشيوخ وعلماء من كل أنحاء العالم، تحت إشراف الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف المصرية أيضًا، أم بالنسبة للتجربة المغربية في التصوف، فمصر لها تجربتها الخاصة فلدينا في مصر أكثر من 80 طريقة صوفية مشهرة، تعمل جميعها تحت مظلة المشيخة العامة للطرق الصوفية وهذه مؤسسة رسمية في مصر تدعمها الدولة وقيادتها، والتصوف في مصر يقتدي به في العالم كله، يكفي أن عدد الصوفية في مصر وصل إلى 25 مليون صوفي.  

313208969_848522809538086_5994135911708357190_n

ما الهدف من تأسيس الطريقة الصوفية الأكبرية ومؤسسة ابن العربي للبحوث والدراسات ؟ 

في حقيقة الأمر الهدف من تأسيس هذه الطريقة هي جمع الناس على محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والدعوة إلى طريق الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأود القول، أن عمق الشيخ "ابن العربي" مشهور جدًا، والقضية المحورية التي لابد أن نعمل عليها هي قضية التراث والتجديد فنحن في سبيل الدعوة المقامة في مصر والتي لابد أن تعم العالم الإسلامي، وهي تجديد الخطاب الديني فلابد أن نعرف أن التجديد لا ينفصل عن دراسة التراث فأنا كشيخ للطريقة الأكبرية كان عليا ان أنشر تراث مؤسس هذه الطريقة وهو الشيخ محيي الدين بن العربي وأبذل في سبيل ذلك كل ما في وسعي ولا زلت أقوم بذلك وأجتهد وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينني لنشر كل ما تصل إليه يدي من تراث الشيخ الأكبر وخصوصًا أن هناك جزء كبير ضائع لم نحصل عليه حتى الآن. 

هل ترى أن التصوف هو الحل لعلاج التطرف والإرهاب؟ 

التصوف هو الحل، ليس لمواجهة التطرف فحسب وانما التصوف هو دواء القلوب وصلاح النفوس وصفاء الأذهان والتصوف مبنى على ثلاث حركات فراغ البال وصفاء الذهن وجلاء مرآة القلب، فالتصوف هو الكفيل ببناء شخصية متدينة سوية فهناك مدارس كثيرة في التربية طبعًا ولكن إذا نظرنا للشخص المتدين بدين الإسلام فإننا سنرى استواءه في التصوف لأنه يعتمد على جناحين، هما جناح العلم وجناح العمل وجناح الممارسة الواقعة والحياة العملية وهذا التصوف هو الكفيل بنزع الأمراض من النفوس التي قد تميل إذا لم تشفى أمراضها إلى التطرف، في الجهتين التطرف بالإلحاد أو التطرف بالتعصب الديني. 

310365968_3475004242774844_8773822414074263056_n

كيف تنظرون لظاهرة الإسلام فوبيا في الغرب.. وكيف نواجه هذه الظاهرة؟ 

هذه الظاهرة لن يتم القضاء عليها، إلا بإظهار الصورة الصحيحة للإسلام، وأنا أرى الصورة الحقيقية لهذا الدين تتمثل في التصوف والتصوف يتمثل في أقطابه مثل بن العربي وأبو الحسن الشاذلي، وسيدي عبدالقادر الجيلاني وسيدي أحمد الرفاعي وكثير من الأقطاب عبر الزمان، وهم أشخاص لا تطرف لديهم أصلا مع تمسكهم الشديد بالكتاب والسنة فأن تجمع بين التمسك بالكتاب والسنة ونبذ التطرف فهذا هو التصوف. 

ما هي رسالة شيخ الطريقة الأكبرية إلى صوفية العالم من الملتقى العالمي للتصوف؟ 

رسالتي إلى صوفية العالم هي العمل بجد واجتهاد على تعريف الناس بمنهج التصوف في كل شيء في التربية وفي الحياة وفي المعاملات اليومية وفي كل شيء، وكذلك في التعايش وهذا يجب أن يكون دور كل صوفي سواء صغر أم كبر شيخ أو كبير فلابد أن يسعى الجميع إلى إبراز المنهج الصوفي في التعامل اليومي.