رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء تونسيون يكشفون لـ«الدستور» التحضيرات الخاصة بالانتخابات التشريعية

الانتخابات التشريعية
الانتخابات التشريعية تونس

تستعد تونس خلال الفترة المقبلة لمرحلة الانتخابات التشريعية الأولى عقب تعديل الدستور التونسى فى عهد قيس سعيد.

ورصد "الدستور" من خلال مجموعة من الخبراء التونسيين سيناريوهات الفترة المقبلة، والتحضيرات الخاصة بالانتخابات بجانب الأوضاع الحالية فى تونس.

الأوضاع الاقتصادية والمعيشية صعبة نتيجة الإرث الثقيل الذى تركته النهضة

من جانبه، قال الباحث التونسى مصطفى عطية، إنه يخيم على الساحة السياسية في البلاد هذه الأيام وقبل 7 أسابيع من موعد الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها هدوء مخادع، شبيه إلى حد كبير بالجمر الملتحف بالرماد، خاصة أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية مشحونة بالأزمات الحادة، بعضها داخلي وهو الإرث الثقيل الذي تركته منظومة الإرهاب والفساد التي هيمنت على الحكم طيلة عشرية كاملة من النهب والتخريب، وبعضها الآخر خارجي، ومردّه الأزمة الإقتصادية العالمية وتأثيرات الحرب في أوكرانيا.

أضاف عطية، لـ"الدستور": "تبدو كل المعطيات إذن عكس الإتجاه المأمول وهو ما قد يتسبب في شتاء ساخن سياسيا واجتماعيا قد يؤثر على مسار الإنتخابات التشريعية قبل التأثير على نتائجها، فبالرغم من التمديد بثلاثة أيام في آجال تقديم الترشحات فإن الحصيلة إلى حد الآن ضعيفة وغير متوازنة حسب بعض المصادر المطلعة، بسب شرط الأربع مائة تزكية المعرفة بالإمضاء في الدوائر الرسمية، وهو شرط مجحف حسب أغلب الملاحظين لأن التعريف بالإمضاء هو من الإجراءات البيروقراطية البطيئة والمعرقلة للإنسياب الإداري الطبيعي.

أشار عطية إلى أن خيبة أمل التونسيين في السياسيين خلال عشرية الخراب التي قادتها حركة النهضة الإخوانية وأذيالها من الانتهازيين، كانت كبيرة وأفقدتهم الثقة في الأحزاب التي تناسلت بشكل فوضوي وشتت المجهودات، فحتى ما يسمى بـ"جبهة الخلاص" المرتبطة جدليًا بحركة النهضة، وتضم البعض من قياداتها، شهدت في المدة الأخيرة تفككًا، منتظرًا بعد انسحاب بعض أعضائها نتيجة حرب المواقع. 

وتابع عطية: "لم يبق في الساحة حاليا كقوة سياسية معارضة لقيس سعيد وذات تأثير فاعل، إلا الحزب الدستوري الحر بقيادة عبير موسي صاحبة المؤهلات الخطابية المبهرة والحضور الشارعي القوي، أما بقية الأحزاب التي تدعي المعارضة فمازالت تجتر القوالب الجاهزة التي كانت سببًا في فشلها سابقا. 

وأوضح عطية أن الملفت للانتباه في هذا المشهد الضبابي هو الغياب المفاجئ للإتحاد العام التونسي للشغل، الذي اختار قادته التزام الصمت وهجر المنابر الإعلامية وعدم الخوض، على غير عادتهم، في القضايا الاجتماعية والسياسية الحارقة، ويرى الكثير من الملاحظين أن هذا الغياب يحمل دلالات غير مطمئنة بعد الاتفاق الحاصل بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي، وهو الاتفاق الذي يعارض الاتحاد شروطه بقوة.

طليق: المنظومة القديمة تحاول بث الفوضى وتجويع التونسيين وفقدانهم الثقة في الرئيس سعيد

من جانبها، قالت الإعلامية التونسية ضحى طليق تعيش تونس هذه الأيام على وقع الاستعدادات الانتخابات التشريعية البرلمانية المقرر  تنظيمها في 17 ديسمبر المقبل، وهى إحدى المحطات والحلقات المحورية في مسار 25 جويلية الذي انطلق في تنفيذه الرئيس قيس سعيد منذ أكثر من سنة من خلال تجميد عمل البرلمان الذي كانت تسيطر عليه حركة النهضة قبل حله وإقالة حكومة المشيشي.

وتابعت طليق لـ"الدستور"، لا يختلف اثنان في أن الاستعدادات لهذه الانتخابات تجري في مناخ يسوده الكثير من الترقب وعدم وضوح الرؤية المستقبل. 

وقالت طليق على مستوى العملية الانتخابية في حد ذاتها اضطرت لجنة الانتخابات إلى التمديد في آخر أجل لتقديم الترشحات بسبب ضعف الإقبال، وهو ما يفسر بعدم الإقبال على العمل السياسي. 

أما على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، أضافت طليق أن التونسيين يواجهون حالة من الارتفاع غير المسبوق للأسعار وندرة الكثير من المواد الأساسية والسكر والطحين والحليب والقهوة إضافة إلى النفط. 

وأشارت إلى أن البعض كان يفسر ذلك بالحرب الروسية الأوكرانية، فى حين أن البعض الآخر يرى أن المنظومة القديمة التي ما زالت عناصرها متواجدة في مختلف مفاصل الدولة هي التي تحاول بشتى الطرق بث الفوضى وتجويع التونسيين وفقدانهم الثقة في الرئيس قيس سعيد وفي مساره.

وأضحت أن هذا الموقف يستند أيضا في تحليله إلى محاولات جبهة الخلاق المتكونة أساسا من النهضة وحلفائها والحزب الدستوري الحر إحباط كل محاولات الرئيس قيس سعيد التقدم بالمسار والتشكيك في مصدقيته من خلال محاولات التحشيد عبر الشارع والتدخل حتى لدى الأوساط الخارجية ومحاولة إقناعها بعدم الوقوف إلى جانب تونس ودعمها كما حدث مع صندوق النقد الدولي، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل وتمكنت السلطات من الاتفاق مع صندوق النقد على قرض بأكثر من 1.9 مليار دولار من شأنه أن يساعد تونس على الإنقاذ الاقتصادي .

واختتمت طليق تصريحاتها: "كل هذه المعطيات تؤشر على أن المشهد السياسي المقبل سيكون مختلفا تماما عن المشهد القديم والفاعلين فيه سيكونون غير من ألفتهم تونس، خاصة أن الدستوري الحر وجبهة الخلاص أعلنا عدم مشاركتهما في الاستحقاق الانتخابي المقبل".