رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مبادرة خداع جديدة

مع كل نجاح وإنجاز تحققه الدولة المصرية داخلياً وخارجياً تتعالى أصوات جماعة الأخوان الإرهابية المتواجدة فى الشتات لضرورة تغيير استراتيجية الجماعة لمواجهة الهزائم السياسية المتلاحقة ليس فى مصر وحدها ولكن فى العديد من دول المنطقة.
تشهد مصر خلال الأيام المقبلة العديد من المؤتمرات الدولية والداخلية سوف تجعلها قبله لأنظار العالم لفترة طويلة.. حيث تبدأ بالمؤتمر الاقتصادى الذى يهدف الى النهوض بالاقتصاد المصرى وتذليل كل المعوقات التى تعترض ذلك وسوف يتم فى هذا المؤتمر الأستعانة والاستفادة من الخبرات العالمية والوطنية لتحقيق الهدف منه.. ثم يأتى بعد ذلك الحدث العالمى الذى ينتظره العالم كله وهو مؤتمر المناخ الذى سوف يعقد بمدينة شرم الشيخ وتشارك فيه مئات الدول والهيئات العالمية والمنظمات الدولية ويحضره العشرات من قادة دول العالم.. يأتى هذا فى الوقت الذى تتسارع فيه الخطى للبدء فى الحوار الوطنى الذى دعا اليه السيد الرئيس بمشاركة جميع القوى السياسية فى البلاد بما فيها المعارضة لوضع تصور لمستقبل البلاد يشارك فيه الجميع دون تمييز أو إقصاء فيما عدا من رفع السلاح فى وجه المصريين.
ويبدو أن جماعة الإخوان الإرهابية وجدت أن الأمر أصبح مناسباً لكى تعود مرة أخرى على مسرح الأحداث ولكن بأسلوب جديد ووجه مسالم لا يناصب الدولة العداء.
ومن هذا المنطلق فقد أعلن جناح الجماعة المتواجد فى لندن ويرأسه إبراهيم منير الانسحاب من أى صراع سياسى على السلطة فى مصر وأنه يهدف حاليا إلى إنهاء ملف المعتقلين وتحقيق المصالحة مع الدولة المصرية وبناء شراكة وطنية.. ومن الواضح أن هذا الاتجاه يمثل تكتيكا ومراوغة واضحة بعدما استشعر المواطن المصرى مدى كذب وادعاءات تلك الجماعة، وبالتالى فهناك رفض جماعى لتلك المبادرة التى يسعى من خلالها هذا الجناح لتحقيق أى نجاح ينسب إليه، وذلك على حساب الجناح الآخر المتواجد فى تركيا ويتزعمه الإخوانى/ محمود حسين، والذى أبدى هو الآخر موافقته أو رغبته فى المشاركة فى الحوار الوطنى دون تقديم أى تنازلات.. بل إنهم وضعوا شروطاً تعجيزية للمشاركة فيه، من بينها إعادة النظر فى الأحكام القضائية التى صدرت منذ 24 يوليو 2013 وفى جميع القضايا ذات الطبيعة السياسية ويبدو أن هذا الفصيل من الجماعة يعيش على أوهام أنهم كيان معارض له أرضية شعبية فى مصر فى حين أن الحقيقة أن  الشعب المصرى هو الذى لفظهم منذ أن اكتشف حقيقتهم المزيفة وأهدافهم الخبيثة.
ويبدو أن هذا الانقسام والتشتت شجع البعض من شباب الجماعة الإرهابية أن يعلن عن تشكيل جبهة ثالثة تحمل اسم "المكتب العام" أو "الكماليون" نسبة إلى القيادى المقتول محمد كمال، وهذا الجناح يتخذ من تركيا مقراً له، وقد أعلن رفضه التام للمشاركة فى الحوار الوطنى والاستمرار فيما سموه النهج الثورى المسلح وقد عقد هذا الجناح اجتماعاً يوم السبت الموافق 15 من الشهر الحالى أعلن فيه عن تشكيل مجموعات لإحياء فكر سيد قطب ومحمود عزت ومحاولة السيطرة على الجبهتين المتصارعتين.
إن جميع الشواهد والدراسات والخبرات التى اكتسبناها فى التعامل مع جماعة الإخوان الإرهابية تؤكد أن كل ما يحدث حالياً داخل صفوف الجماعة من انشقاقات وصراعات وتوجهات مختلفة سوف يذوب فى لحظات عندما يجد هذا التنظيم أى مكتسبات لهم على الأرض… إنهم يعملون كالقطيع سرعان ما يتجمع عند سماع النداء ولا يمثل ما هم عليه الآن إلا استمرارًا لمنهج "التقية" الذى يجيدون استخدامه واستبدال شعاراتهم فور سقوط أى شعار لم يحدث لهم مكاسب على الأرض.
لا يمكن أن تنفصل السياسية عن أهداف تلك الجماعة.. فما يدعيه بعضهم من التوقف عن ممارسة السياسة هو بمثابة خدعة كبرى يجب ألا ننساق إليها وذلك كحل أخير نتيجة لهزيمة المشروع الإخوانى الذى فقد بريقه واكتشف زيفه، ولكسب مزيد من الوقت حتى تعيد الجماعة ترتيب أوضاعها ثم تعود لسابق عهدها من خلط السياسة بالدين، وهو الخط الذى اتكأت عليه الجماعة منذ تأسيس بنيانها قبل 94 عاماً فى أن العمل السياسى هو وسيلة للوصول إلى تحقيق أهدافها مع وضع الخطط البديلة مع كل جولة تخسر فيها الرهان ويتعرض مشروعها السياسى للهزيمة.
كل هذا يجعلنا نتوقع أن تحاول تلك الجماعة المحظورة القيام بوضع خطط لإفشال تلك الفعاليات الدولية التى سوف تحتضنها مصر خلال الأيام المقبلة وسوف تشارك فيها تلك الجبهات الثلاث المتناحرة شكلاً والمتحدة موضوعاً، وذلك من خلال التوسع فى نشر الفتن والشائعات واستخدام شبكات التواصل الاجتماعى أو الدعوة إلى الخروج فى مظاهرات سلمية بغرض إحراج النظام يشارك فيها ما يسمى بالتيار المدنى المعارض حتى يمكن الضغط على الدولة المصرية للتفاوض من أجل الإفراج عن سجناء الإخوان أو المشاركة فى الحوار الوطنى باعتبارهم فصيلا معارضا.
لكن يبدو أن هؤلاء جميعاً يتناسون حقائق مهمة أصبحت ثوابت قوية لدى الدولة المصرية ومن أهمها..
- أن هناك رفضاً شعبياً جارفاً ضد تلك الجماعة.
- أن تلك الدعوات التى أطلقتها الجماعة المحظورة فى السابق لم تلق أى قبول.. بل إن الأمر قد وصل إلى قيام المواطن العادى بالإبلاغ عن أى تحركات مريبة لعناصرهم إن وجدت.
- إن الشعب المصرى أدرك أن هذا التنظيم يسعى إلى نشر الفوضى.. فى حين أن ما أنجزته الدولة من نجاحات ومشروعات لا يمكن أن يتحقق إلا فى مناخ من الأمن والاستقرار.
لقد تأكد الشعب المصرى أن تلك الجماعة الإرهابية تقتات على الخراب وتزدهر على دماء ضحاياها وأنه بتكاتف هذا الشعب مع أجهزته الأمنية ووعيه وضميره الوطنى سوف يجهض أى محاولة لإعادة وجود تلك الجماعة على أى شكل من الأشكال، سواء باعتبارها جماعة دعوية أو فصيل سياسى أو حتى جمعية خيرية.
سوف تتوالى محاولات الغش وإطلاق المبادرات الخادعة وسوف يقابلها ذلك الوعى والفهم والإدراك الذى اكتسبه الشعب المصرى، والذى ساند قيادته السياسية وقواته المسلحة والشرطة فى إسقاط ذلك التنظيم الإرهابى فى أكبر ثورة شعبية حقيقية شهدها التاريخ المعاصر.
وتحيا مصر.