رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اللعب بالأرقام.. التفوق الديموغرافى

عندما نتحدث عن حل الدولتين، مَن يقبله ومَن يرفضه داخل إسرائيل يتفقان على ثمة نقطة واحدة؛ أنه الحل الأفضل للحفاظ على الأغلبية «اليهودية» داخل الدولة اليهودية.. فى الوقت الذى يكون فيه حل الدولة الواحدة- بجانب أنه نموذج صارخ للأبرتهايد- يمس بـ«الأغلبية اليهودية».. ماذا يعنى هذا؟

يعنى أنه إذا تم تطبيق حل الدولتين ستكون هناك دولتان بين البحر والنهر «دولة إسرائيلية وجارتها الفلسطينية»، دولة إسرائيلية ذات أغلبية يهودية «يهود وعرب ٤٨»، ودولة فلسطينية «عرب فقط».

لكن ماذا إذا تم تطبيق نموذج الدولة الواحدة لشعبين «يهود وعرب»؟، بعيدًا أيضًا عما يسببه هذ الحل من ظلم للشعب الفلسطينى، وإهدار لحقه فى أن تكون له دولة مستقلة، فهناك أزمة لإسرائيل مع حل الدولة الواحدة، هى فقدان الأغلبية اليهودية فى الدولة، هذا هو المارد الذى سيخرج من العلبة، والذى يسمونه «التفوق الديموغرافى».

الأزمة ليست كل ما سبق، الأزمة فى فحص «التفوق الديموغرافى» نفسه، الأزمة هى «التلاعب» بالأرقام من الجانبين لإثبات التفوق الديموغرافى، فالأرقام أصبحت محل شكوك.

تتفق دائرتا الإحصاء الفلسطينية والإسرائيلية على أن ميزان السكان الفلسطينى- اليهودى من البحر إلى النهر «إسرائيل والقدس والضفة الغربية وقطاع غزة» قد أخذ منذ حوالى السنة فى الميل تجاه التساوى.

وإليكم الأرقام:

حسب المعطيات يوجد اليوم بين البحر والنهر تعادل بين عدد اليهود وعدد العرب، نحو ٧.٤٥٤.٠٠٠ يهودى و٧.٥٠٣.٠٠٠ عربى، منهم نحو ٥.٥ مليون عربى فى «الضفة الغربية وقطاع غزة»، حسب المعطيات الفلسطينية.

ولكن حسب المعطيات الإسرائيلية، فإن العرب فى الضفة الغربية وقطاع غزة لا يزيدون على ٣.٤ مليون- نحو ١.٨ مليون فى القطاع، وأقل من ١.٥ مليون فى الضفة والقدس.

الفرق بين الرقمين تم تفسيره من قبل بأنه يضم فلسطينيين توفوا ولا يزالون فى سجلات الناخبين أو غادروا الضفة للخارج.

حسب تقرير البنك الدولى للعام ٢٠٠٦، توجد فجوة ٣٢٪ بين عدد المسجلين فى الصف الأول فى المدرسة فى الضفة وغزة، ومعطيات الولادة التى تنشرها السلطة فى مكتب الإحصاء الفلسطينى.

كما أفادت تقارير بأن مكتب الإحصاء المركزى الفلسطينى يتجاهل الوفيات الطبيعية، وهو ما تم الكشف عنه، إذ يوجد فى السجل السكانى الفلسطينى من العام ٢٠٠٧ مواليد العام ١٨٤٥ «أى عمرهم الآن ١٦٢ سنة». 

حسب تقارير وزارة العدل الإسرائيلية، فإنه بين العامين ١٩٩٤ و٢٠٠٢ توطن فى إسرائيل نحو ١٣٠- ١٤٠ ألف فلسطينى، السلطة تضيف عليهم أكثر قليلًا من ٣٥٠ ألفًا من سكان شرقى القدس، فى الوقت الذى يحصيهم مكتب الإحصاء المركزى الإسرائيلى كسكان مقيمين فى إسرائيل، وهكذا فإنه يتم إحصاؤهم مرتين.

الفلسطينيون لديهم أرقام أخرى أو طريقة حساب أخرى، فالتقديرات الفلسطينية تشير إلى أنه مع نهاية عام ٢٠٢٢ ستكون هناك أغلبية عربية من البحر إلى النهر «البحر المتوسط ونهر الأردن»، إذ إن مكتب الإحصاء الفلسطينى يحصى «عرب ٤٨» مع أعداد الفلسطينيين ويستقطعون من أعداد اليهود «يهود روسيا الذين لم يعترف بهم بعد فى إسرائيل» وعددهم ٤٧٢.٠٠٠.

حسب الإحصاء الفلسطينى فإن أرقام نهاية عام ٢٠٢١ للسكان الفلسطينيين بلغت ٦.٩٧٦.٤٨١ «منهم ٢.٨٤٩.٩٧٤ فى الضفة الغربية باستثناء القدس الشرقية، و٢.١٣٦.٥٠٧ فى قطاع غزة، و١.٩٩٠.٠٠٠ من مواطنى إسرائيل العرب (الحاملين الجنسيات الإسرائيلية)، ويشمل هذا الرقم الأخير سكان القدس الشرقية الفلسطينيين، أما عدد سكان إسرائيل اليهود فيبلغ ٦.٩٨٢.٠٠٠ والباقى (٤٧٢.٠٠٠) ليسوا يهودًا ولا فلسطينيين، وهم اليهود الروس والإثيوبيون الذين ينتظرون قرارات المحكمة ليحصلوا على اعتراف باليهودية، رغم حقيقة أنهم يحملون الجنسية الإسرائيلية أيضًا». الأرقام مضللة، التفوق الديموغرافى هو شبح، بالنسبة للفلسطينيين التعادل هو انتصار، وبالنسبة للإسرائيليين هو كارثة.