رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الاقتصاد والطاقة.. ملفات أطاحت برئيسة الحكومة البريطانية

ليز تراس
ليز تراس

سجلت ليز تراس 47 عامًا اسمها في صفحات التاريخ بإعلانها الاستقالة من منصبها رئيسة للحكومة البريطانية، حيث باتت أقصر رؤساء الوزراء بقاء في المنصب في تاريخ بريطانيا بولاية لم تدم سوى 44 يومًا.
وغداة جلسة صاخبة في أروقة مجلس العموم تيقنت خلالها أن سهام النقد لسياساتها لم تأتها من قبل حزب العمال المعارض فحسب، بل إن الرأي العام داخل أوساط حزبها "المحافظين"، بات ينظر لبقائها في منصبها على أنه سوف يلحق الضرر بفرص استمرار الحزب في السلطة إذا ما أجريت انتخابات جديدة، وذلك بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

 

- رابع رئيس وزراء يسقط للمحافظين على التوالي


ويرى محللون أن نواب حزب المحافظين واجهوا خيارين، أحلاهما مر، فاختاروا الأقل ضررًا بدفعهم تراس إلى الاستقالة، لتكون رابع رئيس للوزراء يسقط في عهدهم، بعد ديفيد كاميرون وتيريزا ماي وبوريس جونسون.
ويراهن حزب المحافظين على توفر الوقت لرئيس وزراء جديد يعيد بناء صورة الحزب بعد الفوضى التي خلقتها "عشوائية" تراس الاقتصادية، بحسب وصف مراقبين ، عندما قدمت ميزانية لا تستقيم مع الإمكانيات، واضطرت للتراجع عنها لاحقًا.

ورأوا أن الاختيار الأصعب كان الإبقاء عليها في منصبها، رغم أنها "لم تعد قائدة فعلية للحكومة"، بعد تكليف وزير جديد للخزانة، بدأ يوم عمله الأول بإلغاء كل ما تعهدت بالقيام به خلال حملتها الانتخابية.

ومع تواري "تراس"، تبرز أسماء عدة لخلافتها ، وفي مقدمتهم ريشي سوناك منافسها السابق على منصب رئاسة الحكومة وزير الخزانة في عهد حكومة جونسون، ووزيرة الدفاع السابقة بيني موردونت ووزير الدفاع الحالي بن والاس، كما يدخل جونسون نفسه دائرة الترشيحات من بعيد.

 

- أبرز الملفات والمشاكل التي أطاحت بليز تراس

إلا أن مراقبين يرون أن الفوضى قد لا تنتهي بالسرعة المأمولة مع أي اسم يخلف تراس، نظرًا لاستمرار الأزمة الاقتصادية حتى منتصف العام المقبل، بحسب تقديرات المصرف المركزي، مع ارتفاع معدلات التضخم لأعلى مستوى لها منذ أكثر من أربعة عقود.
وفي ظل استطلاعات للرأي تظهر تراجع شعبية حزب المحافظين، يحاول حزب العمال انتهاز الفرصة للعودة إلى الحكم، وفي هذا الإطار دعا زعيم الحزب كير ستارمر إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة لوضع برنامج اقتصادي جديد بدلًا من محاولة ترميم ما تهشم.
واعتبرت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية أن حكومة تراس "غرقت في حالة من الفوضى"، بعد موجة استقالات كان آخرها استقالة وزيرة الداخلية سويلا برافرمان.
ووصفت الصحيفة ما حدث خلال الأيام الماضية بأنه "انهيار للانضباط الحزبي" في مجلس العموم ، مستشهدة بـ"تمرد" نواب في الحزب الحاكم علانية على خطط للحكومة.
وتحت عنوان "استقالة تراس"، قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن المحافظين في بريطانيا يواجهون قائمة قصيرة من الخيارات السيئة ، وأضافت أنهم "لا يحظون بشعبية كبيرة، حيث تظهر بعض التوقعات أن الحزب يمكن أن يُمحى تقريبًا" إذا أجريت انتخابات اليوم، معتبرة أن استبدال تراس هو "الخيار الأكثر منطقية".

- انهيار سياسي سريع

كما أفردت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مساحة لاستقالة رئيسة الوزراء البريطانية، وألقت الضوء على السبب وراء ما وصفته بانهيارها السياسي السريع.
وأشارت الصحيفة إلى سيناريو ما بعد الاستقالة، موضحة أنه سيتم الشروع في غضون أسبوع في إجراءات اختيار بديل من داخل حزب المحافظين، ليكون ثاني قائد للبلاد لم تأت به انتخابات يدلي فيها جموع البريطانيين بأصواتهم لاختياره بعد تراس.

وألقت الصحيفة الضوء على موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة في 2025، مستبعدة أن يدعو إليها رئيس حكومة من معسكر المحافظين في ظل تراجع شعبيتهم وإدراكهم أن الفوز سيكون حتمًا من نصيب حزب العمال.
ومن جهتها، تطرقت صحيفة الجارديان البريطانية إلى مخاوف مجتمع الأعمال البريطاني. وكتبت تحت عنوان "كفى سيرك" أن قادة الأعمال في المملكة المتحدة يدعون إلى الاستقرار الاقتصادي بعد استقالة تراس.
وركزت الصحيفة على حالة الغضب والاستياء من "الفوضى السياسية" التي تهيمن على قادة الأعمال في المملكة المتحدة، ودعوتهم لمن سيحل محل تراس للعمل سريعًا على تحقيق الاستقرار في الاقتصاد المتضرر من الأزمة.
وأعرب الكثيرون من أصحاب الأعمال والشركات في بريطانيا عن قلقهم لتوقف الاستثمار في المملكة المتحدة بسبب الاضطراب السياسي، حيث يتوقع اقتصاديون ركودًا طويلًا.
ونقلت الجارديان عن توني دانكر، المدير العام لاتحاد الصناعات البريطانية، وهو أكبر مجموعة ضغط للأعمال في المملكة المتحدة، قوله إنه يعتقد أن نصف الشركات التي تفكر في الاستثمار ستنتظر حتى يستقر الوضع.
واعتبر دانكر أن "سياسات الأسابيع الأخيرة قوضت ثقة الناس والشركات والأسواق والمستثمرين الدوليين في بريطانيا... يجب أن ينتهي هذا الآن إذا أردنا تجنب المزيد من الضرر للأسر والشركات".
ويرى مراقبون أن استقالة تراس تسلط الضوء على درجة الاضطراب الذي تعاني منه بريطانيا في المشهد السياسي منذ التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي وما تلاه من أزمات مثل جائحة كورونا والحرب الروسية ضد أوكرانيا، لما لها من تبعات قوية أثرت على سادس أكبر اقتصاد في العالم.