رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشاعر الكبير قال ممكن أكتب «راب» و«مهرجانات».. بس بطريقتى! «2-2»

إبراهيم عبدالفتاح: موسيقى «حميد الشاعرى» مثل الورد الصناعى ومطربو الثمانينيات خانوا أنفسهم ثم عادوا إليها

إبراهيم عبدالفتاح
إبراهيم عبدالفتاح ورئيس تحرير جريدة الدستور وائل لطفي

عمرو دياب «براند تجارى» سعره غالٍ وله جمهور وعمره ما قال: «أنا مناضل من أجل الأغنية»

عبدالوهاب محمد قال عندما سمع شعرى: «هذا مرسى جميل عزيز جديد»

رفضت التخلى عن مبادئى فى الكتابة حتى سمعتهم يقولون عنى: «شخص فقرى»

كبار المطربين الحاليين ناجحون وفقًا لمبدأ «أغنية تسمعها النهارده وتنساها بكرة»!

كتبت «لما الشتا يدق البيبان» لأحمد الحجار.. وخاصمته عندما أعطاها لشقيقه على

مأمون الشناوى يتميز برقة شعرية فريدة.. وقصيدة مرسى جميل عزيز مثل الفيلم القصير

 

مع بداية فصل الشتاء من كل عام، تكاد لا تجد على الألسنة سوى جملته الشعرية الرائعة: «لما الشتا يدق البيبان». ومع النجمة حنان ماضى غنت لقلوب كل من قتلتهم الوحدة رائعته: «نايمة الشوارع والبيوت.. والخطوة بتشق السكوت.. وحدى وذكرى حب ضاع بيطل من شباك قديم».

وفى رمضان الماضى كان الجميع يغنى مع على الحجار ما أبدعه فى تتر مسلسل «جزيرة غمام»: «البحر دا كان جبل نزل عليه الحب.. والصخر لان من حنان عطفه على المجاريح.. يا ناس قلوبكم حجر ولا انتوا من غير قلب.. كنا تلاتة رفاقة واتفرقوا فى الريح».

إنه الشاعر الكبير إبراهيم عبدالفتاح، صاحب الكثير من النصوص الشعرية الخالدة، سواء بالعامية المصرية أو العربية الفصحى، وكاتب كلمات أغانى العديد من الأفلام والأعمال الدرامية، إلى جانب كتابته النصوص المسرحية.

فى الجزء الثانى من حواره مع «الدستور»، يواصل «عبدالفتاح» فتح خزائن حكاياته وقصائده، وكيف كانت بداياته فى عالم الأغنية، ولماذا غضب من على الحجار و«قفل منه»، حتى إنه خاصم شقيقه الملحن أحمد الحجار، لأنه أعطاه أغنيته التى كتبها «لما الشتا يدق البيبان».

ويقدم الشاعر الكبير كذلك تشريحًا شاملًا لوضع الأغنية المصرية، فى الوقت الحالى، ويفاجئ الجميع باستعداده للكتابة لأغانى «راب» و«مهرجانات» لكن بشرط وحيد، إلى جانب العديد من التفاصيل الأخرى التى نستعرضها فيما يلى..

■ الأغنية محطة مهمة فى مسيرة إبراهيم عبدالفتاح.. كيف دخلت عالمها من بوابة الشعر؟

- وأنا صغير كنت ضمن مجموعة فى حى الإمام الشافعى، وكان فينا من يكتب ومن يلحن، ونجتمع عند صديق لنا أكبر منا سنًا ومتزوج اسمه أحمد سليمان، وكان يعمل مدرسًا للتاريخ، وفى الليل يعزف على العود خلف راقصة فى شارع الهرم.

كان صديقى هذا موهوبًا موهبة غير عادية، ملحنًا لا يتكرر، لكنه شخص كسول لا يتحرك ولا يخرج خارج هذا الإطار، يذهب إلى المدرسة فى الصباح ويعزف على العود مساء، وكانت جلستنا عنده تتكرر مرتين أو ثلاثًا فى الأسبوع، أنا أكتب، وصديقنا هذا يلحن، ومجدى سعد يغنى، ولأننا أطفال صغار لم تكن عندنا خبرة لتسويق أعمالنا.

استقرت الأوضاع على هذا النحو إلى أن جاء إلىّ صديق كان يعمل سكرتيرًا فى شركة إنتاج كبيرة وقتها هى «مصر للإنتاج الفنى» لمالكها عبدالعظيم وهبة- رحمه الله- الذى كان متبنيًا آنذاك كلًا من عمر فتحى وأركان فؤاد ونادية مصطفى ومنى عبدالغنى ومدحت صالح.

قال لى هذا الصديق: «هات كلمات من اللى بتكتبها.. لو صاحب الشركة شاف الكلام ده هيفرح بيه جدًا»، فقلت له: «حتى لا أتعرض لإحراج سأعطيك ٣ أغان تعرضها عليه وإذا أعجبته سأقابله، وبالفعل أخذها وذهب له وكان عند صاحب الشركة، فى الثانية صباحًا، وكان عنده فى هذا الوقت الشاعر الكبير عبدالوهاب محمد، الذى ما إن سمع ما كتبته إلا وقال: (هذا مرسى جميل عزيز جديد)، ففرحت جدًا بما حدث وقلت سأذهب إليه، وهو ما حدث بالفعل».

■ ما الذى حدث فى هذا اللقاء؟

- كانت أول مرة أدخل مكتب منتج فى حياتى، ووجدت عنده ملحنين وشعراء، ووقتها كانوا يقرأون على مسامع مدحت صالح كلمات مجموعة من الأغانى، وكان من ضمنها أغنية كتبها صلاح عمار، وأتذكر أن ملحنها كان محمد قابيل، الناقد الفنى فى مجلة «أكتوبر»، وقلت فى نفسى وقتها إن هذه الأغنية تصلح فى الدراما لا على المسرح.

وعندما وجد مدحت صالح المنتج يشيد بموهبتى أخذنى على جنب وسألنى عن رأيى فيما يعرضونه عليه، وكانوا سمّعوه أغنية ثانية، فقلت له إن الأغنية الثانية مناسبة له، وهى ما قدمها بالفعل بعد ذلك بعنوان: «بهية وياسين».

ولم أتعامل مع الشركة فى هذه الفترة، حتى عملت مع مدحت صالح بعدها بسنوات، وتحديدًا فى عام ١٩٩٢، وللعلم المشهد الغنائى ككل جعلنى أتراجع عن السير فى طريق الأغانى، لأن الجو لم يكن صحيًا، والعلاقات كانت تنافسية ومرضية، فاعتبرتها بيئة غير مناسبة لى.

وقبل فترة التسعينيات كنت أكتب أغانى للمسرح الجامعى، فمثلًا طلبة فنون جميلة يقدمون مسرحية فأكتب لهم أغنية، وكان أحمد الحجار هو من يلحن لهم، وكنا لا نتقابل، أنا أكتب وهو يلحن من بعيد، حتى قابلته للمرة الأولى، فقال لى: «هل عندك أغان عادية؟» قلت له: «لا لم أكتب أغانى عادية».

وقتها كنا ذاهبين إلى مؤتمر فى رأس البر، وكان هناك مطر والشوارع مبتلة، فتذكرت أحمد الحجار وقلت سأكتب قصيدة، ثم تراجعت وقلت: «لو نشرتها فى (أدب ونقد) لن يراها إلا ٤٠ شخصًا»، فقررت أن أكتب المعنى فى أغنية وأقسمها إلى مقاطع، وعندما أعود إلى القاهرة أعطيها لأحمد الحجار.

وقد كان، كتبت: «لما الشتا يدق البيبان»، ورجعت إلى القاهرة، وبينما نجلس على قهوة فى «الحسين»، رفقة كتاب وملحنين وشعراء مثل أحمد عطية وجمال رياض وطارق فؤاد، أعطيت الكلام لأحمد الحجار، وقلت له: «الغنوة دى ليك.. أنت طلبتها منى وهى ليك.. ولو طلبها على الحجار أرجوك لا تعطها له».

■ لماذا رفضت إعطاء الأغنية لعلى الحجار؟

- على الحجار وقتها كان قد أجرى حوارًا صحفيًا فى «الجمهورية» قال فيه: «أنا شرف لأى شاعر أغنى له!»، لذا «قفلت» منه دون معرفة، وقلت فى نفسى: «أنا متنازل عن هذا الشرف».

وعندما سألنى أحمد الحجار عن سبب طلبى، قلت له: «عشان الكلام ده اللى قاله فى (الجمهورية)»، فقال: «صدقنى فى ناس بتفترى عليه، وبتقول كلام ضده»، فقلت له: «يقدر يكذب فى نفس المكان الذى قال فيه الحوار»، وكنت قاسيًا ومتحاملًا عليه.

ظللت فترة كبيرة لم أقابل أحمد الحجار، حتى قابلت طارق فؤاد فقال لى: «أحمد عمل لحن جميل على كلمات (لما الشتا يدق البيبان)»، وعندما قابلت أحمد فى الأكاديمية سمّعنى اللحن وعجبنى، وفوجئت بأنه أعطى الأغنية لشقيقه على الحجار، وهذا الأمر ضايقنى جدًا، وأصبحت لا أتحدث معه فترة طويلة.

والتقيت على الحجار أثناء عرض مسرحيته «أولاد الشوارع» فى عماد الدين، وهناك طلب منى تغيير جملتين فى «الكوبليه» الأخير، وتغيير كلام فيما أكتبه مسألة تزعجنى كثيرًا، فقلت له: «اقنعنى»، فوجدت أن له وجهة نظر اقتنعت بها، فقد كان يريد الحكاية عامة وليست ذاتية، لذا غيرت ما طلبه من كلمات.

■ ما الذى قدمته قبل هذه الأغنية التى حققت نجاحًا كبيرًا؟

- قبل هذه الأغنية عملت أغانى لطارق فؤاد لكنها لم تنزل للجمهور، وكتبت ٣ أغانٍ فى أول ألبوم قدمته حنان ماضى. وبعد نزول ألبوم «أنا كنت عيدك» لعلى الحجار ونجاحه بصورة كبيرة، وجدت مطربين كثيرين يطلبون منى أغانى، فكنت أقول لهم: «نجلس ونتشاور»، لأنه لا توجد أغنية مثل الأخرى، ومش كل أغنية ممكن يغنيها أى مطرب، فالذى يقوله عبدالحليم حافظ لا يقوله محمد رشدى أو محمد قنديل أو محرم فؤاد، وكل فنان له بصمة ولون طريقة ومشروع يعمل عليه.

وللأسف كان المطربون يعتبرون هذا غرورًا واستغناء، وهذا غير صحيح، وجاء بسبب اعتيادهم على شخصيات شبه منسحقة تريد أن تعمل فقط، ولا يفرق معها تغيير الأغنية ١٠٠ مرة، وهذا أمر خطير، فالذى يتعاطى الفن الهابط ويمارسه يهدم المجتمع ككل.

فالفنان يربى الوجدان دون وعى منه، وكثيرًا ما تجد أطفالًا يغنون أغانى لا يوافق عليها الأهل، لكن الأهل بيكونوا فرحانين إن ابنهم أو بنتهم بيرقص أو بيغنى بغض النظر عن كلمات ما يغنونه.

هذا ما كنت حريصًا عليه فى الكتابة منذ بداياتى، حتى لا يأتى زميل أو صديق لى ويقول لابن أو بنت من بناتى وهم يسمعون أغنية من هذه النوعية: «بصوا شوفوا أبوكم كتب إيه!»، واستمريت فى ذلك دون أى تراجع، حتى إننى كثيرًا ما كنت أسمع من يقول عنى: «شخص فقرى»، لرفضى التخلى عن هذا المبدأ.

■ هل قلل هذا من فرصك فى العمل كشاعر غنائى إذن؟

- لا شك، قلل ذلك من فرصى، خاصة أننا نصنف الكُتاب سريعًا، لذا تم تصنيفى باعتبارى «كاتب أغانى درامية»، ورغم أن الدراما بها كل شىء، يعتقدون أن «الأغنية الدرامية» هى التى بها حزن وشجن فقط، مع أننى كنت كل فترة أكتب أغنية، وقدمت ٥ أغانٍ فى أول ألبومات وجيه عزيز، وكان بها تنوع كبير دون الاقتصار على الدراما.

بعدها وجدت أننى علىّ أن أدخل فى كتابة تترات المسلسلات، ووجدتها تناسبنى وأرضًا خصبة جدًا، خاصة أنها لا توجد بها مشاكل فى التعامل مع المنتج أو المطرب، اللذين يريدان فى المقام الأول غنوة تسمع أو «إفيه» أو تعبيرًا شعبيًا «يشهر» العمل.

■ ما الذى أثر فى الناس من التترات غير تتر مسلسل «جزيرة غمام»؟

- هناك الكثير من «التترات» التى أعتز بها، مثل تتر «دمى ودموعى وابتسامتى» مع ياسر عبدالرحمن ومحمد الحلو، إلى جانب «الرجل والطريق» و«الدالى» و«ناصر» و«كليوباترا» و«أفراح إبليس» و«الدولى».

كما قدمت مع طارق فؤاد أكثر من مسلسل، لحّن هو التترات الخاصة بها، ولا أعرف كيف لم ينتبه الناس إلى موهبته الكبيرة، من ضمنها «الجبل» و«بعاد السنين»، وكان إما يغنى هو بصوته أو يستعين بالمطربة مى فاروق أو المطرب أحمد سعد.

■ كيف تقيّم تجربة مطربى الثمانينيات مثل على الحجار ومحمد الحلو ومدحت صالح وإيمان البحر درويش؟

- يمكن تعريف هذا الجيل بأنه «جيل الوسط»، وأرى أنه جيل أحدث نقلة نوعية فى الأغنية المصرية، لأنهم كانوا حائط الصد، وقدموا العديد من المشاريع الكبرى، وغنوا كلمات وألحانًا مميزة وعظيمة بها احترام للمستمع.

فمدحت صالح فى اختياراته الأولى للأغانى مع الشعراء الذين عمل معهم مثل وائل رضا أمين، والملحنين مثل سامح الحفناوى وفاروق الشرنوبى، كان رائعًا وقدم كلمات ومعانى لم تُقدم من قبل فى الأغنية العربية، وكذلك فعل المطربون الآخرون.

لكن للأسف عندما ظهرت «موجة حميد الشاعرى» أو «أغانى الإيقاع»، ارتبك هذا الجيل كله وأحب أن يجاريها، ففقد نفسه ولم ينجح فى التقليد.

■ واضح أنك لا تقدر ما قدمه حميد الشاعرى.. لماذا؟

- أنا أحب حميد الشاعرى كشخص، لكن الموسيقى التى قدمها كنت أراها، على الرغم من نجاحها، شبيهة بـ«الورد البلاستيك» و«الشجر الصناعى» الذى كان يُباع فى المحلات، موسيقى أقرب لـ«الطبيعة المزيفة»، وفيها «تسليع للفلكلور».

وكانت هذه الموسيقى موجة أثرت على فرص محمد الحلو ومدحت صالح وعلى الحجار، ودفعت بعضهم لمحاولة مجاراتها والمواءمة مع هذا النوع، فبدأ يتخلى عن المجموعة التى بدأ معها، فخسر الجميع فى النهاية.

■ من أكثر شاعر غنائى يعجبك فى تاريخ الأغنية المصرية؟

- كل جيل الرواد فى الخمسينيات والستينيات قامات كبيرة، ولا أستطيع أن أستثنى أحدًا منهم، لكنى أميل إلى مرسى جميل عزيز ومأمون الشناوى، والأخير يتميز برقة شعرية فريدة.

فمثلًا هناك أغنية قدمها لمحمد عبدالوهاب يقول فيها: «كل ما بحلم بحبى التقيه وقت عذابى.. وأنت يا ساكن فى قلبى تعمل إيه لو قلبى داب».. انظر إلى اللطافة والخفة والصورة. هو يتخيل أن قلبه سيذوب من الحب، وأن هذا سيكون مأزقًا لحبيبه الذى يسكن قلبه.

كذلك عندما كتب أغنية لنجاة يقول فيها: «طال ليلى وسوادى شاب بدموعى وآهاتى».. كلمات رائعة، والصورة الشعرية فيها جميلة جدًا.

أما مرسى جميل عزيز فيجب النظر إليه كشاعر أقرب لقصيدة النثر فى وقت مبكر جدًا، لأن موضوعاته وطريقة كتاباته المشهدية والدراما التى يكتبها تجعل كل غنوة هى فيلم قصير، فيه كل عناصر الإبهار، وعنده بناء جميل للأغنية.

كما تعجبنى جدًا خفة دم فتحى قورة وشقاوته فى أغنياته لشادية وغيرها، ليس له شبيه، إلى جانب بديع خيرى وسيد درويش، وهما تجربة خاصة لا تقارن بغيرها، وكذلك عمنا بيرم التونسى، الذى لم أستمع فى حياتى لأغنية تتحدث عن النيل مثل أغنيته «شمس الأصيل»، حتى إن منتجًا كلمنى مرة يريد أغنية عن النيل فقلت له: «مجنون من يكتب عن النيل بعد بيرم التونسى!».

■ ماذا عن الشعراء الذين عاصرتهم؟

- من الأجيال التى عاصرتها هناك شاعران أحبهما جدًا، الأول هو عصام عبدالله، وهو صاحب ذائقة وطعم ومرجعية وثقافة ولهجة، ومتعدد وغنى غنى رهيب، وهو من الشعراء الذين عملوا نقلة حقيقية فى الأغنية، والثانى هو وائل هلال، خاصة فى أعماله لمدحت صالح وغيره.

كما أن هناك شعراء جيدين كتبوا أغانى جميلة ومهمة، سواء على مستوى المفردات أو اللغة الجديدة، وكذلك رشاقة الجملة، مثل كوثر مصطفى وبهاء الدين محمد وعماد حسن وعوض بدوى وأيمن بهجت قمر.

ومن الأجيال الشابة هناك نادر عبدالله، وهو من الذين استوقفتنى أفكارهم الجريئة، خاصة ما يتعلق بوجود بناء جديد فى القافية، مثلما فعلت مع على الحجار فى أغنية «عصفور وطاير فى الهوا رفرف».. «مفيش حد بيعمل سكون فى القافية».

■ قصيدتك هل تعتبرها أقرب للتفعيلة أم النثر إذن؟

- فى القصيدة أنا أقرب إلى النثر، لكن فى الأغنية أنت محكوم بالموسيقى، والبطل عندى هو الصورة وليست القافية، وهذه لزمة فنية، كأننى أرسم بالكلام، وهناك مشهد وحالة. وبالمناسبة أنا لدىّ موهبة الرسم بالفعل، لكنى أرسم على فترات، وهذا يؤثر على القصيدة والأغنية التى أكتبها.

■ بنظرة عامة وشاملة.. كيف ترى أوضاع الأغنية المصرية الآن؟

- واضح جدًا أن الأغنية المصرية أقل مما يجب أن تكون عليه، ويرجع ذلك للعديد من الأسباب، تتعلق كلها بالظرف الحالى بأبعاده كافة، فأنت ظللت سنوات طويلة غير مهتم بالتعليم أو الثقافة، ولا توجد مساحة فى البرامج والمواقع الثقافية، التى باتت تتقلص شيئًا فشيئًا، وكان لذلك انعكاساته وتأثيراته على كل شىء بما فيه الأغنية.

وللأسف الفرسان الذين كنت أتوسم فى أن يقفوا ويقدموا أغنيات جيدة، مساحتها تقل مع الوقت، لأنهم رضوا من البداية بمغازلة السوق، صحيح أنهم موجودون بشكل أو بآخر، لكن لا يقدمون ما يناسب قيمتهم الحقيقية، وكأنهم مشغولون بسداد تكاليف المعيشة فقط، دون أن يكون عندهم مشروع أو غيرة حقيقية على الأغنية المصرية.

■ ماذا عن أسماء مثل عمرو دياب وشيرين وأنغام وتامر حسنى.. هل هم موجودون كنجوم كبار أم لا يملأون الفراغ أيضًا؟

- هم موجودون وناجحون بمنطق الجمهور والاستهلاك، القائم على وجود أغانٍ «تسمعها النهارده وتنساها بكرة»، ولا تعرف لماذا نجحت ولماذا اختفت.

تامر حسنى أخذ نقلة كبيرة فى حياته بالاتجاه إلى السينما منذ ٥ سنوات، حتى إنه أصبح منتجًا للأفلام، وله سعر فى السوق الخارجية، وبالتالى هو انتبه إلى موهبة لديه وطورها ونجح، وكان قبله مصطفى قمر، الذى نجح فى السينما هو الآخر ثم اختفى.

ونجاح عمرو دياب مستمر من سنوات طويلة، وهو مثل «البراند التجارى» سعره غال وله جمهور، ولا تستطيع أن تلومه، لأنها اختياراته من البداية، فلم يرفع شعارات طوال حياته، ولم يقل: «أنا مناضل من أجل الأغنية والكلمة»، بل هذه طريقته منذ البداية وناجح فيها، بالعكس «عمل لنا وجود» فى الحفلات الخارجية والعربية.

وشيرين وأنغام موجودتان أيضًا، لكن المساحة الأكبر ممنوحة للأنواع التجارية الأخرى، وهى منتصرة على الكل، مثل «المهرجانات» و«الشعبى» و«الراب»، فى ظل وجود اجتياج عصرى لهذه «التيمات» لدى الأجيال الجديدة.

وأنا ليست لدىّ مشكلة فى «الراب» كقالب فنى، لكن ما هى الكلمات؟ هذا هو الموضوع، أنا شخصيًا ممكن أكتب راب، لكن بطريقتى، وكذلك «المهرجانات»، لأن هذه قوالب موسيقية لا كلمات معينة، والتنوع مطلوب، ولا بد من وجود الغنوة والاسكتش والمونولوج والمهرجان.. إلخ، تمامًا كما كان الوضع فى الماضى.

■ ما آخر مشاريعك الأدبية والثقافية؟

- أعمل على مشروع مسرحى موسيقى لم يقدم مثله من قبل، فهو عمل موسيقى من الألف إلى الياء، ونحاول أن نحصل له على دعم من جهات مختلفة، ولو نُفذ بالتصور الذى نراه سيكون «شيئًا كبيرًا».

ومن فترة طويلة لدى حلم بتقديم عرض يستمر لفترة طويلة، ويتم إدراجه على خريطة السياحة، والناس تجده وتحضره مثلما يحدث فى كل العالم، ووجدت فرصة لناس متحمسة، وصادف أن يكون الموضوع المطروح هو ما كنت أحلم به منذ ٤ سنوات، وأعمل حاليًا على كتابة الأغانى والحوار الخاص بهذا المشروع، فضلًا عن العمل على ديوان شعرى.

■ هل تفكر فى إعادة طبع دواوينك مرة ثانية ولو عن طريق هيئة الكتاب؟

- كان عندى موقف حاد من هيئة الكتاب فى الماضى، ولا أعرف أحدًا من العاملين بها حتى الآن، ولدىّ خوف من عدم التعامل مع الدواوين بشكل يليق بها، خاصة أن واحدًا مثلى موجود فى المشهد الأدبى منذ ٤٠ عامًا، ويشارك فى كل مهرجانات الشعر والأدب، ولدىّ رصيد على الصعيد الفنى والإبداعى، وعندى كتبى، ولم يحدث مرة أن تمت استضافتى فى أى معرض أو أمسية للهيئة.

ويرجع ذلك إلى أنهم يضعون شخصيات معينة فى هذه المعارض والأمسيات لأسباب شخصية، أو تحت شعار: «اتركوا الأسماء المعروفة واستضيفوا الشباب»، رغم أنه من المفروض الجمع بين كل الأجيال فى نشاطات الهيئة.

وأعتقد أن كل الذى يهم مسئولى الهيئة أن يقولوا: «أنا قدمت ٣٠٠ شاعر وشاعرة عامية»، بغض النظر عن المستوى، فالمسئول الثقافى أصبح ينظر للكم لا الكيف، ويهمه تصوير الحدث ووضعه على «فيسبوك»، لا مستوى الشعر الذى يُقال.

وقد تابعت مؤخرًا «ملتقى شعراء العامية، فلم أجد قامات الشعراء الكبار مثل بهاء جاهين وأمين حداد وغيرهما فى قائمة الضيوف، ومع احترامى للجميع، لم أجد أحدًا من العمالقة ولا حتى الشعراء الشباب المتفوقين، وهذه مشكلة لدى من يختار الضيوف».

وعلى مستوى الفصحى نشرت ديوانى الأول، ولدىّ ديوانان فصحى جاهزان الآن، هما: «جلد فائض عن حدود الجسد»، و«جود باى»، غير عدة دواوين عامية أجهزها للنشر، إلى جانب مشروع رواية أعمل عليه حاليًا.