رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحب معرفة موعد ومكان وطريقة موتى

امرأة متعددة المواهب ايزابيل دى شاريير 20 أكتوبر 1740 - 27 ديسمبر  1805

فيلسوفة وروائية وشاعرة ومؤلفة موسيقى وكاتبة مقالات ومسرحيات ورسائل ومترجمة وسياسية ومدافعة عن حقوق النساء، واعتبرتها الثورة الفرنسية 1789 - 1799 واحدة من الذين ألهموا أفكارها ورؤيتها قلما نجد بين البشر نساء أو رجالًا وعلى الأخص بين النساء منْ تجمع بين عدة مواهب، خاصة فى مجال التأليف الموسيقى والتلحين.

إيزابيل دى شاريير واحدة من هؤلاء القلائل، لم تلق كالعادة مع ابداعات النساء خاصة التقدير اللائق بثراء مواهبها واشتباكها مع الواقع الأدبى والثقافى والسياسى فى بلدها أو فى العالم.

 ما الذى يحدد وعى البشر؟

رأى الفيلسوف الماركسى والكاتب والناقد والمؤرخ المجرى، جورج لوكاش 12 أبريل 1885 - 4 يونيو1971 تحدى مقولة كارل ماركس 5 مايو 1818 – 14 مارس 1883.

ربما يكون جورج لوكاش من أهم الفلاسفة والمفكرين الماركسين الذين أضافوا رؤاهم الخاصة للفكر الماركسى التقليدى كارل ماركس وفريدريك انجلز.. يأتى من بلد ساحر اسمه المجر، لقد زرت المجر - بوادبست سنة 1983 للسياحة والاستجمام والتمتع بمناظر نهر الدانوب مع صديقى المجرى "جابور"، كنت أحب فالس الدانوب الأزرق الذى ألفه الموسيقارالنمساوى يوهان شتراوس الابن 25 أكتوبر 1825 - 3 يونيو 1899.

كان جورج لوكاش يعترض على مقولة ماركس التى ترى أن "وعى البشر يتحدد بوجودهم وليس العكس" فقد رأى لوكاش أن "وعى البشر هو الذى يحدد وجودهم وهناك علاقة جدلية بين الذات (الوعى) وبين الموضوع (الوجود) والأولوية للذات وليس للموضوع.

وفى هذا التحليل توجه مثالى عكس ماركس التوجه المادى، بعد الثورة المجرية 1956، أصبح لوكاش وزيرًا للثقافة، وكتب مؤلفات قرأت منها "التاريخ والوعى الطبقى" ترجمة إلياس حنا و"بلزاك والواقعية الأدبية" من ترجمة على اليوسفى.

وقد رأى أن الرأسمالية تحول الطبقة العاملة إلى "بضاعة" أو "أشياء" وأن هذا التشيؤ يفسد ويخرب الوعى عند الطبقة العاملة بل يقتله، ولذلك فإن الثورة على الرأسمالية غير ممكنة إلا بمحاربة هذا التحول من الإنسانية إلى التشيؤ الذى يصنع وعيًا جديدًا غير خاضع.

أنا أميل إلى رأى جورج لوكاش فى استعادة أهمية الذات وتأثيرها الكبير، وأوافقه أيضًا على فكرة الإفساد بالتشيؤ جدًا، فمهما تحسنت أحوال الطبقات العاملة من أجر وتعليم وصحة وترفيه وغيرها، تظل طبقات أدنى غارقة فى الاستغلال وغسيل المخ وأوهام الحرية والمواطنة الكاملة، من شدة شغفه بالثقافة كان لوكاش يعقد كل أسبوع صالونًا ثقافيًا ويحضره الشخصيات المرموقة والمواهب الواعدة فى مجالات السياسة والتأريخ والفلسفة والنقد الأدبى والشِعر من داخل المجر ومن خارجها.

 عدم الجدال مع هذه الأنواع من البشر 

لا أتجادل ولا أتعامل مع السفهاء والحمقى والجهلة والمتعصبين والمتكبرين طور الجنس البشرى، لا أتجادل ولا أتعامل معها ولهذا فأنا أشعر بالنعيم والهناء والهدوء الداخلى والخارجى.

إنهم أمراض متنقلة تنشر السموم أينما ذهبت ومتى تفوهت بالكلام، ليس من المعقول أن أذهب للخرابات والمستنقعات وهناك الحدائق والبساتين، أو أترك البحر لأقبع فى الصحراء الجرداء.

زمان كنت أحيانًا أتحامل على نفسى وأتجادل وأتعامل مع بعض هذه الأنواع أو كلها وكنت أنتهى من حيث بدأت، قررت منذ سنوات طويلة أن أتوقف عن هذا السلوك العبثى الممرض. وأتت الثمار شهية مفيدة. 

 ممارسة الشدة على الجسد.. اختيار الدرب الأصعب 

لا أقصد بالشدة على الجسد ألا نرعاه ونحميه ونلبى احتياجاته التى تمنحه الصحة والمناعة، أنا من أنصار الرياضة البدنية حسب المزاج والمتعة والاستعداد الشخصى، أنا شخصيًا مارست ألعابًا متعددة فردية مثل السباحة والجرى وألعابًا جماعية مثل التنس والبنج بونج وكرة السلة والكرة الطائرة، والآن ركزت وتخصصت فى السباحة اليومية صيفًا وشتاء على مدار العام.

وفى وقت كنت أجيد التنس منذ المدرسة والجامعة وكنت أفوز فى مسابقة المدرسة والكلية، ولعدم سهولة الحصول على آخر يناسبنى وارتباط أى شخص بمواعيد معينة، فقد كان من الأنسب لى، أن أمارس السباحة فقط الآن والسباحة متعة عقل ومتعة جسد ومتعة نفس وفلسفة وعلاج نفسى، وتواصل مع أصل الحياة "الماء" كما قال الفيلسوف طاليس 624 - 546 ق. م، وما أروع التواصل اليومى المستمر الطويل مع أصل الحياة.

الشدة على الجسد هى عدم استسلامه للرفاهية فيصبح هشًا لا يصلح للصحة ولا مقاومة أى شئ، غير الرياضة الإنسان يعود نفسه على أن يشتغل فى بيته بنفسه كلما كان قادرًا وغير منشغل، وكلما جاءت الفرصة للاستغناء عن الغربيات والتاكسيات والمترو والباصات ويمشى مسافة معقولة وعلى طريق ليس وعرًا أو ملوثًا يكون أفضل، وعندما يمرض نعطيه فرصة لكى يشتغل بالمناعة الطبيعية وبالصيدلية داخله دون تدخل كيماويات وأدوية، وفى الشتاء كلما أمعنا فى التدفئة سنمرض.

المهم هو تعريض الجسد للصعوبات والتحديات ونتركه يقوى نفسه بالانتصار على هذه الصعوبات والتحديات، فالجسد مثل أى شئ آخر يتطبع بالطبع الذى نعوده عليه والعادة لها سلطان قوى على النفوس، وأوضح مثل وأقوى دليل هو ملايين الزيجات المستمرة رغم أن أطرافها يودون الهروب والانعتاق، لكنهم بحكم العادة سنوات أصبحوا سجناء وأسرى العادة.

وهذا سبب الكآبة والتعاسة والاكتئاب والعزلة وأمراض النفس والجسد والانتحار والخيانات والجرائم، التعود على الأشياء الضارة القبيحة الملوثة هو الخطر الحقيقى وليس الضرر والقبح والتلوث، كانت أى "نوال" تردد دائمًا أن جدى أى أبوها السيد السعداوى كان يقول لها المقولة "احترمت نفسى حين خيرتها بين السهل والصعب فاختارت الصعب".

 هل للصدف تفسير علمى؟ تفسير صنعته بفكرى 

بعض الناس وهم كثيرون يقولون أن صدفة أو عدة مصادفات غيرت حياتهم كلها، وهناك مصادفات كانت نقاط تحول فى حياة الناس، هذا ما يقال ويوجد مثل شعبى يقول "صدفة خير من ألف ميعاد".

أنا شخصيًا لا أستطيع أن أكذب ما يرويه الناس عن كيف مصادفات غريبة أدت بهم إلى مصائر وحياة لم تكن على بالهم، ولا أنكر أننى فى حياتى تعرضت لبعض المصادفات الجيدة والسيئة.

وبعض مصادفات حياتى أحدثت شيئًا غريبًا غير متوقع، لكننى متأكدة أن هناك تفسيرًا علميًا للصدف الغريبة، وجوهر هذا التفسير الذى اهتديت إليه أنه فى وقت الصدفة التى حدثت فى لحظة، هى فى الواقع نتيجة تراكمات في مشاعرنا وأحلامنا وأفكارنا، إيجابية وسلبية، توافقت مع حالتنا المزاجية والجسدية، توافقت مع الزمن وتوافقت مع شئ فى الكون على الشكل والدرجة نفسها، من هذا المزيج تتكون "خلطة" الصدفة.

 أنصاف الأشياء لماذا نقبلها؟

قبول أنصاف الأشياء مهانة لذواتنا وترخيص لقيمتنا، يا ريت نصر على حقوقنا كاملة لا ربعها ولا نصفها، أنا شخصيًا أعتقد أن عدم الحصول على شئ أفضل مليون مرة من الحصول على أنصاف الأشياء.. أما كل شئ أو اللاشئ. 

 أكره كلمة التسامح

الجميع يطالب بالتسامح على أساس أنها صفة إيجابية راقي تدل على استيعاب وتقبل الآخر المختلف عنى وعن السائد، لكن كلمة التسامح نفسها عنصرية تدل على الاستعلاء والأفضلية والتفضل والتكرم من قبل الشخص أو المجتمع الذى يقدم التسامح، ولذلك هو يتسامح.

المفروض أننا نتقبل الجميع، هذا هو الطبيعى مع بشر متساوون فى كل شئ لكن على الجانب الجنائى فإن عدم التسامح مطلوب ونحن نعاقب القتلة واللصوص والمجرمين والسفاحين ومطلقى التهديدات وإرهاب الآمنين وإيذاء الناس معنويًا أو ماديًا بأى درجة أو شكل من أعمال العنف فى البيت والمجتمع. 

 السكوت ليس علامة الرضا بل علامة الخنوع والخوف والمرض والموافقة على طاعة العبيد للأسياد فى أشكالهم المستحدثة

الحياء سمة إيجابية مطلوبة للرجل والمرأة على حد سواء، أما الخجل سمة سلبية للرجل والمرأة على حد سواء، الحياء صحة والخجل مرض، كل مفاهيمنا الثقافية والأخلاقية تحتاج إلى أن تلقى فى النفايات ونحرك حياتنا تجاه الصحة النفسية والعدالة والتحرر والكرامة والشجاعة.

من المفاهيم العفنة التى تقال فى مجتمعاتنا وهى خاصة بالبنات والنساء فقط، أن السكوت علامة الرضا إذا تم سؤالهن عن أى شئ، مع إن السكوت دليل على غياب الشخصية أو ضعفها أو خوفها أو استسلامها للطاعة والانقياد مثل الذبيحة المغلوبة على أمرها.

وقال سقراط 470 - 399 ق. م، لأحد تلامذته الصامتين الذين يسمعون ولا يسألون أى سؤال "يا أخى تكلم حتى أراك"، حتى يرانا الناس لا بد أن نتكلم ونناقش ونعترض ونتمرد ونغضب ونسأل مليون سؤال ونتستخدم العقل والمنطق العادل ونقف احتجاجًا وتعبيرًا عن كل مظاهر وجودنا وكرامتنا وتحررنا من كل أشكال ودرجات الوصاية.

 من الأفضل أن أعرف موعد ومكان موتى

لا أمشى أبدًا حسب معتقدات الناس، طبيعتى وطباعى وراحتى ومتعتى وحقيقة وجودى ودورى فى الحياة كما أؤمن به، هو ألا أمشى فى الطرق التى يمشى فيها الناس فى أى مكان فى أى عصر نساء ورجال.

من المقولات الشائعة ويؤمن بها كل الناس، أن جهل الإنسان بموعد موته ومكانه وكيفيته، أفضل له وأنا أبدًا ما اقتنعت بهذه الفكرة، كيف يكون الجهل أفضل من العلم فى أى مجال؟ فما بالنا بالجهل بالموت، وقته وطريقته ومكانه، الذى هو أهم أو من الأحداث الهامة المؤثرة، التى تغير كل الأشياء؟

إن التخطيط فى كل شئ هو أساس إرادة الإنسان ومقياس نجاحه وقدرته على مواجهة الظروف والتحديات، اختلفت فى قسوتها ومصائبها، وهذا يشمل التخطيط للموت أيضًا، نخطط للشغل والدراسة والزواج والإنجاب والسفر والفسح وعمل فلوس وأخذ مناصب وتأمين مستقبل لأولادنا وبناتنا وأحفادنا، نخطط للارتكاب الحرائم ونخطط للكذب والتضليل، لا نخطط للموت إلا فى توفير مقبرة لائقة بمستوانا وطبقتنا وترحم الأحياء علينا.

أما التخطيط الحقيقى المفيد لنا وللآخرين لا يخطر على بالنا،

  • أولًا لأنه مجهول الميعاد والمكان والكيفية.
  • وثانيًا لأننا نعتقد أن هذا رحمة بنا وبالتالى نشعر بالإمتنان لأننا لا نعرف شيئًا من أمر الموت.

يقول الناس أن الجهل بأبعاد الموت موعد ومكانه وطريقته سيصيب الإنسان بالكآبة والجزع واليأس والاكتئاب والعبث واللاجدوى، وهذا ما أرفضه بتاتًا قلبًا وقالبًا، معرفة موعد الموت ومكانه وكيفيته، أراه على العكس تمامًا حافزًا على المزيد من النشاط وعدم تأجيل الأشياء، ومحاربة الكسل والخمول والاستسلام والخضوع.

سيجعلنى أكثر حكمة ومحاسبة ذاتى أولًا بأول، ويجعلنى أشتغل بكل طاقتى وأفعل كل ما فى قدراتى سيجعلنى أكثر تواضعًا وأكثر خيرًا، إذا علمت بموعد موتى فقط دون مكانه أو طريقته، سأجتهد أن أنهى كل أعمالى الناقصة، وأن أرى منْ أحبهم أكثر، وأن أقول ما لم أستطع قوله كاملًا.

يعنى أكون عارفة "راسى من رجليا" كما يقال مش يفاجئنى الأمر وألاقى الدنيا اتكركبت فوق دماغى ودماغ منْ أحبهم ويحبوننى.

لو عرفت موعد موتى، سأرتب البيت وأنظم الأوراق وأترك كل شئ منظمًا مرتبًا لا يحتاج لأى رعاية من بعدى فأشعر بالاطمئنان وراحة الضمير، وهناك فائدة أخرى هامة إذا عرفت موعد موتى أننى لو مرضت لن أنفق المال على العلاج واجراء تحاليل وآشعات وجراحات ولن أعرض جسدى للبهدلة فى المستشفيات واستنزاف الأطباء وغشهم وأخطائهم القاتلة التى تمر دون حساب وعقاب

من بستان قصائدى 

"الجنة تحت أقدام الأمهات"

ماذا عنى أنا

وأنا لست من الأمهات؟

لم يقذف رحمى

البنون والبنات

كاتبة وشاعرة أنا

ألد القصائد والكلمات؟