رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

62 بطلًا فى منزل كبير الطحاوية.. مقاتل فى حرب أكتوبر يقيم متحفًا خاصًا للبطولات فى منزله

عبدالمجيد الطحاوى
عبدالمجيد الطحاوى مع محررة الدستور

صور قادة الحرب وشهداء الإرهاب تزين جدران منزل «الحاج عبدالمجيد»

قال لنا: حبى لبلدى دفعنى لتأسيس المتحف

كثيرون يتحدثون عن حب الوطن، قليلون من تدل أفعالهم على صدق حبهم وإخلاصهم، ومن هؤلاء المخلصين، وأحد أبطال حرب أكتوبر، عبدالمجيد عبدالهادى الطحاوى، من مواليد ١٩٤٦، بقرية بحر البقر، مركز الحسينية، بالشرقية، ٧٦ عامًا.

قضى بطلنا ٣٨ عامًا فى القوات المسلحة، وكرس كل وقته للاطلاع والقراءة فى ذكريات النصر من خلال المتحف الذى أقامه بمنزله، فى بحر البقر، ليتعرف الشباب والأجيال الجديدة على ذكريات النصر. 

«الدستور» زارت متحف «الطحاوى» لمعرفة ما يضمه من ذكريات عن حرب أكتوبر المجيدة وأبطالها العظماء، الذين ضحوا بأرواحهم من أجل حماية الوطن واسترداد أرضه والدفاع عن الكرامة.

يضم المتحف ٦٢ صورة لرؤساء مصر وقادة الجيش وقادة الكتائب، وأفرادًا من عائلة الطحاوية، وبعض أسماء شهداء أكتوبر والعمليات الإرهابية التى وقعت فى السنوات الماضية.

 

 

 

جرى تقسيم المتحف إلى ٦ أقسام، منها القسم الخاص بقادة الفرق، ويضم ٧ شخصيات هم: العميد فؤاد عزيز غالى، قائدة الفرقة ١٨، الذى نجح فى تحرير مدينة القنطرة خلال حرب أكتوبر، والعميد أحمد بدوى، قائد الفرقة السابعة، والعميد عبدرب النبى حافظ قائد الفرقة ١٦، وحسن أبوسعدة، قائد الفرقة الثانية مشاة الذى أسر العديد من الإسرائيليين ودمر الكثير من دبابات العدو، وإبراهيم العرابى، قائد الفرقة ٢١ مدرع، وعبدالعزيز قمين، قائد الفرقة الرابعة مدرعة، وهؤلاء بذلوا جهودًا كبيرة فى حرب أكتوبر فى منطقة قناة السويس والإسماعيلية وبورسعيد.

يضم الركن الثانى الذى يحمل عنوان «بعض الأعمال البطولية» ١١ صورة لأبطال حرب أكتوبر وغيرها، وهم: اللواء باقى يوسف، الذى دمر خط بارليف، وكان قبل الحرب منتدبًا فى بناء السد العالى قبل حرب ٦٧، ورئيس فرع المركبات بالجيش الثالث الميدانى أثناء حرب أكتوبر، وهو صاحب فكرة استخدام ضغط المياه لإحداث ثغرات فى الساتر الترابى المعروف بخط برليف فى سبتمبر عام ١٩٦٩ والتى تم تنفيذها فى حرب أكتوبر عام ١٩٧٣.

وتضم الصور أيضًا اللواء أركان حرب عادل يسرى سليمان، قائد اللواء ١١٢ مشاة، وأحد أبطال حرب ٦ أكتوبر، وأول الحاصلين على وسام نجمة سيناء من الطبقة الأولى، وصاحب رحلة الساق المعلقة من رأس العش إلى رأس الجسر، واستطاع أن يستولى على جزيرة الملاح التى تقع فى منتصف القطاع الشمالى من قناة السويس، ولم يمكن العدو من الاقتراب منها، وكان اللواء ١١٢ أكبر تشكيل فى القوات المسلحة، وعرفه العسكريون باسم لواء النصر.

ويضم الركن أيضًا صورة للعسكرى أيمن حسن، وكان عسكريًا فى حرس الحدود، فقد قتل ٢١ إسرائيليًا عام ١٩٩٠ بسبب إهانة العلم المصرى، عندما وجد مجموعة من الإسرائيليين يمسحون أحذيتهم بالعلم المصرى أكثر من مرة، فترصد لهم وقتلهم.

ومن بين الصور التى كانت فى هذا الركن صورة الرقيب محمد عبدالعاطى، صائد الدبابات، ابن منيا القمح، الذى دمر ٢٦ دبابة، وأشهر من حصلوا على نجمة سيناء من الطبقة الثانية، وجرى تسجيل اسمه فى الموسوعات الحربية كأشهر صائد دبابات فى العالم، وكان نموذجًا للمقاتل العنيد الشجاع الذى أذاق العدو مرارة الهزيمة.

ويضم المتحف فى الركن الثانى صورة للجندى محمد أفندى العباسى، أول من رفع العلم فى الضفة الشرقية فى السويس، فعندما عبر الضفة الغربية ركع لله وقام بتقبيل الأرض، وقال فى تصريحات له عن هذه اللحظة: «رجعت ليك يا حبيبتى يا مصر، والله ما أسيبك تانى، ولا أجعل حد يعدى من عندك تانى من هنا، وقام ببلع بعض حبات الرمال، وقال له القائد إنت اتهبلت، فرد عليه وقال: أنا باكل سكر وليست رمالًا، والقائد كان يحكى لنا، ويقول: أنا شعرت بأنه يتغزل فى حبيبته».

ومن بين الصور أيضًا الشيخ حسن خلف، شيخ المجاهدين فى سيناء، فكان له دور كبير أيضًا، حيث كان يتعاون مع المخابرات المصرية، وقامت إسرائيل بالقبض عليه وحكمت عليه بـ١٤٠ سنة سجنًا، ولكنه عاد فى تبادل أسرى، فكان له دور بطولى فى يوم النصر.

كما تضم الصور أيضًا صورة للشيخ سالم الهرش، شيخ قبائل سيناء، الذى كان له موقف خلال حرب أكتوبر مع موشيه ديان الذى قام بتنظيم مؤتمر صحفى عام ١٩٦٨ ودعا وكالات الأنباء العالمية وكتب ورقة وأعطاها للشيخ الهرش على أن يلقيها فى المؤتمر تنص على أن سيناء ستنضم إلى إسرائيل، ولكن الشيخ الهرش رفض بشدة، وقال آنذاك: «سيناء مصرية وستظل مصرية ويسأل فى شأنها جمال عبدالناصر».

تضم الصور أيضًا صورة للصول أحمد إدريس صاحب الشفرة النوبية التى غلبت إسرائيل، وترجع حكايتها إلى أن إدريس أثناء خدمته فى حرس الحدود فى عام ١٩٧١م علم بانزعاج الرئيس أنور السادات من تمكن إسرائيل من فك شفرة العمليات للجيش، فاقترح الكتابة بالنوبية لأن اللغة النوبية تنطق ولا تكتب بالحروف العربية، وتمت كتابة الشفرات باللغة النوبية بعد ذلك.

فى الركن الثالث المخصص لشهداء أكتوبر والعمليات الإرهابية عقب حكم الإخوان، يوجد ١٣ صورة، وأبرزها صورة الشهيد أحمد منسى، قائد الكتيبة ١٠٣ صاعقة المتمركزة بمدينة العريش فى شمال سيناء، الذى استشهد ومعه عدد من أفراد كتيبته فى ٧ يوليو ٢٠١٧ خلال أحداث هجوم كمين البرث، والشهيد البطل محمد مبروك الذى اغتالته جماعة الإخوان الإرهابية، والجندى عاطف السادات شهيد الضربة الجوية الأولى فى حرب أكتوبر.

كما يضم الركن صور الشهيد مجدى حاتم الطحاوى، شهيد الضربة الجوية الأولى، ومحمد فوزى البرقوى، أحد أبطال عملية تفجير ميناء إيلات، والجندى سليمان خاطر الذى استشهد بعد معاهدة السلام خلال الفترة التى لم تسترد فيها طابا وقتل ٧ إسرائيليين، وبعض الشهداء الشباب الذين استشهدوا فى كمائن التفجيرات خلال السنوات الأخيرة.

No description available.
عبدالمجيد الطحاوى مع محررة الدستور

ويوجد ركن لقادة حرب أكتوبر، ويضم ١٤ صورة، أبرزهم: الفريق محمد حسنى مبارك، قائد الضربة الجوية، والمشير فؤاد ذكرى، قائد القوات البحرية، والمشير محمد على فهمى، قائد قوات الدفاع الجوى، والمشير محمد عبدالغنى الجمسى، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، والفريق سعد الدين الشاذلى، رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة، واللواء عبدالمنعم خليل، قائد الجيش الميدانى الثانى.

كما يوجد ركن مخصص للكتب النادرة المهمة التى تتناول فترة النصر، حيث يوجد ما يزيد على ٢٠ كتابًا عن حرب أكتوبر منها: كتاب «الحرب طريق السلام» للكاتب الراحل حمدى الكنيسى، و«حرب رمضان الجولة العربية الإسرائيلية الرابعة» للكاتب محمد فيصل، والفريق سعد الشاذلى «مذكرات حرب أكتوبر»، و«حرب أكتوبر مذكرات الجمسى»، وأنور السادات «البحث عن الذات قصة حياتى»، و«وثائق حرب أكتوبر» للكاتب موسى صبرى.

كما يضم المتحف أيضًا عددًا من الكتب للقادة الإسرائيليين المعترفين بهزيمة أكتوبر منها: مذكرات موشيه دايان، ومذكرات جولدا مائير، ومذكرات مناحم بيجن، إضافة إلى بعض الجرائد اليومية التى صدرت خلال هذه الفترة وتحدثت عن حرب أكتوبر منها الأهرام والأخبار والجمهورية.

قضى «الطحاوى» ٣٨ عامًا داخل أروقة المؤسسة العسكرية، وبعد الانتهاء من الجولة داخل المتحف، تحدثنا مع صاحب الفكرة وموثق لحظات النصر، فقال: «تطوعت فى الجيش يوم ٥ سبتمبر عام ١٩٦٤، والتحقت بمدرسة الكتبة العسكريين بالإسماعيلية، وقضيت بها نحو ١٨ شهرًا للتعليم والدراسة، ثم جرى توزيعى على كتيبة مشاة تابعة للقيادة الشبابية» الجيش الثانى حاليًا، وتحركت يوم ١٥ مايو عام ١٩٦٧ وذهبنا لسيناء ثم بدأت الحرب، وبعدها بثلاثة أيام انسحبنا من سيناء بعد الهزيمة وكانت أوقاتًا عصيبة». 

وتابع: «فى حرب أكتوبر المجيدة كنت مسئول الشئون الإدارية وجلست فى غرفة العمليات أستقبل التعليمات التى تأتى من غرفة العمليات الرئيسية فى القاهرة، ولكن طلب منى فى اليوم التالى أنا و٩ أفراد آخرين من أفراد الكتيبة الانضمام للمقاومة الشعبية فى السويس مع الشيخ حافظ سلامة، وحدث ذلك فى يوم ٢٨ أكتوبر بعد أحداث ثغرة الدفرسوار، حين تمكن اليهود من التسلسل بين خطوط الجيش وأصبحوا على مسافة قريبة من مدينة السويس، وكانوا يرسلون لنا رسائل لنستسلم لكننا قاومناهم ببسالة».

وأضاف: «جرى توزيعنا على قطاعات فى المدينة، وجميع السكان انضموا للمقاومة بعد أن دخل عدد من الدبابات الإسرائيلية للسويس، والكل كان يشارك فى قتلهم الأطفال والشباب والسيدات والرجال، فكان الأطفال يساعدوننا فى الإمداد بالذخيرة، وقد انتصرنا على الإسرائيليين، وهذه تعد المرة الأولى التى أحمل السلاح فيها وأقاتل العدو من أجل حماية السويس، وقد استشهد اثنان من زملائى فى هذا الوقت».

أما عن فكرة المتحف، فقال: «قبل عامين كنت متوجهًا لصرف العلاج الشهرى من مستشفى الجلاء، وكنت دائمًا أقود سيارتى ولكن هذه المرة ركبت سيارة ميكروباص، وعندما وصلنا عند معسكر عزالدين الفرقة ١٦، سألنى شخص وكان يعرف أنى أعمل فى الجيش، عن قصة عزالدين، فقلت له لا أعرف، فقال كيف لا تعرف وأنت خدمت فى الجيش مدة طويلة، ودار الكلام فى ذهنى وقلت: أخشى أن يأتى يوم تنسى فيه الأجيال الجديدة ما حدث، فعزمت على أن أخصص جزءًا من منزلى لعمل متحف مصغر لأبناء قريتى لتخليد أسماء الأبطال وذكريات النصر».