رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

متاحفك يا مصر

المتحف القبطى.. 16 ألف قطعة أثرية فى أحضان «حصن بابليون» بمصر القديمة

جريدة الدستور

 

تواصل «الدستور» حملة «متاحفك يا مصر»، التى تهدف إلى تعريف المصريين بثروة مصر الأثرية العريقة، التى تضمها عشرات المتاحف فى مختلف مدن «المحروسة».

وفى الحلقة الثانية اليوم، نلتقى مع الفن القبطى، من السلسلة العامرة للفن المصرى، التى تضم: الفن الفرعونى، والفن الإغريقى الرومانى، والفن القبطى، والفن الإسلامى، ويضم آثار كل منها متحف من المتاحف الرئيسية فى مصر، ليكون لدينا: المتحف المصرى، والمتحف القبطى، ومتحف الفن الإسلامى.

وفى السطور التالية، نأخذك فى جولة داخل المتحف القبطى، أحد أكبر المتاحف التى تضم آثارًا قبطية فى العالم، ويقع فى منطقة مصر القديمة بالقاهرة، وبالتحديد فى ٣ شارع «مار جرجس» بمصر القديمة، أمام محطة مترو «مار جرجس».

تبلغ مساحة المتحف القبطى بالحديقة وحصن بابليون ٨ آلاف متر، وتم اختيار موقعه فى منطقة حصن بابليون، الذى أنشأه الإمبراطور تراجان «٩٨- ١١٧م»، وما زالت حوائط وأبراج هذا الحصن موجودة، ويمكن رؤيتها من مدخل المتحف.

ويتتبع المتحف القبطى تاريخ المسيحية فى مصر، ويضم أوانى المذبح الفضية وعلب البشارة من أزمنة متنوعة، من بينها القرنان ١٥ و١٦. وكانت أغلب الكنائس تجمع تلك الأوانى «غير المدشنة بالميرون» وتبيعها إلى الصاغة لإعادة تصنيعها مرة أخرى، مع تحمل الكنيسة قيمة المصنعية فقط. بينما كان يتم تجميع المقتنيات الخشبية القديمة والأثرية وحرقها فى طقس «القربان»، ويمتد تاريخ تلك القطع حتى القرن الثامن عشر تقريبًا.

ويحتوى المتحف القبطى على أكبر مجموعة للمصنوعات اليدوية المسيحية المصرية فى العالم، والتى يبلغ عددها حوالى ١٦ ألف قطعة.

وعندما تدخل من باب المتحف تجد فى المساحة الخضراء التى تسبق الباب الرئيسى تمثال «مرقس سميكة باشا»، صاحب فكرة تأسيس المتحف، وعلى بعد خطوات بسيطة أمام المدخل الرئيسى نجد أسدين من الحجر، رابضين أمام الباب وكأنهما يحرسانه.

أمام الوجهة الرئيسية للمتحف هناك مساحة خضراء بها الكثير من النافورات المتنوعة ذات الأشكال الهندسية، وعدد كبير من الأحجار الأثرية من تيجان وأعمدة ومقاعد وزلع وتوابيت وبعض التماثيل ومنابر مصنوعة من الحجر.

ويشتمل المتحف على جناحين، تم ترتيب المعروضات بهما، حسب التتابع الزمنى، خلال طابقين من عصور مختلفة، وبالإضافة إلى بنايات المتحف، هناك حدائق وفناءات.

والمنطقة هناك مُحاطة بكنائس قبطية قديمة ترجع بأصولها إلى ما بين القرنين الخامس والثامن الميلادى، من ضمنها كنيسة العذراء مريم «المعلقة»، وكنيسة أبى سرجة، ودير وكنيسة مار جرجس.

كذلك تضم المنطقة معبد «بن عزرا» اليهودى، وجامع عمرو بن العاص، ليشكل المتحف منارة ثقافية تعليمية وترفيهية داخل «مجمع الأديان» فى مصر القديمة، والتى تعد من كبرى مناطق الجذب السياحى.

وترجع نشأة المتحف القبطى إلى عام ١٨٩٨، عندما أوصت لجنة الآثار العربية بإنشاء متحف للآثار القبطية، وتم البدء فى جمع التبرعات والقطع القبطية النادرة، وبذل البابا كيرلس الخامس جهودًا كبيرة فى ذلك، ليتم تخصيص قاعات داخل الكنيسة المعلقة، نُقلت إليها المقتنيات القبطية من متحف بولاق.

وفى عام ١٩٠٢ استطاع مرقس سميكة باشا الحصول على موافقة من البطريرك كيرلس الخامس بتخصيص قطعة أرض وقف لبناء متحف فى مصر القديمة بجانب الكنيسة المعلقة، وفى عام ١٩٠٨ أكمل مرقس سميكة باشا تجميع وإعداد القطع الفنية للعرض، وكذلك تجميع الأسقف الخشبية للجناح القديم، والتى تعد فى حد ذاتها تحفة فنية.

وفى عام ١٩١٠ كان الافتتاح الرسمى للمتحف، وسط احتفالية ضخمة أدت إلى زيادة الاهتمام بالفترة القبطية من قبل المجتمع، وجمع تبرعات ضخمة من كل الشخصيات المصرية.

وفى عام ١٩٣١، نُقلت ملكية المتحف من الكنيسة للحكومة، وتحديدًا لوزارة المعارف المصرية آنذاك، وعلى إثره نُقل عدد أكبر من القطع الأثرية من المتحف المصرى إلى المتحف القبطى.

وافتتح الجناح الجديد فى المتحف القبطى عام ١٩٤٧، الذى صمم واجهته الفنان راغب عياد، وكان الصديق الشخصى لمرقس سميكة باشا، وهى تشبه واجهة شارع المعز لدين الله الفاطمى، وقيل إن السبب فى ذلك أن العصر الفاطمى كان عصرًا للتسامح. 

ويرجع الفضل الأول فى إنشاء المتحف القبطى إلى مرقس سميكة باشا، فهو مؤسس أول متحف قبطى فى مصر الحديثة، ولد عام ١٨٦٤م لأسرة قبطية عريقة خرج منها العديد من الكهنة والقضاة، وكان أغلب أفراد الأسرة ممن يتبرعون للكنيسة ويساهمون فى إقامة «الميرون المقدس» وتوفير احتياجات الكنائس المختلفة.

نشأ «مرقس باشا» فى منزل جده لوالدته المولودة أصلًا فى دمشق، والتحق بمدرسة الأقباط الكبرى، وفى مرحلة التعليم الثانوى التحق بمدرسة «الفرير» فأتقن اللغات الفرنسية والإنجليزية والقبطية والعربية.

بعد ذلك التحق بالعمل كسكرتير لسيدة إنجليزية أنشأت مستوصفًا طبيًا كبيرًا لعلاج مصابى الحرب من الجنود البريطانيين، ثم التحق بالعمل فى منصب مرموق بهيئة السكك الحديدية المصرية عام ١٨٨٣، وظل يعمل بها حتى عام ١٩٠٧.

بعدها تفرغ للعمل فى مجال الآثار، ولولعه بالحضارة القبطية القديمة وقراءته كتبًا عديدة لكل من ألفريد بتلر وسومرز كلارك وغيرهما، شَرَعَ فى تكوين المتحف القبطى.

ونظرًا لجهوده المميزة فى هذا المجال، أنعم عليه السلطان حسين كامل بلقب «الباكوية» ثم «الباشوية» فى ٨ نوفمبر ١٩١٥، وعينه البابا كيرلس الخامس فى المجلس الملى الثالث والرابع بين عامى ١٨٩٢ و١٩٠٦، بجانب تعيينه فى عدة مناصب كنسية ورسمية.

وبدأت فكرة إنشاء المتحف لدى «مرقس باشا» بغرفة صغيرة مجاورة للكنيسة المعلقة، وكانت من أوان فضية بلغت قيمتها ١٨٠ جنيهًا، وهو مبلغ ضخم فى هذا التوقيت، وعندما زادت المقتنيات الأثرية وزاد زوار المتحف، تم ضم عدد من المبانى المجاورة للمتحف الصغير.

وإلى جانب ما حصل عليه من تقدير، سواء من الكنيسة أو الدولة، والإنعام عليه برتبة «البكوية» وبـ«النيشان العثمانى»، ثم حصوله على «الباشوية»، عُين «مرقس باشا» أول أمين عام للمتحف، وظل يشغل هذا المنصب حتى وفاته فى ٢ أكتوبر ١٩٤٤، عن عمر يناهز ٨٠ عامًا.

 

مر المتحف القبطى بالعديد من مراحل التطوير، ففى عام ١٩٨٤ أعيد ترميم المنطقة والمتحف وافتتاحه مرة أخرى للجمهور، وفى عام ٢٠٠٠ أُغلق المتحف القبطى بجناحيه من أجل تطوير العرض ليتناسب مع نظم العرض المتحفى الحديثة، وفى عام ٢٠٠٦ افتتح المتحف مرة أخرى للجمهور بعد التطوير وإعادة إعداد العرض والقاعات.

يضم المتحف القبطى بعد تطويره الأخير ٢٦ قاعة للعرض، إلى جانب قاعة مصر القديمة التى تم إهداؤها من كنائس مصر القديمة، والتى توجد بها الكثير من اللوحات والمخطوطات التى تتحدث عن الكنائس، وأبرز الشخصيات المسيحية آنذاك.

وأما عن قاعات العرض فلعل أبرزها: قاعة العرض المؤقت، وهى المخصصة للمعارض المؤقتة التى تتم بالتعاون بين المتاحف الأخرى، وتستمر لمدة محددة باستجلاب قطع أثرية من المتحف أو توريد القطع الأثرية للمتحف الذى يتم التعاون معه لإقامة المعرض، وهى معارض مناسبات حتى تقام من أجل حدث معين.

ويضم المتحف قاعة الروائع، وإهناسيا، والقبور، ودير الأنبا أرميا بسقارة، وباويط بالمنيا، وقاعة مخطوطات للكتاب المقدس التى ترجع لآلاف السنين، وتضم البشائر ومنها كنيسة القديسة، كما تضم قاعات الأحجار والرسوم الجصية، قاعة تطور الكتابة القبطية والمخطوطات، الأقمشة والمنسوجات، العاج والأيقونات، الأخشاب، المعادن، الفخار والزجاج، وغيرها من القاعات التى تضم أندر القطع الأثرية على مر العصور.

ربما لا يعرف الكثير من الناس أن المتحف القبطى يضم بين جدرانه مكتبة من أعظم المكتبات فى مصر بل العالم، تأسست عام ١٩٢١ وتضم ١٠٠ ألف كتاب منها حوالى ٧٠ ألفًا بلغات أجنبية مختلفة، و٣٠ ألفًا باللغة العربية، منها مجموعات نادرة من الكتب التى نفد طبعها فى أى مكان، منها: مجموعة وصف مصر أثناء الحملة الفرنسية، أديرة وادى النطرون، مجموعة المخطط للمقريزى، دائرة المعارف القبطية، ومجموعة من الكتب عن العمارة الإسلامية، إلى جانب المصادر القديمة والكتالوجات والدوريات. كما تضم مجموعة من الأناجيل المصورة القديمة، ويزورها الكثير من الشخصيات للاستفادة منها ومن الكتب التى تضمها. 

يضم المتحف القبطى العديد من المقتنيات الأثرية المهمة من مختلف العصور، حيث يحتوى على ١٦ ألف قطعة أثرية من الخشب والنسيج والأقمشة والحجر والعاج والفخار والورق، ولعل من أبرزها كتاب المزامير لسيدنا داود، له شريط من الجلد ليغلق الكتاب، ومحبس من العاج ويحتوى على ثلاث وثلاثين ملزمة و١٥١ مزمورًا فى القرنين الرابع والخامس الميلادى، ويقع فى قاعة بمفرده نظرًا لأهميته الشديدة، فهو النسخة الوحيدة التى توجد الآن، وما زال محتفظًا بغلافيه الخشبيين وبقايا جلد الكعب وقطعة صغيرة من العظم على شكل مفتاح الحياة «عنخ».

وتتميز قاعات العرض بالكثير من الأيقونات، وهى عبارة عن لوحات مرسومة من الورق، كانت على جدران المعابد أو المقابر أو الحوائط، وهى لوحات للشهداء والقديسين، مثل صورة لمار جرجس، والقديس أبوصيرون، ولوحات تصور دخول العائلة المقدسة أرض مصر، وصور أخرى من مراحل تطور العصر القبطى، الذى كان شاهدًا على كل العصور، بداية من العصر الفرعونى.

من المقتنيات النادرة التى يحويها المتحف «البشائر الأربع»، وهى الكتاب المقدس، العهد الجديد، والبشائر الأربع هى لأربعة رُسل كانوا عاصروا السيد المسيح، مثل يوحنا ومرقس ولوقا ومتى، وكانوا يسجلون الأحداث التى كانت تحدث آنذاك، ومن بينها الكتاب المقدس «الإنجيل» مكتوبًا باللغة العربية، ويفهم من ذلك بداية استخدام اللغة العربية وقت دخول الإسلام مصر خلال القرن الـ١١، وكل إنجيل له مقدمة وبيان الفصول ومضمونها، مجدولًا ومحلى بالذهب والألوان والفواصل بالمداد الأحمر، وبعضها بالذهب، ودونت على الهوامش أرقام الفصول وشواهد، وللمخطوط جلدة مصقولة ومنقوشة ومحلاة بالذهب ولها لسان.

ومن أبرز القطع الأثرية التى توجد داخل جدران المتحف، مشط من العاج دير أبوحنس بالمنيا، ويرجع إلى القرن الخامس/ السادس قبل الميلاد، كما توجد حنية شرقية رسم جدارى بأسلوب التمبرا، إضافة إلى ستارة نادرة تجمع بين النسيج الصوفى والكتان، ويعتبر النسيج من أكثر القطع التى يتميز بها المتحف، وهو أهم نتاج مميز للفن القبطى من جميع العصور، الرومانية والبيزنطية والإسلامية.

ومن القطع المميزة والنادرة أيضًا، قطعة أوستراكا من الحجر الجيرى عليها تدريب مدرسى تعليمى لحروف اللغة القبطية غاية فى المهارة والدقة، ومسرجة من البرونز لها مقبض على شكل الهلال والصليب، وقطعة نسيج عليها بعض الرموز المسيحية، وإبريق من البرونز ذو ميذب ومقبض وبه غطاء، الإبريق عليه زخارف لصليب داخل شكل نصف دائرة، وبالقرب من فوهة الميذب يوجد طائر.

كما يضم المتحف، أيضًا، من القطع المميزة، تمثالًا نصفيًا من الحجر الجيرى للمعبود نيلوس، إله النيل كما صوره الإغريق والرومان، يرجع للقرن ٣/ ٤م، من مدينة بنى سويف، كما توجد أيقونة أثرية للشهيدين سرجيوس وواخس، اللذين كانا جنديين فى الجيش الرومانى، واستشهدا عام ٢٩٦. وكُتب اسماهما باليونانية بجوار رأسيهما.

كما يضم المتحف القبطى العديد من المقتنيات الأثرية المهمة التى تتعلق بالزراعة والفلاح المصرى، منها إفريز من الحجر الجيرى، يتكون من عدة قطع تمثل مشهدًا لجنى العنب، يظهر على نقوش إحدى القطع رجل ينفخ فى المزمار وآخر يضرب بصنجين، وعلى قطعة أخرى عامل يرفع سلة مملوءة بالعنب وآخر يحمل سلة فوق ظهره.

كما يضم لوحًا خشبيًا يستخدم فى تعليم الكتابة، عليه كتابات قبطية فى سبعة أعمدة رأسية، وخمسة أقلام من الغاب أحدها «مبرى» جاهز لاستخدامه فى الكتابة، داخل مقلمة من الجلد مخروطية الشكل بها خمس فتحات للأقلام. يضم المتحف القبطى العديد من المقتنيات الأثرية المهمة من مناطق حول الإسكندرية، ومنها قنينات مياه من منطقة أبومينا «الكيلو ٤٦ جنوب غرب محافظة الإسكندرية» وترجع للقرن ٥/ ٦م. مزدانة بصورة القديس مينا محاطة بجملين وصليب، ورسم جدارى لقصة تقديم إبراهيم لابنه، ونجد بالجدارية الخروف الذى أرسله الله بديلًا عن الصبى، القرن السادس الميلادى، دير الأنبا أرميا بسقارة.

كما يضم المتحف القبطى العديد من المقتنيات والأدوات الموسيقية، منها جزء من ستارة من نسيج القباطى من الصوف والكتان، مُصور عليها زمّار باللون الداكن وبعض من الراقصين، ومقتنيات تعبر عن الأسرة ودور الأب والأم من ضمنها أيقونة أثرية تصور ميلاد السيدة ‏العذراء مريم، مصور بها أبوها يواقيم وزوجته حنة «عائلة السيدة العذراء»، وعدد من القطع والأوانى الفخارية، ومنها قاعدة مستديرة لإناء محلاة بالمينا وعليها من جهة رسم أرنب، وعلى الجهة الأخرى كتابة عربية لاسم «على» ربما اسم الصانع.

ويعد المتحف مؤسسة غير ربحية، تقدم أنشطة كثيرة، تختلف باختلاف الأقسام؛ فيضم المتحف- مثلًا- قسمًا تعليميًا، مسئولًا عن الورش التعليمية والمحاضرات والندوات التثقيفية، وينظم ورش عمل للأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة، لصناعة الإكسسوارات والخزف، وغيرهما، ومهمته تنفيذ ألعاب بأيدى الأطفال لتنمية مواهبهم، بحيث تتماشى مع طبيعة المتحف والآثار المعروضة.

كما ينظم المتحف معارض مؤقتة للآثار بالتزامن مع المناسبات العامة، ومحاضرات علمية لزيادة المعرفة الأثرية لدى زوار المتحف.

ويضم المتحف العديد من الإدارات المسئولة عن حماية القطع الأثرية، مثل قسم الترميم الذى يستخدم كل التقنيات الحديثة من أجل حماية الأثر، بداية من حمايته من الرطوبة، وغيرها من العوامل التى من الممكن أن تؤثر عليه، وهناك إدارات الأمناء والأمن والمعلومات والأرشيف وقسم التسويق.

يفتح المتحف أبوابه من التاسعة صباحًا حتى الخامسة مساءً، عدا الجمعة، وسعر التذكرة للمصريين ١٠ جنيهات، و٥ جنيهات للطالب المصرى، و١٠٠ جنيه للأجنبى، بينما الطالب الأجنبى ٥٠ جنيهًا.

التقت «الدستور» الدكتورة جيهان عاطف، مديرة المتحف القبطى، التى قالت إن فكرة إنشاء المتحف ترجع إلى مرقس سميكة باشا، الذى بدأ فى جمع القطع الأثرية القبطية، وكانت توجد فى الأول فى المتحف المصرى فى التحرير ومتحف بولاق، وأنشأ الجناح القديم الذى جرى افتتاحه فى عام ١٩١٠، وعندما زادت المقتنيات أنشأ الجناح الثانى على نفس طراز الجناح الأول. وأوضحت «جيهان» أن المتحف يضم ١٦ ألف قطعة أثرية معروضة، إضافة إلى القطع التى توجد بالمخازن.

وأضافت أن جميع فئات المجتمع تزور المتحف، بمختلف الديانات والجنسيات والأعمار، ويزيد عدد الزوار فى موسم الكريسماس والإجازات الرسمية، مشيرة إلى أن هناك رحلات مدرسية تأتى للمتحف خلال العام الدراسى، من المدارس الحكومية والخاصة والإنترناشيونال، فضلًا عن زيارات طلبة الجامعات وكليات السياحة والفنادق والآثار والفنون التطبيقية والجميلة، إضافة إلى الزيارات الفردية.

ولفتت إلى أن المتحف يستقبل ٧٠ زائرًا يوميًا كحد أدنى، وأن عدد العاملين به ١٧٩ فردًا، يحملون درجات علمية مختلفة، منها الماجستير والدكتوراه، عيّنتهم وزارة السياحة والآثار، ويجرى تدريبهم باستمرار وتطوير مهاراتهم فى الحفريات واللغة والترميم.

وتابعت: «هناك دورات تأهيلية للأمن، متخصصة فى كيفية الحفاظ على القطع وكيفية استقبال الزوار، وكل العاملين بالمتحف على درجة عالية من الوعى والثقافة».

وقالت: «المتحف يقع فى مجمع الأديان، ونظرًا لأهميته تحرص شخصيات بارزة على زيارته، ومن أبرز زوار المتحف رئيس فرنسا الأسبق فرانسوا ميتران والملك أحمد فؤاد وممثل الصندوق الأجنبى، إضافة إلى العديد من السفراء والوزراء من مختلف الدول.. ونحرص على حسن الضيافة».

وأضافت «جيهان»: «جرى تسجيل برامج تليفزيونية كثيرة فى المتحف، وتصوير مقاطع فيديو لآلات موسيقية فى المناسبات، وعند الاحتفال بدخول العائلة المقدسة يجرى تصوير فيديوهات عن مسار العائلة وعن يوم الشهيد، وغيرها من المناسبات السنوية».

وأكدت أن المتحف أقام معارض مؤقتة كثيرة، عن طريق قسم المعارض، منها: معارض حواء والكريسماس وكميت، وشارك المتحف فى العديد من المعارض الخارجية مع المتاحف الكبرى، فى المناسبات العامة، ومنها: معرض العائلة المقدسة بالتعاون مع متحف شرم الشيخ ومعرض المناخ فى شرم الشيخ ومعرض مسرجة ومشكاة وتوت ومحرم مع المتحف الإسلامى، إذ يجرى اختيار القطع والمقتنيات التى تناسب الحدث.. ولا توجد اتفاقيات دولية حتى الآن.

وتابعت: «أما بشأن منحة اليونسكو لترميم المتحف، فلم تصلنا معلومات عنها حتى الآن، ولا نعلم إن كان متحفنا من بين المتاحف التى سيجرى ترميمها.

وأشارت إلى أن المتحف يعيش فترة نشاط ملحوظة، بعدما بدأ العمل على إحياء الأنشطة الثقافية والتربوية، وإعداد محاضرات علمية وندوات تثقيفية بصفة مستمرة، باستضافة أساتذة الجامعات والمهتمين بالنشاط الأثرى فى كل مجالاته، ونشاط التربية المتحفية الذى يتجول فى أكثر من مكان منها مستشفى ٥٧٥٧، والهدف منه تعريف الناس بالمتحف القبطى، وكذلك دعم المرضى. 

ولفتت إلى أن المتحف القبطى عقد- بالتعاون مع الجبهة الدبلوماسية المصرية وحدوتة إفريقية بمنطقة مصر القديمة- ورشة عمل بعنوان «التحول الأخضر»، وورشة لتعليم مبادئ التصميم وكيفية عمل تكوين باستخدام ورقة شجر، إضافة إلى سلسلة محاضرات بعنوان «وسائل الإنارة فى الفنون والآثار القبطية» و«أدوات الإنارة فى الفنون والآثار القبطية»، وغيرها من الندوات والمحاضرات.

وأضاف أن فترة انتشار فيروس كورونا كانت فترة توقف شبه تام للأنشطة، ما جعل الناس يعزفون عن زيارة المتحف إلى حد ما.

وقالت: «كما نظم القسم العلمى بالمتحف محاضرتين، الأولى بعنوان (علاقة الأيقونة بالعمارة القبطية.. تطور حامل الأيقونات)، ومحاضرة بعنوان (ازدواجية اللغة وثنائيتها فى مصر القديمة.. كيف نشأت القبطية؟)»، موضحة: أن من ضمن الأنشطة المتنوعة والخدمات التى يقدمها المتحف للطلاب أنه يدرب المتطوعين من طلبة كليات الآثار والسياحة والفنادق على شرح المتحف ويزودهم بالمادة العلمية الأثرية ويحفزهم بإهدائهم شهادات تقدير على مجهودهم.

ونوهت «جيهان» بأنها ستعمل، خلال الفترة المقبلة، على زيادة أنشطة المتحف، وسيضم المتحف أنشطة بشكل شهرى، تضم ندوات ومعارض مؤقتة ودورات تدريبية ومحاضرات علمية.

وأكدت أن من أهم عوامل جذب الناس لزيارة المتحف مرة أخرى، هو اهتمام شركات السياحة بالمتحف أكثر، ووضعه على البرنامج السياحى، والترويج له عبر وسائل التواصل الحديثة، وكذلك الزيارات المختلفة من جميع مؤسسات الدولة، فهذه جميعًا عوامل جذب.