رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على طريقة المعلم حلاوة!

إنت سمعت عن حلاوة العنتبلي؟
حلاوة العنتبلي مين يافندم؟. 
- إحنا ...  لاء ما اخدش بالي لا مؤاخذة.. 
- طيب يا أخويا أحب أعرفك بقى بحلاوة بيه العنتبلي، إحنا ولا فخر مليونجي، عم الجزارين، ملك اللحمة!
بكل هذا القدر من الزهو والفخار، والإعجاب بالذات إلى حد الانبهار، قدم المعلم حلاوة الجزار نفسه إلى طالب الطب كمال عندما زاره في بيته من أجل خطبة ابنته ضمن أحداث الفيلم العربي الشهير "على باب الوزير" الذي كتبه سمير عبدالعظيم وأخرجه محمد عبدالعزيز وقدم للمرة الأولى في سنة ١٩٨٢.
ارتسمت أمامي صورة المعلم حلاوة بكل تفاصيلها وكل ما ألصقه الرجل باسمه من ألقاب خلال مشاهدتي بالأمس لإعلانات بعض المُعلمين التي امتلأت بها أسوار وجدران الأبنية، والتي لا أراها تختلف في شيء عن لقب ملك اللحمة الذي اختاره المعلم العنتبلي لنفسه! وحش الكيميا، وحوت الفيزيا، وإمبراطور العربي، وأسطورة الإنجليزي ... إلخ إلخ ألقاب غريبة وألوان عجيبة وأنواع خطوط ما يعلمش بيها غير ربنا، ترتر لامع مع فسفور مضيء ظُللت بهما أسماؤهم فتحولت معها الأسوار إلى لافتات دعائية قريبة الشبه بلافتات مسارح المنوعات، وبدت أسماء الأساتذة ذوي القامات والهامات كأسماء مطربي التكاتك والمهرجانات مع الاحترام الكامل للجميع!
تشويه متعمد وتقبيح للمشهد، ألوان صاخبة وحروف متعرجة متزاحمة وغير متناسقة، فكيف يحدث هذا ولماذا؟! 
كيف يقبل الأساتذة أن يُفعل هذا بأسمائهم حتى وإن كان قد حدث بإيعاز منهم أو على الأقل بمعرفتهم وموافقتهم؟! 
أفهم أن يقبل "المعلم" حلاوة أن يكتب اسمه بهذه الطريقة، وقد يكون سعيدًا بها، ولكن أن يقبله "المُعلم فلان" فهو أمر غير مفهوم ولا هو مستساغ على الأقل بالنسبة لي، وأنا ابن لرجل من رجالات التربية والتعليم الأصلاء. 
أنا لست ضد إطلاق الألقاب طالما كانت في حدود اللياقة، من حق أي إنسان أن يطلق على نفسه لقب، من أول ملك اللحمة لحد صاروخ النكتة، ولكن ليس من حق أحد أن يشوه جدراننا أو أن يلوث أبصارنا، ليس من حق أي إنسان انتهاك حقوق الغير في أن يسيروا في شوارع نظيفة! 
وكيف يعلن هؤلاء المحترمون عن أماكن إعطاء الدروس الخصوصية وهي أساسًا ممنوعة؟ كيف يقوم شخص، أو مجموعة شخوص بمزاولة نشاط ممنوع ثم يملأون الشوارع بالإعلانات عن قيامهم بممارسة هذا النشاط الممنوع؟! وهل يسددون عنه الضرائب؟ وبعيدًا عن الدروس والضرائب والمسموح والممنوع، هل يليق بنا كمواطنين أن نعيش أو نسير وسط كل هذا الكم من التلوث البصري مع احترامي الكامل للأسماء والألقاب والفسفور والترتر كمان!
إنني أهيب بالسادة المحافظين أن يوجهوا المسئولين عن إدارة المدن والأحياء بتتبع ومحاسبة كل من فعل هذا بجدران مدننا وأحيائنا وقرانا وإجبارهم جميعًا على إعادة طلائها بمن فيهم "بعض" أباطرة السناتر وكل من يعملون بها من الوحوش والعباقرة والجهابذة، وأظن أن أسماءهم موجودة، وما شاء الله مالية الحيطان ومنورة الجدران.
حفظ الله مصر