رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سر نهلة الصعيدي.. «الدستور» تحقق في اتهام مستشارة شيخ الأزهر الجديدة بالانتماء لـ«حازمون»

د.نهلة الصعيدي
د.نهلة الصعيدي

حالة من الجدل صاحبت قرار د.أحمد الطيب، شيخ الأزهر بشأن ندب الدكتورة نهلة الصعيدي، عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين، للعمل مستشارًا لشيخ الأزهر للوافدين إلى جانب عملها رئيسًا لمركز تدريب الوافدين، وسط تساؤلات حول انتماءها لـ«حازمون» وتنظيم الإخوان.

لم تحصل امرأة، طوال تاريخ مشيخة الأزهر، على دور أو منصب على الدرجة ذاتها، كمستشار للإمام الأكبر، وهو ما خلق زخمًا ودعمًا واسعًا للقرار واحتفاءً من جانب مجموعة أسمته «انفتاحًا وتصحيحًا للمسار التاريخي» الذي كانت تتّبعه المشيخة في منح المناصب للرجال، إلا أن القرار كان له وجه آخر أثار موجة غضب كبيرة وانتقادات، شملت المشيخة والإمام الأكبر.

بعد ساعات من صدور القرار، قال معارضون إن «المستشارة الجديدة» تنتمي لتنظيم الإخوان الإرهابي، وتؤيد عودة الحكم الديني والتنظيم، عبر عدّة منشورات على صفحتها بمواقع التواصل، وذلك طوال السنوات الماضية، خلال فترة حكم الرئيس الأسبق، محمد مرسي، وبعد زواله، وخلال اعتصامي رابعة والنهضة المسلحين، اللذين قادهما أنصار الرئيس المعزول. كما كانت "الصعيدي"، في وقت سابق، من مؤيدي حازم صلاح أبو إسماعيل، أحد أبرز المحرضين على العنف، خلال السنوات التي أعقبت «25 يناير 2011».

هل تراجعت «الصعيدي» عن تلك التوجهات والأفكار؟

البحث وراء المستشارة الجديدة، كشف ترقيها في المناصب داخل مشيخة الأزهر، بدعم ومساعدة من شخصين كان لهما دور كبير في العديد من القرارات المريبة.

من بين ردود الفعل، نُشر أنها تعمل ضمن فصيلٍ يدين بالولاء لتنظيم الإخوان داخل جامعة الأزهر، خلال أحداث الاعتداءات والتظاهرات والعنف، التي شهدتها الجامعة خلال عام 2013، لقربِها من وكيل مشيخة الأزهر السابق، عباس شومان، الذي رُفض طلب مشيخة الأزهر التجديد له في منصبه لولاية ثالثة، من مؤسسة الرئاسة، التي طلبت من «الطيب» ترشيح وجه آخر يقوم بنشر الفكر المستنير، وكانت تلك الصيغة الأكثر تهذبًا ورسميةً، للإشارة إلى ميول «شومان» الإخوانية، والفريق الذي يشكّله حوله، كي يحافظ على تغلغل التنظيم داخل مشيخة الأزهر، تلبية لهواه الإخواني، إذ يُلقّب بـ«مدّاح وخطيب مرسي» منذ أن مدحه بقوله إنه «أحد أولياء الله الصالحين ويجب اتّباعه»، في إحدى خطبه السابقة.

وكذلك قرب «الصعيدي» من محمد عبد السلام، مستشار شيخ الأزهر السابق، الذي اتُهم في عدة مناسبات بالانتماء لتنظيم الإخوان أيضًا، وإقناع شيخ الأزهر بضم يوسف القرضاوي وحسن الشافعي إلى هيئة كبار العلماء، وعبد الرحمن البر، مفتي الإخوان الغارق في بحور التحريض والدماء، إلى لجنة تطوير قوانين الأزهر. وُصف، سابقًا، في عدة جولات من معركة كشفه وفضح انتماءه لتنظيم الإخوان، ومحاولته «أخونة الأزهر»، بـ«لسان الطيب والمتحكم الأول في قرارات المشيخة»، وذلك لتورطه في استغلال منصبه لمنح أحد أقاربه درجة الأستاذية، وكذلك تعيين عمداء ومسؤولين بجامعة الأزهر، وفق رغبته الشخصية وعلاقاته وأجندته الخاصة، فجعل جزءًا كبيرًا من بطانة شيخ الأزهر «مشتبهًا بفسادها وميولها للإخوان» حتى نصحه الدكتور أحمد عمر هشام، عضو هيئة كبار العلماء، بـ«الرجوع إلى الحق والتخلص من بطانة السوء». وتعيين نهلة الصعيدي، هو أحد تجليات تدخلات «عبد السلام» المستمرة حتى الآن لمنح فرصة للسيطرة لوجوه تحتفظ بولائها لجماعة الإخوان، بدءًا من تعيينها وكيلًا لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالقاهرة، وعميدا لكلية العلوم الإسلامية للوافدين بمدينة نصر، عام 2019، وحتى القرار الذي صدر مؤخرًا بترقيتها.

لم يفاجئ كثيرون داخل مشيخة الأزهر من قرار ندب «الصعيدي» مستشارًا للإمام الأكبر، وذلك لسابق خبرتهم بالطريقة التي يتم اختيار المستشارين بها، ومن يرشّحهم، لكن الغضب كان كبيرًا، لعلمهم بما كانت عليه، وما كانت تنشره من تحريض على العنف، وتأييد للعنف، عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، فأعادوا نشر آرائها ومنشوراتها عبر صفحاتهم.

يرجع إنشاء حساب «الصعيدي» الحالي إلى عام 2018، وهو ما يضعنا أمام افتراضين.

الأول، أن المنشورات و«السكرين شوتس» القديمة، التي انتشرت على حسابات أزهرية مُفبركة، وحاولت «الدستور» الاتصال بمستشارة شيخ الأزهر «الجديدة» إلا أن هاتفها كان «خارج الخدمة» طوال الفترة منذ اشتعال نيران الغضب في قرار ندبها، هربًا من الرد على الاتهامات التي تحاصرها، حتى الآن، فلم يتثنى لنا الحصول على ردها، وحق الرد مكفول لها متى أرادت ذلك.

الثاني، هو قيامها بحذف حسابها السابق، الذي نشرت باستخدامه عدة تدوينات وشاركت منشورات مؤيدة لحكم الإخوان، وما أعقبه من أحداث عنف مدبّرة، وعادة ما يلجأ المسؤولون إلى ذلك حال عدم قدرتهم على حذف منشورات لم تعد مرغوبة، أو مرغوبًا بانتشارها، لكثرتها، لكف أذى التفتيش في دفاترهم القديمة، التي تكشف ميولهم الحقيقية، أو انحرافهم على الطريق المهني أو الأكاديمي الصحيح.

لا نملكُ تأكيدًا، أن هذا ما جرى لحساب مستشارة شيخ الأزهر، إلا أننا لم نعثر على الحساب القديم، الذي تم إغلاقه، لكن أصدقائها الافتراضيين (على موقع فيسبوك) خلال الفترة منذ تولي محمد مرسي مقاليد الحكم، وقت لاحق، احتفظوا لها بمنشورات تفيد انتمائها لما يعرف بتنظيم «حازمون» الذي كان مؤيدًا لحازم صلاح أبو إسماعيل في قراراته وخطواته التي أشعلت العنف بعدة مواقع في مصر في عدة أحداث، أبرزها مدينة الإنتاج الإعلامي، ويقضي حاليًا عقوبة السجن، على إثرها، وسخريتها من محاكمة مرسي في قضايا «التخابر مع منظمات أجنبية وإهانة القضاء والهروب من السجن والتحريض على قتل المتظاهرين» وتأييدها أن القضاء المصري «يخاف من أن يسمع العالم صوته»، ووصفته بـ«فخر الأحرار»، وإعلانها تأييد «مرسي»، حين تولى منصب الرئاسة، ووصفت غير مؤيديه بـ«العاهرات والفاسدين والعبيد»، ورفعها شعار «رابعة»، الذي يشير إلى التضامن مع اعتصامي رابعة والنهضة المسلحين، في عدة مناسبات، وكذلك مشاركتها شهادة أحد معاوني مرسي، المستشار أحمد مكي، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية في عهده، لترويج الصورة الذهنية، التي كان يحرص الإخوان على ترويجها عن مرسي طوال فترة حكمه وما بعدها، وترويج الأكاذيب باتهامها - في منشورات أخرى - القوات المسلحة بقتل متظاهرين، اعتمادًا على شائعات غير موثقة نشرتها شبكة «رصد» الإخوانية. ومشاركتها منشورًا يحمل صورة محمد مرسي، بعد بدء محاكمته، يقول: «أقسم بالله العظيم، أنا أحب هذا الرجل، وسأدافع عنه لأن هناك أفاعٍ في الداخل والخارج لا تريد له النجاح.. اللهم انصره على أعداء الوطن يا رب»، كما شاركت منشورًا آخر، تقر فيه بتأييدها ودعمها «بكل قوة» استمرار محمد مرسي رئيسًا بعد تقديمه للمحاكمة إثر التجسس والتحريض على قتل المتظاهرين، وسخريتها من مؤيدي قرارات المسلحة التي تولت إدارة شئون البلاد في ذلك الوقت، بعدة منشورات و«كوميكس» وُصفت بأنها «لا تليق بأستاذة جامعية»، خاصة إذا كانت «أزهرية». 

شكّكت مستشارة شيخ الأزهر، في فترات سابقة (حسب الوثائق المتداولة)، في ذمة مؤسسات كالشرطة والقضاء، دون طرح أسباب موضوعية، وافتقد هجومها للأدلة أو الدراسات، فكانت تحصد تهليلًا إخوانيًا من المجموعة التي تحيطها، وكان - بالنسبة لها – مشجعًا على الاستمرار في طريقها كداعمة لمرسي وجماعته، في ذلك الوقت من العام 2013، والسنوات التي أعقبته، حتى لجأت إلى حساب «فيسبوك» جديد صامت، يرى رواد مواقع التواصل الاجتماعي المهتمون بشؤون الأزهر، أنها تخبئ من خلاله قناعاتها، تماشيًا مع سياسة تنظيم الإخوان الجديدة في جعل جميع أفراده «خلايا نائمة وسرية»، وهو ما دفعها إلى منصب قيادي بمشيخة الأزهر، نال استهجان العديد من المتابعين والمراقبين لما يجري داخل المشيخة.