رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كلنا جنود.. فى مواجهة الشائعات

أشار استطلاع رأي دولي، نُشر قبل ثلاثة أشهر، إلى أن 86% من مستخدمي الإنترنت، وقعوا ضحية أخبار مضللة على الشبكة الإليكترونية، معظمها منتشر على صفحات (فيسبوك)، بما يؤثر سلباً على الاقتصادات والحوار السياسي وزعزعة استقرار المجتمع.

وتم تحميل الولايات المتحدة حصة الأسد من المسئولية في نشر الأخبار المضللة، تليها روسيا ثم الصين، وفق استطلاع (إيبسوس) السنوي، الذي يشارك فيه 25 ألف مستخدم للإنترنت في 25 بلداً، حيث اتضح أن الأخبار المضللة طاغية على (فيسبوك)، لكنها موجودة أيضاً على اليوتيوب والمدونات وتويتر.
وبيّنت نتائج الاستطلاع أن المستخدمين في مصر كانوا الأكثر سهولة في التعرض للخداع، بينما المشاركون في باكستان كانوا الأكثر تشككاً.

وكشفت النتائج ازدياد الشعور بانعدام الثقة بشركات مواقع التواصل الاجتماعي، وتعاظم القلق بشأن الخصوصية والتحيّزات المعدّة سلفاً من خلال الخوارزميات التي تستخدمها شركات الإنترنت، وتعتمد عليها لإعطاء أفضلية لمنشور على حساب آخر.. (استطلاع هذا العام لا يؤكد فقط هشاشة الإنترنت، لكن أيضاً نمو الشعور بعدم الارتياح لدى المستخدمين تجاه وسائل التواصل الاجتماعي، والسلطة التي تفرضها الشركات على حياتهم اليومية).

الأمر الذي دفع منظمة الأمم المتحدة، نهاية 2020، إلى إطلاق حملة لوقف انتشار المعلومات المضللة عبر شبكة الإنترنت، تحت عنوان (#انتبه قبل المشاركة).
ولا يخفى على أحد أن موقع التواصل الاجتماعى (تويتر)، لعب دوراً فى تأجيج العنف والترويج له فى عدد من دول العالم، وفى الوقت الذى يظهر فيه الموقع بمظهر المدافع عن الحريات، الرافض لتمجيد العنف، فإنه هو نفسه يسمح للمستخدمين، فى بعض الدول، بالتحريض على العنف والكراهية والإرهاب أحياناً.. وتسعى جماعة الإخوان لضرب الاقتصاد المصرى والتقليل من فرص زيادة الاستثمار بمصر، من خلال خطة ممنهجة وضعتها، تسعى فيها لترديد الأكاذيب ونشر الشائعات بالخارج.

ومن ثم الافتراء على جهود الدولة فى النهوض وزيادة معدلات التنمية من أجل رفاهية المواطن، وتحقيق حياة كريمة له ولأولاده هذه المحاولات التي تبوء دائماً بالفشل نتيحة الشهادات الدولية المتزايدة خلال الفترة الأخيرة، والتى تؤكد صلابة الاقتصاد المصرى وقدرته على مواجهة الأزمات.

ويعد الاقتصاد من أكثر الملفات التي يركز عليه (إخوان الشر)، باعتباره أكثر ملف يهم أى شعب.. غير مدركين أن فترة الاصلاح الاقتصادى وما بعدها كانت ضرورية وحتمية، لمواصلة مساعى مصر فى المضى قدماً لإصلاح كافة مؤسساتها واستشراف مستقبل مختلف.

واعتمدت خطة الإخوان على تشويه صورة مصر كمنطقة جاذبة للاستثمارات، مع أن كل التقديرات الدولية والمؤشرات تثبت فشل الإخوان فى كل ذلك، لأن مصر حققت معدلات كبيرة فى الاستثمار والنمو فى المرحلة الماضية، ومازالت الدولة تعمل على قدم وساق لدعم حياة آمنة وكريمة للفئات الأكثر احتياجاً، إلى جانب افتتاح الكثير من المشروعات القومية التى ستسهم فى زيادة فرص العمل وجذب الاستثمارات، وزيادة التصدير وتقليل الواردات، سبيلاً لتعافي الجنيه المصري، من أزمة فرضتها ظروف ضربت العالم بأكمله، ولم تكن مصر بدعاً في ذلك.
لقد حصلت مصر، خلال الفترة الأخيرة، على أكثر من شهادة دولية بتحسن الاقتصاد، والنجاح فى رفع معدل النمو، هذه الشهادات تهزم أى محاولات للجماعة وأعداء الوطن، فى ترديد أكاذيب عن مصر فى المجال الاقتصادى، وتعطى دفعه للتحرك إلى الأمام أكثر، حتى يتحقق معدل النمو بشكل أعلى.

ولولا هذه المؤشرات، ما كان صندوق النقد وافق على قرض لمصر، إلى جانب أن الحكومة نجحت فى إدارة الأزمة الراهنة اقتصادياً، أسهم في ذلك إجراءات الإصلاح الاقتصادى وقدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات، فكانت مصر واحدة من اثنتي عشرة دولة على مستوي العالم، حصلت على تصنيف ائتماني مستقر وإيجابي، عبر أهم مؤسسات التصنيف العالمي.

هذه الشهادات الدولية، أعطت دلالة على أن الدين العام داخل الحدود الآمنة، وأنه يدار باحترافية بالغة، ويبدو ذلك واضحاً فى قدرة مصر على سداد أقساط الديون فى مواعيدها، ومحاولة الحكومة تقليل فوائد خدمة الدين، بجانب النجاح الذى تمكنت منه البلاد خلال السنوات الماضية، والتى جعلت مؤسسة دولية مثل صندوق النقد تثق فى اقتصادها.

ورغم أن المعلومات المضللة في حدِّ ذاتها ليست جديدة، فإن الإنترنت يوفر امتداداً لا مثيل له لنشرها، وقد تساعد الجهود المبذولة على إزالة المعلومات المضللة من منصات التواصل الاجتماعي.. ولكن السؤال الأكثر الأهمية هو: هل يمكن لهذه الجهود أن تتماشى مع الوتيرة السريعة لانتشار المعلومات المضللة؟، خصوصاً أن الأبحاث أظهرت أن الأخبار المضللة تنتشر بشكل أسرع من الأخبار الحقيقية، لأنه غالباً ما يُنظر إلى المعلومات المضللة على أنها جديدة ومثيرة.

وبالتالي تجذب الانتباه بسرعة، ويتم عرضها ومشاركتها بسهولة أكبر.. فإذا نجح عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي في القضاء على المعلومات المضللة على منصاتهم بشكل هادف، فماذا عن بقية الإنترنت؟.

إذا كانت مواجهة معلومات مضللة عبر الإنترنت أمراً لا مفر منه، فقد يكون أفضل نهج للتخفيف من آثارها، هو تحسين قدرات المستخدمين على التعرف عليها ورفض مشاركتها.. وقد أظهرت الدراسات في مجال المعلومات المضللة المضادة للقاحات وتغير المناخ، أن تعريض الأفراد لأمثلة من المعلومات المضللة في الحياة الواقعية، مع توضيح أسباب زيفها، يمكن أن يساعد على مقاومة المستخدمين للمعلومات المضللة بشكل أفضل من الرسائل المؤيدة للعلم. مثلاً، أنتج باحثون في جامعة كامبريدج مؤخراً لعبة تحاكي إنشاء معلومات مضللة عبر الإنترنت، يتعلم اللاعبون من خلالها فهم دوافع وقدرات أولئك الذين ينشرون الأخبار المضللة.

في حين أن تطوير مهارات القراءة والكتابة الرقمية لدى المتعلمين أمر مهم، فبدون خبرة مباشرة بالمعلومات المضللة، قد يظل الناس فريسة لتأثيراتها المقنعة.. ولذا، يجب على المُعلمين ـ وهنا يأتي دور المدرسة ـ وصانعي السياسات العمل لضمان أن الأجيال القادمة مُستعدة للتعامل مع المعلومات المضللة من خلال التعلم التجريبي.. يجب أن يكونوا مستعدين للمعلومات المضللة الموجودة اليوم، وكذلك للمشهد الرقمي الذي سيواجهونه في المستقبل، خصوصاً أنه بعد التقدم في برامج (الفوتوشوب) والذكاء الاصطناعي، سوف يصبح الحكم على أصالة المحتوى عبر الإنترنت أكثر صعوبة في المستقبل.

مؤخراً، حذرت دراسة اجتماعية من استخدام الشائعات بقصد أو غير قصد، لأنها تحدث بلبلة في محيط المكان، ونبهت إلى خطورة نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأكدت دار الإفتاء المصرية، أن ترويج الشائعات وإعادة نشر الأخبار دون تثبت، إثم شرعي ومرض اجتماعي، يترتب عليه مفاسد.. وأوصت دراسة أخرى بعشر طرق للتعامل مع الشائعات، منها:

- تجنب ترويج معلومات من مصادر غير موثوقة.. لا تستجب بسهولة لأي أقوال تُردد من حولك أو يبدو عليك التأثر.. لا تحاول إحباط شائعة أو معلومة غير صحيحة بترويج معلومات مضادة.. عند الاستفسار عن أي معلومات، تعامل مع أصحاب الصلة بالموضوع.

إذا كنت قادراً على تقديم أدلة تفسد الشائعة، فافعل ذلك أو التزم الصمت.. إذا كان لديك فضول سماع أي أخبار، فلا تتخذ القرار بناء على ما تسمعه فقط.. تحل بشفافية كبيرة لقتل الشائعات وتجنب الغموض، كي لا تفتح المجال لإطلاقها.. عليك أن تؤمن بكلمة أسرار، وأنك لا يجب أن تطلع عليها الجميع أو تطلق الشائعات عنها.. توقف عن التكهن بما لا تعرفه، لأن انتقال الكلام يحوله إلى شائعة تضر بمن حولك.. وأخيراً، تأكد أن الهدف من الشائعة مصالح فردية أو جماعية أو زعزعة الاستقرار. حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.

[email protected]