رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأمن الغذائى العربى والإسلامى

لك عذرك لو لم تكن قد سمعت من قبل عن «المنظمة الإسلامية للأمن الغذائى»، التى تعقد ورشة عمل إقليمية، بالقاهرة، حول «التخطيط الاستراتيجى وتطوير السياسات فى مجال الأمن الغذائى» لدى الدول الأعضاء. وقد يكون لك عذرك، أيضًا، لو لم تعرف أن جامعة الدول العربية انتهت من إعداد «دراسة استراتيجية تكاملية» حول سبل تعزيز الأمن الغذائى، تمهيدًا لرفعها للقمة العربية الحادية والثلاثين المقرر أن تستضيفها الجزائر فى أول نوفمبر المقبل.

المنظمة التابعة لـ«منظمة التعاون الإسلامى»، تأسست سنة ٢٠١٦، وتهدف إلى تعزيز الأمن الغذائى وتحقيق التنمية الزراعية المستدامة فى الدول الأعضاء وتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية المتاحة وتبادل الخبرات بين الدول، ومعالجة المشكلات الناتجة عن التصحر وتقديم شبكات أمان اجتماعية لسكانها. وتحقيقًا لهذه الأهداف، تجرى تقييمًا ورصدًا لحالة الأمن الغذائى فى تلك الدول. كما تعمل، أو من المفترض أن تعمل، على تعبئة الموارد المالية والزراعية وإدارتها، ووضع وتنفيذ سياسات زراعية مشتركة. 

لدى المنظمة برامج متنوعة فى مصر، الإمارات، السعودية، البحرين، المغرب، جيبوتى، السودان، و.... و... وقامت أمس، الإثنين، بتوقيع مذكرة تفاهم مع «المرصد العربى لحقوق الإنسان»، التابع للبرلمان العربى، لنشر ثقافة وأدوات وآليات ضمان الأمن الغذائى، وتمكين النظم الغذائية المستدامة، وبناء علاقات الشراكة المؤسسية، وتعزيز القدرات، فى ظل التحديات الراهنة، التى تحتم ضرورة التحرك وتنسيق الجهود المشتركة. كما سيتعاون الطرفان، أيضًا، بموجب مذكرة التفاهم، فى بناء المؤشر العربى للأمن الغذائى.

خلال زيارته القاهرة، ناقش يرلان بايدوليت، Yerlan Baidaulet، المدير العام للمنظمة، استراتيجية العمل وأوجه التعاون المستقبلية، وبعض الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، مع السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى. كما بحث مع الدكتور هانى سويلم، وزير الموارد المائية والرى، سبل تعزيز التعاون المشترك بين الوزارة والمنظمة فى مجال الموارد المائية والتعامل مع التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، والتنسيق المشترك خلال فعاليات المياه بالدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٧، التى تستضيفها مدينة شرم الشيخ فى نوفمبر المقبل.

جهود الدولة المصرية لتحقيق الأمن الغذائى لمواطنيها، استعرضها وزير الزراعة، وأكد استعداد مصر لتقديم جميع أوجه الدعم للمنظمة والمساهمة فى تقديم الخبرة وبناء القدرات للدول الأعضاء، وشدّد على ضرورة الاهتمام بالتصنيع الزراعى للاستفادة من المواد الخام والموارد الطبيعية للدول الأعضاء فى تحقيق قيمة مضافة للناتج القومى وكذلك توفير فرص عمل. ورحب وزير الزراعة بفكرة قيام المنظمة بإنشاء مخازن استراتيجية لتخزين السلع الغذائية المهمة، ولكن بعد إجراء دراسة جدوى مستفيضة حول آليات التمويل وتكوين احتياطى من السلع الغذائية بهدف توزيع تلك المنتجات على الدول الأعضاء فى حال ما احتاجت إليها.

التطورات الدولية الأخيرة الخطيرة أدت إلى تراجع الأمن الغذائى العالمى، والعربى، بشكل مقلق، ما استدعى إعادة طرح هذا الملف بشكل عاجل على مستوى وزراء الخارجية العرب. أما الدراسة الاستراتيجية التكاملية، التى انتهت جامعة الدول العربية من إعدادها، فأعلن عنها أحمد أبوالغيط، الأمين العام للجامعة، أمام منتدى «البيئة والتنمية ٢٠٢٢.. الطريق إلى شرم الشيخ.. مؤتمر الأطراف للمناخ»، الذى نظمه المجلس العربى للمياه، الأسبوع الماضى، تحت رعاية وزارة الخارجية، وبالتعاون مع وزارة البيئة. 

ترابط مشكلات الطاقة والمياه والغذاء الحالية، وتداخلها يستدعى نظرة أكثر شمولية لعلاجها، تتجاوز الحلول القطاعية المنعزلة، وتعمل على بناء القدرات الوطنية والعربية فى مجال إدارة هذا الترابط بشكل فاعل. وعليه، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى ضرورة تسليط الضوء على خصوصية المنطقة العربية وأولوياتها، لكونها منطقة تعانى من الفقر المائى الحاد، الذى أثر على تأمين الاحتياجات العربية من الغذاء، مشيرًا إلى أن موضوع الأمن الغذائى، سيتصدر أولويات العمل العربى المشترك خلال الفترة المقبلة.

.. وتبقى الإشارة إلى أن ورشة العمل الإقليمية، التى تعقدها «المنظمة الإسلامية للأمن الغذائى»، بالقاهرة، ستناقش إلى جانب سياسات واستراتيجيات تحقيق الأمن الغذائى، تأثيرات وباء كورونا، وتبعات الأزمة الأوكرانية، والآثار السلبية لتغير المناخ، بحضور حوالى ٨٠ ممثلًا للدول الأعضاء.