رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نادى عيون مصر توضيحات غير طائفية

بكل وضوح ليست القضية قضية هذا النادى الذى بطريقة إعلانه ومكانها يكرس للطائفية. ولكن هذا الإعلان أثار رأيا عامًا ضد من ناحية ومع من ناحية أخرى .

هنا لا نريد التمترس وراء رأى بقدر ما نريد مناقشة عدة طروحات طرحت من جانب من يؤيدون هذا النادى كحل لمشكلة عدم قبول شباب مسيحى فى النوادى العامة. من ناحية رفض النادى فقد وضحنا وجهة نظرنا على ضوء موقفنا الثابت من المناخ والتمييز والفرز الطائفى الذى دائما ما يستغل على مر التاريخ فى تفتيت اللحمة الوطنية، مما يمثل خطورة على سلامة الوطن.

كما أنه من خلال قناعتنا السياسية نؤمن كل الايمان بأن معالجة الطائفية لن تكون أبدًا بمزيد من الطائفية والعزلة الكنسية. لأن ذلك لا يحل المشاكل ولا يعطى الحقوق. فلا حقوق ولا مواطنة حقيقية بدون فك العزلة والعودة إلى المجتمع بعد الهجرة إلى الكنسية التى كانت لها ظروفها الموضوعية عبر التاريخ.

فليس من الحكمة أن نسترجع تلك الظروف أو نعيش ذلك المناخ حتى لو لم نصل إلى ما نريد، فالطريق طويل ويحتاج إلى نضال. أما المبررات التى طرحت لتأييد النادى. فهى أنه سيكون لكل المصريين مسلمين ومسيحيين. وأن هناك نوادى باسم الشبان المسلمين فلماذا لا تكون هناك نواد مسيحية، والأهم أن هناك مدارس ومستشفيات مسيحية تمارس دورها ولم تحدث هذه الفتن. أما بخصوص أنه سيكون نادى لكل المصريين .

فهذا شعار للتمرير وليس للتنفيذ . لماذا ؟ لأن النادى أعلن من الكنيسة ومن خلال أحد رجال الدين مما يؤكد بلا مواربة أنه نادى ليس مسيحيا مثل المستشفيات والمدارس ولكنه نادى كنسيا بامتياز. ودليل ذلك أن لائحة النادى المعلنة تقول فى المادة الثانية: أن هناك متابعة روحية من خلال أجندة روحية تتم متابعتها مع المشتركين. يعنى ممارسات ليست دينية شخصية بين الإنسان وبين الله، ولكنها ستكون ممارسة وإشراف وإلزام كنسى!! هنا ماذا سيكون الوضع مع المنتسب المسلم؟ بالطبع إذا حدث فعلا وكان هناك مسلمون مقتنعون بعدم طائفية الفكرة.

سيكون هناك منتسبون لهم أجندة روحية مسيحية. هنا أليس من الواجب أيضا أن تكون هناك أجندة دينية إسلامية وألا يكون هذا النادى مقصرا فى حق رواده المسلمين. وهذا يعنى أن هذا النادى أصبح ناديا دينيا بامتياز فى مقابل ما يسمى فريق الساجدين. وهذا فى مقابل ذاك "وشا لله تخرب". هنا هل لا تطلق مقولات مثل أن هذا النادى يقوم بعملية تبشيرية؟ هنا هل ستصمت تلك التيارات الإسلامية بكل مسمياتها من أن تشكل وفورا مثل هذا النادى وهنا تتحول العملية إلى صراع طائفى وليس مناخا طائفيا فقط!! 
أما بخصوص نوادى الشبان المسلمين فهناك نوادى الشبان المسيحيين.

وهذه النوادى تتبع جمعيات أهلية محلية وجمعيات أهلية دولية، مثل نادى "الواى الشبان المسيحيين" وإن كان هذا النادى يقبل كل البشر . ومثال ذلك هناك نواد أصحابها مسيحيون، ولذلك يطلق عليها نواد مسيحية تأويلا، ولكنها لا تتبع الكنيسة. أما حكاية المستشفيات والمدارس. فهذه بدأت أواخر القرن التاسع عشر عن طريق جمعيات أهلية مسيحية "جمعية التوفيق المسيحية" وإسلامية مثل جمعيات إسلامية أنشئت فى الإسكندرية والمنوفية بهدف تقديم خدمات طبية وتعليمية للمصريين تماشيا مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية التى كانت تسيطر على الغالبية من الشعب المصرى حين ذاك. وحاليًا فبالرغم من أن هذه المؤسسات تهدف إلى الربح، لكن لا علاقة لا بالجانب الدينى، فالمواطن أيا كانت ديانته يذهب إلى المكان الذى يثق فى أنه سيعطيه الخدمة التى يريدها أفضل من الآخر أيا كان مسمى تلك المؤسسة. فى نفس الوقت فهذه مؤسسات خدمية اقتصادية وليست مؤسسات سينتج عن ممارساتها صراعات رياضية طائفية والأمثال أمامنا وعلى مستوى العالم كله وليس فى النوادى المصرية الكبيرة التى رسخت وكرست فى المجال العام المصرى فكرة ومنهجية "الحرب الصفرية" التى لا تقبل مبدأ الفوز والهزيمة تؤكد ما نقول. إذن هذه مبررات وليس أسبابا موضوعية لتمرير فكرة هذا النادى، هنا هل يمكن أن نضيف ملاحظة؟ وهى هل فى هذا المناخ الطائفى العام والشامل ليس بين الأديان، ولكن بين الطوائف الدينية ذات الدين الواحد يمكن أن يؤسس مثل هذا النادى؟ واذا كان الأسقف الذى أعلن ولادة هذا النادى يرفض الآخر المسيحى ولا يعتبره مسيحيا من الأساس، هل سيقبل غير المسيحى؟ الأمثلة كثيرة تجعلنى أضع أحيانا وليس كل الوقت بعض الماء فى فمى.
أما حل قبول الشباب المسيحى أو المسلم الذى لا يملك واسطة فى النوادى العامة. نقول إن معركة هذا النادى أسفرت بلا شك عن بذوغ رأى عام مصرى واع يقبل فكرة عدم قبول المسيحيين فى النوادى، مما جعل الأمر واقعا أمكن التعبير عنه. ولذا نطالب هذا الرأى العام المصرى والواعى أن يستمر فى هذه المعركة حتى نضع أنفسنا على بداية طريق المواطنة الحقيقية. وعلى وزير الرياضة والشباب أن يتابع ذلك ويعى ذلك وأن يقوم بدوره فى رعاية الشباب المصرى بعيدا عن دور العبادة، ولكن فى مؤسسات الدولة التى هى ملك لكل المصريين. حمى الله مصر وشعبها العظيم من شرور الفتنة والفتانين.