رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قضايا الصحة والحوار الوطنى

تنص المادة «١٨» من الدستور على «لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة.. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن ٣٪ من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.. وتلتزم الدولة بنظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض.. وتلتزم بتحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين فى القطاع الصحى».

فى الرابع من سبتمبر ٢٠٢٢ أُقيمت ورشة عمل تحت عنوان «قضايا الصحة فى مصر» بحضور عدد من الأكاديميين والنواب والأحزاب السياسية، منهم الدكتور عمرو حلمى، والدكتور عمرو عباس، والدكتور محمد حسن خليل، والدكتور رامى عادل، والأستاذ إلهامى الميرغنى، والدكتورة أميرة هريدى، وتناول الحوار مشاكل المنظومة الصحية فى مصر ونقص الأطباء والتمريض، وأسباب هجرة الأطباء، والتعليم الطبى، والأمراض غير السارية وكيفية علاجها، كما تناولت الورشة بالتفصيل مثالب التأمين الصحى بعد مرور ٤ سنوات على تطبيقه فى عدد من المحافظات.

وقد أجمع الشعب المصرى بكل قواه السياسية والجماهيرية على أن الحل الأمثل لقضية الصحة فى مصر هو نظام التأمين الصحى الاجتماعى الشامل الذى يغطى كل المصريين بمظلته، وأعلنت الحكومة المصرية هذا الهدف عنوانًا لقانونها رقم ٢ لسنة ٢٠١٨.

وجاء القانون الجديد بمشروع شمول التطبيق للشعب كله على الأساس الجغرافى، بضم سكان كل محافظة، وضم بضع محافظات فى كل مرحلة، لينتهى التأمين بشمول كل سكان الجمهورية، كما وعدت الحكومة. خلال أربع سنوات ونصف السنة تم إنجاز التأمين الصحى الجديد على محافظتين فقط من محافظات الجمهورية، بورسعيد والأقصر، يبلغ سكانهما ٢٪ من سكان الجمهورية. ويَعِد البرنامج الحكومى بإضافة ٤ محافظات أخرى، الإسماعيلية والسويس وأسوان وجنوب سيناء، تنتهى فى آخر يونيو ٢٠٢٣. وفى حال تحقيق هذا الوعد يكون التأمين الصحى قد أنجز التأمين على محافظات يسكنها ثمانية ملايين مواطن يمثلون حوالى ٨٪ من سكان الجمهورية، ويتبقى التأمين على ٩٢٪ من الشعب المصرى خلال سبع سنوات متبقية!!!. 

وفى القانون الحالى تخلت الدولة عن التأمين على الأطفال والطلاب ونقلت العبء على ولى الأمر، حيث يدفع ولى الأمر ١٪ للتأمين على نفسه، و٣٪ للتأمين على زوجته إذا كانت غير عاملة، و١٪ عن كل طفل، بحد أقصى ٧٪ من مرتبه فى حال وجود ثلاثة أطفال أو أكثر!

كما أدخل القانون الجديد، بجانب الاشتراكات، مساهمات عبارة عن ١٠٪ من ثمن الأدوية بحد أقصى ألف جنيه، و١٠٪ بحد أقصى من ثمن الفحوص الإشعاعية والتحاليل بحد أقصى ٧٥٠ جنيهًا بكل منها، ما عدا الأمراض المزمنة والسرطان 

وانطلاقًا من أن الصحة حق لكل مواطن واستنادًا للدستور نطالب: 

١- زيادة ميزانية الصحة لتصل إلى تحقيق ما نص عليه الدستور المصرى «٣٪ من الناتج القومى الإجمالى» مع زيادة النسبة تدريجيًا لتصل إلى المعدل العالمى.

٢- تطبيق التأمين الصحى الشامل على كل المواطنين والمواطنات وفقًا للرقم القومى، مع التزام الدولة بتطبيق التأمين على الأطفال قبل سن الدراسة وفى جميع مراحل التعليم.

٣- التزام الدولة بالتأمين الصحى على العمالة غير المنتظمة والتى تصل لـ١٤ مليون مواطن ومواطنة، مع عدم تحميلها نسبًا عالية لا تقدر عليها مثلما ينص القانون الحالى.

٤- عدم تحميل المواطن دفع رسوم ومساهمات زيادة عن الاشتراك الأصلى. 

الأطباء

إن القوى البشرية الطبية تعد من أهم الموارد التى يجب الحفاظ عليها لحماية الأمن القومى الصحى، ولقد أثبتت جائحة كورونا مدى أهمية العاملين بالقطاع الصحى فى جميع القطاعات.

وفى الفترة الأخيرة نجد ازدياد نزيف العقول وازدياد هجرة الأطباء، حيث استقال من التكليف فى الأعوام الثلاثة الماضية أكثر من ١١ ألف طبيب، وذلك للعديد من الأسباب، منها: 

- ضعف هيكل الأجور الخاص بالأطباء بل واختلاف اللوائح المالية للأجور داخل القطاعات التابعة لوزارة الصحة.

- الاعتداء على الأطباء داخل المنشآت الصحية والتعرض للضرر النفسى والجسدى.

- التداخل بين الأخطاء الطبية والإهمال الطبى وخوف الأطباء من التعامل مع المرضى، مما يجعل بيئة العمل غير آمنة مع زيادة الضغوط النفسية.

- الأعباء المالية لعمل الدراسات العليا من ماجستير أو دكتوراه أو الحصول على درجة الزمالة.

الحلول المقترحة لعلاج ظاهرة هجرة الأطباء

وضع ميزانية مخصصة لإعادة هيكلة الأجور تشمل زيادة الأجور، مع توحيد اللائحة المالية لأجور كل الفرق الطبية بالقطاعات التابعة لوزارة الصحة، مع ربط الحوافز بتقييم الأداء لرفع كفاءة الخدمة الطبية.

تشريع قانون يُجرِّم الاعتداء على المنشآت الصحية والعاملين بالقطاع الصحى مع تغليظ العقوبات لتكون رادعة.

عمل توعية للتفرقة بين الأخطاء الطبية والمضاعفات واردة الحدوث، والإهمال الطبى، مع وضع إجراءات واضحة ومعلنة للتعامل مع كلتا الحالتين.

دعم تكاليف الدراسات العليا من قبل وزارة التعليم العالى لتوفير قوى بشرية مؤهلة، ومن الممكن وضع شرط على الدارس بأن يقوم بالعمل داخل المستشفيات الجامعية لمدة خمس سنوات للحصول على الدعم، وذلك لسداد العجز فى القوى البشرية داخل المستشفيات وزيادة خبرات الطبيب من التعلم والتدريب.

التعليم الطبى

إننا نحتاج سياسة تعليمية تستهدف توفير الفريق الصحى الذى يستطيع تقديم الرعاية الفعالة طبقًا لاحتياجات المجتمع فى الواقع الفعلى المعاش باستخدام أقصى المتاح من إنجازات العلم الطبى والتكنولوجيا الطبية المعاصرة، وفى نفس الوقت تسلح المتعلم/الدارس بالقدرة على التعلم الذاتى والمستمر والقدرة على حل المشكلات الصحية والطبية التى تطرأ على واقع المجتمع ككل أو الفرد مستخدم الخدمة.

محددات منهاج التعليم الطبى الأمثل

التعليم المتوجه للمجتمع: بمعنى أن يؤهل البرنامج التعليمى الدارس/المتعلم بالقدرة على التعامل مع المشكلات الصحية ذات الأولوية بالرعاية فى المجتمع الذى يمارس فيه الخدمة.

المنهاج التعليمى المدمج: ويعنى ذلك تكامل العلوم الطبية الأساسية مع العلوم الإكلينيكية وطب المجتمع والعلوم النفسية والاجتماعية من بداية مرحلة التعليم الأولى.

الاعتماد على التعلم الذاتى والتعلم المتبادل بين الزملاء: يتعلم الطلاب من خلال التحليل واكتساب القدرة على تقصى الموارد التعليمية ومحركات البحث وكيفية استخدامها وأساليب تبادل المعارف والنقاش والتفكير النقدى والعمل ضمن الفريق وقيادة المجموعات.

تقييم مخرجات التعليم: يتم تقييم الطلاب بوسائط متعددة للتحقق من اكتسابهم المعارف والمهارات والقدرات المطلوبة. 

تدريب وتأهيل المعلمين على تخطيط وتطوير مناهج التعليم وطرق إعداد المصادر التعليمية وأساليب التعليم، وتدريبهم على إجراء البحوث وأساليب الكتابة العلمية. 

التوصيات الخاصة بسياسات التعليم الطبى 

الإتاحة: ضرورة التوسع فى إتاحة التعليم الطبى على كل مستوياته، وذلك بالتوسع فى إنشاء كليات الطب، فما زلنا فى احتياج لأعداد أكثر من الأطباء، وفى احتياج للعدالة فى الحصول على فرص التعليم لكل من يرغب دون تفرقة بسبب القدرة على دفع رسوم فى الجامعات الأهلية والخاصة لمن هم أقل كفاءة. 

توحيد أهداف التعليم الأساسية: وذلك لضمان الأداء الأمثل لمقدمى الخدمة فى هذا المجتمع. 

الدراسات العليا والتعليم المستمر: وهنا أيضًا تنطبق متطلبات العدالة والتوحيد مع إتاحة الفرصة لتمايز المؤسسات التعليمية فى تقديم التخصصات المختلفة وإدخال الجديد منها.

وأخيرًا، يجب أن نقول إن تطوير التعليم ورقيّه يكون بقدر التطور العام فى المجتمع وتلبيته حاجات المواطنين.. وبقدر الديمقراطية والعدالة قى المجتمع تكون ديمقراطية وعدالة المؤسسات التعليمية والعملية التعليمية التى تضمن مصالح جميع أطراف المقدمين والمستفيدين من الرعاية الصحية.