رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على جمعة: العصمة من الانحراف تتحقق بالتمسك بالقرآن والسنة

د. على جمعة
د. على جمعة

قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية: «لقد أشرنا إلى وجوب الاحتجاج بالسنة والعمل بها، فالمستغني عنها هو مستغنٍ في الحقيقة عن القرآن، وأن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي طاعة لله وعصيانه عصيان لله تعالى، وأن العصمة من الانحراف والضلال إنما يتحقق بالتمسك بالقرآن والسنة جميعًا. نتناول في هذا المقال دلائل تدوين سنة النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم في عهده، والحقيقة الأولى في هذا الشأن أن التدوين لم يكن في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم تدوينًا رسميًا، بمعنى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر الصحابة رسميًا بتدوين السنة، ولم يعين لذلك كتبة مثل كُتَّاب الوحي الذين كانوا يدونون القرآن، غير أنه ورد الأمر النبوي لبعض الصحابة رضي الله عنهم بالكتابة بصور فردية غير منتظمة، وبإذن خاص من رسول الله صلى الله عليه وسلم». 

وأضاف عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: وقد يظن بعضهم أن ذلك الكلام وغيره يتعارض مع قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» (رواه الإمام أحمد في مسنده).

وأوضح: فإن ذلك الحديث كان في بداية تدوين القرآن فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ينشغل الصحابة رضي الله عنهم بشيء غير القرآن الكريم. ومن هنا نهى في بدء الإسلام عن كتابة أي شيء غير القرآن الكريم، وكان ذلك لعدة أسباب منها: عدم اختلاط كلام النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن، وعدم ركون المسلمين إلى الكتابة وترك الحفظ، وغير ذلك من الأسباب، ولما زالت تلك الأسباب أذن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في كتابة الحديث لمن أراد من المسلمين. 

وأشار: وقد تمثل هذا الإذن النبوي في مجموعة من الأدلة نوجز بعضها فيما يلي: 

لما فتح الله تعالى مكة للمسلمين خطب النبي صلى الله عليه وسلم، فقام رجل من أهل اليمن اسمه أبو شاه، وقال: يا رسول الله، اكتبوا لي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اكتبوا لأبي شاه» (رواه الإمام أحمد في مسنده). 

وعند البخاري زيادة، عن الوليد بن مسلم، قال: قلت للأوزاعي، ما قوله، اكتبوا؟ قال: هذه الخطبة التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فدل ذلك على صريح إذنه بالكتابة. 

وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهم، قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: «اكتب، فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حقّ؛ وأشار بيده إلى فيه» (رواه أحمد في مسنده).