رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تفاصيل الجلسة النقاشية «مساهمة الدول الإفريقية في تحديد أجندة العمل المناخي»

منتدى مصر للتعاون
منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي
  • مدير مكتب الأمم المتحدة فى فيينا: نحتاج إلى وجود تدابير خاصة بعمليات الإنفاق على التغيرات المناخية
  • نائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية: إفريقيا قد تحتاج ما بين 140 إلى 300 مليار دولار سنويًا
  • أوراما: إفريقيا تفقد من 5% إلى 15% من الناتج المحلي الإجمالي بسبب التغيرات المناخية

 

انطلاقا من أحقية الدول الأفريقية فى أن تحدد مساهمتها الوطنية فى أجندة المناخ وفقا لمخططاتها للتنمية طويلة الأجل، ناقش منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي  Egypt-ICF2022، الدعم الذي تحتاجه دول قارة أفريقيا على المستوى الفني والمالي من أجل تحديد مُساهمتها المُحددة وطنيًا بشأن أجندة العمل المناخي NDCs ، وتعزيز القدرة على تنفيذها بشكل فعال، وذلك خلال الجلسة النقاشية التي عقدت تحت عنوان “مساهمة الدول الأفريقية في تحديد أجندة العمل المناخي”.

وخلال الجلسة ناقش المشاركون الآليات المطلوبة للوفاء بالالتزامات المناخية، وتوفير الدعم الفني والمالي لدول قارة أفريقيا، ودور شركاء التنمية متعددة الأطراف والثنائية في تقديم الدعم اللازم لبلدان القارة من أجل تنفيذ مساهمتها المحددة وطنيًا، ودمجها ضمن خطط التنمية الوطنية طويلة الأجل.

وسلطت الجلسة الضوء على ضرورة توفير الدعم لقارة أفريقيا باعتبارها من أكثر المناطق تأثرًا بالتداعيات السلبية للتغيرات المناخية في الوقت الذي تُسهم فيه بنسبة 3.8% من الانبعاثات الضارة، إلى جانب ذلك فقد بادرت الدول الأفريقية الـ54 بالتوقيع على اتفاقية باريس للمناخ، كما قدمت 38 دولة أفريقية منذ أكتوبر 2021 تحديث مساهمتها المحددة وطنيًا في أجندة العمل المناخي.

وقال المشاركون وأضافوا  خلال الجلسة النقاشية الثانية حول "دور الحكومات فى الدول الأفريقية فى تحديد أجندة المناخ الوطنية الخاصة بها"، خلال منتدي مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي Egypt-ICF، فى نسخته الثانية الذي ينعقد بالقاهرة خلال من 7 إلى 9 سبتمبر، أنه يوجد حاجة ماسة للتحول من التعهدات بشأن التعامل مع قضايا التغيرات المناخية إلى التنفيذ وهو ما سيتم مناقشته خلال مؤتمر cop27 بمدينة شرم الشيخ خلال نوفمبر المقبل.

وقالت الدكتورة غادة والي، المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والمدير العام لمكتب الأمم المتحدة فى فيينا، إن التزام الحكومة قائم على الوعي والأدلة والعلوم بهدف تحسن مستوى المعيشة،إذ تعانى الدول الفقيرة بوتيرة أكبر من تلك التي تسببت في الانبعاثات الكربونية.

وأضافت والي "هذا الوعي والتقارب الذي نشهده يوضح أننا نتخذ الخطوات الصحيحة عن طريق تبني سياسات التكيف الخاصة بالماء والغذاء  والتخفيف والمرونة الخاصة بالطاقة. وربطت المدير العام لمكتب الأمم المتحدة فى فيينا بين الجريمة والمخدرات والفساد والإرهاب مع التغيرات المناخية.

وقالت إن هناك عامل هام آخر يتمثل في مكافحة الفساد عن طريق اتخاذ تدابير خاصة إذ أنه يجري التعامل مع مبالغ ضخمة تبلغ على سبيل المثال بين  1.8إلي 3 تريليونات دولار لتحقيق  أهداف التنمية الوطنية.

وتابعت أنه ستحصل الدول على هذا التمويل من مصادر مبتكرة وفقا لوالي، مضيفة انها سوف تحتاج إلى وجود تدابير مكافحة الفساد جراء إنفاق هذه الأموال بما يتطلب الشفافية المسؤولة، الأمر الذي يدعم الدول فى جذب الموارد المالية الخاصة بالتمويل الإنمائي.

ويرى مدير عام الأمم المتحدة أن وضع تدابير ضد الفساد يعد أمرًا في غاية الأهمية، فضلا عن الحاجة إلى تدابير قوية لمنع الجريمة والعدالة الجنائية في تلك الدول للتمكن من تنفيذ السياسات. 

وتوضح أن السياسات معروفة، إذ تم إطلاق العديد من التصريحات وإلقاء العديد من الخطابات ذات الصلة، لكننا في حاجة إلى دفع التعهدات لتدخل حيز التنفيذ وفقا لوالي. وقالت إن مصر تسعى خلال مؤتمر المناخ COP 27  الذي ينعقد خلال نوفمبر المقبل إلى تحويل التعهدات إلى التنفيذ ومن أجل  تنفيذ ذلك فإن الأمر يتطلب نظاما  قويا لمنع الجريمة والعدالة الجنائية.

“كما نحتاج إلى توفير التدريب اللازم وبناء القدرات وتعزيز دور القانون” وفقا للدكتورة غادة والي مدير مكتب الأمم المتحدة فى فيينا. 

وأشارت إلى الحاجة إلى وجود قوانين تحمي البيئة، لتساعد في مواجهة التغيرات المناخية، وتمكين مسئولي منع الجريمة والعدالة الجنائية،إذ أنه في العديد من الدول الأفريقية وأماكن أخرى على مستوى العالم  توجد عمليات هجرة غير شرعية و اتجار في البشر وغيرها بسبب الأزمات المناخية.

ويمثل الشباب والسيدات واحدًا من أهم الأصول في إفريقيا، إذ أن نصف الشعوب الإفريقية قد ولد بعد عام 2000، الأمر الذي طرح معه سؤال هام يتمثل في كيفية استخدام هذه الأصول، وجعل الشباب يؤمنون بتلك السياسات ودعمها وحمايتها. 

وشددت والي على أهمية الحاجة إلى المزيد من جهود بناء القدرات فهي بنفس أهمية الموارد المالية، فضلا عن الحاجة إلى الكثير من البيانات والأدلة لمواصلة جمع البيانات وعرض الأدلة القائمة على العلوم.

وقالت إن توافر هذه البيانات سوف يدعم الدول في تنفيذ السياسات ليس فقط على الصعيد المحلي والإقليمي بل والقاري أيضًا. 

وأوضحت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، أنه من الهام عرض رحلة الدولة المصرية فى مجال التحول للأخضر، والتى لم تكن رحلة سهلة بل كانت مليئة بالتحديات الداخلية والخارجية، خاصة فى ظل الأزمات الإقتصادية وجائحة فيروس كورونا.

وبدأت مصر اتخاذ إجراءاتها للتحول للأخضر من أجل مواجهة التغيرات المناخية منذ ٤أعوام ماضية، فقد تم إعادة هيكلة المجلس الوطنى للتغيرات المناخية ليصبح برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وقد تم تحديد  أدوار ومسؤوليات كل وزارة.

كما تم إدماج  التغيرات المناخية فى كافة العمليات التنموية، بالإضافة إلى مشاركة كافة الأطراف ذات الصلة، بما فيهم المراكز والمؤسسات البحثية وتم الإعلان عن أول الأبحاث حول التغيرات المناخية، مضيفةً أن مصر أطلقت الإستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية ٢٠٥٠ تتضمن كل الجوانب الاستراتيجية والخططية لمشروعات تغير المناخ.

وحددت مصر  قائمة مشروعات ذات الأولوية القصوى لتنفيذها قبل عام 2030، في إطار المساهمات الوطنية المحدثة “NDCS”، وفقاً لفئات محددة وهى ( المشروعات الكبرى  للطاقة المتجددة large scale، المشروعات التى تهدف الى تحسين الصمود، وقدرة المواطنين على التكيف، مشروعات لركائز تغير المناخ الثلاث بمنظور الإنتقال العادل.

وقال إيمانويل نيرينكيندي، نائب الرئيس للحلول المتقاطعة مؤسسة التمويل الدولية، إن السؤال هو ليس التكيف أم العمل على الحد من التغير المناخي، إذ يجب الوصول لتوازن بينهما.

وأضاف أنه في النتائج المالية التي أعلنتها مجموعة البنك الدولي مؤخرًا، يتضح أن إجمالي التمويلات الموجهه  للمناخ ارتفعت 19% خلال العام المالي الأخير المنتهي في يونيو الماضي، بقيمة إجمالية 31.7 مليار دولار.

وزادت إجمالي التمويلات  كذلك للأسواق الناشئة وفقا لنائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية مضيفا أن 50% منها كانت موجهة لصالح المناخ والأكثر أهمية أن توافر المزيد من التمويلات  التي تخصص للتكيف بالقدر نفسه الذي يتم تمويل تدابير الحد من التغير المناخي.

وتشير التقديرات إلى أنه القارة قد تحتاج ما بين 140 إلى 300 مليار دولار سنويًا قد تصل إلى 560 مليار دولار في 2050 إذا لم نكن حذرين بحسب إيمانويل نيرينكيندي مضيفا"هو رقم لن تستطيع قدراتنا التمويلية على تلبيته، لذلك تحتاج أفريقيا لرافعة مالية".

وقال إن ما نراه حاليًا هو أن 10% من التمويلات تذهب للتكيف وهو رقم صغير، لذلك يجب تركيز مواردنا على التكيف الذي يعد شديد الأهمية لقارة أفريقيا، عبر اختيار المشاريع بعناية والتي تم تحليلها بعناية.

وشدد على ضرورة اعتماد الدول على البيانات الصادرة من تقارير متابعة استراتيجيات الدول لمواجهة التغير المناخي والتي تعد مورد غني يمكن استخدامه لسد الفجوات في السياسات المتبعة وكذلك من الضروري أن تشرك القطاع الخاص.

وقال أمبرواز فايول، نائب رئيس بنك الاستثمار الأوروبي، خلال مشاركته في الجلسة الثانية من فعاليات المنتدى ،ما نفعله هو محاولة المساهمة في حل تلك المشكلة، عبر تقديم الخدمات بوتيرة أكبر والتوسع في تمويلات المناخ ليس فقط في أوروبا لكن خارجها.

وأضاف أنه بالنظر إلى أفريقيا فقد تم ضخ 2.6 مليار يورو العام الماضي و 50% من التمويلات للمناخ، في مصر الوضع نفسه في حجم التمويلات خلال العام الماضي مليار يورو نصفها للمناخ.

وبجانب التوسع في تمويل المناخ يسعى بنك الاستثمار الأوروبي لزيادة عدد ممثليه في البلدان المختلفة بالتزامن مع تدشين المزيد من الفروع.

واختتم كلمته قائلًا إنه عند تنفيذ الاستراتيجيات الوطنية يجب الوضع في الاعتبار ثلاثة عوامل أولها أنه لن يمكن تنفيذها بدون القطاع الخاص ونحن بحاجة لإيجاد الآليات الصحيحة لجذب القطاع الخاص، وثانيها ضرورة بناء القدرات والدعم الفني وتوفير التمويلات في أقرب وقت ممكن لذلك ، وثالثها ضرورة العمل معًا والتعلم من الدروس المكتسبة في الدول المختلفة.

تشير بعض النتائج إلى أن أفريقيا تفقد من 5% إلى 15% من معدلات الناتج المحلي الإجمالي بسبب التغيرات المناخية وفقا أوراما، مضيفا أن هذه الخسائر ليس بسبب التغيرات المناخية أو الغازات الدفيئة، بل لأن أفريقيا ليس لديها استراتيجيات اقتصادية لسياسات التكيف الخاصة بالماء والغذاء.

وقال إنه بالنسبة لأفريقيا ومعظم الدول الفقيرة، فالمنهج الملائم هو ذلك الذي تبنته الحكومة المصرية، لأن الاستثمار في التكيف والاستثمار كذلك في التنمية والتعامل مع الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية في الدول النامية يعد أفضل الطرق لمواجهة التحديات المناخية.

وأضاف أن التحول للطاقة الجديدة حول العالم ومناقشات الغاز وخيارات الطاقة التي يمكننا الاستفادة منها وجدنا أنه منذ 1850 بدأت الدول في المطالبة بالتوقف عن استخدام الفحم والتحول للغاز كوقود.

ويطالب أوراما بأن يظل الغاز أهم مصادر الوقود في إطار عملية التحول إذا استطاعت أفريقيا والدول الأخرى الانتقال من الفحم ذي كثافة الكربون المرتفعة إلى أنظمة منخفضة التلوث. 

ويعترف أنه لن يحدث هذا الأمر سريعًا حيث يعتمد على الموارد الطبيعية وأنظمة الطاقة للدول وما إلى ذلك، وما يقدمه المجتمع الدولي للمساعدة على التحول للطاقة الجديدة يعد أحد الركائز الرئيسية. 

وتحظى إفريقيا بفرصة عظيمة بفضل المعادن الخضراء والخدمات الاقتصادية الخضراء اللازمة لبناء القدرة التنافسية والحد من الفقر وتوفير الماء وما إلى ذلك بحسب أوراما. وقال "تحتاج إفريقيا إلى التوجه السريع نحو التكنولوجيا النظيفة ليس فقط من المنظور البيئي ولكن أيضا من خلال التنمية الاقتصادية".

وأوضح أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد في أفريقيا هو 0.95% طن وهو أقل من 2 طن للفرد وهو المعدل العالمي المتفق عليه لتلبية التزامات المناخ، ولكن السؤال هو إن استمرت الدول في الاستثمار في خيارات الاستثمار عالية الكربون؟.

ويجاوب قائلا  بالطبع سنجازف بتمويل الأصول نظرا لتغير التكنولوجيات والأسواق والسياسات إن الدول التي قامت وتقوم بتقليل انبعاثات الكربون الآن هي دول قد انتفعت بالفعل من قبل في تطوير تكنولوجياتها وأصبحت اقتصادياتها أكثر مرونة وقدرة على تحمل الآثار لذا نحن في حاجة إلى إعادة النظر في نماذج تمويل المناخ الحالية لبناء بعض الثقة على الأقل.