رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد فوزها برئاسة حكومة بريطانيا.. كيف ستتعامل «ليز تراس» مع الدول العربية؟

ليز تراس
ليز تراس

توقع خبراء وسياسيون أن تلجأ ليز تراس رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة إلى اتباع سياسات براجماتية والاهتمام بملفات الطاقة ومكافحة الإرهاب في علاقتها مع الدول العربية ومصر، في ظل الأزمات التي تعصف بأوروبا والمملكة المتحدة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.

قبلت الملكة البريطانية إليزابيث الثانية استقالة بوريس جونسون من منصب رئيس الوزراء خلال اجتماع في قلعة بالمورال في اسكتلندا، حيث التقت أيضاً زعيمة حزب المحافظين ليز تراس وكلفتها تشكيل حكومة جديدة، لتبدأ رسمياً مسيرتها كرئيسة لوزراء بريطانيا.

وتعهدت تراس الإعلان عن خطتها خلال أيام لمواجهة التحديات التي تواجهها المملكة المتحدة على الصعيد الداخلي التي تأتي في مقدمتها ارتفاع تكاليف المعيشة، نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة، بجانب محاولة معالجة أزمة نقص إمدادات الطاقة في البلاد في سياق استمرار الحرب الروسية الأوكرانية.

ولكن ما هى خطة تراس تجاه الدول العربية وعلاقات بلادها بالدول العربية والقضايا الخاصة بالمنطقة، من خلال مجموعة خبراء رصدت «الدستور» من خلال التقرير التالى خطط تراس المقبلة تجاه المنطقة العربية.

تحركات ليز تراس الخارجية مرهونة بالتحديات الداخلية

قالت آية عبدالعزيز الباحثة بوحدة الدراسات الأوروبية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إنه من المتوقع أن تكون توجهات السياسة الخارجية للمملكة المتحدة مكملةً لهذا النهج، بما يضمن تحقيق مصالح المملكة المتحدة ويُدعم إجراءات مجابهتها للتحديات الداخلية، ويعزز مكانتها الدولية التي تستند على مبدأ بريطانيا العالمية.

وأضافت عبدالعزيز في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن تحركات السياسة الخارجية للمملكة المتحدة حاليًا مرهونة بالتحديات الداخلية، وهو ما سينعكس على تحديد توجهاتها تجاه عدد من المناطق، وأيضًا سيكون له صدى فيما يتعلق بالقضايا والملفات التي ستحتل أولوية على أجندة صانع القرار البريطاني.

وأوضحت آية عبدالعزيز أنه بناءً على ما سبق من المُتوقع أن تستند السياسة الخارجية للمملكة المتحدة تجاه المنطقة العربية على أساس "الارتباط الانتقائي" بمعنى إنها ستكون من المناطق الاستراتيجية ذات الأولوية للمملكة المتحدة بما يتوافق مع مصالحها الوطنية، وهو ما سيدفعها إلى تعزيز شراكتها مع عدد من القوى الإقليمية الكبرى بالمنطقة في الملفات ذات الأولوية المُشتركة مثل الطاقة والمناخ بجانب زيادة التعاون التجاري. 

وتابعت عبدالعزيز: "الأمر الذي قد يدفعها إلى انتهاج عدد من المسارات المُحتملة تجاه دول المنطقة، وفي مقدمتها دول الخليج العربي، حيث ستسعى الحكومة الجديدة إلى تقوية علاقاتها معهم فيما يتعلق بمجال الطاقة في سياق استمرار تنامي تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، لتأمين إمدادات الطاقة، وبما يضمن استقرار أسعار الطاقة عالميًا، فضلاً عن استكمال المفاوضات الخاصة باتفاقية التجارة الحرة بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي التي بالفعل تم إطلاقها في يونيو الماضي، وهو ما يُعد استمرارية لنهج الحكومة السابقة برئاسة بوريس جونسون". 

وأضافت عبدالعزيز، أنه من المحتمل أن تقوم المملكة المتحدة بتعزيز علاقاتها الثنائية مع مصر وخاصة فيما يتعلق بالمناخ والطاقة المتجددة، وذلك في إطار استضافة القاهرة لمؤتمر المناخ "كوب 27"، الذي سيُعقد في نوفمبر المُقبل بمدينة شرم الشيخ، بالإضافة إلى ذلك من المُتوقع أن تحافظ المملكة المتحدة على علاقاتها التاريخية بدول المنطقة، والتعاون معهم في الملفات ذات الاهتمام المشترك بما يعزز الاستقرار المستدام في المنطقة، وبالرغم من ذلك ليس من المُتوقع أن تنخرط المملكة المتحدة بشكل كبير في أزمات المنطقة مثل الأزمة السورية والعراقية واليمنية، خلال الفترة المُقبلة نتيجة أولوياتها الداخلية والخارجية الملحة. 

 

كيف ستتعامل ليز تراس مع مصر؟

فى السياق، قالت مروة عبدالحليم الباحثة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إنه أمام تراس قائمة مضنية لأمور ينبغي إنجازها، في وقت تشهد المملكة المتحدة أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود ومناخ عالمي تسوده أزمات متصاعدة وعلاقات دولية متشابكة تحكمها عدد من المصالح التي لا تنفصل في جزء كبير منها عن الشرق الأوسط.

ومن المتوقع أن تتوسع تروس، التي كانت وزيرة خارجية سابقة، في سياساتها القائمة بالفعل فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأن تركز على التجارة والأعمال نظرا للوضع الاقتصادي المتدهور الذي يجتاح المملكة المتحدة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأضافت عبدالحليم في تصريحات خاص لـ"الدستور"، أن تراس ستتطلع إلى توسيع العلاقات الاقتصادية مع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصة دول الخليج، وعقد صفقات تجارية غير تقليدية في المنطقة وستتطلع كذلك إلى الدول الغنية بالغاز في المنطقة للتعويض عن انخفاض إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا والمملكة المتحدة ومن المحتمل أن تقوم تراس بتعيين وزير للشرق الأوسط وشمال إفريقيا يشمل المنطقة بأكملها، بدلاً من الوضع الحالي حيث يوجد ثلاثة وزراء لكل منطقة من مناطق الشرق الأوسط "شمال إفريقيا، والشام، ودول الخليج".

وحول قضايا المنطقة وأزماتها، قالت عبدالحليم، إن تراس أعربت في أكثر من موقف أنها تقف إلى جانب إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها ولكن أبدت قلقها من الهجمات الإسرائيلية على منظمات المجتمع المدني الفلسطينية وعرقلة عملها، والدور المهم الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني الفلسطينية في دعم حقوق الإنسان.

وفيما يتعلق بعلاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، وبصفتها وزيرة للخارجية، أوضحت عبدالحليم أن تراس أشرفت على بدء جهود المملكة المتحدة لتأمين اتفاقية تجارة حرة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وقد حددت الحكومة البريطانية المنطقة على أنها بالغة الأهمية لمصالح لندن لأسباب تجارية واستراتيجية، خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وحول مفاوضات البرنامج النووي الإيراني، أوضحت عبدالحليم أن تراس حريصة للوصول إلى اتفاق مع إيران لتفادي سباق نحو التسلح النووي في الشرق الأوسط، وللحفاظ على المصالح البريطانية في المنطقة.

وحول العلاقات مع مصر، أكدت الباحثة أن تراس ستظل حريصة على توطيد هذه العلاقات وتعميقها والتي تتسم بالتقارب في وجهات النظر على عدد كبير من الأصعدة المختلفة فيما يخص عدد من القضايا وعلى رأسها أزمات سوريا والعراق واللاجئين وقضية الإرهاب، بالإضافة إلي أن عتبار مصر شريك استراتيجي في عدد من الملفات المهمة مثل مواجهة الهجرة غير الشرعية.

كما تعد بريطانيا من أكبر الدول المستثمرة في مصر في قطاعات متعددة، منها قطاعات الخدمات المالية والطاقة والإنشاءات والسياحة والمنتجات الدوائية والمنسوجات والاتصالات.