رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أيام بليغ الأخيرة «1».. حكايات جديدة عن ملك الموسيقى: مات بخطأ طبى عبثى وساذج

بليغ حمدى
بليغ حمدى

فى الساعة ١١:١٢ من صباح يوم الأحد الموافق ١٢ سبتمبر ١٩٩٣، توقف قلب الموسيقار بليغ حمدى، وقرر الأطباء فى غرفة العناية المركزة بمستشفى «جوستاف روسيه»، الواقع على أطراف العاصمة الفرنسية باريس، أن يرفعوه من تحت أجهزة التنفس الصناعى، بعدما أشارت كل الأجهزة الطبية المتصلة بجسده إلى أنه فارق الحياة.

وكان بليغ قد جاء إلى باريس قبلها بنحو ثلاثة أشهر بعدما أثبتت التحاليل الطبية التى كان قد أجراها فى القاهرة، ثم فى «جدة» عندما سافر للمشاركة فى حفل زفاف يخص ابن صديق له بالسعودية، أنه مصاب بسرطان فى الكبد، وفى حالة متأخرة تستلزم سفره بشكل عاجل إلى باريس ودخوله مستشفى «جوستاف روسيه» بالذات، بحكم أنه المستشفى الأهم فى العالم فى علاج السرطان، ثم إن الأطباء فيه توصلوا إلى علاج جديد- حينها- عن طريق حقن الخلايا المسرطنة.

تغيرت حياة بليغ وتبدلت شخصيته بعد اكتشافه المرض الخطير، لم يعد هو الإنسان البوهيمى، الذى يعيش الحياة بالطول والعرض، أصبح ينام كثيرًا وطويلًا، وهو الذى كان يصل الليل بالنهار، كانت تكفيه عشر دقائق ينام فيها على كرسيه، مجرد فاصل سريع يقوم بعده نشيطًا يستأنف حياته كأنه نام لساعات.

حتى الأكل أصبح بحساب، يعيش يومه على الجبن القريش والعيش المخلوط بالردة، فكبده لم يعد قادرًا على المغامرة مع «المشمر والمحمر»، وجد نفسه يأكل بعينيه كما كان يفعل صديقه العندليب، الذى كان يعزم أصدقاءه على مائدة عامرة، يلبى طلبات كل واحد منهم ويجهز له ما يشتهى، ثم يجلس بينهم على المائدة يحرضهم على الأكل الشهى، فى حين يكتفى هو بطبق من الأكل الصحى، حسب تعليمات الأطباء، لا يزيد على فول مقشر وقطعة جبن قريش وكسرة خبز، ولذلك كان يجد متعة فى أن يتابع الأصحاء وهم يلتهمون أطايب الطعام المحروم هو منها ويردد عليهم عبارته البليغة: أنا آكل معكم بعينى!.

بليغ هو الآخر أصبح يأكل بعينه على مذهب العندليب، أصبح مريضًا مثاليًا وهو الذى لم يعرف المرض يومًا، ولم يشكُ من ألم وكانت الحياة مفتوحة أمامه ينهل منها بلا حساب.

إنه الآن يعيش على الأمل، فقد عرف أن الفنان بدرالدين جمجوم يعانى من نفس مرضه بالضبط، سرطان الكبد، الذى أدى إلى تليف أنسجته بالكامل، ولما قرر بدرالدين جمجوم، «الفنان وزوج الفنانة فيروز التى كانت أشهر طفلات السينما المصرية وعُرفت بأفلامها مع أنور وجدى»، أن يسافر إلى باريس لتجربة العلاج الجديد فى مستشفى «جوستاف روسيه» فإن بليغ راح يتابع حالته ويتتبع أخباره وليس على لسانه سوى سؤال واحد: أخبار جمجوم إيه.. رجع ولا لسه؟. ولما توفى جمجوم عاش بليغ أيامًا من الإحباط، حاول أن يتجاوزه سريعًا بالعمل فى ألحان جديدة، إن المزيكا قادرة دومًا على أن ترفع مزاجه إلى السماء، ولا ينافسها على ذلك إلا سؤال وردة وصوتها.

المدهش أن «تليف الكبد» جمع كذلك بين بليغ ووردة، ولكن كان من حسن حظها أنها أصيبت بالمرض فى وقت كان الطب قد قطع شوطًا للأمام فى علاجه، ونجحت عملية زراعة الكبد التى أجرتها فى باريس وأعطاها الكبد المزروع عمرًا جديدًا.

«الليلة أجمل أعيادى».. اللحن الأخير الذى أخفاه هانى شاكر ثم أعاد تلحينه

لتكن المزيكا هى العلاج والمُسكّن والأمل، وكان من أخريات أعمال بليغ وقتها لحنان لهانى شاكر، ظهر أحدهما فى حين اختفى الآخر ولم يرَ النور، ولأن الأغنيتين من كلمات مؤلف واحد، هو الشاعر والكاتب الساخر محمد السيد محمد، أحد أقرب أصدقاء بليغ فى تلك المرحلة، فلنسمع القصة على لسانه:

«لما رجع بليغ من سنين المنفى، زى ما كان يسميها، سألنى المطرب الكبير هانى شاكر عن صحة بليغ وهل تسمح إنه يلحن له غنوة.. وبكام؟، ولما سألت بليغ رحب وقال لى: أنا عايز أعوض السنين اللى ضاعت.. وبعدين هانى ده ابننا يدفع اللى يدفعه، وفعلًا لم يتقاض منه سوى ٥ آلاف جنيه، فى حين كان أجر بليغ ممكن يوصل أضعاف المبلغ، لكن كان شرطه إنه يسجلها مع (الفرقة الماسية)، اللى كان مرتبط بها وكان مديرها وقتها عازف الناى الشهير محمود عفت بعد رحيل مؤسسها أحمد فؤاد حسن، المهم طلب منى بليغ كلمات فكتبت غنوة اسمها (أيام بتدور) وبدأ يلحنها، وإحنا بنعمل بروفات الغنوة لقيت بليغ يسأل هانى: إنت ليه ما بتشاركش فى حفلات عيد جلوس ملك المغرب؟، رد: الحقيقة يا بلبل ما بيعزمونيش، قال بليغ: إحنا نعمل غنوة للملك وبإذن الله نسافر سوا، أنا جالى دعوة لعيد الجلوس الجاى، يا محمد اكتب لنا غنوة باللغة البيضا (يقصد مزيج من العامية والفصحى البسيطة).. وفعلًا كتبت غنوة يقول مطلعها:

«الليلة أجمل أعيادى/ والفرح بعينى وفؤادى/ وبعيد جلوسك نتغنى/ وبحبك نُهدى ونهادى/ والليلة أجمل أعيادى».

ولحنها بليغ على العود واتفقنا على تسجيلها مع أغنية «أيام بتدور»، وقدم بليغ نصيحة لهانى: علشان يبعتولك دعوة للسفر لازم تعمل الآتى.. إنت تروح السفارة المغربية وتقابل الملحق الثقافى وتقول له إنك عامل غنوة لجلالة الملك وعايز تقدمها له فى عيد الجلوس، والمؤكد إن الرد سيكون بالقبول، وحكى لنا أنها خطة مجربة وسبق أن فعلها الأستاذ عبدالوهاب، فعندما غضب الملك الحسن الثانى من عبدالحليم بعد غنائه للجزائر وحذف اسمه من قائمة المدعوين لعيد الجلوس، نصحه عبدالوهاب أن يسجل غنوة للملك وصحبه إلى السفارة المغربية ومعهما «الريل» وقابلا السفير وطلبا منه إبلاغ جلالة الملك بأمر الغنوة، وفعلًا اتصل السفير بالديوان الملكى وجاءه الرد بالموافقة وانحلت المشكلة».

يكمل محمد السيد محمد الحكاية: لكن الذى حدث أن بليغ سافر إلى باريس للعلاج ومات هناك قبل تسجيل غنوة الملك، وبعد وفاته بشهرين اتصل بى هانى: إنت فاكر كلام غنوة الملك؟، قلت: طبعًا وعندى بروفة بليغ على العود، قال: لا يا حبيبى أنا عايز الكلام بس وأنا ح ألحنها من جديد علشان ما أدخلش فى مشاكل مع ورثة بليغ ويسألونى عن الأرقام والحقوق.

أبديت اعتراضى: أنا شايف يا هانى إنك لما تبدأ الغنوة بصوت بليغ على العود وبعدين تدخل بصوتك وتقول إن ده آخر لحن لبليغ، المؤكد إنه ح يضيف لرصيدك وكل الناس ح تهتم وتسمع وتبقى لقطة حلوة منك وتتحسب لك.. لكن هانى أصر على رأيه، وعمل لحنًا جديدًا للكلام يقل كثيرًا عن لحن بليغ الأصلى وكلمنى بعد كام يوم: يا حبيبى أنا رحت السفارة وقدمت الغنوة وفعلًا عزمونى.

وما زلت أحتفظ بلحن بليغ على العود، اللحن الأخير الذى لم يخرج للنور.

كان بليغ يجهز لتسجيل اللحن الأخير بتوزيع يحيى الموجى، لكن كانت تعليمات الأطباء قاطعة: لا بد أن تسافر فورًا.. الحالة خطرة ولا تحتمل أى تأخير.

الجثمان «غُسّل» مرتين 

بعد قليل من رحيل بليغ جاء إلى المستشفى هيثم ابن شقيقه ونانسى مساعدته، وكان لا بد من إعلان الخبر، واختار هيثم أن يُبلغه إلى أقرب أصدقاء بليغ، الإذاعى الكبير وجدى الحكيم، وكان هو أول من عرف بالخبر فى مصر.

وتقرر عودة الجثمان إلى القاهرة فى اليوم التالى على أقرب طائرة، لكن المشكلة التى لم يُحسب لها حسابًا أنه لا رحلات من باريس للقاهرة يومى الإثنين والثلاثاء، فبقى الجثمان فى المستشفى يومين تم خلالهما «الغُسل الشرعى»، والذى تكفل به جزائريون يعملون بالمستشفى، ويوم الأربعاء ١٥ سبتمبر ١٩٩٣، وصل جثمان بليغ حمدى من باريس ودخل مستشفى مصر الدولى بحى الدقى، واقترح محسن على الحاجة صفية، شقيقة بليغ، أن يُعاد الغسل لأنه لا يطمئن لذلك الذى تم فى باريس، وهو ما حدث فعلًا قبل دفنه بجوار والدته فى مقبرة الأسرة بالبساتين، وكان قد أوصى قبل رحيله بأن يُدفن بجوار «ماما عيشة»، والدته التى ربته بعد رحيل والده المبكر، وكان مرتبطًا بها ويعتبرها أجمل وأحب سيدة إلى قلبه.

هذا المشهد الأخير من حياة بليغ حمدى على ما فيه من إثارة لم يكن الأكثر إدهاشًا فى حكايات أيامه الأخيرة، ففيها لم يزل ما هو أكثر شجنًا من ألحانه ونتصور أنها تقدم جوانب جديدة ومناطق مجهولة وتضىء على فترة لا تزال غامضة من حياة هذا الموسيقار العبقرى الذى ملأ الدنيا وشغل الناس.

تليفون من «سلطان الألحان» لـ«محسن خطاب»: «تعالى لى حالًا»

قبل مجيئه إلى باريس كان محسن خطاب قد تولى ترتيبات إقامته وإجراءات دخوله المستشفى، ومحسن هو صديقه الأقرب الذى تولى شئونه الحياتية طوال سنوات المنفى القاسية، وهى السنوات الخمس «بين ١٩٨٦ و١٩٩٠» التى اضطر فيها للخروج من مصر بعد صدور حكم غيابى عليه بالسجن لمدة عام فى القضية الشهيرة التى وجد نفسه متهمًا فيها بعد انتحار المغربية «سميرة مليان» فى شقته، فى تلك الليلة المشئومة ١٧ ديسمبر ١٩٨٤، إلى أن عاد ليستأنف الحكم ويحصل على حكم بالبراءة فى ٢٥ نوفمبر ١٩٩٠.

ونظرًا لطول سنوات المنفى استأجر بليغ شقة فى وسط باريس- ١٨ شارع سانت سين بمنطقة بير حكيم- ظلت على ذمته حتى بعد عودته للقاهرة، الآن بليغ فى باريس من جديد لكنه هذه المرة مريض وليس متهمًا.

ولأنه كان من الصعب عليه أن يتحمل المسافة الطويلة بين شقته بقلب العاصمة الفرنسية والمستشفى الواقع فى حى «فيل جويف» أو حى اليهود على أطراف باريس، خاصة أن أسلوب العلاج كان يتيح له أن يغادر المستشفى بعد المتابعة اليومية، فقد استجاب بليغ لاقتراح محسن بأن يستأجر له غرفة فى فندق يطل على المستشفى لا يفصله عنه إلا خطوات على الأقدام، وهو الفندق نفسه الذى نزل فيه «هيثم»، ابن شقيق بليغ والذى رباه بعد رحيل شقيقه حسام مبكرًا، وكان هيثم قد جاء ليكون مرافقًا لعمه فى رحلة علاجه ثم انضمت إليهما «نانسى»، مساعدة بليغ وسكرتيرته التى كان قد تعرف بها عند صديقه الموزع الموسيقى ميشيل المصرى أثناء تسجيل ألحان مسلسل «بوابة الحلوانى» (من كلمات سيد حجاب)، وأوكل لها بليغ من حينها إدارة شئونه الفنية وتنسيق مواعيده.

وبعد أن تلقى بليغ الحقنة الأولى «وكانت أقرب لجراحة دقيقة تستلزم الوصول للكبد وحقنه»، تحسنت حالته الصحية وارتفعت روحه المعنوية، وكان عليه أن يقضى نحو شهرين فى باريس قبل موعد الحقنة الثانية وتحدد لها يوم الجمعة السابق لرحيله، وفى مساء يوم السبت فوجئ محسن- كما يحكى لنا حصريًا- باتصال من بليغ فى منتصف الليل، وكان على وشك أن يطفئ أنوار المطعم الذى يملكه بباريس ويغادر إلى بيته، كان الاتصال مثيرًا للقلق، فبليغ لم يعتد أن يطلبه فى هذا الوقت المتأخر، ثم إنه يريده أن يذهب إليه فى المستشفى فورًا لأمر مهم، وطوال الطريق إلى المستشفى كان ذهن محسن مشغولًا بالطريقة التى سيدخل بها المستشفى فى هذا الوقت المتأخر الذى لا يُسمح فيه بالزيارة، ثم فى هذا الأمر المهم الذى يريده منه بليغ وبشكل عاجل!.

وبالفعل وجد أنه من المستحيل أن يدخل من بوابة المستشفى، ومن فرط حيرته حاول أن يتسلق أسواره ويدخل متسللًا، ولكنه فشل وكان عليه أن يبقى ساعات فى سيارته مترقبًا ومنتظرًا موعد دخول موظفى المستشفى فى الخامسة صباحًا ليتسلل بينهم وهو ما حدث بالفعل.

طلبه الأخير: عايز أسمع صوت وردة

كان بليغ يقيم فى حجرة مستقلة، مفضلًا أن يدفع تكاليف مضاعفة حتى لا يقيم فى الغرف المشتركة، ولما دخل عليه محسن فى ذلك الصباح كان الإعياء باديًا عليه ولكن عقله كان يقظًا وفى كامل وعيه، ويحكى لى محسن خطاب، الشاهد الأول على تلك اللحظات الفارقة والأخيرة فى حياة الموسيقار الكبير، تلك التفاصيل المحفورة على جدران ذاكرته:

«دخلت على الأستاذ بليغ كنت مترقبًا لأعرف هذا الطلب الذى استدعانى من أجله على هذا النحو، كان منهكًا من تأثير الجرعة الثانية من العلاج، وبمجرد أن رآنى طلب منى أن أساعده ليدخل الحمام الملحق بالغرفة، ولما بدأت فى مساعدته سألنى: (هى وردة ما اتصلتش؟.. كان نفسى والله أسمع صوتها.. ممكن تكلمها لى فى مصر)».

وبمجرد أن وقف على قدميه حتى فوجئت به يسقط على الأرض فاقدًا الوعى، حاولت إفاقته ولكنى فشلت، فصرخت أستدعى الأطباء وجاءوا سريعًا وأعادوه إلى سريره، وتقرر بعد فحوصات سريعة نقله إلى غرفة العناية المركزة، وصممت على الدخول معه، فأجروا لى عملية تعقيم ودخلت، كانوا قد وضعوه تحت أجهزة التنفس الصناعى وأوصلوا بجسده أسلاكًا وخراطيم، وبدا أنه يجاهد فى التنفس ولاحظت أن رأسه قد سقط من فوق الوسادة فتقدمت لأعيده إلى مكانه، وفى اللحظة التى كنت أحتضن فيها رأسه برفق بدأت الأجهزة الطبية فى إطلاق صفير متواصل، وأشار لى أحد الأطباء بما يعنى أنه لا فائدة وأنه فارق الحياة، وكانت عقارب الساعة لحظتها ١١:١٢ دقيقة تمامًا، وهو تاريخ لا يمكننى أن أنساه أبدًا».

وهنا يفجّر محسن خطاب مفاجأة، حيث يكشف أنه مات بخطأ عبثى وساذج، ويقول: «كان تاريخ ميلاد الأستاذ بليغ المدون فى جواز سفره هو ٧ أكتوبر ١٩٣٩، وهو تاريخ غير حقيقى، ويقل نحو ٩ سنوات عن التاريخ الفعلى وكانت هناك موضة وقتها أن يختصر نجوم الفن من أعمارهم سنوات، وهكذا أصبح الأستاذ عبدالوهاب من مواليد ١٩١٠ رغم أنه ولد ١٩٠١، والست أم كلثوم سجلت فى جواز سفرها أنها مواليد ١٩٠٤ رغم أنها مولودة قبلها بست سنوات على الأقل، ومجاراة لهذه الموضة عدّل الأستاذ بليغ فى تاريخ ميلاده، وبناء على هذا التاريخ الرسمى المدون فى جواز سفره حدّد الأطباء فى مستشفى جوستاف روسيه جرعة العلاج، فقد كان يدخل فى تحديدها عمر المريض وقدرة الجسم على احتمالها، ولذلك جاءت الجرعة أقوى من قدرة جسده فأدت إلى مضاعفات خطيرة، خاصة أن كبد الأستاذ بليغ كان قد وصل إلى التليف الكامل تقريبًا.. ولذلك فمن المرجح أن يكون هذا الخطأ فى تحديد جرعة العلاج سببًا قويًا فى رحيله المفاجئ والأعمار بيد الله فى النهاية».