رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثقافة التكاتك

يمثل القانون الضمانة الوحيدة والأكيدة فى ضبط إيقاع المجتمع فى جميع مساراتها وعندما يتم تطبيقه بكل حزم وبلا استثناء أو تمييز، وذلك  يتطلب أن يكون هذا القانون معبرًا عن تطلعات الجماهير فى حل مشاكلها وتحقيق مطالبها.
وهذا لا يكون فى طريقه الصحيح بغير مشاركة وحوار مجتمعى دائم ومستمر بين السلطة التشريعية والتنفيذية وبين الرأى العام، وذلك حتى يشعر المواطن أنه مشارك فى هذا التشريع قناعة والتزاما، هنا يجد القانون أرضًا ممهدة للتطبيق. 
ولكن الإشكالية هنا أن التشريع فى الغالب الأعم يتم بعيدًا عن مشاركة الجماهير وذلك نتيجة للعزلة بين النائب والمواطن، هنا يشعر المواطن أن هذا القانون لا يمثله ولا يحل مشاكله فتكون النتيجة عدم الاهتمام بهذا القانون، ناهيك عن تلك الممارسات المهينة للقانون تلك التى كانت تمارسها أنظمة سياسية أيام الانتخابات وهى إسقاط القانون وعدم تطبيقه على المخالفين كنوع من الرشوة الانتخابية حتى يتم انتخاب الحزب الحاكم، أيًا كان اسمه أو رسمه. 
وعندما يصبح عدم الاهتمام والالتزام بالقانون عادة بل مسار فخر وافتخار لمن لا يلتزم به هنا قل على الدنيا السلام، وذلك لأن تلك الحالة تخلق رأى عام مؤثرا على القرار السياسى فيخضع صاحب القرار لذلك الرأى العام، خاصة عندما تصبح المطالبة بعدم تنفيذ القانون نوعا من أنواع النفاق المجتمعى تحت مسمى أكل العيش، هنا لا نجد مثالًا صارخًا غير ظاهرة التكاتك والتى ساهمت فى الانحدار الثقافى والأخلاقى والمجتمعى.
فالملايين من التكاتك وملايين من سائقيها ومن يعولون يمثلون كما هائلا من الرأى العام المتعاطف والمدافع عن مصالحه، هنا يصبح صاحب القرار فى وضع دراسة رد الفعل عند تطبيق القانون، وعلى هذا الزعم الذى أصبح تهديدًا للرأى العام بمجمله.
وجدنا هناك ما يسمى ثقافة التوكتوك، فهو لا يعرف القانون ولا يعنيه قواعد مرور، فالشارع ملكه فلا رخص للمركبة ولا للسائق لأنهم أطفال، هذا جعلهم يشعرون أنهم فوق القانون فيروجون المخدرات التى يتعاطونها ويعتدون على البشر بأسلحتهم المخبأة معهم، ناهيك عن كم التلوث السمعى الناتج عن أصوات الكاسيتات وآلات التنبيه التى فاقت آلات تنبيه القطارات وما تحدثه من إزعاج وانزعاج طوال الوقت بلا حسيب أو رقيب.
انتشار هذه الظاهرة المليونية فى كل أرجاء الوطن مثلت حالة ثقافية منحدرة فوجدنا التلاحم والتعارك والتشابك فى أى موقف بسيط بدلًا من الحوار والتفاهم، وجدنا حالة الفوضى فى الشارع، فلا شارع ولا رصيف فالمحلات تشون بضائعها فى الشارع حتى إنك لا تجد شارعا تسير فيه وعندما تتحدث مع مسئول يقول إننا نحرر محاضر واتضح أن مجالس المدن تقوم بتأجير الشارع والرصيف لمن يريد تحت زعم توفير إيرادات للدولة، أو وهذا هو الأهم عدم القدرة على تنفيذ القانون وإخلاء الشارع للمارة.
هنا يصبح من الطبيعى أن نشاهد وأن نعيش فى مناخ وجو مملوء بالإزعاج والتلوث السمعى والبصري مما ينتج حالة نفسية مضطربة كل الاضطراب مما يؤثر على المزاج الشخصى فتكون النتيجة ثقافة الإزعاج والزحمة وإسقاط القانون وإلغاء الحوار.
وكل من يريد أن يفعل شيئًا يفعل فلا حساب ولا عقاب، هنا الأمر أصبح خطيرًا لتداخل الأمور وتشابكها ولذا وجب الانتباه السريع، فلابد من إعادة وتنشيط الحياة الثقافية الصحيحة التى هى مجموع الثقافة الدينية والأخلاقية والحضارية والتاريخية حتى نستعيد شخصيتنا الحضارية ونحافظ على هويتنا المصرية.
هنا دور المدرسة العملى قبل النظرى ودور المؤسسات الدينية والثقافية ومنظمات العمل الأهلى والأهم فى إطار تعميم النماذج العملية والحياتية وليس اكتفاء بالكلام والوعظ، فلا نستهين بالأمر فالقانون هو الحكم والحاكم فلنهيئ الأرض لثقافة تطبيق القانون ونعلى الحوار ونحترم الآخر.. الشارع ملك المواطن.
حمى الله مصر وشعبها العظيم.