رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ذا ناشونال: بريطانيا زورت التاريخ وخدعت العالم باستيلائها على حجر رشيد

حجر رشيد في المتحف
حجر رشيد في المتحف البريطاني

في 15 يوليو 1799، أثناء حفر المهندس الفرنسي بيير فرانسوا كزافييه بوشار خندقًا لبناء حصن جديد في مدينة رشيد  في شمال مصر، عثرت القوات الفرنسية المحتلة على كتلة جرانوديوريت، وسرعان ما أدركوا أهميته، على الرغم من أنها كانت مجرد حجر قديم أعيد استخدامه، وهي ممارسة مألوفة لبناء الكنائس والمساجد والمباني في العصور الوسطى في مصر.

وحسب صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية الناطقة بالإنجليزية، فإن هذا الحجر كان حجر رشيد بلغاته الثلاث التي منحت العالم والباحثين مفتاح سر الحضارة المصرية القديمة، وكان العثور عليه أحد أهم الاكتشافات في التاريخ.

وتابعت أن الاحتلال الفرنسي للبلاد في وقت الاكتشاف بقيادة نابليون بونابرت، الذي كان يعتقد أنه سلف الإسكندر الأكبر، فاتح "الشرق" قبل حوالي 2000 عام، كانت بمثل هذا المسعى الإمبريالي، حيث بذل نابليون قصارى جهده ليس فقط لتحقيق النجاح العسكري في البلاد، لكنه أحضر باحثين فرنسيين من أجل اكتشاف مصر القديمة، على حد تعبيرهم.

وأضافت أن نابليون خسر حملته أمام الجيش المشترك للقوات البريطانية والعثمانية في مارس 1801، ولكن اليوم، لا يوقف هذا الجهد المستمر للبعض في فرنسا لتقديم العصر على أنه انتصار ثقافي، حتى لو فشل عسكريًا.

خداع بريطانيا للعالم وانتهاك القانون الدولى

وأشارت إلى أن اليوم حجر رشيد موجود في بريطاني وليس فرنسا، حيث يدعي المتحف البريطاني أن الاستحواذ قانوني، ومع ذلك، حتى وفقًا للقانون الدولي في ذلك الوقت، فإن هذا موضع خلاف كبير.

وأضافت أن ما لا يقدره القائمون على المتحف البريطاني هو حالة الغموض الشديدة للمادة 16 من استسلام الإسكندرية، وهو النص الذي أنهى نفوذ فرنسا في مصر، والذي نص على أن يتنازل الفرنسيون عن الآثار التي اكتشفوها لـ"الجيش المشترك" المؤلف من القوات البريطانية والعثمانية المنتصرة، كان حجر رشيد أحد هذه العناصر، إلى جانب 16 قطعة أخرى تم انتزاعها من مدن مصرية مختلفة كغنيمة للحرب.

وأشارت إلى أنه حتى الآن، لا توجد سجلات في أرشيفات القاهرة أو اسطنبول أو لندن تشهد على أن العثمانيين، الإمبراطورية التي سقطت منذ فترة طويلة، قد تنازلوا عن نصيبهم من المطالبة على 17 قطعة إلى البريطانيين، علاوة على ذلك، تم حل الجيش المشترك بعد الحرب مباشرة، مما ترك ملكية 17 قطعة متنازع عليها قانونيًا بشدة من حيث القانون العرفي الدولي في أوائل القرن التاسع عشر.

وأكدت الصحيفة أنه بشكل حاسم، لم يكن للمصريين رأي في هذه العملية، وهو ما يعتبر بمثابة خيانة أخلاقية، فهوس الغرب بالحضارة المصرية القديمة تسبب في نهبهم لتراث البلاد، والذي يعرفه بعض علماء الآثار باسم "اغتصاب النيل".

وتابعت أن القوى الأوروبية دخلت فترة مشوهة من التنافس على من لديه المجموعات الأكبر والأقوى من التراث الفرعوني.

وأضافت أن القوة الكامنة في هذه الأشياء، وامتلاكها، تضاف إلى هوية هذه البلدان التي تمجد الماضي الاستعماري، الذي يحرم المصريين من طريقة ينظرون إليها على أنهم جزء من ثقافتهم الخاصة. 

وأوضحت أن مثل هذا الاحتكار الغربي والتنظيم للتراث الثقافي خلق تواريخ مجزأة لإرضاء الكبرياء الغربي، فلم تنتزع هذه المتاحف والعلماء التابعون لها القطع فحسب، بل كتبوا أيضًا المصريين المعاصرين من تاريخ تراثهم، كان المصريون المعاصرون مجرد مصدر إزعاج لحفرياتهم التي انطلقت للعثور على الذهب والمومياوات والمخطوطات، وكأن المصريين لم يكن لهم الحق في ثروات بلدهم وتاريخها وثقافتها وكنوز أجدادهم.

وأشارت إلى أن المتحف البريطاني يستمر في لعب دوره في مثل هذا العنف الثقافي من خلال إظهار غنائم الحروب الإمبريالية والاستعمارية، فالاحتفاظ بغنائم الحرب بين مجموعات المتحف الأوسع يشرعن العنف واستخدام القوة للحصول على الأشياء، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على سوق تجارة الآثار غير المشروعة اليوم.

وأكدت الصحيفة أن المعرفة أكثر قيمة من الذهب، لذلك لا ينبغي أن تكون الإعادة إلى الوطن فقط للأشياء القيمة التي تم أخذها من مصر، ولكن أيضًا لأرشيفات التنقيب والمخطوطات. عندها فقط سيتم في النهاية رد الوكالة الكاملة للمصريين على تراثهم.