رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

.

كان مبدعًا فى تركيب الأزمة.. حكايات جبرتى الدراما العربية محفوظ عبدالرحمن

محفوظ عبد الرحمن
محفوظ عبد الرحمن

يعد الكاتب المصري الكبير مخفوظ عبد الرحمن أحد أهم كتاب الدراما في مصر والوطن العربي لأنه لم يكن يكتب لأجل التسلية، أو الفرجة العادية بل كان يكتب من أجل استشراف المستقبل من خلال التاريخ لما مضى، بطريقة مميزة جعلته في مصاف العظماء الذين خلدهم التاريخ.

 

ويمكننا القول أنه منذ بدايته مع الكتابة كان محفوظ عبدالرحمن مهموما بنقل الماضي إلى حاضر مرئي من خلال الشاشات بطريقة مختلفة بعيدة كل البعد عن الأكليشيهات المعتادة في الكتابة عن الشخصيات التاريخية، وذلك يرجع إلى موهبته الفذه في جعل شخصياته من لحم ودم تحب وتكره وتنجح وتتعثر .وتفرح وتحزن وكأنها ما زالت بيننا.

 

ذكاء محفوظ عبد الرحمن فى الكتابة التاريخية

تميز الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن في اختيار الحقب الزمنية التي كتب عنها ليس هذا فقط بل في اختيار الشخصيات التي اعتمدت عليها أعماله الفنية حين أراد أن يكتب لنا عن ضياع الأندلس اختار الليلة الأخيرة لسقوط غرناطة.

 
وحين اراد أن يكتب عن جمال عبدالناصر لم يتطرق إلى تاريخه كاملا بل اختار عام ١٩٥٦ الذي قرر فيه جمال عبد الناصر تأميم القناة.

 
وحين كتب عن عبدالحليم حافظ كان الفيلم عبارة عن لقاء إذاعي تفرع فيه الكاتب إلى مواقف حياتية للمطرب الشهير.

 
وحين أراد أن يرصد حال مصر في عهد الخديو إسماعيل اختار شخصيتين فنيتين هما ألمظ وعبده الحامولي ليفتحا لنا بوابة الحلواني التي هي في الأساس بوابة مصر وكذلك فعل في مسلسل أم كلثوم.

 
الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن الذى كتب أيضا فيلم كوكب الشرق في نفس العام الذي أذيع فيه المسلسل وكأن الرجل أراد أن يتحدى نفسه وهذا أمر لو تعلمون خطير.

 
كما رصد محفوظ عبد الرحمن أيام المصريين في العهد الفرعوني من خلال مسرحية إيزيس وأرخ لسنوات لحملة الفرنسية من خلال شخصية سليمان الحلبي بطريقة بديعة. كما كتب عن القادسية والزير سالم. كل هذا يدفعنا أن نقول أن الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن هو جبرتى الدراما المصرية.

الحوار عند محفوظ عبد الرحمن 
كان الكاتب محفوظ مبدعا حقيقيا في كتابة الحوار الذى يتفق مع الشخصية دون أن يعلو عليها أو يكون أدنى منها وهي حرفية عالية لا يجيدها الكثيرين من كتاب السيناريو.

 

العقدة الدرامية عند محفوظ عبد الرحمن 

كما كان محفوظ عبد الرحمن  مبدعا في تركيب الأزمة أو العقدة الدرامية وصنع تكات درامية منطقية لحلها دون مبالغة أو اسفاف وقد يظن البعض أن هذا سهلا بالنسبة للكتابات التاريخية التي لا تترك براحا واسعا للمؤلف فتمنحه الخيال الكامل في توظيف العقدة وحلها وكذلك الصراعات المتبادلة بين الشخوص الحقيقي منهم والمتخيل، كما كان الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن يتقن دراسة شخوصه من النواحي النفسية والاجتماعية وفي كل هذا كان عبد الرحمن يرتكز على قاعدة الحب في مجمل أعماله حتى يستسيغها المشاهد ويتقبلها كعمل فني شيق يهذب النفوس ويرتقي بالعقول.

 
فى مواجهة العولمة والغزو الثقافي الذي يفت في عضد الأمة العربية.

 

رحم الله المبدع الكبير محفوظ عبد الرحمن الذى عاش مهموما بتوثيق التاريخ عبر كتاباته التي أثرت الثقافة العربية وعاشت عمرا أطول من عمر كاتبها .