رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تنفيذ الموت عبر البث المباشر الحى

أكثر من حادثة شاهدناها عبر البث المباشر الحى على "يوتيوب" فى الأيام الأخيرة، شابات وشباب فى القرى والمدن المصرية يتناولون حبة الغلال السامة، يتركون رسالة أخيرة للعالم ثم يلفظون أنفاسهم الأخيرة.
مشاكل أسرية وعائلية متنوعة، متشابكة الأبعاد، ألقت بأثقالها على أنفاس أصحابها حتى هانت عليهم الحياة بكل ما فيها، بكل منْ عليها.
شابات وشباب يعلمون جيدًا أن دينهم يجعل المنتحر كافرًا لكنهم لا يبالون، فسلطة الضغوط والإحباط أكبر من سلطة الإيمان والأديان.
هل ستصبح هذه الحوادث ظاهرة متكررة؟
إن الشاب الذى ذبح فتاة المنصورة كان مثالًا احتذى به شباب فى مصر وفى بعض البلاد العربية، وكثرت جرائم تهديد الفتيات من ذكور مرضى قتلة يعيشون فى مجتمع دينى سلفى ذكورى، يدين المرأة حتى وهى جثة.
ذكور ربتهم أمهات مقهورات، وآباء يضربون الزوجات يعيشون على قفا الأمهات، متحرشون تائهون بشرب المخدرات متزوجون بأكثر من واحدة.
والنتيجة الطبيعية أبناء وضعوا كل اختلالهم على "الحائط المائل".. المرأة، وأخشى أن تكون حوادث الانتحار عبر البث المباشر الحى على "يوتيوب"، سلسلة تنقل العدوى إلى آخرين مثلما انتقلت عدوى ذبح الفتيات من قاتل طالبة المنصورة.
وسيظل هناك أناس يقولون إن الأمر لا يستحق الاهتمام أو التخوف، فهى عدة جرائم فردية من شابات وشباب لا تعدو أن تكون فقاعات فى الهواء أو زوبعة فى فنجان.
وهذه هو المعتاد فى بلادنا، هل ننتظر حتى تصبح ظاهرة؟ كما أن فى مثل هذه الحوادث أو الجرائم بشكل عام فإن العدد ليس هو المعيار، لأن الأمر يتعلق بروح إنسان أزهقت، والمفروض أن قتل مواطنة واحدة أو قتل مواطن واحد كاف جدًا لأن نكون فى مشكلة هائلة يجب معرفة جذورها، وليس فقط إنزال العقاب على قاتل الغير أو المنتحر الذى قتل نفسه بيده.
إن حادثة واحدة أو جريمة واحدة بإمكانها إلقاء الضوء على أزمتنا الثقافية والأخلاقية على مفاهيم الشرف والرجولة والأنوثة والنظرة الاجتماعية للمرأة، والترابط العضوى بين هذه الجرائم والحوادث وبين الفكر الوهابى السلفى الإخوانى الذى غزا بلادنا بعد هزيمة 1967، وتم تدشينه مع الانفتاح الاقتصادى الاستهلاكى الطفيلى فى 1974.
فكر متشدد شاذ لا يطيق النساء معقد مختل عقليًا ليس عنده معنى للوطن، فالدين هو الوطن. وليس هناك مواطنات ومواطنون، هناك رعية تسمع وتطيع وتقتل وتغزو وتسبى وتنتشر لأسلمة كوكب الأرض واستعادة أنظمة صحراوية رملية قاحلة، متشددة عنيفة مثل طقسها المناخى وندرة موارد الحياة الأساسية الضرورية، وكذلك لا بد أن ندرك العلاقة بين سيادة الفن الهابط السطحى من الأغانى والمسلسلات والأفلام والمهرجانات وبين زيادة وتغير الجرائم كمًا وكيفًا.
عندما شاهدت هؤلاء الشابات والشباب ينتحرون على البث المباشر ويرسلون لنا الرسالة الأخيرة والتى تخلو من الندم، شعرت كم نحن حضارة فاشلة، كم نحن غارقون فى التوافه والهيافات والقيم الدافعة للموت لا المحفزة على الحياة، كم نحن نفقد إنسانيتنا خطوة خطوة، حتى لم نعد نهتز لمثل هذه الحوادث والجرائم البشعة الفاضحة؟
فى حضارة أخرى كانت حادثة واحدة أو جريمة واحدة تكفى لاستقالة برلمانات ومسئولين ووزراء، ولا تعليقات على مواقع التواصل إلا تبرئة القاتل المجرم الذكر وإدانة المقتولة الضحية الأنثى فى حالة قتل وذبح الغير، أما فى الانتحار فلا شىء نملكه إلا كلمات الترحم أو اتهامهم المنتحرات والمنتحرين بالكفر.
وتمضى بنا الحياة كما كانت ولا عزاء له قيمة ولا تعلم مما يمرضنا ولا استفادة ولا عظة ولا عبرة، والأسوأ أنه لا رغبة لدينا فى الشِفاء ولا حتى شعور أن نواقيس الخطر تدق بشدة، حتى إذا سمعنا نواقيس الخطر تدق لا نبالى.
يكفينا أننا فى البطاقة ورثنا دين الإسلام، يكفينا أننا لا نفرط فى أداء الطقوس الدينية ولا نستهين فى تغطية النساء وحشد الميكرفونات فى الجوامع والمساجد ونحفظ أدعية الرزق والستر والرحمة، وأننا نبلغ 1.9 مليار نسمة فى العالم (2021)، ونشعر بين الأمم باستعلاء لأن الله قد أعزنا وخصنا بدين الإسلام وخاتم الرسل والأنبياء.
من بستان قصائدى
"الكاتب الثائر"
  فى أمانة الحزب
 وحزب الأمانة
  يلقبونه بالكاتب الكبير
  محرر الفقراء والنساء
  حامل الراية والأمانة
  يخطب فى المؤتمرات الوطنية
  عن شرف المقاومة وانتفاضات الشعوب
  وعيناه ترمقان الشفاه والأرداف والكعوب
  رئيس التحرير فى الجريدة 
  رئيس القهر فى البيت 
  فى الصباح هو الفقير المتقشف 
  فى الظهر هو الإسلامى المتأسلم 
  فى منتصف الليل الشيوعى المتبلشف 
  على الريق يتناول ملعقة من الديكتاتورية 
  قبل الأكل قرصان من الديمقراطية الليبرالية 
  بعد الأكل يبلع مقويات وفيتامينات الذكورية 
  باسم المعارضة الوطنية 
  حماية الهوية والبيئة 
  وحقوق الطفل والنسوية 
  يحصد التعاطف العالمى  
  يأخذ التبرعات الدولية 
  يبنى قصرًا على البحر 
 يهدم ذكريات الذل والفقر 
  تنتشر ثروته المتضخمة عابرة الحدود 
  بسرعة النار فى الهشيم 
  وليذهب الفقر والوطنية 
  حقوق الطفل والبيئة 
  والنسوية إلى الجحيم