رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماذا تريد المرأة من الحوار الوطنى؟

انطلقت فى الفترة الأخيرة عدة حوارات نوعية من كل فئات الشعب المصرى «المتعطشة للحوار»، لتناقش التحديات والأزمات والحلول والبدائل، والمطالب التى تنهض بالمجتمع للأمام، وتحقق الأمن والأمان، وتزامن ذلك مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان فى أواخر عام ٢٠٢١، وإطلاق عام ٢٠٢٢ عامًا للمجتمع المدنى.

وفى نفس الوقت بدأ حوار مجتمعى كبير ومتنوع حول قضايا المرأة، من مؤسسات، ومجالس متخصصة، وجمعيات أهلية وأحزاب ومراكز وشخصيات معنية بحقوق المرأة، وارتفعت الأصوات مطالبة بأولوية مناقشة مجتمعية واسعة حول القوانين المقترحة، على رأسها قانون الأسرة المصرية المعنى بالإنصاف والمساواة والعدالة للرجل والمرأة والطفل تمهيدًا لإصداره.. ومن الأولويات أيضًا قانون العمل وما يشمله من مواد خاصة بالمرأة، وقانون لمواجهة العنف ضد المرأة، إيمانًا منها بأن الحقوق تنتزع ولا تمنح، وقد حققت المرأة المصرية انتصارات عدة بنضالها المستمر منذ عشرينيات القرن الماضى من أجل التعلم وحق الترشح والانتخاب للمجالس النيابية، ومن أجل المساواة والمواطنة وحق العمل وتبوؤ المناصب الكبرى فى مواقع صنع القرار، وحق التعيين كقاضية فى مجلس الدولة.. وما زال نضال المرأة المصرية مستمرًا لمواجهة العنف الأسرى والمجتمعى والتمييز الواقع عليها، ولتفعيل دستور ٢٠١٤ الذى نص على عدد من المواد المنصفة للمرأة الخاصة بالمساواة وعدم التمييز، وتحديد سن الطفولة بثمانى عشرة سنة، وتجريم الاتجار بالبشر وعمالة الأطفال، مع حماية المرأة المطلقة والأرملة والمسنة.

وأيضًا المواد الخاصة بإنشاء مفوضية عدم التمييز، والخاصة بالالتزام بالمواثيق والاتفاقيات الدولية التى وقَّعت عليها مصر، ومنها الاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان، ومناهضة العنف ضد المرأة، ومنع زواج الأطفال، وتجريم عمالة الأطفال.

خلال الشهرين الماضيين تم عقد العديد من الندوات وورش العمل والحلقات النقاشية حول مطالب المرأة التى تحقق الاستقرار الأسرى والمجتمعى وتمكنها من المشاركة فى العمل، ومواقع صنع القرار، وفى ممارسة العمل العام بكل أشكاله.

عُقدت هذه الندوات فى المنظمات المعنية بحقوق المرأة، وعدد من الأحزاب، منها: الحزب الاشتراكى المصرى، وحزب العدل، وحزب المحافظين، والحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى.. وذلك بحضور عدد من النائبات والنواب وأمانات المرأة فى الأحزاب والإعلاميين، والشخصيات الداعمة لمطالب المرأة، وأجمع الحضور على عدة مطالب لها الأولوية فى الحوار المجتمعى وفى سن القوانين والتشريعات.

وفى السطور التالية أهم التوصيات وأهم مخرجات الحوارات الخاصة بالمرأة:

■ نسبة تمثيل المرأة:

زيادة نسبة تمثيل المرأة إلى ٥٠٪ فى المجالس النيابية المنتخبة، والنقابات، ومجالس الإدارات فى المؤسسات والهيئات والمراكز والأندية.

■ قانون الانتخابات:

وضع قانون للانتخابات يعبر عن الإرادة الحقيقية للناخبين والناخبات، بإلغاء نظام القائمة المطلقة التى تهدر ٤٩٪ من أصوات الشعب، والأخذ بالقائمة النسبية، مع وضع برنامج يحقق النسب المطلوبة دستوريًا بالنسبة للشباب والمرأة والعمال والفلاحين والمسيحيين وذوى الإعاقة، بالإضافة إلى تفعيل وتنفيذ القوانين الخاصة بتجريم استخدام المال السياسى فى الانتخابات لشراء أصوات الناخبين والناخبات.

■ مفوضية عدم التمييز:

الإسراع فى إنشاء مفوضية عدم التمييز التى نص عليها دستور ٢٠١٤ وفقًا للمادة ٥٣. 

■ قانون الأحوال الشخصية: 

نحن فى حاجة إلى قانون عادل للأسرة تقوم فلسفته على الاستناد إلى مبادئ حقوق الإنسان بشكل عام، وحقوق النساء والأطفال بشكل خاص داخل الدستور المصرى، والاتفاقيات الدولية التى وقَّعت عليها مصر، قانون يتبنى المسئولية المشتركة للأسرة، مع الأخذ بالمبادئ القائمة على العدل والمساواة والإنصاف، والآراء الفقهية المستنيرة، قانون أحوال شخصية أكثر عدالة لجميع أفراد الأسرة، يحدد حقوق وواجبات كل الأفراد، ويضبط أمور الخطبة والزواج والطلاق، ورعاية الأطفال، والأمور المالية أثناء العلاقة الزوجية أو بعد الطلاق.

ومن أهم المطالب المقترحة فى «قانون عادل للأسرة المصرية»:

- أهمية إدراج فترة الخطبة وما فيها من التزامات على الطرفين، مع وضع حلول للمسائل المترتبة على فسخها أو العدول عنها.

- النص على أن تكون سن الزواج ١٨ سنة، وتجريم الزواج المبكر للأطفال.

- تَناسُب أحكام النفقات مع الحد الأدنى للأجور، حيث النفقة هى كل ما يلزم لحياة الأم والأبناء، وتَناسُب النفقة أيضًا مع زيادات الأسعار والتضخم.

- أن يتم الطلاق أمام المحكمة، وعند الحكم بالطلاق يحكم القاضى بإعطاء الزوجة كل مستحقاتها، من عدة، ومتعة، ومؤخر الصداق، وتحديد نفقة الأطفال، وهذا يؤدى إلى توفير الكثير من الوقت والتكاليف والجهد، مما يساعد على الاستقرار النفسى والمعنوى لكثير من الأسر والأطفال.

- تنظيم تعدد الزوجات بتقديم الرجل طلبًا للقاضى مع بيان حالته الصحية والاجتماعية والاقتصادية، مع إعلام الزوجة الأولى وحضورها، وفى حالة رفض الزوجة الأولى وطلب الطلاق يتم تطليقها وإعطاؤها حقوقها المالية والقانونية، وتحديد مسكن ونفقة أولادها، وبعد الانتهاء من جميع الإجراءات، واستيفاء كامل الحقوق، تتم الموافقة للرجل من الزواج من أخرى.

- ملف أسرة واحد أمام قاضٍ واحد، وتختص محكمة الأسرة بنظر جميع نزاعات الأسرة فى هذا الملف، ليكون ملمًا بكل التفاصيل، ويكون أمام بصيرته مصلحة الأطفال من جميع النواحى.

- إنشاء جهة تنفيذية مختصة بأحكام الأسرة، معنية بتنفيذ كل أحكام محاكم الأسرة الخاصة بملف الأسرة الواحد، كما تختص بتنفيذ أحكام النفقات.

- حق غير الحاضن فى الرؤية واستضافة الأطفال فى الإجازات والأعياد.

هذا بجانب مسئولية الدولة الاجتماعية تجاه المطلقات والأرامل والأطفال، لضمان استقرار المجتمع.

■ قانون العمل: 

المطالبة بأن يشمل قانون العمل الأجر المتساوى عن العمل المتساوى، وعقد عمل لائق وآمن وأجر عادل يكفى الاحتياجات الضرورية، ويكفل الحياة الكريمة للعاملين والعاملات وأسرهم. 

مطالبة الدولة بالتصديق على الاتفاقية «١٨٩» التى صدرت من منظمة العمل الدولية عام ٢٠١٨، الخاصة بحماية العاملات فى المنازل، وأيضًا تصديق الدولة على الاتفاقية «١٩٠» الصادرة من منظمة العمل الدولية عام ٢٠١٩، الخاصة بمناهضة العنف فى أماكن العمل، حيث تعانى النساء من التمييز والتحرش فى أماكن العمل، خاصة فى القطاع الخاص الرسمى وغير الرسمى «العمالة غير المنتظمة» ويشتمل التمييز على ثلاثة مجالات:

أولًا: التمييز فى الأجور، ثانيًا: التمييز فى الفرص التدريبية للترقى، ثالثًا: التعرض للتحرش فى عالم العمل.

مطالبة الدولة بإعادة النظر فى سياسات التشغيل والحماية الاجتماعية، وتنفيذ الأحكام المناهضة للتمييز، وتعزيز دور التفتيش العمالى فى الصحة والسلامة المهنية، والاهتمام بقضايا العنف، وتحويل القطاع غير الرسمى إلى قطاع رسمى.

■ قانون موحد لمناهضة العنف ضد المرأة:

يشتمل على جميع أشكال العنف اللفظى والبدنى والجنسى الذى يقع على المرأة والفتاة فى الأسرة، وفى أماكن العمل، وفى أماكن الدراسة، وفى الشارع، ويضع القانون التعريفات الخاصة بالعنف، كما يضع القوانين الخاصة بتجريم العنف، والعقوبات، مع تغليظ العقوبات لتكون رادعة.