رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المحكمة تنتصر لمواطن اعتدى عليه رئيس «صرف معاشات»

صرف معاشات
صرف معاشات

قضت المحكمة الإدارية العليا، دائرة الفحص، برفض الطعن المقام من «أ.ع.ش» رئيس منفذ صرف المعاشات بمنطقة التأمينات والمعاشات بمطاى بالمنيا، لأنه أمسك بالمواطن «م. ع. م» من أصحاب المعاشات من معصمه ودفعه على المواطنين لدى قيامه بصرف معاشه وتعدى عليه بالألفاظ غير اللائقة بسبب جلوس المواطن لعدم قدرته على الوقوف بالطابور لمروره بظروف نفسية صعبة لمرضه ولوفاة نجله فطلب من أحد المواطنين أن يقف مكانه في الطابور.

فأمسكه الطاعن من ذراعه بعنف وسحبه فارتطمت المسبحة التي كانت في بيده في وجهه، وتعدى عليه بألفاظ بذيئة، وعاقبته بخصم أجر نصف شهر من راتبه حتى يحسن معاملة أصحاب المعاشات.

صدر الحكم برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين محسن منصور، وشعبان عبد العزيز نائبي رئيس مجلس الدولة بإجماع الآراء.

وقالت المحكمة، إن الاهتمام بحقوق المسنين قضية مجتمع بأكمله ويحظر جميع الانتهاكات التي يتعرض لها المسنون في حقوقهم خاصة سوء المعاملة وإحساس المساس بالكرامة ، ويجب احترام الأشخاص المسنين ورعايتهم ومساعدتهم واحترام تجربتهم في الحياة، لأن سوء معاملة المسنين لها عواقبها الوخيمة على الصحة النفسية والجسدية، مما يستدعى ضرورة حسن المعاملة الحسنة للمسنين وأرباب المعاشات، ذلك أن المسنين يمثلون تاريخ بلادنا، ولا يجب أن تجرح كرامتهم وهم في أرذل العمر، ويجب احترامهم ومحاربة كل أشكال العنف ضدهم وخاصة الأفعال القولية مثل السب والشتم، فلم يكن المجتمع يشهد هذا النوع من الإساءة في السنوات الفائتة لأن الأساس الأخلاقي كان يحكمها، لكن نتيجة التغيرات التي صاحبت وسائل التقدم التكنولوجي اهتزت الأسس الأخلاقية ومصر كغيرها من المجتمعات لم تكن بمنأي عن هذه التغيرات.

وأضافت المحكمة، أن النظرة إلى كبار السن وأصحاب المعاشات في المجتمعات الحديثة لم تعد نظرة إهمال أو شفقة، بل نظرة اهتمام ورعاية متميزة، وقد اعترفت المواثيق الدولية والدستور المصري بحق المسنين على المجتمع، فأعطتهم حقوقهم من الرعاية والحب مما يخفف عنهم عبء أزمة التقاعد وفقدان العمل الذي يشعر المرء بأهميته وسط مجتمعه، ولذلك عملوا على رعايتهم معيشيا وصحيا ونفسيا، وقدموا لهم كل ما يساعدهم على جعل الحلقة الأخيرة من حياتهم فترة مريحة وممتعة، ليستعيدوا ثقتهم بأنفسهم.

فالشيخوخة ليست مجرد عملية بيولوجية بحتة تظهر آثارها في التغيرات النفسية والفيزيولوجية التي تطرأ على الفرد حين يصل إلى سن الكبر، وإنما تتمثل في موقف المجتمع من الفرد حين يصل إلى سن معينة بالذات يحددها المجتمع بطريقة تعسفية دون أن يأخذ بعين الاعتبار الحالة النفسية والاجتماعية، وقد تغير وضع المسن عما كان له من مهابة أسرية حيث لم يعد غريبا أن يقوم الأبناء بإيداع والدهم في دار المسنين كما لم يعد غريبا أن يتقلص دور الأبناء في التخلي عن والديهم عند الكبر وهنا تظهر أهمية دور المجتمع في حسن المعاملة دون إساءة جسدية أو لفظية.

وأشارت المحكمة، إلى أنه رغم كل التطورات في مختلف مظاهر الحياة التي مرت على الإنسانية تبقي الأسرة هي الركيزة القوية فيه ولا يقتصر دورها علي مرحلة عمرية معينة بل يمتد إلي جميع مراحل الحياة، خاصة حينما يكبر الإنسان ويصبح مسناً وتكون أسرته وحسن معاملته من المجتمع هي أهم شيء عنده في هذه المرحلة من حياته حيث لها انعكاسات كبيرة علي صحته الجسمية والنفسية. لذا فإنه من المكارم العظيمة، حسن معاملة المسنين، ورعاية حقوقهم، والقيام بواجباتهم، وحل مشكلاتهم، والسعي في إزالة المكدرات والهموم والأحزان عن حياتهم، إن هذا من أعظم أسباب التيسير وانصراف المحن والبلايا عن تقدمهم في أرذل العمر، ذلك إن مِن تعاليم الإسلام في حق الكبير توقيره وإكرامه واحترامه، بأن يكون له مكانة في النفوس، ومنزلة في القلوب.

وانتهت المحكمة أن الطاعن (أ.ع.ش) رئيس منفذ صرف المعاشات بمنطقة التأمينات والمعاشات بمطاي بالمنيا أمسك بالمواطن (م.ع.م) من أصحاب المعاشات من معصمه ودفعه على المواطنين لدى قيامه بصرف معاشه وتعدى عليه بالألفاظ غير اللائقة بسبب جلوس المواطن لعدم قدرته على الوقوف بالطابور لمروره بظروف نفسية صعبة لمرضه ولوفاة نجله ، فطلب من أحد المواطنين أن يقف مكانه في الطابور.

فأمسك الطاعن به من ذراعه بعنف وسحبه فارتطمت المسبحة التي كانت في بيده في وجهه، واعتدى عليه بالسب، ولم يكن للمواطن صاحب المعاش أي رد فعل، وكان ذلك بشهادة الشهود من المواطنين ومسئولي الأمن بالمكتب وبشهادة زملاء الطاعن في العمل، بما يشكل في حقه إخلالا بكرامة الوظيفة وانحدارا بمسلكه إلي الدرك الأسفل فى التعامل الإنساني مع جمهور المتعاملين من أصحاب المعاشات ينال من كرامتهم ويجرح كبرياءهم وهم في سن متقدمة وقد أعطوا لبلادهم شبابهم وجهدهم، ويمثل خروجاً سافراً عن السلوك السليم الذى يجب أن يسود داخل دولاب العمل الوظيفي، وإثماً تأديبيا يستوجب المؤاخذة والعقاب، ومن ثم تكون المخالفة ثابتة في حقهما ثبوتاً يقينيا، وتكون مجازاة الطاعن بخصم أجر خمسة عشر يوماً من راتبه هو الجزاء الأوفى.