رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأمن الاجتماعى

كثيرًا ما يتطرق إلى الأذهان أن تعريف «الأمن» يقتصر فقط على ما تقوم به الشرطة وقوات الأمن من حفظ الأمن، ولكن تعبير «الأمن» هذا يتجاوز هذا التعريف كثيرا، فالأمن يحتوى على كل مسارات الحياة؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكل هذه المجالات تتكامل ليكون هناك ذلك الأمن الاجتماعى الذى يجعل الفرد يشعر بالأمان فى كل مكان، وأن يضمن أن يعيش حياته الاجتماعية والاقتصادية دون خوف أو خطر يتهدد هذه الحياة.

لا شك أن هناك مسارات عديدة وطرقًا كثيرة تنتج هذا الأمن الاجتماعى أو تسقطه.. والحديث عن الأمن الاجتماعى هنا يعنى أن هذا الأمن هو المحصلة النهائية والأساسية لمجمل انضباط باقى المجالات التى تعمل لصالح المواطن حتى يتحقق هذا الأمن الاجتماعى الذى هو اللبنة الأساسية فى تشييد البناء الوطنى والتلاحم المصرى الذى بغيره لا يكون هناك انتماء حقيقى للوطن .

فبغير أمن اجتماعى يدفع المواطن إلى الانتماء للوطن تظل الكتلة الاجتماعية الأكبر تمثل خطورة حقيقية على الأمن القومى بمجمله، فالكتلة الاجتماعية هذه، أو ما نطلق عليه الشارع السياسى، أى الأغلبية من المواطنين الذين ينتسبون إلى الطبقة المتوسطة المتآكلة والتى تتآكل، وتلك الطبقة الفقيرة بكل مستوياتها والتى لا زال حط تحركها للأسفل يمضى بخطى سريعة نتيجة للظروف الاقتصادية السابقة واللاحقة لجائحة كورونا والحرب الروسية- الأوكرانية.

هل هناك أسباب تسهم فى تواجد هذا الأمن الاجتماعى من عدمه؟ بالطبع، فهناك أسباب كثيرة ومجالات عدة تسهم فى وجود أمن اجتماعى من عدمه، فسيادة القانون أحد أهم المجالات التى يشعر من خلالها المواطن بالأمن الاجتماعى، فعندما يطبق القانون على الجميع بلا استثناء من هنا أو من هناك يشعر المواطن بالأمن حتى لو لم يكن يملك قوت يومه، حيث إن هذا يصب فى منطقة الإحساس بالذات مثل الآخر القادر والغنى، وهذا مجال يأتى فى الإطار النظرى، ولكنه يمثل قيمة يجب الحفاظ عليها.. المشاركة السياسية:

- نعم، الدستور والقانون نظريًا يقولان إن للمواطن حق المشاركة السياسية انتخابا وترشيحا فى المجالس المحلية والتشريعية وفى إبداء الرأى فى القضايا الوطنية، ولكن على أرض الواقع هل يملك المواطن التعبير عن رأيه بحرية فى الاختيار بعيدا عن الوصاية الدينية والسياسية والاقتصادية والقبلية والجهوية والطائفية؟ واقعيًا لا.

خاصة على ضوء استحالة الوصول إلى تلك المواقع بغير قدرة مالية نعرف مداها ومصدرها!!! 
البعد الاقتصادى: وهو توفير الحد الأدنى من المعيشة للأغلبية الغالبة من الشعب، خاصة هذه الأغلبية نتيجة للمعاناة الاقتصادية التى لا يد لها فيها فهى التى تدفع الثمن مرتين، مرة لعدم القدرة على موازنة الدخل بالأسعار ومواجهة تحديات الحياة، ومرة أخرى نتيجة لهذا البذخ الاجتماعى الذى يخلق فوارق طبقية لا يعلم نتائجها غير الله. فكيف تكون نفسية الفقير والمتوسط عندما يسمع عن فيلا بـ115 مليون جنيه؟ ماذا ستكون نفسيته عند مشاهدة تلك الممارسات السفيهة لطبقة لا تراعى المشاعر وتقدر النتائج؟ مع العلم دينيًا قبل سياسيًا أنه يجب مراعاة مشاعر الفقير. 
ناهيك عن الإعلام والفن اللذين يجعلان المواطن يعيش لحظات لحياة خيالية فيصحو على واقع يفجر الغضب الاجتماعى. حرية العقيدة والتعبير أدوات تصب سلبا وإيجابا فى خلق الأمن الاجتماعى، فعندما يشعر المواطن بأنه يمارس عقيدته ويعبّر عن نفسه بحرية فهذا يكون نوعا من التنفيس عما بداخله فيكون هذا التنفيس طريقا للتنفيذ. 

المواطنة: تحقيق المواطنة على أرض الواقع هو صمام الأمن والأمان للوطن والمواطن. ليست المواطنة النظرية فى الدستور والقانون، ولكن مواطنة على أرض الواقع، فهى تؤلف وتجمع وتشارك الجميع فى شئون الوطن.. الأمن الاجتماعى هو مفتاح الحل لانتماء حقيقى يحمى الوطن من كل الذين لا يريدون له الخير والذين يستغلون ويختلقون المواقف للتشهير ولشق الصف الوطنى واللعب بالأمن الاجتماعى.. حمى الله مصر وشعبها العظيم.