رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السلحدار والجوهرى والمهدى المنتظر!

المهدي المنتظر معروف خبره، وأما السلحدار فأيمن صاحب القناة التي صارت شهيرة على اليوتيوب، وهو كاتب صحفي مصري وأديب ومتكلم نشيط في القضايا العامة، هكذا التعريف الذي يخصه، وأما الجوهري فالشيخ أحمد عبدالكريم، وهو رجل دين سني ينتمي إلى الأردن وباحث أثري (عضو الاتحاد العام للأثريين العرب)، وهو مكتشف اللوحة المسماة بالنقش العجيب (تلك المعثور عليها في جنوب سوريا أو خرائب اليهود بالمدينة المنورة) وكان من قدم لها بعد الاكتشاف، وقال لاحقا إنه لم يستفد من اكتشافها ولا التقديم للاكتشاف شيئا شخصيا، وإنما يرجو أنه أفاد الأمة والناس، فهذا هدفه الذي يسأل الله المثوبة عليه..
ما العلاقة بين الثلاثة؟
في قناته الذائعة على اليوتيوب، يهتم أيمن السلحدار بالموضوعات المثيرة المشوقة التي يحيط بها غموض ما؛ فيصول ويجول في متاهات القوى المجهولة المتحكمة في العالم والمسيطرة عليه، والماسونية، وأحاديث القيامة ونهاية العالم، والنبوءات والتوقعات، والسحر والجن، وأصحاب الخوارق، والحروب المعقدة التي لا يعرف أحد من المحللين الاستراتيجيين كيفية تحديد مساراتها، وما إلى ذلك.. وعلى هذا كان طبيعيا أن يتناول شخصية الشيخ الجوهري، ضمن من يتناولهم من الرجال الذين يختلف حولهم الناس، ولا يعرفون مراميهم البعيدة؛ فالجوهري، إضافة إلى ما سبق ووصفناه به، رجل تقليدي فصيح اللسان، يبدو وديعا ومقبولا ومؤثرا فيمن يوجه إليهم الخطاب، ولكنه يبدو ممن وراءهم اضطرابات نفسية، ومن عجائبه زعمه الدائم أنه مستهدف من قبل المسيخ الدجال، وأنه يعرفه حق المعرفة، ومن عجائبه أيضا تبشيره المستمر بقرب ظهور المهدي المنتظر، الإمام الأخير الذي يكون على يديه خلاص الأمة الإسلامية، وأنه يعرفه هو الآخر حق المعرفة، هكذا إلى أن صدق كثيرون رواياته، بل اعتقد بعضهم أنه هو نفسه المهدي المنتظر، ومن هؤلاء الذين وقعوا في أسره صاحبنا أيمن السلحدار؛ فلا يزال يذكره بالإكبار، ويترقب جديده، وينقل فيديوهاته على قناته باهتمام، شارحا محتواها شرحا وافيا، وإن احتاط لنفسه فقال إنه لا يؤمن بتصورات الرجل مطلقا ولا يكفر بها مطلقا بالمثل!!
العلاقة بين الثلاثة، باختصار، أنهم رجال في الغيوب؛ فكما أن المهدي في علم الله وحده، ومن علماء المسلمين، بالمناسبة، من لم يتحمسوا لبعض المرويات عنه، فالجوهري والسلحدار يضعان طاقتيهما في خدمة مسألته الغيبية، فيهدران الطاقتين بما لا يجلب نفعا، ومن الغيوب إلى الغيوب يؤول القصص كله!
واقعيا، لا أرى ما يقوم به كلاهما ذا قيمة، بل العكس هو الصحيح، أراهما منساقين خلف أوهامهما الخاصة، مع أن توظيف القدرات لاكتناه الحقيقة أولى، لا أحجر عليهما طبعا، ولا أطالب حتى بتقليص المساحتين الممنوحتين لهما، لكنني لا أفوت الإشارة هنا إلى فوضى البث الإعلامي؛ فقد صار الأمر للكل بلا تمييز ولا حساب!