رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تغيير المفاهيم المستقرة من خلال والت ديزنى

هناك محاولات راهنة تتزايد لدى الغرب، وبالذات فى أمريكا، وهى حالة تتصاعد لتغيير المفاهيم السائدة والعلاقات بين الرجل والمرأة لدى الشعوب ونشر مفاهيم غربية منافية لمفاهيم الدول العريقة. وهناك محاولات لتغريب الشعوب الأخرى وتغيير أخلاقياتها المستقرة، وهى فى تقديرى تستهدف زعزعة مضامينها وعاداتها وأعرافها المستقرة بهدف السيطرة على العقول والهيمنة عليها من خلال وسائل الترفيه وتصدير الفنون الجديدة بأفكار غريبة متناقضة مع المتعارف عليه فى المجتمعات الأخرى، وهذا ليس بجديد على أمريكا وعلى أساليبها المستمرة فى التأثير على الشعوب.

إلا أن الجديد فى السنوات الأخيرة هو استخدام وسائل التواصل الحديثة والإعلام قبل هذا ومنذ سنوات مع بداية الألفية الحالية، وكلنا نعرف أن الفن والثقافة هما من وسائل التقارب وتبادل العلاقات بين الدول، وهما وسيلتان نموذجيتان وجسران متاحان للتواصل مع الشعوب، وفى الفترة الأخيرة تصاعدت وتيرة نشر وبث سلوكيات وممارسات لا تتفق تحديدًا مع عاداتنا وأعرافنا وأخلاقياتنا فى مصر، وفى الدول العربية أيضًا.

ورغم أن الشخصية المصرية تكونت منذ بدء التاريخ، حيث سبقت الحضارة الفرعونية المصرية كل الحضارات الأخرى ثم تعاقبت عليها الحضارات الأخرى فتفاعلت معها- فإنها ظلت لها سمات واضحة تميزها، ولم تتخل عن هويتها لتذوب فى هويات أخرى، لكن فى السنوات الأخيرة نرى من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الحديثة والإنترنت والدراما، ومنها نتفليكس وغيرها من الفضائيات المتاحة للمشاهدة، أنواعًا من الأفلام والدراما والمسلسلات تُبث فيها قصص تتضمن علاقات للمثليين وتبث مشاهد لزواج الممثلين من بعضهم بعضًا، باعتبارها أمورًا طبيعية تحدث كثيرًا فى الحياة اليومية.

فنشاهد فى المسلسلات التليفزيونية التى تبث فى بعض الفضائيات مثل مسلسل «الحرائق» علاقات تجمع بين الرجال، حيث نشاهد قصصًا ومشاهد حب تجمع بين الرجال بعضهم ببعض، وقصص حب أخرى لعلاقات شاذة بين النساء بعضهن ببعض، وتزايدت المشاهد فى الآونة الأخيرة مصحوبة بدعاوى التحرر والحرية الشخصية، وفى غالبية الأحوال يكون عرض هذه الأفلام أو المسلسلات دائمًا مصحوبًا بعبارة فوق ١٨ سنة أو فوق ١٦ سنة، مما يمكن معه إبعاد الأطفال عن مشاهدتها، إلا أنه حدث تحول خطير مؤخرًا منذ بضعة أشهر فقط، حيث قررت شركة «والت ديزنى» الأمريكية، وهى أشهر شركات أفلام الترفيه العالمية الموجهة إلى الأطفال وأفلام الكرتون العالمية، أن تقدم هذه النوعية من الأفلام والمسلسلات التى تتضمن العلاقات الشاذة على منصات المشاهدة مثل نتفليكس وغيرها من وسائل الترفيه والتواصل الحديثة، حتى يشاهدها الأطفال، وبدعوة أنها علاقات موجودة ومنتشرة بين الناس، وهى بدأت تُبث بأفلام الكرتون باعتبارها علاقات عادية وموجودة ومعترف بها، وأن بعض الدول قد أباح زواج المثليين.

ومن هنا فإننى فى تقديرى أعتقد أن تقديم هذه الأفلام والمسلسلات للأطفال من الخطورة، بحيث إنها يمكن أن توجه الطفل نحو مفاهيم وأساليب حياة بعيدة تمامًا عن أخلاقياتنا المصرية، وأن تحدث بلبلة فى عقليات الأطفال بحيث تصبح العلاقات المثلية ممارسة عادية فى الحياة رغم أنها ضد الطبيعة البشرية وضد الأخلاق المصرية وضد كل ما نشأنا عليه فى سنوات طفولتنا من أن الحب هو شعور رومانسى بين رجل وامرأه، وأن الزواج هو تتويج لعلاقة الحب بين الرجل والمرأة وهو الإطار الشرعى والشريف لتكوين أسرة كنواة أولى للمجتمع.

كما أن بعض أفلام «ديزنى» بدأ يبث بعض مشاهد تشجع على الشذوذ، ففى شهر يونيو الماضى لم تتمكن شركة والت ديزنى من الحصول على إذن لعرض فيلمها الجديد فى ١٤ دولة، وهو فيلم «باز يطير» وهى الشخصية الحركية المأخوذة عن سلسلة أفلام «حكاية لعبة»، حيث تتزوج صديقة باز المقربة فى الفيلم من امرأة أخرى.

وقالت منتجة الفيلم إن السلطات فى الصين طلبت حذف بعض المشاهد فرفضت شركة ديزنى، مما أدى إلى توقع بعدم إطلاق الفيلم هناك، ولم تتمكن ديزنى من الحصول على إذن لعرض فيلمها الجديد فى شهر يونيو الماضى فى ١٤ دولة فى الشرق الأوسط وآسيا، إذ يتضمن الفيلم قُبلة بين امرأتين مثليتين، كما يبدو أنه من غير المرجح إطلاق الفيلم فى الصين، التى تعتبر أكبر سوق للسينما فى العالم، وأشارت وكالة رويترز الإخبارية إلى أنه لم يرد ممثلو دول، من بينها مصر والسعودية وإندونيسيا وماليزيا ولبنان، على الفور، على طلبات للتعليق على سبب عدم السماح بعرض الفيلم.

ويحدث حاليًا جدل حول فيلم ديزنى بعد انتشار مقطع فيديو مترجم بالعربية عن نهج لزيادة محتوى المثلية الجنسية فى شركة «ديزنى» تسعى له رئيسة الشركة كارى بيرك، وهى أم لطفلين أحدهما متحول جنسيًا والآخر ثنائى الميول الجنسية، وأدى انتشار الفيديو إلى تفجير نقاشات وتساؤلات حول محتوى المثلية الجنسية فى ديزنى بشكل عام ضمن أعمال تنتج بشكل أساسى للأطفال.

وتحدثت رئيسة شركة ديزنى فى مقطع الفيديو المسرب من أحد اجتماعات الشركة، عن سعى ديزنى لوضع أكبر عدد ممكن من المحتوى الداعم لمجتمع مثلى الجنس والمتحولين جنسيًا فى أفلام ديزنى، وبما يؤكد أن إحدى كبرى شركات الترفيه فى العالم، وهى شركة والت ديزنى، تريد أن تصبح هذه الشخصيات موجودة فى كل أفلامها.

فإذا كان هذا التوجه سيتم تنفيذه بالفعل فإنه يشير إلى تحول خطير فى أفلام شركة ديزنى التى كانت أفلامها الكرتون فى الماضى تمثل متعة لها أطر أخلاقية للأطفال، وعلى هذا فإننا يبدو أننا سيكون علينا فى مصر كأمهات وآباء الحرص على إبعاد أطفالنا عن مشاهدة هذه الأفلام التى تشجع على علاقات الشذوذ، والحذر من التوجهات الجديدة الهادفة إلى نشر المثلية لأنها بعيدة عن أخلاقنا ومفاهيمنا وأطر العلاقات الطبيعية بين الرجل والمرأة والسائدة فى مجتمعنا فى مصر وفى الدول العربية.

ولا شك أن تعمد نشر هذه السلوكيات والممارسات المثلية له هدف آخر فى تقديرى، وهو زعزعة العلاقات المستقرة والطبيعية فى مجتمعاتنا وبث ممارسات غريبة قد تؤدى إلى إضعاف هوية المجتمعات المستقرة والمفاهيم السائدة فيها كمجتمعنا، ومن ثم نشر الفوضى فيها.