رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كريم جمال يقدم سيرة مغايرة لأم كلثوم عن سنوات المجهود الحربي (حوار)

كريم جمال
كريم جمال

في كتابه الأول الذي يصدر قريبا تحت عنوان «أم كلثوم وسنوات المجهود الحربي» يتتبع كريم جمال الباحث بمجال الموسيقى سيرة سيدة الطرب العربي من زاوية مختلفة تماماً؛ مقدماً قراءة في أرشيفنا الصحفي والفني للدور السياسي والوطني الذي جاء عقب هزيمة يونيو 1967 ليسجل رحلات كوكب الشرق من أجل المجهود الحربي ورفع الروح المعنوية للمصريين بل والعرب في فترة كانت ضبابية المشهد.

كريم جمال له مقالاته النقدية في تاريخ التراث الموسيقى والغنائي، ولم يكتف بتقديم كتابه الأول عن كوكب الشرق بل يتبع كتابه الثاني محطة أخرى في تاريخ سيدة الطرب لم يتطرق إليها أحد إلا هي علاقتها بموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب عن سنوات المجهود الحربي في حياة أم كلثوم وتاريخنا الغنائي والطربي وإعادة إحياء سيرتها من ركام الأرشيف كان لنا هذا الحوار مع كريم جمال مؤلف الكتاب.

بداية لماذا أخترت الكتابة عن أم كلثوم في كتابك الجديد؟ 
منذ سنوات الصبا وصوت أم كلثوم هو التعريف الجوهري عندي لمعنى الغناء والطرب، فصوتها هو المحرك والملهم لكل شيء يتصل بالفن وتجلياته في عالمي المحدود وعلى رأس قائمة الفن الكتابة بالطبع، حتى أنني درست الموسيقى العربية أكاديميًا وتخصصت في آلة العود فقط من أجل فهم تراث أم كلثوم الغنائي وإضافة متعة جديدة لي بعزف أغانيها، لذا ظل داخلي دائمًا الرغبة في الكتابة عن ذلك المشروع الغنائي الكبير، لكن كيف نكتب؟ وماذا نكتب بعد كل ما كُتب عنها؟ ظل هو السؤال الأهم قبل بداية مشروع الكتاب، إلى أن راودتني فكرة الكتاب لأول مرة عام 2017.

بداية ما الجديد في كتابك عن أم كلثوم وسنوات المجهود الحربي؟  

الكتاب يعيد تقديم سيرة سيدة الطرب العربي من زاوية مختلفة تمامًا، من خلال تتبع دورها السياسي والوطني في أعقاب هزيمة يونيو 1967، وتسجيل كل ما قدمته للدولة المصرية في تلك الظروف العصيبة من دعم سواء كان دعم مادي أو معنوي، كإعادة رفع الروح المعنوية للمصريين، ومصالحة الشعوب العربية على مصر بعدما مزقت النزاعات السياسية وحدة العرب في عقد الستينيات، لذا فالكتاب لا يعتبر سيرة كاملة عن حياة أم كلثوم، لكن الكتاب يتناول لأول مرة وبتركيز سنوات محددة في حياتها الطويلة، وبالطبع يتطرق الكتاب لسنواتها الفنية الأخيرة ولكن من خلال توثيق حفلاتها الشهرية والخارجية الأخيرة، وتدوين الملاحظات على التسجيلات من ناحية الارتجاليات والمدة الزمنية،  وهذا ما افتقدته معظم الكتابات التي تناولت سيرة أم كلثوم.

هل هذا الكتاب هو الأول لك؟ وكيف يتعامل كريم جمال مع الأرشيف؟  

 فعلاً كتاب أم كلثوم وسنوات المجهود الحربي هو العمل الأول، لكن سبق ذلك الكتاب مجموعة كبيرة من المقالات النقدية عن الموسيقى العربية والغناء في القرن العشرين نشرت في مواقع وصحف عربية مختلفة، أما فيما يخص الأرشيف فأنا مدين للأرشيف بكل العوالم التي تفتحت لي أثناء الكتابة، ففي البداية لم أكن أدري مدى ثراء التفاصيل التي وجدتها عند البدء في البحث عن سنوات المجهود الحربي في حياة أم كلثوم، فالمرحلة من 1967 حتى وفاة أم كلثوم في 1975 يمكن فهمها بالكامل من خلال قراءة الصحف اليومية، كافة التغيرات والتقلبات التي مر بها المجتمع المصري يمكن رصدها في الصحف اليومية وهو ما شّكل لي القاعدة الأساسية في بناء الكتاب طوال سنوات الكتابة.

May be an illustration of 1 person and text



في رأيك هل حظي تأريخ سيرة ومسيرة كوكب الشرق بأعمال كافة تناولتها؟ أم مازال هناك مناطق غامضة في حياتها لم تُطرق بعد؟ 

 قطعًا معظم ما كُتب عن أم كلثوم لم يعيد تقديم أم كلثوم بما يليق، ولم ينجو من ذلك إلا كُتب قليلة مثل كتاب الأمريكية فرجينيا دانيلسون (صوت مصر: أم كلثوم والأغنية العربية والمجتمع المصريّ في القرن  العشرين) وهو كتاب يغلب عليه النظرة العملية في فهم تطور المسيرة الكلثومية، ويربطها بسياقات سياسية ومجتمعية شهدتها مصر طوال خمسين عامًا، وكذلك موسوعة آل سحّاب عن أم كلثوم التي لها مكانة كبيرة عند المؤرخين لأنها توثق الأعمال الفنية وتحاول تفسيرها من الناحية الفنية، لكن تلك الكُتب بكل أسف لم تلقى الرواج اللازم، ربما لصعوبتها أو تكلفتها الكبيرة كموسوعة آل سحّاب لذلك فبكل تأكيد سيرة أم كلثوم لم تقدم بشكل يليق بها إلى اليوم، فظاهرة مثل أم كلثوم دامت لأكثر من خمسين عامًا لابد من قراءتها من خلال أكثر من منظور؛ منظور فني وسياسي وموسيقي واجتماعي وحتى إيديولوجي لأن صوت أم كلثوم كان يعتبر رأس حربة الثقافة المصرية التي تحولت عربيًا في الستينيات لإيديولوجية كاملة وواضحة المعالم. 

كيف نقرأ أم كلثوم بعد وفاتها بنصف قرن؟  

لكي نقرأ أم كلثوم بعد نصف قرن من وفاتها لابد من فهم تأثيرها على الأمة العربية وذاكرتهم الفنية والوطنية خلال قرن كامل، ولابد أن تكون نظرتنا طويلة بعض الشيء للقرن العشرين بأكمله، وذلك من خلال فهم تاريخي وأنثروبولوجي، فأم كلثوم بعد وفاتها بنصف القرن مازالت موجودة في عالمنا تعبر عن أحلام العرب وانكساراتهم، ومازال صوتها هو المعيار والنموذج الذي يقيم على أساسه المطربون الآخرون، ولا يزال ينظر إليها باعتبارها قديسة وطنية ، فالوعى الجمعي لا يتقبل نقدها أو الاقتراب من سيرتها منها بشيء من التجريح، لذا حاولت بقدر المستطاع في الكتاب تفسير تلك الهالة الرمزية التي أحاطت بسيرتها والتي مازالت إلى اليوم تتحكم في قراءة تراث أم كلثوم.

انت باحث موسيقي ولك العديد من المقالات حول الأدب العربي والتراث الغنائي والموسيقى الشرقية، كيف تنظر إلى واقع تراثنا الغنائي وموسيقانا الشرقية؟

التراث لا يزال حتى الآن مطمور بشكل كبير، فالموسيقى الشرقية والعربية تحتوى على كافة الإمكانيات التي تأهلها لتكون عالمية الأداء، لكن الحقيقة تقول أن الموسيقى العربية لم تعد موجودة، فقط تقدم في الاحتفالات والسهرات  الغنائية لرواد دور الأوبرا العربية وما على شكلتها، وما يقدم الآن في الغالب هو مسخ لموسيقى الغرب وفقدان هوية بالكامل، لذا فأنا أومن أننا لن نهتم بالتراث المعرفي للموسيقى الشرقية إلا أعيد تعريف مفهوم الغناء في ذهن المجتمع العربي، فالغناء نعم مادة للتسلية ولكنها تصبح مادة عظيمة وذات قيمة حين تكون مرتبطة بجودة شعرية وموسيقية وغنائية،  فالمتعة والجودة طرفي جناح الفن.
 ما مشروعاتك المقبلة؟

أعمل على مشروع يؤرخ لسيرة الشوامخ العشر في مسيرة قطبي الغناء أم كلثوم وعبد الوهاب، وذلك من خلال تتبع العشر أغاني التي قدمها عبد الوهاب لأم كلثوم ما بين عامي 1964 حتى عام 1972.