رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على جمعة يوضح المعنى الروحى للجهاد فى الإسلام

الدكتور على جمعة
الدكتور على جمعة

قال الدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن فهم سنة التكامل لا ينفي حدوث الصراع أو إمكانية حدوثه ووقوعه، ولكن هناك فرقا بين أن نجعله أصلًا للخلقة لا يمكن الفرار منه، وبين أن نجعله حالة عارضة يجب أن نسعى لإنهائها حتى تستقر الأمور على الوضع الأول الذي خلقه الله.

المعنى الروحي للجهاد في سبيل الله 

وأوضح «جمعة»، من خلال صفحته على  «فيسبوك»، أن هذا التكامل هو الذي يفرق عند فهمه بين المعنى الروحي للجهاد في سبيل الله ومعناه وبين الحرب التي تشن هنا وهناك لأجل المصالح والهيمنة والاستعلاء في الأرض والفاسد فيها أيضُا.

وأضاف: انظر إلى قوله تعالى في أول سورة النساء (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، وقال تعالى: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً) [الإسراء:12]، وقال تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران:26]، وقال تعالى: (وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) [الزخرف:32].

وأكد «جمعة»، أن الجهاد في سبيل الله منه أصغر وأكبر، والصغر والكبر إنما يعود إلى الزمن الذي يستغرقه كل واحد منهما، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم :«رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ألا وهو جهاد النفس» [رواه البيهقي في الزهد، والبغدادي في تاريخ بغداد]، وقال الله تعالى: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ) [الحج:78] وقال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ) [العنكبوت:69].

ولفت «جمعة» إلى أن الجهاد بالقتال لا يستغرق إلا مدة المعركة وهي قليلة على كل حال، أما الذي يمتد العمر كله، ويعم الناس كلهم والأرض كلها هو جهاد النفس، موضحًا أن جهاد القتال يجود فيه الإنسان بنفسه من أجل سعادة غيره ففيه معنى الفداء، فوصفه بالأصغر لا يقلل من علو شأنه وأهميته، ولكنه يشير إلى مدته، وأنه صراع عارض لأجل الرجوع إلى حالة الاستقرار والتوازن التي خلق الله الناس عليها أول مرة.

ولفت إلى أننا من أجل ذلك رأينا أن القاتل غير المقاتل، وأن من قتل أول مرة عليه وزر من اتخذ هذا سبيلًا له عبر التاريخ، ويقص علينا ربنا قصة ابني آدم من أجل هذه العبرة: في سورة المائدة من آية 27 إلى 35، ويتبين منها أن الجهاد في سبيله غايته الفلاح وإنهاء الفساد في الأرض، والخروج عن مفهوم القتل الذي جعله الله علامة على خذلان ابن آدم وعقابه إلى مفهوم القتال؛ لرفع العدوان، ورفع الطغيان، وعدم السكوت على إنكار المنكر، وعدم السكوت على الإفساد الخسيس للأرض.