رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الطعن على إعدام محمد عادل: المحكمة لم تمهلنا إثبات احتمالية الاضطراب النفسى

قاتل نيرة أشرف
قاتل نيرة أشرف

تواصل "الدستور" نشر تفاصيل مذكرة أسباب الطعن بالنقض على الحكم الصادر من محكمة جنايات المنصورة بإعدام محمد عادل قاتل نيرة أشرف «طالبة المنصورة» شنقا. 

وتقدم خالد الدسوقي محمد مصطفى - وشهرته خالد الدسوقي البري - المحامي المقبول لدى المحكمة، عن المحكوم عليه محمد عادل محمد إسماعيل عوض الله، ضد ورثة المرحومة نيرة أشرف أحمد عبد القادر وعنهم والدها أشرف أحمـد عبـدالقادر، والنيابة العامة، وذلك في الحكم الصادر من محكمة جنايات المنصورة الدائرة الرابعة بتاريخ 6 يوليو 2022 والقاضي منطوقه: 

حكمت المحكمة حضوريا بإجماع الآراء بمعاقبة محمد عادل محمد إسماعيل عوض الله بالإعدام عما أسند إليه، ومصادرة السلاح المضبوط وألزمته المصاريف الجنائية، وفي الدعوي المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية بلا مصاريف. 

السبب الثاني من أسباب الطعن بالنقض

الإخلال الجسيم بحق الدفاع بعدم عرض المتهم على إحدى المصحات النفسية والعصبية لبيان عما إذا كان مصابا وقت تفكيره بالجريمة باضطراب نفسي وعصبي أو وقت ارتكابه للواقعة ومدى سلامة حالته العقلية واتزانه النفسي وقت ارتكابه الجریمة، وهذا الطلب من الطلبات الجوهرية الجازمة التي لا يجوز للمحكمة أن تلتفت عنها ولا تقوم بإرساله لإحدى المصحات النفسية لبيان حالته النفسية وكتابة تقرير مفصل عن حالته طبقا لنص المادة 62 من قانون العقوبات المستبدلة بالقانون رقم 71 لسنة 2009 بالإصدار قانون رعاية المريض النفسي وتعديل بعض أحكام قانون العقوبات.

وعند مطالعتنا أوراق الدعوى ومستنداتها وأقوال المحكوم عليه وتحقيقات النيابة العامة واستجوابه أمام المحكمة واعترافه بارتكابه جريمته بقتل المجني عليها، فإن ما ينعاه الطاعن في اعترافاته انفطنت إليها المحكمة ووازنتها ووضعتها في مكيالها الصحيح لكانت المحكمة مصدره حكم الإعدام الذي لم يستغرق محاكمة المتهم وإحالة أوراقه إلى فضيلة مفتي الديار المصرية، حيث بدأت المحاكمة ٢٠٢٢/٦/٢٦ وتم تأجيلها لجلسة ٢٠٢٢/٦/٢٨ للمرافعة، وبتلك الجلسة لم تمهل المحكمة الدفاع الحاضر عن المتهم فرصة الرد وتنفيذ طلبه الجازم بإحالة المتهم إلى إحدى المصحات النفسية لكتابة تقرير مفصل عن حالته النفسية والعقلية سواء وقت تفكيره لارتكاب الجريمة أو وقت ارتكابه الجريمة، رغم أن المرض النفسي والعصبي والاضطرابات النفسية من الأمراض الخطيرة التي يستعصى على القاضي العادي غير المتخصص في علم النفس الجنائي أن يوازن بين حالة المتهم وقت اعترافاته بالنيابة ووقت المحاكمة، وأن هذه الأقوال والاعترافات لا تعدو أن تكون مقياسا لاتزان المتهم وعدم إصابته بأي اضطرابات نفسيه وعصبية تؤثر على تفكيره واختياره وهذا ما قاله المستشار محمد فتحي - في كتابه الخالد علم النفس الجنائي "طبعة ١٩٤٢". 

أيضا مـا قـام بطلبـه دفـاع المتهم خلال جلسات المحاكمة بجلسة ٢٠٢٢/٦/٢٨ والتفات المحكمة عن هذا الطلب الجازم الذي قرع سمع وآذان المحكمة كأنما وقر في ضميرها من إدانة المتهم والحكم عليه بالإعدام جاء تحت ضغوط الإعلام الصاخب وطلبات الجماهير بإعدام المتهم شنقا والدليل على ذلك الإجراءات الزمنية المتلاحقة سواء في تحقيقات النيابة العامة وما شاب هذه التحقيقات من قصور ومحاكمة المتهم في يومين وإحالته للمفتي والحكم عليه بجلسة ٢٠٢٢/٧/٦ وضرب طلبات الدفاع عرض الحائط، ونصبت المحكمـة مـن نفسـها طبيبـا وجـراحـا وخبيـرا فـي علــوم النفس والاجتماع والأمراض النفسية والعصبية بالمخالفة للقانون والدستور فأقصي ما يتمناه المتهم ما كان يصبو إليه المتهم ودفاعي أن يلقي محاكمة عادلة كباقي المحاكمات في المحاكم المصرية ولا يقع تحت تأثير صخب إعلامي يتلوه حكم بالإعدام.

واستطرد أن أحكام محكمتنا العليا طالعتنا بما يلي: "الاضطراب النفسي الذي يفقد المتهم الإدراك أو الاختيار من موانع المسئولية - المادة ٦٢ عقوبات المستبدلة بالقانون رقم 71 لسنة ٢٠٠٩ بإصدار قانون رعاية المريض النفسي وتعديل بعض أحكام قانون العقوبات والإجراءات الجنائية، دفاع الطاعن أنه كان في حالة اضطراب نفسي وقت ارتكاب الجريمة جوهري لو صح أمتنع عقاب المتهم ، رفض المحكمة الدفع استنادا للمادة ٦٢ عقوبات قبل التعديل خطأ في تطبيق القانون. 

وجاء بالطعن أنه كان يجب على المحكمة أن تجيب وتستجيب لهذا الطلب الجوهري والجازم الذي قرع مسامع وأذان هيئة المحكمة بإحالة المتهم إلى مستشفي الطب النفسي لبيان حالته النفسية والعصبية وقد طالعتنا أحكام محكمتنا العليا في الحكم الصادر من الدائرة الجنائية دائرة الأحد (هـ) "وقالت محكمة النقض في الطعن رقم ٢٧١٥٨ لسنة 86 ق الصادر بتاريخ ٢٠١۸/۱۲/۹ ومن الاحكام القضائية الحديثة التي أصدرتها محكمة النقض حيث أن الثابت من محاضر جلسات المحكمة بتاريخ ٢٠١٦/٥/٢١ أن المدافع عن الطاعن دفع بإنتفاء مسئوليته الجنائيـة عـن الواقعـه لمـا أصـابـه مـن إضطراب نفسي لمـا كـان ذلك وكـان الـحكـم قـد عـرض لدفاع الطاعن وإطراحه في قوله وحيث أنه وعن الدفع بإمتناع عقاب المتهم عملا بنص المادة 1/61 عقوبات فإنه مردود إذ خلت الأوراق مما يفيد علي وجه قاطع أن المتهم كان يعاني وقت إرتكاب الجريمه من إضطراب نفسي أو عقلي افقده الإدراك أو الإختيار ومن ثم تقضي المحكمة برفض هذا الدفع. 

وأضف الطعن أنه لما كان ذلك وكان النص في المادة 61 من قانون العقوبات المستبدله بالقانون 71 لسنة ٢٠٠٩ بإصدار قانون رعاية المريض النفسي وتعديل بعض الحكام قانون العقوبات قد نص علـي أنـه "لايسأل جنائيا الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمه من إضطراب نفسي أو عقلي أفقده الإدراك أو الاختيار أو الذي يعاني من غيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدره أيا كان نوعها إذا اخذها قهرا عنه أو عن غير علم منه ويظل مسئولا جنائيا الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من إضطراب نفسي أو عقلي أدي إلي انقاص ادراكه أو اختياره وتأخذ المحكمة في اعتبارها هذا الظرف عن تحديد مدة العقوبة وهو نص مستحدث يتمثل في إضافة الاضطراب النفسي للمتهم إذا ما أفقده الإدراك أو الاختيار وقت ارتكاب الجريمـة وإعتبره سببا للإعفاء من المسؤولية الجنائية أما إذا اقتصر أثره على الإنتقاص من إدراك المتهم أو اختياره يظل المتهم مسئولا عن ارتكاب الجريمه وإن جاز اعتبار هذا الانتقاص ظرفا مخففا يصح للمحكمة الاعتداد به عند تقدير العقوبة التي توقع عليه وإذ كان دفاع المتهم بالمنازعة في مدى مسئوليته لإصابته بإضطراب نفسي أو عقلي ينال من إدراكه أو شعوره دفاع جوهري إذ يترتب علي ثبوته إعفاء المتهم من المسئولية أو الانتقاص منها وفق ما تضمنه النص سالف الذكر. 

وتابع، أنه لما كان ذلك ولئن كان من المقرر تقدير حالة المتهم الفعلية أو النفسية من المسائل الموضوعية التي تخص محكمة الموضوع بالفصل فيها إلا أنه لسلامه الحكم يقين إذا ما تمسك به المتهم أن تجري تحقيقا في شأنه بلوغا كفاية الأمر فيه، ويجب عليها تعيين خبير للبت في هذه الحالة اثباتا أو نفيا أو أن تطرح هذا الدفاع بما يسوغ لمـا كان ذلك وكان ما ورد به الحكـم لا يسوغ به اطراحـه إذ لا يصح إطراحـه بخلو الأوراق ممـا يفيد علي وجه قاطع أن المتهم كان يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي او عقلي أن البداءة يتضمن الدعوي إلى تحقيقـه مـمـا يـصـم الحـكـم فـي الـدر على هذا الدفاع بقصورة في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، لما كان ذلك فإنه يتعين نقض الحكم والإعادة دون بحث باقي أوجه الطعن وحكمت محكمة النقض في هذا الطعن بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى دائرة أخري للحكم فيها، وقد طالعتنا احكام محكمتنا العليا: ومن حيث أن المقرر ان الدفاع الجوهري ولما تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه يجب أن يكون مع جوهريته يشهد له الواقع ويسانده. - نقض 6704 لسنة 53 ق في ١٩٨٤/٦/٥".

أضاف الطعن، أنه من حيث أن المقرر أيضا أن أوجه الدفاع الجوهرية ينبغي علي الحكم أن يواجهها فإن هو لن يأخذ بها كان عليه أن يطرحها بأسباب سائغة مؤدية في العقل والمنطق إلى ما انتهي اليه ويحـق لمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن الأسباب التي تحمل الحكم فيما قضي بـه مـن غير تعسف في الاستنتاج ولا تتنافر مع العقل والمنطق وأن يكون دليلها فيما انتهت اليه قائما ضمن اوراق الدعوي. "نقض ١٩٨٦/٤/٢٢ طعن رقم ٢٠٢ لسنة 81 المقيد برقم ۳۸۰ سی ٥٦ ق". 

وتضمن، حيث أن هناك تحول نوعي في السلوك الإجرامي من شخص عادي وهو شخصية المحكوم عليه الذي كان يمتاز أنه من المتفوقين الذي كان يجاهد ويعمل لينفق علي نفسه واسرته متفوقا دراسيا وطبقا للاعترافات التي عولت عليها المحكمة في حكمها في أن تكون دليل إدانة للحكم علي المتهم في أقل من يومين وإحالة أوراقه إلي المفتي دون أن تعطي دفاعه برهة من الوقت للدفاع عن المتهم والاستعانة بالأطباء النفسيين لمعرفه ودراسة حالته وإذا أخذنا في الاعتبار المحاضر التي حررتها المجني عليها وذويها ضد المتهم والرسائل المتبادلة علي مواقع التواصل الاجتماعي الواتس آب بين المجني عليها وبين المتهم هي دليل واضح علي أن المجني عليها كانت سببا رئيسيا فيما أصاب المتهم من مرض نفسي واضطرابات نفسيه وعصبية أوصلته إلى ذلك. 

 وقد قالت الدكتورة سامية قدري - أستاذ علم الإجتماع جامعة عين شمس في كتابها التحول النوعي في السلوك الإجرامي والذي أردنا أن نوجز ما قالته في بعض النقاط لتكون تحت مرأى ومسمع نيابة النقض عند كتابة رأيها في هذا الطعن أو أمام محكمة النقض ابيان نظره هذا الطعن في محاكمة هذا المتهم فقد قالت الدكتورة في إيجاز:- أن هناك تحولا نوعيا في قدرة الجاني علي الاجهاز والتنكيل بالمجني عليها وإعلان ذلك على الملأ لكنها اشارت إلى عدم امكانية التعامل مع احداث ووقائع متفرقة حتي وإن كانت متقاربة على إنها ظاهرة اجتماعية، وحذرت الدكتورة سامية قدري من خطورة تلك الوقائع خاصة في ذلك قدرة وسائل التواصل الاجتماعي على توجيهها والتأثير علي سلوك الأفراد وإنتقالها بشكل سريع وقالت لابد من إخضاع هذه الأحداث للدراسة والتحقيق النفسي والاجتماعي للجناة للوقوف على الأسباب الحقيقية التي دفعتهم إلي ارتكابها وتوثيق أفعال التنكيل بهذه الطريقة العنيفة والمجاهرة بها علنا قبل الحكم عليها. 

وتضمن الطعن، أنه قد يكون الجاني تعرض إلى ضغط نفسي واجتماعي قوي أو إساءة بالغة من قبل المجني عليـه أو وقع تحت تأثير تناول بعض المواد المخدرة دفعته إلى ارتكاب جريمته، تنسب الأعمال الإجرامية الشاذة عن المألوف عادة إلى بعض الاضطرابات النفسية عند الجاني ويجب عرضه على إدارة الطب النفسي وهذا النوع من المرض يسمي الهستريا العصبية والنفسية وترجع أسباب الهستريا العصبية النفسية الصراع بين الغرائز والمعايير الاجتماعية والإحباط وخيبة الأمل لتحقيق هدف أو مطلب والإخفاق في الحب والزواج وهذا ما أوضحه "برويد وفرويد" في كتابهم دراسات في الهستريا وكان لزاما علي المحكمة التي ليس لديها الخبرة في الطب النفسي أن تعرض المتهم المحكوم عليه علي إحدي المصحات النفسية والعصبية مما يوجب نقض هذا الحكم والإعادة والحكم بأقل العقوبة المقررة قانونا أن المتهم لم يكن في وضعه وانفعالاته الهادئة وقت ارتكابه وتفكيره في ارتكاب الواقعة مـا يكون هذا الحكم قد خالف نص المادة ٦٢ من قانون العقوبات المستبدلة بالقانون رقم 71 لسنة ٢٠٠٩ مما تنتفي معه رابطة السببية بين الخطأ.