رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكاتبة المغربية حبيبة زوكى: «كاميليا» عن طفلة مسلمة وطفل يهودى جمعهما الحب

الكاتبة حبيبة زوكي
الكاتبة حبيبة زوكي

“كاميليا” هو عنوان الرواية التي تصدر خلال أيام عن دار غراب للنشر والتوزيع، للكاتبة المغربية حبيبة زوكي. 

و"حبيبة زوكي"، كاتبة ومترجمة مغربية، هي عضو اتحاد كتاب المغرب، صدر لها عدد من المؤلفات، من بينها: رواية “غزل الحكي”، عن دار فضاءات الأردنية ــ وديواني في شعر العامية هما، “عقدة ف عقدة شعر”، و"شيخ لعزاري".

وعن موضوع روايتها “كاميليا”، قالت الكاتبة حبيبة زوكي لــ “الدستور”: القصة المحورية في الرواية تدور حول  علاقة حب تربط بين طفلة مسلمة و طفل يهودي . أحبا بعضهما منذ الطفولة بحكم الجوار لأنهما كانا يعيشان بنفس الحي ألا وهو الملاح . لكن في الأخير لا يستطيعان الزواج . 

وأضافت “زوكي”: تدور أحداث الرواية بحي شعبي و بمواقع و مدن مغربية متعددة . تعيدنا الراوية للطفولة بكل زخمها؛ ومن خلال ذلك يكون السرد مسرحا لبعض العادات والتقاليد و كذلك  لروح التسامح والتعايش التي كانت تطبع حياة الناس في ستينيات القرن الماضي .

ــقصة حب تجمع طفلة مسلمة وطفل يهودي

ومن أجواء رواية “كاميليا” للكاتبة المغربية حبيبة زوكي نقرأ: "تفتح مدينة مازغان الشاطئية ذراعيها لكل ساكنيها فالمسلم يجاور اليهودي دون استثناء في العيش والسكن، تتلاطم أمواج البحر كأنها أياد تلوح من بعيد مرحبة بالقاطنين قربه أو بالزوار العاشقين رماله و نوارسه. يقطن اليهودي جنبا لجنب المسلم. تحتضن المدينة كل أبنائها باختلاف مشاربهم وألوانهم وأحلامهم بدفء الأم الرؤوم، العطوف التي تتوجس خيفة على فلذات كبدها من قر الشتاء وحر الصيف. في سبعينيات القرن الماضي عرفت المدينة بهدوئها ورونقها. الحي البرتغالي، قلعة ذات أسوار عالية وأبواب واسعة، تزهو بمآثر تاريخية تعود للقرن السادس عشر. عرف الملاح ببناياته العتيقة و أزقته الضيقة. هلال المسجد يتماهى في السماء و صليب الكنيسة. حي يجسد التسامح والتعايش في أبهى حلله. عاش سكان الحي ردحا طويلا من الزمن بدون عقدة الآخر.

لا تنام المدينة ليلا خلال فصل الصيف، يلعب الأطفال الغميضة و يتهافتون، بينما تجلس الأمهات بالحديقة للترويح عن أنفسهن، و لتجاذب أطراف الحديث وتبادل بعض الأخبار التي تروج بردهات الأزقة. وهن جالسات يتحدثن مستمتعات بمنظر القمر وهو في أبهى حلله، إذ بإحداهن تخاطب صديقتها قالتا: هل تذكرين لما كنا نرى الملك محمد الخامس متجليا في القمر؟ تؤكد الأخرى القول و يجرهن الحديث لقصة المرأة التي التحفت بالحايك حاملة قفة وبعد وصولها لسجن الصوار بالملاح طلب منها اسم الشخص الذي ترغب في زيارته، قالت: يحيى. في لمح البصر تعالت أصوات الحاضرين «يحيى الملك، يحيى الملك". في فترة الحماية الفرنسية لعبت المرأة دورا فعالا في مناهضة الاستعمار، حيث كانت النساء تلبسن الجلباب الواسع أو الحايك ويحملن السلاح لإيصاله للمقاومين في غفلة من جنود المستعمر، تبدو هيأتهن كحوامل. حبلن بحب الوطن فشاركن جنبا إلى جنب رجالات المدينة للذود عن وطنهن.

كاميليا شابة سمراء البشرة طويلة القامة أنفها يوناني، عيناها واسعتان بلون عسلي ورموش كثيفة ونظراتها رائعة ولامعة. رقبتها طويلة، ولها شامة فوق الشفة العليا تضفي علامة ملفتة وفارقة على ملامحها. شابة متصالحة مع ذاتها، جريئة في حديثها قوية العاطفة والشخصية.

تسكن بالملاح على بعد مائة متر من باب البحر، وعلى مقربة من بيت الكاتب الراحل إدريس الشرايبي. تعيش الأسرة ببيت رحب في وسطه نافورة تزهو بمائها العذب، تطوقها نباتات متعددة من ورود وأزهار سيدها مسك الليل. تنوعت الورود من نرجس وسوسن وعباد الشمس وياسمين والتوليب، ذات العمر القصير جدا والتي لا تعيش أكثر من سبعة إلى عشرة أيام. يعبق البيت برائحة كل هذه الأنواع البهية، خصوصا في المساء حينما تطلق نبتة مسك الليل أريجها بعدما تتفتح أزهارها. تجلس الأسرة عادة فـــي البهــو قرب النافورة للسهر. يتسامر الكبار بينما يلعب الصغار أو يستمعون للجدة التي تحكي لهم حكايات ماما الغولة وحديدان ألحرامي وهلم حكايات تسافر بهم إلى أقاصي الخيال، وتجنح بهم إلى بلاد العجائب.

زينت حيطان البيت بزليج بلدي، حيث الفسيفساء في تمازج بديع مع النقش على الجبس. بالإضافة إلى النقش الساحر كتبت آيات قرآنية بخط عربي أخاذ وبألوان زاهية.

الملاح كالقلعة الحصينة لا يدخله إلا أبناؤه ولا يعرف أزقته الملتوية ودروبه الضيقة إلا ساكنته. به أبواب خارجية وأخرى داخلية منفتحة على البحر. عاشت به عدة عائلات يهودية. حُكي لها يوما أن بعض أحفاد اليهود الذين هاجروا المغرب لما استعادوا البيوت التي كانت في حوزة ذويهم، وهم يعيدون ترميمها لم يتخلصوا من التراب بل احتفظوا به واستعملوه ضمن مواد البناء، كأنهم يحتفظون بأغلى الذكريات. مرات عديدة دخلت كاميليا بيت جارتهم اليهودية أم التوأمين. كلما سقطت وهي تلعب بساحة المدرسة، تنتف خرج لها فلا تقدر بعدها على التحرك فتأخذها والدتها إلى زليخة، تشد رجلها وتدلك عضلاتها ثم تربط الرجل جيدا بضمادة. بكثرة ترددها على بيت جيرانهم اليهود، نسجت بينها وبين ابنيها التوأم علاقة صداقة وطيدة.

غلاف الرواية
غلاف الرواية