رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قضايا العمال والحوار الوطنى

ونحن على خضم الحوار الوطنى ومع إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ومع اعتبار عام ٢٠٢٢ عامًا للمجتمع المدنى، انطلقت عدة حوارات فى المجتمع من أجل المساهمة فى وضع رؤى وحلول للأزمات التى يمر بها مجتمعنا ومن أجل تعزيز نهضة وتقدم بلدنا مصر، وخير وسلام وأمان الشعب المصرى. 

نشأت الحركة النقابية العمالية منذ أواخر القرن التاسع عشر، وخاض عمال مصر مسيرة نضال كبيرة للدفاع عن مصالحهم، وبسواعد عمالنا وعزمهم وعرقهم نهضت الصناعة المصرية، وما زال عمال مصر يعانون سوء ظروف العمل وعدم الالتزام بشروط الأمن والسلامة والصحة المهنية، ومن تدنى الأجور التى لا تكفى احتياجاتهم الضرورية، ومن تعنت أصحاب العمل فى عدم صرف الرواتب فى العديد من شركات القطاع الخاص.

كل ما سبق مخالف لما أقرته مواد الدستور المصرى ومنها:

المادة «١٣» والتى تنص على: «تلتزم الدولة بالحفاظ على حقوق العمال، وتعمل على بناء علاقات متوازنة بين طرفى العملية الإنتاجية، وتكفل سبل التفاوض الجماعى وتعمل على حماية العمال من مخاطر العمل وتوافر شروط الأمن والسلامة والصحة المهنية، ويحظر فصلهم تعسفيًا، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون».

المادة «١٥»: «الإضراب السلمى حق ينظمه القانون».

المادة «٢٧»: «يهدف النظام الاقتصادى إلى تحقيق الرخاء فى البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقى للاقتصاد القومى ورفع مستوى المعيشة وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة والقضاء على الفقر».

المادة «٧٦»: «إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطى حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتمارس نشاطها بحرية وتسهم فى رفع الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم وحماية مصالحهم. وتكفل الدولة استقلال النقابات والاتحادات، ولا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائى، ولا يجوز إنشاء أى منها بالهيئات النظامية».

بعد إطلاق الدعوة للحوار الوطنى فى أواخر شهر أبريل بدأت القيادات العمالية والنقابية فى الحوار لتقديم ورقة خاصة بالمطالب العمالية وبالتشريعات والقوانين التى يريدون تعديلها من أجل تحقيق المصالح العمالية من أجل نهضة واستقرار المجتمع، ومنها مبادرة القيادات العمالية والنقابية بالإسكندرية بتكوين مجموعة تحت عنوان «الحوار الوطنى العمالى» والتى تضم قيادات نقابية وعمالية من الشركات والمصانع بالإسكندرية وعدد من المحافظات. كما قدم أيضًا العديد من المنظمات واللجان المعنية بالدفاع عن حقوق العمال وثائق تشمل مطالب العمال، منها تحالف أمانات العمال بالأحزاب والتى قدمت بيانًا تحت عنوان «الحوار ضرورة»، ودار الخدمات النقابية التى قدمت «وثيقة بشأن الحوار الوطنى»، كما قدمت التعديلات المطلوبة فى قانون العمل، والتعديلات المطلوبة فى القانون ١٤٨ للتأمينات الاجتماعية من أجل تحقيق مصالح العمال لتحقيق نهضة شاملة لبلدنا ولتحقيق استقرار مجتمعى، كما قدم المؤتمر الدائم للمرأة العاملة مطالب عديدة لحماية المرأة العاملة ومنها مقترح قانون «حماية العاملات فى المنازل»، وأيضًا المطالبة بمناهضة العنف الواقع على العمال والعاملات فى أماكن العمل. وقدمت أيضًا حملة الحريات النقابية والدفاع عن حقوق العمال والتى تضم «ممثلى أمانات العمال فى الأحزاب وعددًا من النقابات المستقلة» رؤيتها من أجل دعم الطبقة العاملة فى تحقيق مصالحها العادلة.

وسأحاول فى السطور التالية أن أقدم أهم ما جاء فى هذه الوثائق من مطالب العمال المصريين:

- كفالة الحماية الاجتماعية والقانونية للعمالة غير المنتظمة وإدراج كل فئات العمالة غير المنتظمة فى مشروع قانون العمل الجديد، مع وضع خطة لدمج القطاع غير الرسمى فى القطاع الرسمى فى فترة زمنية محددة.

- سن قانون للعمل يحفظ للعمال حقوقهم فى عمل يوفر لهم الأمن والأمان وأجرًا عادلًا يكفى احتياجاتهم واحتياجات أسرهم الضرورية مع توفير ظروف عمل ملائمة وآمنة، مع حماية العمالة غير المنتظمة، وحماية العاملات فى المنازل، قانون يراعى المتغيرات فى سوق العمل وينهى اللبس بين إنهاء علاقة العمل والفصل التعسفى بالنص بوضوح على ذلك. 

- تفعيل وتنفيذ قانون المنظمات النقابية من أجل تأسيس العمال لنقاباتهم المدافعة عن حقوقهم ومصالحهم للنهوض بالعمل والإنتاج والمشاركة فى البناء والتقدم، مع تعديل قانون المنظمات النقابية ٢١٣ لعام ٢٠١٧ والمعدل بالقانون ١٤٢ لعام ٢٠١٩ بإزالة كل المواد التى تثير الالتباس وتعوق تأسيس اللجان النقابية. 

- التأكيد أن القطاع العام هو الحامى لبلدنا من العوز والحامى فى وقت الأزمات وأن الدول تنهض بالزراعة والصناعة، وحماية شركات قطاع الأعمال العام والحفاظ عليها والعمل على تطويرها.

- إصدار قانون خاص بحماية العاملات فى المنازل والتصديق على الاتفاقية الصادرة من الأمم المتحدة رقم «١٨٩» بخصوص حماية العاملات فى المنازل.

- التصديق على الاتفاقية ١٩٠ لعام ٢٠١٩ الصادرة من منظمة العمل الدولية بشأن «مناهضة العنف فى عالم العمل».

- التأكيد على تنفيذ وتفعيل ما جاء فى مواد الدستور من التزام النظام الاقتصادى اجتماعيًا بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة وبحد أقصى فى أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر دون استثناءات، وضرورة إلزام القطاع الخاص بصرف الزيادات المقررة للأجور والعلاوات الدورية والاجتماعية.

- تعديل قانون التأمينات الاجتماعية رقم ١٤٨ لسنة ٢٠١٩ وما يتضمنه من مشاكل وحل مشاكل المعاش المبكر وحقوق العمال وكذلك التأمين على العمالة غير المنتظمة.

- الإفراج عن المحبوسين احتياطيًا والعفو الرئاسى عمن صدرت بحقهم أحكام من سجناء الرأى وعلى الأخص العمال المحبوسين على خلفية نشاطهم وإبدائهم الرأى فى القضايا العمالية والنقابية. 

ومع انطلاق الحوار الوطنى كلنا أمل فى أن تناقش هذه المطالب حتى نصل لوضع قوانين وتشريعات ولوائح عادلة تعزز من ترسيخ قيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وتعزز من تحقيق المبادئ الدستورية وحقوق الإنسان.