رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراسة توضح تداعيات مقتل أيمن الظواهرى على تنظيم القاعدة

أيمن الظواهري
أيمن الظواهري

أصدرت وحدة الإرهاب والصراعات المسلحة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة بعنوان "مقتل أيمن الظواهري .. الدلالات والتداعيات"، للباحثة تقي النجار، متناولة فيها الوضع الحالي لتنظيم القاعدة، قائلة إنه مع صعود حركة طالبان إلى حكم أفغانستان تمتعت القيادة المركزية لتنظيم القاعدة بقدر أكبر من الحرية، فمنذ أغسطس 2021 تواتر ظهور أيمن الظواهري بهدف تأكيد بقائه على قيد الحياة، ولكن لا يعني إغفال محدودية قدرات التنظيم العملياتية، حيث اقتصر وجوده في أفغانستان على إبداء المشورة لحركة “طالبان”، ناهيك عن تجنبه القيام بعمليات لتجنب إحراج الأخيرة.

وتناولت الدراسة تداعيات مقتل أيمن الظواهري على تنظيم القاعدة، مستعرضة ماهية الفروع المرتبطة به، والتأكيد على أن القوة الحقيقية للتنظيم تكمن في قوة فروعه، حيث تحولت القيادة من القاعدة المركزية إلى الفروع في إطار لا مركزية عمل التنظيم، وهو ما أكد عليه “الظواهري” مؤخرًا، حيث قال في سلسلة (صفقة القرن أم حملات القرون؟) إن “العلاقة بين القيادة المركزية وأفرع التنظيم الخارجية قائمة فقط على العهد والميثاق”، ومن ثم يتميز كل فرع بخصوصية مرتبطة بطبيعة السياق الذي ينشط فيه، بجانب أجندة عمله، إضافة إلى المحفزات التي تدعم نشاطه أو التحديات التي تحول دون تمدده.

وأشارت الدراسة إلى أن هناك حالة تباين في قوة فروع تنظيم “القاعدة” نتيجة مجموعة من المحددات والسياقات الحاكمة لنشاط تلك الأفرع، إضافة إلى حالة اللا مركزية التي يتمتع بها التنظيم، في ضوء جملة ضعف القيادة المركزية له التي كانت ممثلة في “الظواهري”، الأمر الذي يؤكد أن انعكاسات مقتل الأخير على طبيعة الأفرع ليست بالكبيرة، لكنها تحمل تداعيات أخرى.

وتطرقت الدراسة لدلالات وتداعيات مقتل الظواهر وتطرقت لخمس ملاحظات منها تُشير إلى مآلات العلاقة بين الولايات المتحدة وحركة “طالبان”، فبموجب اتفاق السلام الذي عقدته واشنطن مع الحركة، وافقت الثانية على عدم السماح لتنظيم “القاعدة” أو غيره من التنظيمات الإرهابية بممارسة أنشطتها في أفغانستان، غير أن تواجد “الظواهري” في كابل مثّل خرقًا لهذا الاتفاق، حيث يؤكد مسئولون أمريكيون أن طالبان كانت على علم بوجود “الظواهري” في كابل، والملاحظة الثانية: تنصرف إلى تداعيات عملية قتل “الظواهري” على نشاط تنظيم “داعش”، فمن المحتمل أن تؤدي عملية مقتل الأول إلى تدعيم نشاط أفرع الأخيرة عامة، ونشاط “ولاية خراسان” بصفه خاصة، ولا سيما مع سعي “داعش” إلى استغلال مقتل الأول من أجل التوسع في عمليات التجنيد من ناحية، وتصعيد النشاط من ناحية أخرى.

وتضمنت الملاحظة الثالثة: تتعلق بما تحمله عملية مقتل “الظواهري” من قيمة دعائية للولايات المتحدة على وجه العموم، وقيمة دعائية لإدارة الرئيس “بايدن” على وجه الخصوص، ولا سيما أنها جاءت بعد أقل من شهر من عملية مقتل “ماهر العقال” (زعيم داعش في سوريا)، وبعد حوالي 6 شهور من مقتل “أبي إبراهيم الهاشمي القرشي” (زعيم تنظيم داعش)، وبالتالي تمثل تصفيات القيادات الإرهابية التي تتابعها إدارة الرئيس “بايدن” التأكيد على نهج الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب من ناحية، وإرسال رسائل مفادها استمرار الولايات المتحدة كفاعل رئيسي منوط به حفظ السلم والأمن الإقليمي والدولي، فيما تضمنت الملاحظة الرابعة: تُشير إلى الخليفة المحتمل “للظواهري”، فطبقًا لتقارير صادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يأتي في التسلسل القيادي بعد “الظواهري” كل من “سيف العدل”، و”عبد الرحمن المغربي”، و”يزيد مبارك”، غير أن جل التقديرات تشير إلى أن فرص تولي الأول أكبر من الاثنين الآخرين لكونه القيادي الأبرز بعد “الظواهري”.

وتدور الملاحظة الخامسة حول احتمالية القيام بهجمات انتقامية من قبل عناصر تنظيم “القاعدة” بغية الثأر لمقتل “الظواهري”، وبالتالي من المرجح أن يتم استهداف المصالح الأمريكية في مناطق مختلفة، حتى لو كانت عمليات محدودة ولكنها تحمل قيمة دعائية يكون الهدف منها التأكيد على استمرار عمل التنظيم.

واختتمت الدراسة أن “أيمن الظواهري” لم يكن شخصية كاريزمية مثل سلفه “أسامة بن لادن” إلا أن ذلك لا يعني عدم انصراف مقتله على معنويات عناصر تنظيم “القاعدة”، وكذلك لا يعني أيضا القضاء على التهديد العام الذي تشكله الأفرع التابعة للتنظيم. وبالتالي تُعد تصفية القيادات أداة من ضمن أدوات متعددة لمكافحة نشاط التنظيمات الإرهابية، غير أنها لا بد أن تكون مدعومة بخطوات أخرى على رأسها دعم التنمية وتفكيك السرديات المتطرفة.