رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الباحث السوري حسام غازي يرصد عقائد ما بعد الموت عبر العصور

حسام غازي
حسام غازي

في كتابه “عقائد ما بعد الموت عبر العصور”، يذهب مؤلفه الباحث السوري الدكتور حسام غازي، إلى أن التاريخ الأقدم لظهور الإنسان -بحسب المكتشفات الأثرية والدراسات الأنثروبولوجية ونتائج التأريخ المطلق- يرجع إلى نحو مليوني سنة قبل الميلاد. وقد تمّ توثيق تلك البداية من خلال بقايا الهياكل العظمية البشرية التي عُثر عليها في العديد من المواقع الأثرية٬ مترافقةً مع أدوات حجرية صنعها الإنسان بشكل مقصود٬ واستخدمها في حياته اليومية. 

وتعدّ تلك المكتشفات من وجهتَي النظر الأثرية والأنثروبولوجية البداية الأولى للمشهد الثقافي العالمي٬ الذي يُقسم إلى مرحلتين أساسيتين، هما: عصور ما قبل التاريخ٬ والعصور التاريخيّة، ويُعدّ اختراع الكتابة في نحو عام 3200 قبل الميلاد الحدّ الفاصل فيما بينهما. وهكذا فإن معارفنا عن المرحلة الأولى تقتصر على الآثار المادية التي كشفت عنها بعثات التنقيب الأثري٬ بينما نستقي معارفنا عن مرحلة العصور التاريخيّة من خلال الآثار المادية والنصوص الكتابية. 

ويلفت “غازي” إلى أنه: إذا تأملنا أن الإنسان ظهر منذ حوالي مليوني سنة٬ ولكنه لم يخترع الكتابة إلا في نحو عام 3200 قبل الميلاد٬ لأدركنا كم كانت عصور ما قبل التاريخ طويلة قياساً إلى العصور الكتابية التاريخية التي لا تمثل سوى خمسة آلاف سنة الأخيرة من تاريخنا الإنساني، ولأدركنا أيضاً الأهمية الاستثنائية لتلك العصور٬ التي اكتسب فيها الإنسان معارفه الأولى في شتى المجالات٬ ونسج خلالها عقائده الأولى لمواجهة الغيب المخيف٬ الذي أوحت به مظاهر الطبيعة المختلفة٬ وبذلك أتت تلك المعارف استجابة لحاجة الإنسان للبقاء والاستمرار٬ وهذا ما نجح أسلافنا في تحقيقه بدليل وجودنا اليوم. وأتت العقائد الأولى استجابة لحاجة الإنسان لاحتواء الغيب٬ الذي يعدّ عالم ما بعد الموت أبرز مظاهره٬ ولكن أسلافنا لم يحققوا في هذا الشأن أيّ نجاح جماعي يُذكر٬ بدليل أننا نتعايش اليوم مع مئات التصورات المتناقضة له٬ ما بين عقائد بدائية وأساطير وأديان مختلفة ونظريات علمية فلسفية٬ لكل منها أتباعٌ، يرون أنفسهم في معظم الحالات عائمين في قارب النجاة٬ ويرون الغير غارقٌ لا محالة. وعلى الرغم من ذلك نجد كثيراً من هؤلاء حين يدنو الموت لا يغدو أحدٌ منهم راغباً في الهلاك٬ ولا تغدو الشيخوخة بالنسبة إليه عبئاً٬ وكأن ما اعتنقوه أصبح يبدو أشبه بالمُسَكّن الذي سَكّن ألم الخوف من الموت برهة من الزمن٬ وزال مفعوله في الشيخوخة٬ فوقفوا مجدداً عاجزين أمام حقيقة الموت المؤلمة٬ وتمنّوا في أعماقهم أن يبقوا خالدين في الحياة الدنيا إلى الأبد. 

إذاً شكّل هذا التناقض –إذا استثنينا ما هو سماوي- المحرّض الأكبر عبر العصور لإنتاج تصوّرات جديدة عن عالم ما بعد الموت٬ وإن كل ما اتفق عليه البشر حتى الآن هو أن الموت حقيقة مطلقة لا خلاص لأيّ كائن من ملاقاتها٬ ولكن بالمقابل بقي الموت اللغز المحيّر الذي أربك التفكير البشري وأرهقه عبر التاريخ٬ والانتقال إلى المجهول الذي لم يُجمع البشر حتى الآن على صورة واضحة له. 

ويضيف حسام غازي: قد لا تكون الصورة التي رسمناها فيما سبق تحمل معنىً سلبياً أو مُحبطاً -وبخاصةً أننا نعيش في عالم مشبع بالحقائق العلمية والدينية الاستيعابية- بل ربما تبدو حافزاً للتعرف بنظرة منفتحة إلى عقائد ما بعد الموت من عصور ما قبل التاريخ حتى الأديان الحيّة٬ لندرك من خلالها أين نقف منها٬ وبالتالي جاء هذا الكتاب استجابة لذلك الهدف.

ـــ عقائد الشعوب البدائية عن ما بعد الموت

يتناول الجزء الأول من كتاب “عقائد ما بعد الموت عبر العصور”، للباحث حسام غازي، عقائد الشعوب البدائية٬ وكُرّس قسمه الأول للبحث في عقائد الشعوب البدائية في عصور ما قبل التاريخ٬ التي تم توثيقها من خلال المكتشفات الأثرية٬ بينما كُرّس قسمه الثاني للبحث في عقائد الشعوب البدائية في العصور التاريخية٬ التي تم توثيق بعضها من خلال المكتشفات الأثرية٬ في حين وُثّق بعضها الآخر من خلال الدراسات الإثنوغرافية.

أما الجزء الثاني فقد تحدّث عن الأديان القديمة٬ التي تم توثيقها من خلال المكتشفات الأثرية والنصوص الكتابية المتنوعة. وهو يبحث في الديانات التالية: ديانات سكان بلاد الرافدين القدماء٬ وديانات سكان بلاد الشام القدماء٬ والديانة المصرية القديمة٬ وديانات العرب في عصر الجاهلية٬ والديانات والفلسفة اليونانية والرومانية٬ والديانة المانوية. 

بينما تحدّث الجزء الثالث عن الأديان الحيّة بالاعتماد على النصّ الدينيّ المقدّس لكل منها٬ وهو يبحث في الديانات التالية: الهندوسيّة٬ والبوذيّة٬ والجاينيّة٬ والسيخيّة٬ والكونفوشيوسيّة٬ والتاويّة٬ والزرادشتيّة٬ وديانة الصابئة المندائيون٬ واليهوديّة٬ والمسيحيّة٬ والإسلام.

282996822_572865504258989_4807907082632832800_n
282996822_572865504258989_4807907082632832800_n