رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإبادة النووية.. العودة المُرة إلى فشل السلم والأمان الدولى

 

قد لا يكون ما يحدث من أزمات بسبب  التوتر السلبي  بين روسيا الاتحادية  والغرب، بلغ مستويات غير مسبوقة، فالحرب الروسية الأوكرانية تدخل شهرها السادس، وأوروبا، مع الولايات المتحدة، في اضطراب، ذلك أنها غير معتادة على مرارة الحرب المدمرة، أو الإبادة بكل تبعات وويلات الحرب. 
* تلويحة بوتين النووية. 
 منذ تلك التلويحة التي حركها الرئيس الروسي بوتين، معلنًا عن أن بلاده ما زالت تمتلك، فرص تحريك القوة النووية، كاستراتيجية وتكتيك قائم خلال الحرب. 
بوتين ترك  أشباح منظومة روسيا النووية، تطوف.. وتطوف .. واضعًا سيناريو الحرب النووية التي إذا ما اضطرت لها خطته العسكرية، فستكون القوة، مساحة للتحرك من كونها فزاعة، إلى محطة ردع وخطر عسكري، قد يبيد العالم، دون حد لأي انفلات وبالتالي الإبادة النووية.

*أنطونيو جوتيريس.. مجرد ملاحظات.

بين حقائق الأرض في أوكرانيا، وتلبد اجواء إيران وألعابها بالملف النووي، يدلي الأمين العام أمام المؤتمر  العاشر للأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، يقول  أنطونيو جوتيريس: "لقد تأخر هذا المؤتمر طويلًا"، "إنه يحدث في منعطف حاسم لسلامنا وأمننا الجماعي" .

جوتيريس، صرح بأنه: سأكون خلال أيام قليلة في هيروشيما في ذكرى أول قصف نووي في تاريخ البشرية، وأضاف:
تتعرض البشرية لخطر نسيان الدروس المستقاة من حرائق هيروشيما وناجازاكي المرعبة، وبرر ذلك بالحقائق القائمة:
*الحقيقة الأولى:
التوترات الجيوسياسية تصل إلى مستويات عالية جديدة.

*الحقيقة الثانية:
المنافسة تتفوق على التعاون والتعاون.

*الحقيقة الثالثة:
حل انعدام الثقة محل الحوار وحل الانقسام محل نزع السلاح.  

*الحقيقة الرابعة:
تسعى الدول إلى الأمن الزائف في تخزين وإنفاق مئات المليارات من الدولارات على أسلحة يوم القيامة التي لا مكان لها على كوكبنا.

*الحقيقة الخامسة:
يوجد الآن ما يقرب من 13000 سلاح نووي في الترسانات حول العالم.

 يرى الأمين العام للأمم المتحدة أنه عندما تتفاقم الأزمات - ذات الصبغة النووية - من الشرق الأوسط وشبه الجزيرة الكورية لغزو أوكرانيا من قبل روسيا والعديد من العوامل الأخرى حول العالم، فإن الغيوم التي انفصلت بعد نهاية الحرب الباردة تتجمع مرة أخرى.

*التوترات الجيوسياسية التي تتحول إلى صراع نووي. 
ينحاز أمين عام الأمم المتحدة إلى مفهوم ينظر إلى  التوترات الجيوسياسية، التي تتحول إلى صراع نووي، محاولًا تعليل ما يحدث من خطر:

١- اليوم، الإنسانية مجرد سوء فهم واحد، خطأ في التقدير بعيدًا عن الإبادة النووية.

٢- نحن بحاجة إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية أكثر من أي وقت مضى.

يطالب جوتيريس بخطة ما  لوضع الإجراءات التي من شأنها أن تساعد في تجنب كارثة معينة، ووضع البشرية على طريق جديد نحو عالم خالٍ من الأسلحة النووية.

لكن ما هي اقتراحات الأمم المتحدة، في المجالات التي قد تمنع الكارثة؟. 
هنا خمسة مجالات للعمل، على طريقة الأمين العالم:

*أولًا - نحن بحاجة ماسة إلى تعزيز وإعادة تأكيد القاعدة التي مضت عليها 77 عامًا ضد استخدام الأسلحة النووية.

وهذا يتطلب التزامًا ثابتًا من جميع الدول الأطراف.

إنه يعني إيجاد تدابير عملية من شأنها أن تقلل من مخاطر الحرب النووية وتعيدنا إلى طريق نزع السلاح.

نحن بحاجة إلى تعزيز جميع سبل الحوار والشفافية.

لا يمكن أن يترسخ السلام في غياب الثقة والاحترام المتبادل.

*ثانيًا - الحد من مخاطر الحرب ليس كافيًا.

إن إزالة الأسلحة النووية هي الضمان الوحيد بعدم استخدامها أبدًا.

يجب أن نعمل بلا كلل لتحقيق هذا الهدف.

يجب أن يبدأ هذا بالتزامات جديدة لتقليص عدد جميع أنواع الأسلحة النووية بحيث لا تعود معلقة بخيط فوق الإنسانية.

وهذا يعني تنشيط اتفاقياتنا وأطرنا المتعددة الأطراف حول نزع السلاح وعدم الانتشار، بما في ذلك العمل الهام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتوفير الموارد له بالكامل.

*ثالثًا- نحن بحاجة إلى معالجة التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط وآسيا.

من خلال إضافة تهديد الأسلحة النووية إلى الصراعات المستمرة، فإن هذه المناطق تتجه نحو الكارثة.

نحن بحاجة إلى مضاعفة دعمنا للحوار والتفاوض لتخفيف التوترات وإقامة روابط ثقة جديدة في المناطق التي لم تشهد سوى القليل.  

*رابعًا - نحتاج إلى تعزيز الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية كمحفز للنهوض بأهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك الاستخدامات الطبية وغيرها.

عند استخدامها للأغراض السلمية، يمكن أن تكون هذه التكنولوجيا مفيدة للغاية للبشرية.

*خامسًا - نحتاج إلى الوفاء بجميع الالتزامات المعلقة في المعاهدة نفسها، وجعلها مناسبة للغرض في هذه الأوقات العصيبة.  

نحن جميعًا هنا اليوم لأننا نؤمن بالغرض من المعاهدة ووظيفتها.

لكن حملها إلى المستقبل يتطلب تجاوز الوضع الراهن.

إنه يتطلب التزامًا متجددًا ومفاوضات حقيقية وحسنة النية. 
ويدنو في تصريحه بالقول: هذه هي اللحظة التي نواجه فيها هذا الاختبار الأساسي، ونرفع سحابة الفناء النووي مرة واحدة وإلى الأبد.  

*ما بعد الانذار؟ 
في إنذار وما حذر منه أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة،  فما زال العالم، يتحسس رأسه من أن "الإنسانية على بعد مجرد سوء تفاهم واحد، أو سوء تقدير واحد، من إبادة نووية"، مستشهدًا بالحرب الدائرة في أوكرانيا، والتهديدات النووية في آسيا والشرق الأوسط، إضافة إلى العديد من العوامل الأخرى.

هنا لا إجابات.. عمليًا، في الحرب القائمة، تطور، يضع الأسلحة النووية على رصيف الأسلحة التقليدية، بدلالة كل هذا الخطر، تتصاعد  المخاوف، لا حلول، والمزيد من الأزمات  الداخلية والإقليمية والدولية. 
ممكن تقتنع أي دولة نووية بأنها خارج اللعبة، كيف يتم ذلك ونذر المواجهات  والحروب، والتهديدات المباشرة، تحول المنطقة والإقليم، على واقع مؤسف، بين صراع وآخر، تحركه موازين القوى الكبرى حول العالم، من أوكرانيا و أوروبا الحلف، وصولًا  إلى تايوان وجنوب شرق آسيا، عدا عن النزوات التركية التي تتحسس الأزمة السورية وتحاول فتح جبهة جديدة.

*القلق الأممي
نثر الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة،  القلق الأممي، جدد خروجه لمواجهة أخطر ما هو قادم، توصيف الإبادة النووية هو في محله، فهو يحاول بذلك تنبيه الجميع إلى الخطر الوجودي المحدق بالعالم وشعوبه، والذي قد يغيب عن الأذهان في سياق احتدام الصراعات والنزاعات الدولية والإيغال في سباقات التسلح واستعراضات القوة والتلويح حتى بالأسلحة غير التقليدية، بحسب ما بررت ذلك شبكة سكاي نيوز.

تاريخيًا، معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية أو معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والمعروفة اختصارًا NPT هي معاهدة  أممية، دولية تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية وتكنولوجيا الأسلحة، لتعزيز التعاون حول الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وتهدف بشكل أبعد إلى نزع الأسلحة النووية ونزع الأسلحة العام والكامل.
تم التفاوض على المعاهدة بين عامي 1965 و1968 من قبل لجنة مؤلفة من ثماني عشرة دولة برعاية من الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية.
 والخوف القائم مرحليًا، النظر إلى أن معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (معاهدة عدم الانتشار) هي محور الجهود العالمية الرامية إلى منع انتشار الأسلحة النووية، والترويج للتعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وتعزيز هدف نزع السلاح النووي ونزع السلاح العام والتام.
بالتالي، يثار سؤال: هل ممكن تحدي أي خطر نووي، بمجرد استعراض التاريخ والنظر إلى المستقبل؟.

طبعًا غير ممكن،؛ ذلك أنه عندما فُتح بابُ التوقيع على معاهدة عدم الانتشار في عام ١٩٦٨ ودخلت حيز النفاذ في ٥ مارس ١٩٧٠. وفي ١١ مايو ١٩٩٥، تم تمديد المعاهدة إلى أجل غير مسمى. ومع أكثر من ١٩١ دولة طرفًا، تُعدُّ معاهدة عدم الانتشار الأكثر شيوعًا من حيث عدد المنضمِّين إليها في مجال عدم الانتشار النووي، والاستخدامات السلمية للطاقة النووية، ونزع السلاح النووي. وبموجب هذه المعاهدة التزمت الدول غير الحائزة لأسلحة نووية بعدم تصنيع أسلحة نووية أو القيام على نحو آخر باقتناء أسلحة نووية أو أجهزة تفجيرية نووية أخرى، في حين التزمت الدول الأطراف الحائزة لأسلحة نووية بعدم مساعدة أو تشجيع أو حث أي دولة طرف في المعاهدة غير حائزة لأسلحة نووية بأيِّ حال من الأحوال على تصنيع أسلحة نووية أو القيام على نحو آخر باقتناء أسلحة نووية أو أجهزة تفجيرية نووية أخرى. وتعرَّف الدول الأطراف الحائزة لأسلحة نووية بموجب المعاهدة بأنها تلك التي صنعت وفجّرت سلاحًا نوويًا أو أي جهاز متفجر نووي آخر قبل 1 يناير ١٩٦٧. وهناك خمس دول أطراف في المعاهدة حائزة لأسلحة نووية.

وفي حين أن الوكالة ليست طرفًا في معاهدة عدم الانتشار، فإنها مكلفة بمسئوليات التحقُّق الرئيسية بموجب المعاهدة. وكل دولة طرف غير حائزة لأسلحة نووية مطالبة بموجب المادة الثالثة من معاهدة عدم الانتشار بإبرام اتفاق ضمانات شاملة مع الوكالة لتمكين الوكالة من التحقُّق من وفاء تلك الدولة بالتزاماتها بموجب المعاهدة بُغية منع تحريف الطاقة النووية من الاستخدامات السلمية إلى الأسلحة النووية أو غيرها من الأجهزة التفجيرية النووية.

لذا تضطلع الوكالة بدور تحقُّق محدَّد كمفتشيةٍ دولية للضمانات، وهو التحقق من الوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها الدول الأطراف غير الحائزة لأسلحة نووية بموجب معاهدة عدم الانتشار. ومع نهاية عام ٢٠٢٠، كان ١٧٦ من الدول غير الحائزة لأسلحة نووية الأطراف في المعاهدة قد أدخلت حيز النفاذ اتفاقات الضمانات الشاملة التي تقتضيها المعاهدة وما زالت هناك ١٠ دول منها لم تقم بذلك بعدُ.

وللوكالة، كذلك دورٌ هامٌ تضطلع به في تحقيق الأهداف بموجب المادة الرابعة من أجل توطيد التعاون الدولي في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. ومن خلال أنشطة الوكالة المتصلة بأمن الطاقة، والصحة البشرية، والأمن الغذائي والسلامة الغذائية، وإدارة الموارد المائية، والتطبيقات الصناعية، تدعم الوكالة دولها الأعضاء في بلوغ أهدافها للتنمية المستدامة. 
كل هذا يرجعنا إلى حقيقة أعلن عنها نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، دميتري ميدفيديف أن العبث مع قوة نووية قد يعرض البشرية للخطر. 
 وبالمقابل، لماذا تحاول الدول الكبرى، نبش جثمان الإبادة النووية بتكفينها بالمعاهدة المنتظرة؟.