رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكرى وفاته.. رحلة الشاعر العراقى عبدالوهاب البياتى مع الشعر والأدب

عبد الوهاب البياتي
عبد الوهاب البياتي

يحل اليوم الموافق 3 أغسطس ذكرى رحيل الشاعر العراقي عبدالوهاب البياتي، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من عام 1999 عن عمر ناهز السابعة والسبعين، ورحلة مفعمة بالشعر والأدب والحياة، حيث شكل عبدالوهاب البياتي مع مواطنيه: نازك الملائكة، بدر شاكر السياب، وشاذل طاقة، رواد مدرسة الشعر الحر في العراق.

 

وفي سيرته الشعرية، يروي عبدالوهاب البياتي ومضات من رحلته في الحياة والشعر، قائلًا: "كانت تجربتي الروحية والثقافية تؤدي بي إلى أبطال الأساطير والتاريخ، الأحياء منهم والأموات، وفي مختلف طرقات العالم المختلفة، وقد تقبلتهم كلهم: الصوفي والعاشق والمحارب، والثائر والمفكر، تقبلتهم بشكل وجودي، باحثًا عن لباب الثقافة الحية في تجربتهم. ولعل السبب في ذلك أنني أنا نفسي أعيش شعري وثقافتي معيشة وجودية، أي دون شروط أو مقدمات".

 

ويوضح عبدالوهاب البياتي فلسفته الحياتية الشعرية، قائلًا: "من الناحية الأيديولوجية، أنا تقدمي دون أن أكون ماركسيًا، ومسلم عربي، الأيديولوجيا لا تفرض علي شروطها، وفي رأيي أن الفنان مع حركة الإبداع التاريخي والفني، ومع كل ما يصب في حركة الإبداع هذه، فهو لا يقف بين قوسين: ضد أو مع، اللذين يشيع استعمالهما في الحياة الثقافية العربية: أحمر، أخضر، أسود أبيض، تصنيفات لا تهمني".

 

ــ المعرفة والتراث

ويلفت الشاعر العراقي عبدالوهاب البياتي، في سيرته الذاتية الشعرية، إلى أن المستقبل سيطرح شروطًا إنسانية جديدة، كما أنه يمكن الاستفادة من المعرفة الإنسانية، والاستعانة بخبرات الشعوب من غير الوقوع في القيود والأغلال لهذه المعرفة أو تلك. 

 

ويوضح عبدالوهاب البياتي: "أي يمكن الاستفادة من إنجازات الفكر الإنساني من غير التحجر في الثوابت التي وصل إليها. العرب كأمة مطالبون بالإبداع، في سياق الإبداع الإنساني الحضاري، من غير أن يكونوا تابعين أو مستهلكين، ومن غير أن يحبسوا أنفسهم في أقفاص النظريات والأيديولوجيات التي تؤدي دورها وتنسحب من المسرح لتحل أخرى محلها، أي أن هناك عملية ثورة في الثورة. كما أن هناك عملية إبداع في الإبداع ضمن كل الاجتهادات الإنسانية".

 

ــ كيف رأي عبدالوهاب البياتي التراث والحداثة؟

ويتابع الشاعر العراقي عبدالوهاب البياتي: "وفي هذا الصدد أرى أن التراث يسعف إسعافًا كبيرًا في تمثل الحداثة، فالتقارب بين الشعر الصوفي والشعر السريالي، جعل الشعر يكمل بعضه بعضًا، ما كان ينقص المتصوفة المسلمين الشعراء- بخاصة- هو الرؤيا السريالية للعالم، ولهذا تجد في شعرهم صراعًا بين الخضوع للموروث التقليدي والخروج عليه في كثير من الصور والمعاني. أما من حيث العطاء فالطريق واحد رغم أن الحركتين متعاكستان، إذ أن كشوفات السريالية النظرية أكبر من إبداعاتها الشعرية، وأندريه بريتون- على سبيل المثال- الذي ظل طوال عمره زعيمًا للسريالية، كان مفكرًا ومنظرًا أكثر مما هو شاعر. أما الشعراء الكبار في هذا القرن فهم الذين خرجوا من معطفها وتجاوزوها وأمثال بول إيلوار ولويس أراجون. في حين أن الشعراء الذين توقفوا عند السريالية ومقولاتها النظرية لم يفلحوا في إنتاج شيء ذي قيمة، وعلي رأسهم بريتون نفسه".

ويستكمل عبدالوهاب البياتي: "التجربة قادتني إلي التشخيص في الشعر وعملية السفر خلال الكلمات، هي التي قادتني إلي التقنيات الفنية جميعها ومن غير وضعها في الحسبان منذ البداية. ففي لحظة ما تم التطابق بيني وبين الحلاج في شكل خطير جدًا، فلم أجد بدًا من كتابة القصيدة بهذا الشكل".

ويختتم: "النقلات من مدرسة إلى مدرسة ومن مذهب إلى آخر، تعود إلى خصوبة حياتي وأسفاري، ثقافتي متنوعة وموسوعية ولا تقتصر علي الأدب والشعر فحسب، لديّ خواص ذاتية، فأنا لا أعيش الشعر أثناء كتابة القصيدة فقط بل أعيشه خلال حياتي اليومية، فهي مليئة بالتأمل والتفكير، وليس لدي حياة اجتماعية تشغلني".