رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من «الحافى» لـ«طاولة الخال ميلاد».. الخبز فى الرواية العربية

الخبز
الخبز

كيف تم تصوير الخبز في الأدب والفن، وعن دور الخبز في ديانات العالم  الرئيسية الإسلام واليهودية والمسيحية وكتبهم المقدسة "الكتاب المقدس والتلمود والقرآن"، وكيف تصور الرواية هذا العالم المتعلق بالخبز والذي يأتي في صبغات متعددة منها الاحتفائية المرتبطة بالمقدس ومنها المرتبط باليومي.

فالخبز جاء على ألسنة الكثير من الفلاسفة، وكذلك في الملاحم الكبرى مثل "جلجامش" والتي جاءت مكتوبة بالخط المسماري عام 1800 قبل الميلاد، وتشير فيه إلى الخبز الذي أكله "إنكيدو" وهو صياد ورجل جبلي اعتاد أكل العشب مع الغزلان، وفوجئ عندما تذوق الخبز أول مرة.

بل كان للإلياذة نصيب، و"الأوديسا" فقد ورد في الإلياذة "أن النساء استخدمن الكثير من الدقيق الأبيض لإعداد وجبة للعمال"، وفي "الأوديسا" يؤكد الشاعر الفرق بين أولئك الذين يأكلون الخبز وأولئك الذين يأكلون اللوتس، ويقصد بهم "البرابرة". 

في التقريب التالي نكشف الأعمال الروائية التي تناولت الخبز.

خبز على طاولة الخال ميلاد

تأتي رواية "خبز على طاولة الخال ميلاد" للروائي الليبي محمد النعاس الحائز على جائزة البوكر في نسختها العربية لتستعيد  تاريخ الرواية العربية مع  الخبز.

تصدر رواية "خبز على طاولة الخال ميلاد" وزنًا خاصًا ومغايرًا للخبز، وصناعته المرتبطة في مجتمعاتنا العربية بأنه أحد أعمال المرأة العربية في سياق تقسيمات العمل.

وقدمت الرواية صيغة مختلفة ورؤية مغايرة  للخبز ليس فقط كمانح للحياة، ولكن كإحدى أدوات تقسيم النوع في سياقات العمل خاصة في المناطق الشعبية والريفية، فصناعة الخبز من أحد أساسيات عمل المرأة، لذا جاء بطل الرواية يتعلم صناعة الخبز في إشارة واضحة إلى ميوله الجندرية.

استقالة ملك الموت

في روايتها "استقالة ملك الموت"، تذكر الكاتبة الصحفية والروائية صفاء النجار أنها كانت بمثابة معرفة أنواع جديدة من الطعام لا يعرفها الفقراء في البلدة، تعبيرًا عن الصعود الاجتماعي والاقتصادي للشخصية الرئيسة في الرواية. 

فالشابة التي نشأت لأب يعمل "تُرَبِيًّا" في المدافن، ليست لديهم القدرة على خبز كعك العيد، ولم يكن لهم كحكهم الخاص الذي يحمل رائحة أو نَفَس أمها، بل خليط مما يبعثه أهل القرية إليهم، وبعد زواجها من "البيه" صار تجهيز الكعك طقسًا تحرص عليه وتمارسه كشعيرة تفدي بها عقدها القديمة.

الخبز الحافي 

تعدُّ رواية الخبز الحافي من أشهر أعمال الكاتب المغربي "محمد شكري" والتي ترجمت لأكثر من 38 لغة حول العالم، تمثِّل الرواية الجزء الأول لسيرة الكاتب الذاتية التي كتبها في ثلاثة أجزاء وهي: الخبز الحافي، زمن الأخطاء، وجوه، وقد كانت فكرة كتابتها بتشجيع من الكاتب الأمريكي "بول بولز" والذي كان يقيم في طنجة، وكان صديقًا للكاتب محمد شكري، لاقت الرواية انتقادات كثيرة وأثارت عاصفة في العالم العربي.

يصف الروائي محمد شكري عبر روايته الخبز الحافي والتي جاءت في صيغة سيرة روائية ذاتية حول أصعب الفترات في حياته، وهي فترة طفولته في المغرب، التي يعدها فترةً سوداويَّةً في حياته، لم يجد فيها حتى رغيف الخبز، وانتقلت عائلته إلى مدن عدة أولًا إلى طنجة، ثم إلى تطوان.

ويقول شكري "دخل أبي وجدني أبكي على الخبز أخذ يركلني ويلكمني: اسكت، اسكت، اسكت، سـتأكل قلب أمك يا ابن". 

ومرة أخرى يقول "في طنجة لم أر الخبز الكثير الذي وعدتني به أمي، الجوع أيضًا في هذه الجنة، لكنه لم يكن جوعًا"، قائلًا: "حين يشتد علىّ الجوع أخرج إلى حي "عين قطيوط" أفتش في المزابل عن بقايا ما يؤكل".

سيرة الخبز وندرته وقلته مرتبطة بسيرة الكاتب وطفولته، ومرتبطة بسيرة المكان، كذا ألمح الكاتب عبر الرواية أن جودة الخبز وبقايا الطعام تشير أحيانًا إلى الهوية الدينية "فخبز وبقايا طعام المسحيين، في رأيه أفضل من خبز وبقايا طعام المسلمين".