رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جولة «ماكرون» الإفريقية.. هل يتحول الصراع «الغربى - الروسى» إلى القارة العجوز؟

ماكرون
ماكرون

أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جولة إفريقية، استمرت لمدة 4 أيام، تشمل الكاميرون وبنين وغينيا بيساو، في وقت تراجع فيه نفوذ فرنسا القوة الاستعمارية السابقة في القارة لا سيما في القطاعين الاقتصادي والتجاري.

وترتبط الجولة التي أجراها الرئيس الذي فاز بجولة ثانية في مايو الماضي، بالوعود التي قدمها لشعبه بضرورة حل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها فرنسا كجزء من أوروبا، فربما تصبح ثروات إفريقيا أحد المصادر التي تساعده.

كما ترتبط من ناحية أخرى بمحاولة جذب إفريقيا إلى  حلبة الصراع الغربي – الروسي، ولاسيما أن الجولة تزامنت مع أخرى أجراها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف.

مكاسب مشتركة

وفقًا لمراقبين، يعتقد ماكرون أن خروج فرنسا من إفريقيا أثر بشكل كبير على تنامي الإرهاب وعودته مرة أخرى في الدول الإفريقية الفقيرة، مما قد يطرح احتمالات قوية برغبة ماكرون في العودة إلى هناك لتقديم المساعدات الغذائية والمالية، خوفًا من أن يكون الفقر الناتج عن الوباء والحرب الأوكرانية سببًا في إعادة تموضع الجماعات الإرهابية، على أن تكون هذه الخدمات مقابل إعادة استغلال بعض المشاريع والثروات تحت عنوان "إعادة الإعمار".

ويأخذ الرئيس الفرنسي على عاتقه بشكل خاص أزمة القضاء على الإرهاب، لذا يتخوف من تصاعد حدة الإرهاب، في ظل ازدياد الفقر والجوع، ولاسيما مع تحذيرات منظمة الغذاء من أكبر كارثة في البلاد الإفريقية قد تقع خلال نهاية العام الجاري، ضمن تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، بحسب وكالة بلومبرج.

إفريقيا ضمن الأزمة الأوكرانية

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، فإن الدول الفقيرة بإفريقيا شئت أم أبيت، فهي حاضرة ضمن تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، والأطراف المتنازعة تبحث لنفسها عن موضع قدم، حتى تقضي على نفوذ الآخر.

ويقول التقرير الأمريكي إنه بالرغم من محاولات بعض الدول من الوقوف على الحياد من الأزمة، فقد امتنع 25 دولة من أصل 54 عن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، فهذا لا يمنع أنهم جروا بالفعل إلى الصراع.

وأوضح التقرير ان الوجود في الصراع يرتبط بشكل واضح على الأزمة الاقتصادية، حيث اهتزت العديد من البلدان بالفعل من جراء انتشار فيروس كورونا، وباتوا يواجهون أزمة غذائية كبرى.

تابع التقرير: "كانت الدول الإفريقية تعتمد بشدة على الحبوب الأوكرانية - والآن تواجه ارتفاعًا حادًا في الأسعار بعد أن أغلقت روسيا الموانئ بواسطة أسطول البحر الأسود، وفي غضون ذلك ، أدت أسعار النفط المرتفعة إلى زيادة الضغط الاقتصادي على العديد من الأسر".

ماكرون يحشد الدول الإفريقية

وبالرغم من أن الرئيس الفرنسي رفض سابقاً المزاعم المتعلقة بأن جولاته ترتبط بالأزمة الروسية – الأوكرانية فقط، ولكن الحقيقة أن تصريحاته تركزت حول هذه النقطة أكثر من غيرها، بحسب واشنطن بوست.

قال ماكرون يوم الأربعاء: "تهدف العقوبات الاقتصادية الأوروبية المفروضة على روسيا والتي تؤثر الآن على إفريقيا إلى وقف هجوم روسيا على سيادة أوكرانيا وليس معاقبة الأفارقة".

تابع: "ستساعد فرنسا البلدان الإفريقية على مواجهة الصدمات التي سببتها الحرب من خلال تشجيع الاستثمارات المحلية في الزراعة لزيادة إنتاج الغذاء".

وأضاف: بدأت روسيا نوعًا جديدًا من الحرب العالمية الهجينة، روسيا هي واحدة من آخر القوى الاستعمارية الإمبريالية - قررت غزو دولة مجاورة للدفاع عن مصالحها".

وقال ماكرون في عاصمة الكاميرون ياوندي يوم الثلاثاء إن الحصار الروسي للموانئ الأوكرانية وهجماتها على مستودعات الحبوب عطلت الإمدادات الغذائية العالمية وتسببت في نقص في إفريقيا. 

وروج لما يسمى بمبادرته FARM التي تعهدت بها فرنسا وحلفاؤها بمساعدة البلدان النامية على تعزيز قدراتها الزراعية.

المساعدة في تأمين إفريقيا

وتعهد ماكرون بتجديد التزام فرنسا العسكري بالأمن الإفريقي حتى مع مغادرة الجنود الفرنسيين مالي، بعد خروجهم من قبل المجلس العسكري الحاكم هناك لصالح قوات من مجموعة فاجنر الروسية. 

ودخلت القوات الفرنسية مالي عام 2013 لمنع المسلحين المرتبطين بالقاعدة من التقدم نحو العاصمة باماكو. انتهى بهم الأمر بالبقاء مع انتشار العنف عبر الحدود في منطقة الساحل.

قال ماكرون يوم الثلاثاء إن انخراط فرنسا المتجدد سيمتد إلى ما وراء منطقة الساحل إلى خليج غينيا و"البلدان التي يتعين عليها الآن مواجهة الجماعات الإرهابية التي تتوسع وتهز المنطقة بأسرها".

ومع ذلك، واجه الوجود العسكري الفرنسي في مالي ودول إفريقية أخرى احتجاجات واتهامات محلية، تغذيها جزئياً اتهامات روسية بأنها شكلاً آخر من أشكال الحكم الاستعماري، بينما تنفي الحكومة الروسية وجود علاقات مع مجموعة فاجنر، فإنها تؤكد أن الإخفاقات الأمنية للدول الغربية في إفريقيا تدفع الحكومات إلى البحث عن شركاء بديلين، بحسب وكالة بلومبرج الأمريكية.