رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماذا يريد توني بلير من الغرب قبل فقدان الهيمنة؟

عندما يخوض سياسي بريطاني، إشكالي مثل "توني بلير"، فهو يضع إشارات جيوسياسية أمنية، تنظر للمستقبل، ضمن وقائع تحلل خطورة الحرب القائمة منذ أشهر بعد غزو روسيا لأوكرانيا. 
بلير رئيس وزراء المملكة المتحدة من عام 1997 إلى عام 2007، لثلاث فترات رئاسية متتالية، كما رأس حزب العمال منذ عام 1994 ولغاية 2007؛ذلك ما يفسر تصريحاته التي اعتبر ان :"حرب أوكرانيا تظهر تراجع الهيمنة الغربية مع صعود الصين"،وهو يثير زوابع الإدارة الأميركية وحلف الناتو في ذات الوقت الصعب عسكريا وامنيا واقتصاديًا. 
يكرس توني بلير، وقته لتبيان أثر الحرب، وما يمكن أن يجعلها مساحة لدراسة مستقبل حلف الناتو، وبالتالي، الدول التي تقابل الحلف، وهي دول لها كأنها السياسي الاقتصادي، البشري كالصين وروسيا والهند،وربما إيران وباكستان ودول أخرى في المنطقة والإقليم، تحديدا الشرق الأوسط، الذي يتخذ حالة من الكمون في مواجهة المستقبل العسكري والأمني والاقتصادي. 
*هيمنة الغرب تشهد نهايتها.

يتشدد بلير بالقول :إن حرب أوكرانيا أظهرت أن هيمنة الغرب تشهد نهايتها في ظل صعود الصين لتكون قوة عظمى بالشراكة مع روسيا في أوضح نقاط التغير في المشهد العالمي منذ قرون.
.. وإن :العالم في مرحلة تحول في التاريخ يمكن مقارنتها بنهاية الحرب العالمية الثانية أو انهيار الاتحاد السوفيتي لكن هذه المرة وبوضوح الغرب ليس في الكفة الراجحة.
عمليا، قدم بلير تصورات لمستقبل العالم، الغرب تحديدا، في[ منتدى لدعم التحالف بين الولايات المتحدة وأوروبا]، الذي أقيم في لندن، وكانت محاضرة بلير صاخبة عنوانها: "بعد أوكرانيا، ما الدروس الحالية للقيادة الغربية؟".. ويلح سياسيا على رؤية تقول:"نحن نشهد نهاية الهيمنة السياسية والاقتصادية الغربية".
*التغيير الجيوسياسي  سيأتي من الصين. 
كيف؟ "سيصبح العالم ثنائي القطب على الأقل أو متعدد الأقطاب؛ التغيير الجيوسياسي الأكبر في هذا القرن سيأتي من الصين وليس من روسيا"، مستند إلى  أن الغزو الروسي لأوكرانيا  حالة تاريخية معاصرة، أوضحت بما لا يدع مجالا للشك أن الغرب لا يمكنه الاعتماد على الصين "لتتصرف بطريقة نعتبرها عقلانية".

هذا المفهوم في الهيمنة، مقلق، برغم انه قابل للنأويل عند بلير،، لأنه ببساطة يؤكد ان :"مكان الصين كقوة عظمى طبيعي ومبرر. إنها ليست الاتحاد السوفيتي" لكنه قال إن على الغرب ألا يسمح للصين بالتفوق عسكريا، داعيا : "علينا أن نزيد من الإنفاق الدفاعي ونحافظ على التفوق العسكري" مشيرا إلى أنه يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها "أن تكون لهم الغلبة (عسكريا) بما يكفي للتعامل مع أي احتمال أو نوع من الصراع في كل المناطق".

*يعيش اللحظة، فهو في عمر 69 سنة

كسياسي يعيش اللحظة، فهو في عمر  ( 69 سنة)،  وفي ذاكرة العالم ، ما زال كارهو توني بلير يجترون أكاذيب وممارساته في  حرب العراق، وايصا رؤيته العادية للعالم الإسلامي، فلديه قناعة سياسية فكرية، ان تهديد "الإسلام الراديكالي" يزداد سوءا، ومع كل ذلك ينحاز إلى منطق جيوسياسية التغيير بقوله: 
"مكان الصين كقوة عظمى طبيعي ومبرر. إنها ليست الاتحاد السوفياتي"، ويجب على قوى الغرب، في ظل الحرب الدائرة، بكل تداعياتها ومخاطرها، ألا يسمح لبكين بالتفوق عسكرياً، مضيفاً، "علينا أن نزيد الإنفاق الدفاعي ونحافظ على التفوق العسكري"، مشيراً إلى أنه يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها "أن تكون لهم الغلبة (عسكرياً) بما يكفي للتعامل مع أي احتمال أو نوع من الصراع في كل المناطق. 
*التغيير الجيوسياسي.. ومنطق الكراهية.

   
بين منطق الفكر الإقصائية والكراهية وعدم الحياد، فإن التغيير الجيوسياسي الأكبر، الذي قي يحدث في هذا القرن سيأتي من دول وقرارات، ليس الصين وحدها  برغم اختلافها كدولة أيديولوجية،  وتضع كأنها بالتفوق عسكرياً، واقتصاديًا وتكنولوجيا.

مبدأ تأطير العالم، في حالة الحرب الروسية الأوكرانية، و جوعا إلى مقولات بلير عن  أن "الإسلام الراديكالي" لا يزال يشكل تهديداً "من الدرجة الأولى" وبشكل متنامٍ على الأمن في العالم، بعد نحو 20 عاماً على هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة، متناسيا انه عزز الكراهية والحروب والأزمات في آسيا الوسطى وأفريقيا والشرق الأوسط، عندما  كان أشرك بريطانيا في حرب أفغانستان عام 2001 إلى جانب الولايات المتحدة لمكافحة التطرف  الإرهاب، وما زال يردد: "لم تتراجع قوة الإسلام الراديكالي منذ 11 سبتمبر، حتى لو لم يقع هجوم إرهابي بهذا الحجم لحسن الحظ منذ ذلك الوقت".
.. بين النظر الى أمور العالم، كان بلير من دعاة  اتحاد  القوى العالمية، وبينها حلفاء بريطانيا من غير الغربيين، إلى "الاتحاد" بهدف اعتماد "استراتيجية مشتركة"، ضد دول العالم الإسلامي، وليس فقط التنظيمات السلفية او الإسلام السياسي، واعتبر أن لدى الصين وروسيا والعديد من الدول الإسلامية مصلحة في مواجهة الإسلام الراديكالي.
.. بين فكر ولحظة الحرب التي تدور رحاها، لا يملك توني بلير، تلك النظرة التي تقيس نهايات الحرب، بعيدا عن القطبية، فالتغيير الجيوسياسي، عوامل مفاوضات ودراية سياسية وأمنية لها أكلافها.