رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف توازن الدولة بين المشروعات القومية وبرامج الحماية الاجتماعية؟

المشروعات القومية
المشروعات القومية وبرامج الحماية الاجتماعية

تواصل الدولة العمل فى المشروعات القومية العملاقة فى شتى المجالات منذ عام ٢٠١٤، التى تشمل تحديث منظومة النقل، وتطوير المناطق العشوائية، وتوفير السكن الكريم لكل مواطن، مع توفير ورفع كفاءة المرافق الأساسية فى القرى من خلال المبادرة الرئاسية «حياة كريمة».

كل هذه المشروعات المهمة والرئيسية تتطلب توفير مخصصات مالية ضخمة، وفى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية يلجأ العديد من الدول فى العادة إلى تخفيض الإنفاق الحكومى بشكل عام، أو تقليص المخصصات المالية الموجهة لبرامج الحماية الاجتماعية.

لكن هذا ما لم يحدث فى مصر التى شهدت توجهًا مغايرًا، تمثل فى الحفاظ على انتظام العمل فى المشروعات القومية، مع ضم أعداد جديدة إلى برامج الحماية الاجتماعية، الأمر الذى يصيب أى متأمل للمشهد الداخلى بالدهشة، ويطرح السؤال: كيف نجحت الدولة فى تحقيق المعادلة الصعبة؟

أحمد خطاب: الحكومة تسعى لخلق فرص عمل للشباب

قال أحمد خطاب، الخبير الاقتصادى، إن مصر شهدت طفرة هائلة فى مجال تدشين المشروعات القومية الكبرى، منذ أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الحكم، لافتًا إلى أن هذه المشروعات القومية أسهمت فى تعافى الاقتصاد بعد أن تعرض لهزات عنيفة أثرت عليه بشكل بالغ، وتسببت فى انخفاض معدلات التنمية فى مختلف القطاعات.

وأضاف «خطاب»: «تمثل المشروعات القومية أهمية لكل مواطن، وكانت نقطة انطلاقة كبيرة فى تاريخ مصر، وحولتها إلى دولة جاذبة للاستثمارات الدولية المباشرة وغير المباشرة، وسط سعى من الرئيس السيسى لخلق فرص عمل للشباب، وتوفير حياة كريمة للمواطنين الأكثر احتياجًا بتوفير جميع الخدمات». وأشار إلى مساهمة تلك المشروعات القومية فى تطوير البنية التحتية والبنية الأساسية عبر الاستثمار فى الطرق والعقارات، إلى جانب إنشاء سلسلة المدن الجديدة الكبرى، وسط ما شهدته مصر من اهتمام غير مسبوق بعدة قطاعات، مثل الاستثمار الصناعى والسياحى والعقارى، كما أصبح لدى مصر فائض بترولى متمثلًا فى الغاز الطبيعى وبعض المواد الخام مثل الأسمنت، ما جعل مصر دولة جاذبة للاستثمارات.

وعن مدى التعارض بين الاستمرار فى العمل بالمشروعات القومية والحفاظ على الاستقرار الاقتصادى للمواطنين، قال: «لا يوجد مشروع قومى يعطل حياة المواطن، ومن يقول ذلك إنسان يجهل التاريخ والاقتصاد».

وشدد على أن المواطن تحمل مع الحكومة مسئولية الإصلاح الاقتصادى، فى سبيل خلق مستقبل أفضل للجميع، موجهًا المواطنين الذين لا يدركون قيمة ودور تلك المشروعات الهادفة، بقوله إنها الأمل فى عيش حياة أفضل، لذا فليثابر الجميع فى هذه اللحظات الصعبة.

أحمد على: زيادة مستفيدى برامج الدعم أكبر دليل

أكد أحمد على، الباحث الاقتصادى، أن المشروعات القومية لا تتعارض مع اهتمام الدولة بتوسيع برامج الحماية الاجتماعية، وهناك تعظيم للبُعد المجتمعى فى تلك المشروعات، على ضوء أن الاهتمام بالإنسان هو أحد الموارد الاقتصادية داخل أى اقتصاد قومى.

وأضاف «على»: «الإنسان هو الذى يدير تلك المشروعات، وبالتالى إذا لم يشعر بالرضا المجتمعى نتيجة حصوله على حقوقه من التعليم والصحة والوظيفة والسكن والحياة الكريمة، فلن ينتج ولن يؤدى دوره فى الحفاظ على تلك المشروعات الاقتصادية».

وواصل: «كلما شعر الإنسان بأنه مستفيد اقتصاديًا وأن له قيمة وتأثيرًا فى الحياة والمجتمع الذى يعيش داخله كان هو نفسه قيمة مضافة للمشروعات، لأنه بالتبعية جزء كبير من المواطنين يعملون فى تلك المشروعات».

واعتبر أن اهتمام الدولة بالحماية الاجتماعية يؤكد بُعدًا مهمًا، هو إدراكها كل التحديات التى يقابلها المواطنون، وأنها لا تركز فقط على أدوارها الاقتصادية، ولكنها تحرص أيضًا على تأدية دورها الاجتماعى، من خلال تنمية الإنسان فى كل المجالات والنواحى وتوفير حياة كريمة له. وأوضح أن الدولة تعمل حاليًا بالتوازى بين الجهود الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، وهى ناجحة فى ذلك، من خلال معدلات الأداء الاقتصادى، وزيادة أرقام المستفيدين من برامج الدعم والحماية الاجتماعية. وأضاف: «كل ما جرى تحقيقه من إنجازات اقتصادية على مدار الثمانى سنوات الماضية أضاف للحياة الاجتماعية للمواطنين، بفضل الإصلاح الاقتصادى والمراحل التالية له، مثل تحديث السياسية النقدية والمالية للدولة». وشرح الباحث الاقتصادى أن «السياسة المالية بكل آلياتها ونقاطها المتعلقة بتعظيم الإيرادات المحلية والموارد المحلية وتخفيض عجز الموازنة، أسهمت فى إحداث نقلة نوعية فى السياسة المصرية والاقتصادية، وخلقت حالة من التوازن، لأن هناك تعظيمًا للإيراد المحلى وترشيدًا للإنفاق وترشيدًا لاستهلاك الموارد الاقتصادية».

الحسين حسان: قضت على المناطق العشوائية وغير الآمنة 

أشاد الحسين حسان، خبير التنمية المحلية، بتوجيه جزء كبير من موازنة الدولة لتنفيذ برامج الحماية الاجتماعية للمواطنين، وعلى رأسها برنامجا «تكافل وكرامة» وغيرهما من البرامج التى تسير فى نفس مسارهما.

وقال «حسان» إن مبادرة «حياة كريمة» تعد أبرز برامج الحماية الاجتماعية، وتستهدف النهوض بأحوال ٥٨ مليون مواطن، وتخدم ٤٧٤٢ قرية و٣١ ألف عزبة، بعدد ضخم من المشروعات القومية.

وأضاف أن «حياة كريمة» يمكن تصنيفه ضمن البرامج التى ترعى الفئات البسيطة والمهمشة خاصة فى القرى، لأن معدلات الدخل فيها قليلة مقارنة بالمدينة، لذلك تنفذ الدولة مشروعات كبرى بها. وأشار إلى وجود اهتمام كبير بمحافظات الصعيد فيما يتعلق بالمشروعات القومية، التى تشكل برامج حماية اجتماعية للمواطنين، من خلال توفير فرص عمل لهم فى تلك المشروعات، متابعًا: «الصعيد يمثل ٣٥٪ من مساحة مصر، وهى مساحة ضخمة جدًا، وبالتالى تنفذ الدولة برامج حماية اجتماعية ومشروعات قومية خاصة بمحدودى الدخل هناك».

ونوه إلى تدشين صندوق تطوير العشوائيات بميزانية ٦٥٠ مليون جنيه فى ٢٠١٥، ما أسهم فى إقامة مشروعات مهمة وتطوير المناطق الأكثر خطورة وغير الآمنة التى كانت تهدد حياة المواطنين.

وأضاف: «هناك الكثير من المناطق العشوائية التى لم يعد لها وجود، بفضل خطط التطوير المتتالية، وتطوير المناطق العشوائية غير الآمنة التى كان يسكنها مواطنون من ذوى الدخول الضعيفة والمنعدمة».

حسن الخولى: المشروعات أسهمت فى تحسين الظروف المعيشية

شدد الدكتور حسن الخولى، أستاذ علم الاجتماع، على الدور العظيم الذى أدته المشروعات القومية فى تحسين الظروف المعيشية لكل مواطن، خاصةً الأسر الأكثر احتياجًا.

وقال «الخولى» إن المشروعات القومية جاءت تنفيذًا لتوجهات سياسية صائبة من الرئيس السيسى، ومثلت انطلاقة كبيرة لتحسين الظروف المعيشية لكثير من المواطنين، خاصة الفئات الأكثر احتياجًا.

وأضاف: «هذه المشروعات كانت تحديًا جديدًا لهذا الشعب العريق، الذى أثبت عن جدارةً أنه شعب قوى لا تهزه الأزمات، فى إنجاز مبهر تحقق خلال فترة وجيزة نتيجة للمجهود الكبير المبذول، وذلك وفق سياسة مهمة تتبعها الدولة من أجل خلق حياة كريمة وتحقيق معدل رفاهية أعلى للمواطنين».

وواصل: «فى العهود السابقة لم تحظ المشروعات القومية بهذا الاهتمام الذى نشهده اليوم، لكن فى الآونة الحالية نشهد تطويرًا فى البنية التحتية كشبكات الطرق والكهرباء، فضلًا عن استصلاح الأراضى، إلى جانب مبادرة (حياة كريمة)، التى أسهمت بشكل ملحوظ فى رقى حياة المواطنين، بعدما وفرت الخدمات التى يفتقر إليها الكثيرون».

واختتم بقوله: «المشروعات القومية الحالية تستهدف المواطن وتسعى إلى إصلاح أحواله، وتسهم نسبيًا فى تحقيق التقارب بين الطبقات الاجتماعية، لذا هناك ضرورة بتوعية المواطنين بأهميتها، وأنها ليست عائقًا أمامهم، بل الجسر العابر نحو أمان ومستقبل مبهر لهم وللأجيال المقبلة».