رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تجليات فقه «القفة» لذبح نساء الأمة

التجلى الأول:
بعد أكثر من 1400 سنة نكتشف أن الحجاب فريضة غيابها معصية كما صرح شيخ الأزهر، معنى هذا أن ملايين النساء والفتيات المصريات اللائى كن غير محجبات فى الريف والمدن والكفور والنجوع حتى منتصف سبعينيات القرن الماضى، كن عاصيات لله وأن غير المحجبات الآن عاصيات أيضًا مثلهن؟
منطق الحجاب هو أن الذكر المسلم المتدين بفطرته يحمل شهواته أينما ذهب يثيرها خصلة من شعر فتاة أو امرأة، والحل هو ترك الشهوانى غير المنضبط وعقاب المرأة بالتغطية.
كيف تقبل المرأة أن تعتبر أداة جنسية وتتغطى؟ وكيف يقبل الرجل أن يعتبر ذئبًا سعرانًا؟ بدلًا من تجديد الخطاب الدينى والخطاب الأخلاقى نحو السمو فوق الغرائز ونطالب الذكور بالتهذيب وعلاج أمراضهم الجنسية والنفسية نغطى النساء نصف الحياة، أو على الأقل نطالب الذكور الذين يعجزون عن التحكم فى شهوات النصف السفلي من الجسد أن يقبعوا فى البيوت وينعزلوا إلى حين أن تنجح مهمة تأديبهن، أليست الأخلاق السامية الرفيعة للإنسان هى غاية أى دين بل أى فكرة نبيلة؟
قال نزار قبانى 21 مارس 1923 - 30 أبريل 1998 ملخصًا أزمة الذكور العرب مع المرأة: "ينعتون الأنثى بالمخلوق المعوج وهم على اعوجاج خصرها يتقاتلون".
وقال ابن خلدون 27 مايو 1332 - 17 مارس 1406، أبو علم الاجتماع: "الإنسان الذى طال به التهميش يصبح كالبهيمة لا يهمهه إلا الأكل والشرب والغريزة".
وقد أفتت دار الافتاء التى أجازت شرعًا ترقيع غشاء البكارة حتى نمنح المرأة العفة والتوبة والستر أن الحجاب فرض بإجماع العلماء والفقهاء، ومنْ ينكره مثل د. سعد الهلالى، يخالف المعلوم من الدين بالضرورة، ماذا فى الحجاب، أجبرهم على الاتفاق وهم مختلفون فى تفاسير آيات القرآن والسُنة القولية أو السلوكية؟ وأين الآن الإجماع على الرق والجوارى والاستعباد؟
نصف قرن من الدعاية للحجاب مع غياب لأصحاب الآراء الأخرى التى ترى الحجاب غير فريضة وخاضع للعادات وطبيعة المناخ والعرف، وهى دعاية "سياسية" دشنته رمزًا للإخوان خاصة والإسلام الوهابى السلفى عامة، والنتيجة كما قال قادة الإخوان عند خروجهم من الحكم السياسى فى 30 يونيو 2013: "لم نُهزم.. يكفينا أننا حجبنا فتيات ونساء مصر وهذا إنجاز تاريخى" فعلًا حكم العقول أهم وأخطر أنواع الحكم والسيطرة ومنْ التغيير يبدأ بالنساء لأنهن معيار تخلف أو تقدم المجتمعات.
التجلى الثانى:
الملاحظ أن فقهاء الدين ليسوا منشغلين إلا بما يخص المرأة منذ ميلادها وحتى الموت من شَعرها حتى أظافر قدميها، وهو انشغال بشكلها ولبسها وليس انشغالًا بالجوهر الإنسانى للمرأة والذى من المفروض أن يكون مؤرقًا بكرامتها وحريتها وتكامل شخصيتها ومسئوليتها الشاملة عن نفسها ومصيرها وحياتها وقراراتها ورغباتها وطموحاتها.
لا نرى أى انشغال بالجهاد الدموى لداعش وغيرها أو بالبطالة والفقر وتلوث البيئة ومنغصات ذوى الاحتياجات الخاصة وكبار السِن والعنف ضد الأطفال والتنمر على النساء وأخطاء الأطباء وإهمال المستشفيات والتجارة بالأعضاء وجرائم الشرف غير الشريفة والتمييز لصالح الذكور فى بعض القوانين.
وأتساءل لو أزحنا فقه المرأة من الألف إلى الياء، ماذا سيتبقى من الفقه الإسلامى؟
المرأة عليها الطاعة المقدسة للذكور "خلفاء الله فى الأرض"، ورأيها متهم مسبقًا بالنشوز وإغضاب الله وتكدير للسلم وتماسك الأسرة، وهى حتى لو فى حالها مُدانة ومشبوهة ومثيرة للشكوك، وإذا أخطأت حتى دون قصد ينزل عليها أشد أنواع العقاب والنبذ وتشويه السُمعة والشماتة.
هل خرج الذكور من بطون النساء ليكونوا أوصياء عليهن وليذيقهن مرارة العيش؟ ذكور يتحدثون على كل منبر عن ضرورة الابتعاد عن المرأة الشيطانية المحرضة على الرذيلة وأن تجنبها كبرى الفضائل هذا نهارا وفى الليل يشتهونها بالروح والدم علنًا وسترًا شرعًا وغير شرعى.
ثقافة انتقامية موروثة ضد المرأة، يعلمون جيدًا أن المرأة تستطيع العيش بدون رجل لكن الرجل لا يستطيع العيش دون المرأة، والمرأة هى التى تطفئ شهوته التى ترادف الرجولة والفخر والأهمية.
والمرأة الأم هى التى يحبها الأطفال أكثر من  الأب، الأب ربما يتكرر لكن الأم كما قال الأديب والروائى جابريل جارسيا ماركيز 6 مارس 1927 - 17 أبريل 2014: "الأم مثل العمر لا تتكرر مرتين".
التجلى الثالث:
يُفسر قتل وذبح المرأة بأنه "بعد عن الدين".
إن المؤسسات الدينية الرسمية بملحقاتها الرسمية وغير الرسمية، العلنية والخفية، شغلها الشاغل هو بث المواعظ الدينية ولدينا قانون ازدراء الأديان الذى يلاحق منْ يفتح فمه فى أمور الدين خاصة النسائى منها.
تضخم فى المظاهر الدينية الملتحمة حرفيًا بتفاصيل حياتنا والفتاوى السلفية مزدهرة والنساء مطيعات محجبات ومنقبات، ثم يقولون "البعد عن الدين".
أعتقد أنهم يريدون أن الاقتراب من الدين الذى ينقصنا هو إقامة الخلافة الإسلامية وتطبيق حدود الشريعة الإسلامية وإباحة الرق والجوارى والغزو والسبى وحبس النساء على فراش النكاح وفى المطابخ واعتماد تكفير المسيحيين وإجبارهم على دفع الجزية وإهدار دم المختلفين واللادينيين والمختلفين وإحلال الدية والقصاص الشرعى محل العقوبات القانونية وألا يتساوى دم المسلم منهم بدم الكافر وألا يتساوى دم الذكر بدم الأنثى.
يقصدون إلغاء الدولة المدنية بكل تفاصيلها ومظاهرها وتحريم الغناء والرقص والموسيقى والنحت والسينما، وكل شىء يعلن صراحة أن الإنسان ليس حيوانًا هائجًا بشهواته المنحصرة فى النصف الأسفل من الجسد المثارة بخصلة من شعر فتاة أو جزء من كتف امرأة وعليها التغطية.
التجلى الرابع:
أصبح لدينا فقه "القفة" يحذر المرأة لو أرادت السلامة من "الذبح" فعليها لبس "قفة".
فقه وقفة تشتركان فى الحروف وأشياء أخرى وهذا متوقع، فالمرأة منذ ولادتها وهى فى المعتقلات الذكورية وهى الحائط المائل وأرض البطولات المزيفة للذكور المهووسين بالنكاح وهى شماعة لتعليق الهزائم والريشة فى مهب الريح وهى التى وقعت من قعر القفة، إذن القفة ليست مستحدثة عليها.
كلمة "مراحيض" شقان، الأول "مرا" وتعنى المرأة باللهجة الدارجة الشعبية، والثانى "حيض"، أى العادة الشهرية، أذكر  فى فترة ما أن شركة كانت تعلن عن قاعدات المرحاض التى تصنعها وقد أعطتها أسماء نساء إهانة ما بعدها إهانة، لكنها تعكس النظرة المتجذرة فى العقول والوجدان أن المرأة "سلة نفايات" الآن أصبحت "قفة نفايات".
إن تحجيب المرأة ليس مجرد وضح طرحة قماش على رأسها، إنها حرب شاملة ضد رأس المرأة نفسها أى عقلها وليس شعرها، الختان، عدم الاختلاط، عدم العمل بأجر، تحديد وظيفتها فى الزواج وخدمة الزوج والأطفال، تصويرها بالضعف ونقص العقل والذاكرة وأنها الشيطانة وأصل الشرور والفتن وعدم اعتبارها أصلا إنسانة وصية على نفسها وعلى حياتها.
من بستان قصائدى 
- واحد بتاع كورة يحرز الأهداف الصعبة
- ترس فى بيزنس شرس ينهب فلوس الناس
- يمتص الغضب والتعاسة وغياب التحقق والإثارة
-  يأخذ لقب الأسطورة
-  ومنْ يثور على الفكر المتعفن والأخلاق الفاسدة
- يأخذ لقب الكافر المرتد الفاسق الفاجر المنحل
- مدانًا بتهمة "إنكار المعلوم من الدين والفضيلة بالضرورة".