رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجهادى

الجهادي مش بس اللي بـ يخرج على الورى شاهرًا سيفه «أو أي سلاح حديث» ينفذ بيه عمليات على الأرض فردية كانت أو جماعية.
مفهوم الجهادي يمتد لـ يشمل كل من يرى في «تمكين الإسلام» فريضة أو ضرورة، يعني بـ يترجم صراعات الحياة توماتيكي توماتيكي إلى «متفق مع الإسلام/ ضده» ومفهومه عن الحياة ذاتها إنها وسيلة فقط لـ»إعلاء كلمة الله».
دا على عكس البشر، اللي هم عادي بـ يتصارعوا، بس لما يكون فيه صراع، ويتخانقوا لما يكون فيه حاجة بـ يتخانقوا عليه، إنما الأساس إننا بـ نتعايش. هو بقى شايف الصراع والخناق، في حد ذاته، فرض.
الاختلاف بين الجهاديين بـ يكون في التوقيت أو الآليات أو كليهما، يعني: فيه واحد يرى إنه طالما دراعك قادرة تشيل سلاح أيًا كان، ما ينفعش تحول عنه لـ وسيلة أخرى.
دا بـ ينضم لـ تنظيم ما، يسافر دولة ما، يكون فيها صراع مسلح آنيًا وحرفيًا.
وواحد تاني يرى إمكانية «تأجيل» هذه اللحظة، لكن التأجيل مرهون بـ العمل على الوصول إليها يومًا ما، سواء كان العمل سياسي/ اجتماعي/ ثقافي/ إلخ إلخ.
واحد تالت يرى إنه ما لا يدرك كله لا يترك كله، وإذا كنت مش قادر تشيل سلاح، فـ عندك وسائل كتير لـ تحقيق الأمر ولو جزئيًا.
النوع الأخير دا هو اللي بـ يشوف أي مخالف لـ الإسلام شخصًا مستباحًا، تقتله لو قدرت، تشتمه لو قدرت، تشهر بيه لو قدرت، أهو أي أذى والسلام، يخليه «يخضع»، أو زي ما بـ يقولوا عفويًا وفي أي موضوع: «هـ أخليه يعرف إن الله حق».
هو دا اللي بـ يخلي فيه شراسة عند هؤلاء، وإصرار على تأطير كل حاجة وأي حاجة بـ الإسلام وأحكامه وأوامره ونواهيه «اللي هو نفسه ممكن ما يعرفش كتير عنها» فـ هو مش حريص عليها، لكنه بـ يعتبر «ما حضر منها» هو «التمكين» المطلوب، أو على الأقل تمهيد لـ هذا التمكين.
ولـ إن هؤلاء ما بهم طاقة لامتشاق الحسام، بـ يتوسعوا في أشكال «الأمر بـ المعروف والنهي عن المنكر»، فـ تلاقيهم بـ يتكلموا عن حلال وحرام في أمور عجيبة جدًا زي إنك حرام تسأل: «ما رأي الإسلام في كذا»! 
آه والله! فيه فتوى كدا، ما ينفعش تسأل: «ما رأي الإسلام في كذا»، لـ إن الرأي يحتمل الصواب والخطأ، والمفروض تقول: «ما حكم الإسلام في كذا»، وقيس على كدا أمور كتير أظن الناس تناولتها بـ استفاضة: زي تنام على أنهي جنب، تدخل الحمام بـ أنهي رجل، إلخ إلخ، ولو طال يحدد طريقة تنفس معينة مش هـ يتأخر.
كما إنهم بـ يهتموا جدًا جدًا جدًا بـ الظاهر من السلوك، يعنى: الحجاب/ ما تفطرش جهرًا في رمضان/ الراجل ما يلبسش دهب/ الست ما تعملش حواجبها، لـ إنه الالتزام الظاهري دا هو اللي بـ يعني «التمكين»، يمكن أكتر من الالتزام بـ الصلاة ذاتها، لـ إنه مثلًا لو الست مش بـ تصلي، أو الراجل مش بـ يصلي، غالبًا محدش هـ يعرف.
لكن لما تبقى ست غير محجبة أو راجل لابس دبلة دهب، فـ هذا أمر لا يمكن إخفاؤه.
فـ الجهادي، حفظك الله، مش شخص رأى شيئًا مخالفًا على نحو يهدد منظومته العقائدية، بل هو يريد إظهار هذه العقيدة بـ صورة دائمة، والاطمئنان في كل لحظة إنها منتصرة ومسيطرة وحاكمة ومتحكمة.
منتصرة، حتى لو مفيش معترك تنتصر فيه، نخلقه وتنتصر، سهلة!