رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد الفخراني: الموسيقى تَظهر فى نصوصى أثناء الكتابة

بورتريه للكاتب الروائي
بورتريه للكاتب الروائي محمد الفخراني

 

الكاتب الروائي والقاص، محمد الفخراني صدر له: بنت ليل ـ مجموعة قصصية ـ هيئة قصور الثقافة فاصل للدهشة ـ رواية ـ دار الدار قبل أن يعرف البحر اسمه  ـ مجموعة قصصية ـ دار ميريت قصص تلعب مع العالم ـ مجموعة قصصية ـ دار ميريت  طرق سريّة للجموح ـ مجموعة قصصية ـ دار إشراق  ألف جناح للعالم ـ رواية ـ الكتب خان  عشرون ابنة للخيال ـ مجموعة قصصية ـ بتانة _ أراك في الجنة، وأخيرا روايته “ لاتمت قبل أن تحب" والتى جمع فيها كثير من مرجعيات الذات والعيش وحياة الطفولة والصبا مصدر صرخاته للعالم لما يخص نسف الحب والرومانسية بين طواحين الحياة ليتجلى بمعتقدات العشق مع نفرات الساكس وأنغام البيانو متوحدا مع عالمه الرومانتيكى شاهدا على مظالم العالم في السياسة ونسف البراءة، الفخراني الحاصل على جائزة معهد العالم العربي عن “ فاصل للدهشة، وجائزة الدولة التشجيعية عن ”قبل أن يعرف البحر اسمه، يتحدث للدستور من أول سطر. 

 

-هل تعتبر"لاتمت قبل أن تحب"،بالخَطّ الرومانسى الموجود بها مرحلة جديدة فى كتابتك؟

ليس مرحلةجديدة،إنما تجربة جديدة، فقدانتقلْتُ لغيرها بالفعل، حاليًافى المراجعة النهائية لعمل روائي جديد،بلغة وأسلوب مختلفين.

 

-الفوتوغرافيا فى الرواية، هل كانت بمثابة تثبيت للزمن، أم كشْف للجرح الإنسانى الموجود بالصور الثلاث؟ 

فى الرواية "تشوكا" مُصَوِّر حُرّ، يتجوَّل فى العالم بكاميرته، ويُمكن تَوَقُّع أنه يختار أن يتحرك فى مساحات من العالم مشحونة إنسانية، وكان لى أنْ أختار له ما يُناسب روحه وأفكاره من صُوَرليتكلَّم عنها، وما أختاره بنفسى ليناسبنى، وكأنى "تشوكا" نختار ما يناسبنا معًا.

الصُّوَر الثلاث،تثبيت للحظة، وفى الوقت نفسه تمريرها فى الوقت، وإلى كل وقت، لتظَلَّ حاضرة، ثابتة ومتحركة معًا، هى أيضًا موجودة، مكشوفة، ليظَلّ جرحنا الإنسانى مكشوفًا وحيًّا.

 نحتاج دومًا أن نرى بأعيننا ما يَذَكِّرنا بإنسايتنا، ويَرُدُّنا إليها، نحتاج ما يُحَرِّر فينا جوهرنا الإنسانى، ولو بطعنة، الصُّوَر الثلاث هى طعنات توقظ إنسانيتنا وتُحَرِّرها.

-آلة الساكسفون، والبيانو، هل وجودهما لتعميق العلاقة بين حورية والرومانسى؟ وهل تمنَّى الراوى لو كان عازفًا؟ 

تَحْضُر الموسيقى لذاتها بالدرجة الأولى فى أعمالى، تَحْضُر لنفسها، ولكل ما فى الرواية، وأجدها تَظهر فى نصوصى أثناء الكتابة، هى تعرف طريقها إلىّ، فقط أتساءل متى ستظهر؟، إنْ لم يكن هذا واضحًا لى من البداية.

تظهر كثير من الآلات الموسيقية فى أعمالى طوال الوقت، اختيارى للساكس لأنه لم يظهر بشكل كافٍ فى أعمال سابقة لى، هو مناسب للتجوال، سَهْل التنقُّل، ملائم لشخصية والدة "حورية"، المرأة الأربعينية عازفة الساكس الموهوبة، ولأن عازفات الساكس عددهن قليل، فأحبببت أن تكون واحدة منهن فى روايتى،

أما البيانو يناسب شخصية "الرومانسى"، كما أنه من غير الشائع (موجود بالفِعل. لكن..) أنْ يشترك الساكس والبيانو فى مقطوعات موسيقية بمفرديهما، لا يحدث كثيرًا قياسًا لاشتراك آلَتان أُخريان معًا، جمَعْتُ الساكس والبيانو معًا لاختلافهما فى الشكل والحجم والصوت، والرصانة فى البيانو، والنَزَق الحلو فى الساكس، وطريقة تواجدهما (البيانو ثابت بمكانه، والساكس يتحرك مع العازف) أحبَبْتُ أن أجمع بين آلتَيْن لكلٍ منهما أسلوب مختلف، لكنها مثل حال كل الآلات الموسيقية متناغمتان.

-استدعاء أكثر من جَدَّة داخل الرواية، استحضار لفكرة ماضية؟  أم إشارة لانتهاء زمن ما؟

لدىَّ تَصَوُّر يَخُصُّنى أن كبار السن لهم أن يفعلوا ما يروق لهم، وأرى أنهم يتمتَّعون بحالة من حرية خاصة، لأنهم بطريقة ما تَخفَّفوا من دراما الحياة، صاروا أكثر تَفَهُّمًا وتسامحًا.

حضور الجَدّة فى روايتى مثلما يعيش أحدنا قصة حب رشيقة. وقد تَعَمَّدْتُ فى روايتى "لا تمت قبل أن تحب" أن تكون خالية من وهْم  دراما الحياة، وأقصد بها هنا حياتنا، فكرة الحياة نفسها، التى نملؤها بدراما من أوهامنا، ونغرق أنفسنا فيها، ما أُسَمِّيه:"دراما الأوهام"، "أوهام الدراما".

روايتى بها خِفَّةَ روح الحياة، أحببتُ أن تكون حُرَّة من "الدراما"، رغم أنها، وللمفارقة، مَبَنِيَّة على حادثة حياة أو موت.

  -ماذاتُمثِّل الكتابة التي بها لون من الرومانسية للواقع والحياة؟

 "لاتمت قبل أن تحب"،تُقدِّم الرومانسية برؤية تَخُصُّها،بعيدة عمَّا يتبادرللوهلة الأولى عندما نسمع كلمة "رومانسية"،فأنا لا أنظرإلى الواقع والخيال والرومانس بمعزل عن بعضهما البعض وأن حالة الإنسان الرومانتيك فى العالم على أنه احالات منعزلة،فالعالم هوكل هذه الحالات متناغمة معًاوتضىء لبعضهابعضًا.

-عن تَعَدُّد ضمائر السَّرْد فى الرواية، الذى يؤدى بدوره إلى حالة من التدفق السَّردى، هل كان هذا توافقًا مع بنية الرواية وأسلوبها؟

أُفَضِّل أن يكون فى روايتى أكثر من صوت، وأكثر من إيقاع، فهو يمنح الرواية حرية وحيوية، لكنه بشكل شخصى، وهذا مهم لى، يُشْعرنى بحريَّة أكبر أثناء الكتابة.

تَعدُّد الأصوات هو نفسه تَعدُّد رؤى، اللغة فى واحد من وجوهها: رؤية، كيف نرى الأشياء والعالم، وهى تعبير عن طريقة تفكيرنا، اللغة هى كيف نفكر فى العالم ونراه، ليست فقط أداة توصيل.

حتى لو لم يكن بالرواية غير شخصية واحدة، فمن السهل والمُهِمّ تنويع إيقاعها السردى، لكن، ومع تَعَدُّد الأصوات، والإيقاع، لا بد من تناغم داخلى بينها، كى يخرج اللحن جميلًا وسليمًا فى النهاية، ومتناغمًا أيضًا مع شكل الرواية.

-الذاكرة، علاقة السادر الراوى، فى العمل، وذاكرة الكاتب، ما مدى مساحة الواقعى والمتخيل فى استخدام الذاكرة داخل الللعمل.

بالنسبة لى، فإن أىّ عمل أكتبه أعتبره قد صار حقيقة فى مكان ما بمجرَّد كتابته، دون النَّظَر إلى مساحة الواقعى فيه والمُتَخَيَّل، بالكتابة هو حقيقى وموجود بشكل كامل. 

وأقبَل من القارئ، إنْ كان مُهتمًا بمعرفة الواقعى والمُتخيَّل، أَقبَل ما يتخيَّله عن مساحة كلٍ منهما داخل الرواية، وأعتبره كله صحيحًا بطريقة ما، رغم أنه، بطبيعة الحال،يختلف من قارئ لآخر.

-عن التعب فى حياة الطبيب الرومانسى،وقدرأيناه فى طفولته يبيع الجميز والتوت،أ يضًا ابن بائع قماش متجوِّل، حفيد بائع عسل متجول،وجدُّها بائع "أم الخلول"،وماذاعن علاقتك الشخصية مع التجوال ؟

الطبيب "الأهبل الرومانسى"،الذى يفكرأنه من الممكن أن يعيش 350 سنة وأكثر،لم لا؟وماذاتكون 350 سنةفى الزمن؟ لكنه فى الوقت نفسه لن يبال ىولن يكون حزينًالويموت بالأمس،هذه الفكرة البسيطة: "يفكرأن هرب مايعيش 350 سنةأوأكثر،ولن يكون حزينًاأومهتمًا لومات بالأمس"،تُفَسِّرالكثيرمن شخصية "الرومانسى"،هورجل سَهْل ُوواقعى َوحالم وجادٌولامبالٍ،وبالنسبة له كل شىء ممكن، ينظرإلى كل هذا ويتعامل معه على طريقته،مايجعل حياته غيرما يحياه. أحبَبْتُ أن تكون طفولته وصِباه على غيرالمُتَوَقَّع لشخص مثله يعزف البيانو ويستمع إلى الموسيقى وهويُجرى عملياته الجراحية، ويمشى حافيًا فى المستشفى ليلًا ليطمئن على المرضى، فهوابن باعة مُتجوِّلين،واشتغَلَ بائعًامتجولاً فى كل مراحل حياته،باع التوت والجمّيزفى طفولته لأهل قريته،عمل لمساعد "نقَّاش" فى صباه،ومساعد "بنَّاء" فى شبابه المبكر،وتاجَرَفى الحمص أثناء دراسته الجامعية بطنطا، فأعتبرنفسى مُتجوِّلًابطريقة ما.