رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ديّة «قاتل نيرة»| محامي يحاول ركوب التريند.. وقانونيون: «يجب معاقبته»

نيرة أشرف
نيرة أشرف

5 ملايين جنيه هو المبلغ الذي عُرض على أهل طالبة جامعة المنصورة المذبوحة نيرة أشرف على يد زميلها محمد عادل في شكل رسائل إلكترونية كي يتنازلوا عن حق ابنتهم ويعفو عن قاتلها الذي أحالت أوراقه محكمة جنايات المنصورة إلى فضيلة المفتي باعتبار هذا المبلغ "ديّة".

ورغم رفض أسرة نيرة أشرف الديّة، أطلق أحد المحامين المعروف بحبه “ركوب التريند” ويدعى أحمد مهران حملة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لجمع تبرعات لإنقاذ محمد عادل الذي ذبح زميلته منذ أيام أمام جامعة المنصورة مُسددًا لها نحو 17 طعنة نافذة بمختلف أجزاء الجسد.

وسبق أن اتهم الدكتور محمد الباز عام 2018، ذلك المحامي بإثارة أزمات اجتماعية، وشغله للمجتمع بأمور تافهه وقد قاد من قبل مظاهرة إخوانية داعمة لعودة المعزول محمد مرسي للحكم، وأشار الباز حينها إلى أنه يخدم مصالح جماعة الإخوان الإرهابية بإثارة الفتنة في المجتمع.

كما اتهمه بتطفله على الإعلامين من أجل الظهور في القنوات، وكأنه يريد غسل سمعته، وقال الباز إن هذا جعله يرسل لرئيس تحرير البرنامج وقتها في برنامج 90 دقيقة وقال له (مش ناوي تعزمني في 90 دقيقة)، وطالب الدكتور محمد الباز حينها نقيب المحامين التدخل لإيقاف هذا الشخص عن إثارة الفتن.

وجاءت ردود بعض متابعي "فيسبوك" رافضة حملة المحامي، حيث قال محمود سليم: "أنت كدة بتحرض على القتل وبتقوض استقرار المجتمع ودي جريمة يعاقب عليها القانون وأنت راجل فاهم، أنت مدرك نتائج كلامك؟"، كما منشنت إحدى المتابعات وزارة التضامن الاجتماعي للإبلاغ عنه لكونه يجمع تبرعات دون معرفة الوزارة.

 

كذلك لاحظنا بمتابعة التعليقات على منشوراته حذفه التعليقات شديدة الاعتراض معه، إذ جاءت تعليقات بعض المتابعين كالتالي "ليه بتمسح تعليقاتنا؟"" ممكن تبطل تمسح كومنتاتي؟.. خلاص انت كويس".

وبالبحث في أرشيف مهران وجدنا تبنيه لقضايا شائكة مثل تشجيعه على الزواج العرفي وزواج التجربة وغيرها من القضايا المثيرة للجدل.  

أما عما روّج له مهران من أجل إنقاذ قاتل نيرة، قالت المحامية نهاد أبو القمصان على صفحتها الرسمية على الفيسبوك: "مفيش فى القانون حاجة اسمها ديّة يدفعها القاتل لأهل القتيل، دا نصب لسرقة فلوس الناس"، موضحة أن من يروج لأن تدفع دية بعد صدور حكم الإعدام أو حتى قبل الحكم يطلق عليه نصابًا، إذ لا يصح أن يتنازل أهل الضحية ويحصلوا على دية مقابل العفو عن المجرم.

 

وأوضحت نهاد أن ذلك يمثل تهديدًا لدولة القانون، وخوضًا في سير الناس، مشيرة إلى أنه في حال حدوث ذلك تتحول المحاكم إلى ما يشبه السيرك في حال أصبح الأمر عبارة عن عروض على الفيسبوك "تلم" أموالًا لدية القتلة والمجرمين.

وأكدت أبو القمصان أن قانون الجنايات لا يوجد به تصالح، لأن العقوبة التي يفرضها تمثل حق عام يخص المجتمع في ضبط الأمن، وحق المواطنين في الشعور به، وكذا حق الضحية وأهلها في الحصول على حقها.

 

وأهابت المُستشارة بالمواطنين عدم الانجراف وراء "النصابين" مروجي هذه الأقاويل، موضحة أن مثل ذلك هي جرائم من شأنها تكدير السلم العام، ومن المحتمل أن يكون من وراءها إما "نصاب" يريد أن يجمع الأموال على حساب جثة القتيل أو مجموعة إرهابية تريد تفشي دولة اللاقانون.

 

أكد كذلك على حديث أبو القمصان المُستشار نجيب جبرائيل رئيس مركز حقوق الإنسان، أنه لا يوجد في القانون المصري ما يُعرف بالديّة، ولكن يوجد  التعويض المادي للمجني عليه أو ذويه مشيرًا إلى أن الفرق بينهما يتمثل في أن الديّة تعني العفو عن المجرم مقابل دفع مبلغًا من المال، أما التعويض يعني تنفيذ العقوبة على المجرم، وفي الوقت ذاته حصول المجني عليه أو ذويه على مبلغًا باعتباره تعويضًا معنويًا وماديًا عما وقع عليهما من ضرر.

 

 وتابع جبرائيل أنه من الواضح أن الفرق كبير بين كل من الديّة والتعويض إذ أن هذه الديّة تدفع إلى تفشي الجريمة في المجتمع، فالجاني حينئذ يدرك أن هناك فرصة للحصول على حريته إذا ارتكب جريمته مقابل فقط جمع مجموعة من الأموال، وبالتالي يحلو لأي شخص ارتكاب الجرائم الشنعاء وبعدها ما عليه إلا توفير النقود او استعطاف المجتمع لذلك، خاصة أن المجتمع المصري عطوف بطبعه، مؤكدًا أنه لا يجوز دفع دية في قضايا القتل خاصة في تلك القضية التي أثرت في وجدان المصريين وبثت في نفوسهم الرعب ومثلت قضية رأي عام.

وشدد على ضرورة معاقبة المحامي الذي طالب بدفع ديّة مقابل إطلاق سراح قاتل نيرة لأنه ارتكب مخالفة كبرى في القانون، بل اختلق قانون بمفرده مثله تمامًا مثل الجماعات الإرهابية التي تحل أمورًا وتحرم أخرى وفقًا لأهوائها من أجل تنفيذ الجرائم التي تحلو لهم.

أما عن "الديّة" في الدين الإسلامي ومتى تستخدم؟ أوضحت دار الإفتاء المصرية، أن دية القتل العمد تكون حال تنازل أولياء الدم جميعِهم أو بعضهم عن القِصاص، وتكون مغلظةً وحالّةً في مال القاتل، مشيرة إلى أن السنة المطهرة قد بيّنتها فيما رواه النسائي عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد كتب كتابًا إلى أهل اليمن جاء فيه: "أَنَّ مَنِ اعتَبَطَ مُؤمِنًا قَتلًا عن بَيِّنةٍ فإنه قَوَدٌ إلا أَن يَرضى أَولِياءُ المَقتُولِ، وأَنَّ في النَّفسِ الدِّيةَ -مِائةً مِنَ الإبِلِ-" إلى أن قال صلى الله عليه وآله وسلم: "وأَنَّ الرَّجُلَ يُقتَلُ بالمَرأَةِ، وعلى أَهلِ الذَّهَبِ أَلفُ دِينارٍ".

كما أضافت الإفتاء أن الدية شرعًا هي المال الواجب في النفس أو فيما دونها، ومقدارها -على ما عليه الفتوى في مصر- سبعة وأربعون كيلوجرامًا من الفضة وستمائة جرام من الفضة بقيمتها يوم ثبوت الحق رِضاء أو قَضاءً، ويمكن لأولياء الدم العفو عن القصاص إلى الدية أو إلى أكثر منها أو إلى أقل منها أو مجانًا، وإن عفا بعضهم عن القصاص فلا قصاص وإن رفض الباقون العفو، وتُوزَّع الديةُ على أولياء الدم على حسب أنصبائهم في الميراث الشرعي في القتيل، وإن عفا أحدهم عن نصيبه في الدية فلا يسقط حقُّ الباقين في نصيبهم منها بحسب سهمه الشرعي في الميراث".

ومن جانبه نفى والد الضحية نيرة أشرف التي لقيت مصرعها ذبحًا وطعنًا في الشارع أمام أعين المارة بدم بارد، على يد زميلها في الكلية، كل ما يتردد من شائعات حول قبوله الدية في ابنته مقابل 5 ملايين جنيه، حسب ما صرح به المُستشار نجيب جبرائيل رئيس مركز حقوق الإنسان “للدستور” مؤكدًا تواصل المركز مع أسرة نيرة ومتابعتهم.

إذ أكد الوالد أنه لن يقبل دية في دم ابنته التي ذبحت أمام العالم قائلًا: “اتقوا الله إزاي هان عليكم تقولوا الكلام ده؟! ربنا يظهر الحقيقة، ولازم يتعدم ومش هنستريح إلا لما يتعدم، لو جابوا لي كنوز الدنيا كلها مش هقبل غير إنه يتعدم”.