رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العنف فى عالم العمل وتكلفته الاقتصادية والاجتماعية

تشرفت بدعوة كريمة من دكتور وائل سرحان، رئيس النقابة العامة للعاملين بهيئة الإسعاف المصرية، والأستاذة رشا الجبالى، بنقابة الضرائب العقارية، وذلك لحضور ندوة مهمة تحت عنوان "العنف والتحرش فى عالم العمل وتكلفته الاقتصادية والاجتماعية- رؤية للمناهضة ٢٠٢٢"، التى قدمتها الأستاذة الدكتورة هويدا عدلى، أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية.

تم عقد الندوة يوم السبت ٢٥ يونيو ٢٠٢٢ بالتعاون بين اللجنة النقابية للعاملين بهيئة الإسعاف المصرية واللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بمحافظة الإسكندرية، واللجنة النقابية التضامنية للعاملين بمكتبة الإسكندرية، والاتحاد الدولى للخدمات العامة، وذلك بحضور حشد كبير من القيادات العمالية والنقابية ومنظمات المجتمع المدنى المعنية بحقوق العمال ومناهضة العنف من القاهرة والمحافظات.

تناولت الدكتورة هويدا فى حديثها معاناة النساء من التمييز والتحرش فى أماكن العمل، خاصة فى القطاع الخاص الرسمى وغير الرسمى «العمالة غير المنتظمة»، ويشتمل التمييز على ثلاثة مجالات، أولًا التمييز فى الأجور، حيث أشار الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عام ٢٠٢٠ إلى وجود فجوة بين الرجال والنساء فى الأجور بنسبة ٢٠٪ عن نفس العمل، وثانيًا التمييز فى الفرص التدريبية للترقى، وثالثًا التعرض للتحرش فى عالم العمل مما يزيد من التكلفة الاقتصادية.

واستكملت: "عند تعرض النساء للعنف فى الشارع والمواصلات العامة أو الميكروباص يتحملن تكلفة مباشرة فى الاضطرار لركوب وسيلة مواصلات آمنة مثل التاكسى، والعديد من النساء يستغنى عن الوردية الليلية، كما تتحمل النساء تكلفة رفع قضايا أمام المحاكم عند التعرض للعنف والتحرش".

وأوضحت الدكتورة هويدا عدلى أن هناك تكلفة غير مباشرة تتمثل فى الغياب عن العمل أو الخوف وترك العمل، ما يؤدى لتكلفة مجتمعية ونفسية، وأضافت أن نسبة البطالة فى النساء ٣ أضعاف الرجال، وأن مشاركة النساء فى قوة العمل ما زالت لا تزيد على ٢٢٪، وإذا وصلت مشاركتهن إلى ٤٠٪ فإن الناتج المحلى الإجمالى سيزيد بنسبة ٣٤٪.

وتناول الحضور فى مداخلاتهم ومناقشاتهم العديد من النقاط، منها أهمية دخول المرأة بنسب أعلى فى النقابات العمالية والمهنية، ومنها أيضًا اهتمام الدولة بتوفير فرص عمل لائقة وآمنة، وسنّ قوانين تجرّم العنف بكل أشكاله، مع تغليظ العقوبات على مرتكبى جرائم العنف.

وأوضح الحضور أن المرأة التى لا تستجيب للتحرش يتم اضطهادها والتهديد بالفصل أو إجبارها على الاستقالة، وكل هذا بالتأكيد يتنافى مع حق الإنسان فى ظروف عمل آمنة. 

وانتهت الندوة إلى عدد من التوصيات من أهمها إعادة النظر فى سياسات التشغيل والحماية الاجتماعية، وتنفيذ الأحكام المناهضة للتمييز، وتعزيز دور التفتيش العمالى فى الصحة والسلامة المهنية، والاهتمام بقضايا العنف، وتحويل القطاع غير الرسمى إلى قطاع رسمى.

وكان من أهم التوصيات فى هذا اللقاء مطالبة الدولة بالتوقيع على الاتفاقية الدولية رقم "١٩٠" لسنة ٢٠١٩ الصادرة عن منظمة العمل الدولية الخاصة بمناهضة العنف فى عالم العمل، وبالطبع المقصود العنف الواقع من صاحب العمل، سواء على الرجال أو النساء، حيث تنص بنود الاتفاق على أنها تحمى العمال والأشخاص المستخدمَين بغض النظر عن وضعهم التعاقدى، والأشخاص الضالعين فى التدريب والتلمذة الصناعية، كما تنطبق هذه الاتفاقية على جميع القطاعات الخاصة منها والعامة على السواء، فى الاقتصاد المنظم وغير المنظم، وسواء فى المناطق الحضرية أو الريفية.. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الاتفاقية اختارت لفظ "عالم العمل"، وليس "أماكن العمل"؛ ليتسع مفهوم العنف والتحرش ليشمل ليس مكان العمل فقط، ولكن كما أشارت الاتفاقية فى المادة "٣" إلى أنه ينطبق على ظاهرة العنف التى تحدث فى سياق العمل أو تكون مرتبطة به أو ناشئه عنه:

- فى مكان العمل بما فى ذلك الأماكن الخاصة والعامة حيثما تشكل مكان عمل.

- فى الأماكن التى يتلقى فيها العامل أجرًا أو يأخذ استراحة أو يتناول وجبة الطعام أو يستخدم المرافق الصحية ومرافق الاغتسال وتغيير الملابس.

- خلال الرحلات أو السفر أو التدريب أو الأحداث أو الأنشطة الاجتماعية ذات الصلة بالعمل.

- الاتصالات المرتبطة بالعمل بما فيها تلك التى تتيحها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

- فى أماكن الإقامة التى يوفرها صاحب العمل عند التوجه للعمل والعودة منه.