رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ثورة الاتحاد».. كيف أعادت 30 يونيو العلاقات الوطيدة بين مصر والعرب؟

ثورة 30 يونيو
ثورة 30 يونيو

"من الفوضى إلى التقدم والازدهار"، أصبح هذا شعار مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013، والتي نحتفل بذكراها التاسعة، فعادت مصر إلى أهلها بل وإلى دورها الريادي في المنطقة ودعم أشقائها العرب في التحديات التي عصفت بهم قبل هذه الثورة.

وصف العام الذي سبق الثورة بـ"السنة الضائعة من تاريخ الوطن"، فقد تدهورت علاقات مصر بالعديد من دول العالم، خاصة الدول العربية والإفريقية التى كانت الخطوط معها "مقطوعة"؛ بسبب ممارسات جماعة الإخوان الإرهابية. وفقدت مصر وقتها ريادة إفريقيا والشرق الأوسط، إلا أن ثورة 30 يونيو، وتولى الرئيس عبدالفتاح السيسي حكم البلاد، أعاد مصر مجددًا لريادة القارة السمراء والمنطقة العربية، بفضل جهود قيادة سياسية حكيمة، ومؤسسات وطنية عريقة.

تحالف الشام الجديد

ومن ضمن الدول التي استفادت من توجهات وقوة مصر بعد ثورة 30 يونيون الاردن والعراق وتمثل ذلك في اللقاءات والاتفاقيات بين الدول الثلاث حتى أطلق عليه “تحالف الشام الجديد”، وانضمت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى هذا الثلاثي وسط مساعي لضم سوريا إلى هذا التعاون، وذلك بعد الاتفاق الثلاثي بين مصر ولبنان وسوريا لاستجرار بيروت الغاز من القاهرة عبر دمشق.

الأردن 

شهدت العلاقات الاردنية المصرية ماقبل ٣٠ يونيو 2013 حالة من الفتور والازمات في الفتوي الدبلوماسي، بسبب ملف الغاز على وجه التحديد والذي كان كفيلا يإثارة هواجس لاتنتهي عند الجانب الاردني.

ومع تصاعد التوتر بين الحكومة الاردنية والحركة الإسلامية في الأردن، على خلفية الموقف من الانتخابات النيابية، ساد اعتقاد في أوساط بعض المسؤولين بأن إخوان مصر يحرضون أقرانهم في الأردن على إثارة الشارع ضد الحكومة.

وفي المقابل شهدت العلاقات الأردنية المصرية عقب ثورة ٣٠ يونيو، عصرًا جديدًا من الإزدهار من البلدين، وتعزيز التعاون بين البلدين.

وفي هذا الشأن قال الدكتور “اياد المجالي”، مدير المركز الديمقراطي العربي الاردني، أن ثورة ٣٠ يونيو مثلت  تحول استراتيجي عميق في اطار التغيير الذي سعى اليه الشعب، منذ بوادر الربيع العربي وتحقيق إنجازه السياسي، لكن تعثر هذا المسار جاء في مرحلة هيمنة تيار الإسلام السياسي وتأجيج الجماهير لأيديولوجيا الفكر والرؤى الدينية ووصوله للسلطة بغطاء إقليمي، الأمر الذي زاد من اخفاق التقدم في مسيرة التغيير وسط فشل ذريع للمشروع السياسي الديني.

وبحسب المجالي، جاءت ثورة يونيو لتصحيح مسار والإصلاح والتغيير بأفق وتطلعات مدنية تتوأم وحاجة أبناء مصر وترتبط مع دول الجوار بتحالفات استراتيجية في مجالات الاقتصاد ومواجهة الإرهاب والتطرف العدو المشترك لشعوب المنطقة وطموحاتها في الأمن والاستقرار.

وأضاف المجالي، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن تحالف الشام الجديد جزء من هذا الخيار الاستراتيجي والاستفادة من مصر إمكانياتها وحضورها السياسي، ومواقفها المعتدلة تجاه قضايا المنطقة وازماته المتشابكة، الأمر الذي يجعل صانعي القرار في تحالف الشام الجديد يتخذوا خطوات عملية لتحفيق اهدافهم ومصالحهم المشتركة حيز التنفيذ في مواجهة التحديات القائمة، والتي تعتبر الأردن إحدى دول التحالف التي تشدد على ضرورة التعاون بين البلدين وتعزيز القوى والتحالف المصري الأردني.

العراق 

وفي عام ٢٠١٢، شهدت العلاقات بين العراق ومصر أزمات مكتومة، لكن بعد ثورة يونيو تغيرت الاوضاع وبات العراق احدى دول تحالف الشام، كما دعمت القاهرة بغداد في دحر الجماعات الارهابية التي تستنزف البلاد، بالاضافة الي الدور المصري في خلق فرص للتقدم والازدهار الاقتصادي في العراق.

الخبير العراقي علي تميمي،  أكد من جهته على دور مصر في دعم العراق الكبير والهام مع العرب جميعا، واصفا مصر بالاخ الكبير للدول العربية الذي يظهر دائما لحل الأزمات في الشرق الأوسط والمنطقة بأكملها.

وأضاف التميمي في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن القاهرة، كان لها دور كبير في حل العديد من الأزمات بالعراق.

سوريا 

في عام ٢٠١٢، أثارت مباركة محمد مرسي ذهاب المصريين للقتال في سوريا العديد من التساؤلات عن أهداف الجماعة التي سعت لتفكيك الدول الوطنية وإسقاط الحكومات العربية.

لكن بعد ثورة ٣٠ يونيو، استعادت العلاقات السورية المصرية توازنها، والآن دخلت في مرحلة شراكة جديدة عبر نقل الغاز لدول الجوار.

 المحلل السياسي السوري سلمان شيب، قال إن ثورة ٣٠ يونيو، شكلت ثورة الشعب المصري التي واكبها الجيش وقيادته الوطنية الشجاعة انقاذاً ليس لوحدة مصر وسيادتها ومستقبل أجيالها فقط بل شكلت فرصة لوقف الانهيار المتسارع الذي كان يجري بالمنطقة كلها ضمن مخطط يهدف لتفتيتها وتسليمها إلى جماعات إرهابية وضعت نفسها  في خدمة أجندة خارجية تعمل لإعادة إحياء إمبرطورية استعمارية بائدة.

وأضاف شيب في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن الثورة شكلت نقطة تحول كبيرة في علاقات مصر ودورها ومكانتها وانتقلت بعدها العلاقة بين مصر وعمقها الاستراتيجي، لافتًا إلى أنه أعلن صراحة وزير الخارجية المصري وهذا الموقف لاينبع فقط من موقف عاطفي نتيجة العلاقات التاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية المتجذرة بين الدولتين والشعبين فقط بل لارتباط الأمن القومي المصري ومصالح الدولة المصرية العليا بوحدة الأراضي السورية واستعادة سوريا لدورها ومكانتها، والذي تشكل مع مصر رافعة للعمل القومي العربي المشترك تعيد التوازن إلى المنطقة. 

ونوه بأن مصر بعد ثورة ٣٠ حددت خيارها الواضح بدعم الدولة السورية والجيش الوطني السوري في محاربة الإرهاب، وأكدت على تمسكها القوي بوحدة سوريا، وأعلنت أكثر من مرة أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة السورية وكان هناك اتصالات دائمة بين البلدين وتنسيق أمني عالي المستوى لمواجهة التنظيمات الإرهابية.

ولفت إلى أن المساعدة المصرية لسوريا متنوعة وبذلت جهوداً سياسية متواصلة من خلال التعاون والتنسيق مع الدول الفاعلة لدفع العملية السياسية في سوريا وتطبيع الأوضاع فيها وتتبنى مصر بشكل واضح الموقف الذي يدعو الى عودة سوريا إلى الجامعة العربية والى العمل العربي المشترك وتعمل بقوة من أجل تحقيق ذلك وتبذل جهوداً كبيرة واحيان كثيرة غير معلنة  لمساعدة الشعب السوري، كما تحاول  اقناع الأطراف الدولية التي تفرض عقوبات جائرة أحادية الجانب على سوريا بمخاطر هذه العقوبات ونتائجها الكارثية.

ونوه بأنه لا يُمكن نسيان الدور المصري الكبير في إنجاز اتفاقيتين في ٢٠١٧ لإخراج الجماعات المسلحة من الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي، ما أدى إلى عودة هاتين المنطقتين الهامتين جدًا إلى سيادة الدولة، وحالة الأمان، وتحرير مئات الآلاف من أهلها الذين كانوا رهائن بيد الجماعات الإرهابية المسلحة.

وذكر أن الشعب السوري لن ينسى الاحتضان الأخوي النبيل من الحكومة والشعب بمصر لأخوتهم المهجرين السوريون وسيبقون يقدرون عاليًا كل ماقامت وتقوم به مصر شقيقتهم الكبرى لمساعدة سوريا، للخروج من محنتها وإنجاز الحل السياسي الذي يضمن وحدتها وسيادتها، وينتظرون منها الكثير مع تقديرهم واحترامهم لكل ظروفها الاقتصادية والسياسية.

واختتم:“نبارك لشعبنا العظيم بمصر  ذكرى ثورة ٣٠ يونيو المجيدة ونتمنى لمصر العزيزة كل الخير والنجاح بمسيرة البناء الكبيرة التي تقوم بها حكومة وشعباً وجيشاً وقيادة”.